قال المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية الدكتور محمد حكمت وليد إنّ منهج جماعة الإخوان هو الدعوة للإسلام الوسطي المعتدل، الرافض للغلوّ، والرافض لفصل الدين عن المجتمع أيضاً.
وفي حوار خاص مع حساب الجماعة على موقع تويتر، حيث تلقى فضيلته عشرات الأسئلة من الزوار والمتابعين، أكّد وليد أنّ الحلّ السياسي المقبول في سورية يجب أن يحقّق الحد الأدنى من مطالب الشعب السوري، المتمثّلة في الخلاص من بشار الأسد ومن نظامه، بكل رموزه ومؤسساته القمعية التي أجرمت في حق الشعب السوري.
وأكّد وليد أنّ منهج جماعة الإخوان هو الدعوة للإسلام الوسطي المعتدل، الذي يرفض الغلو ويرفض الدعوة إلى فصل الدين عن المجتمع، مضيفاً أنّ شعار "أعدوا" يعني أنّ الإعداد يكون على مستوى الشعب، بحيث ينشّأ جيل مسلم متشبع بأفكار الإسلام والمنهج الوسطي الذي تتخذه جماعة الإخوان المسلمين، لكي يكون لبنة في بناء وطن يتعايش فيه جميع الأديان والمذاهب والأعراق، مضيفاً أنّه في برنامج الإخوان المسلمين إعداد وتربية الشباب على تلك المبادئ لكي يكونوا مواطنين صالحين يستطيعون التفاعل مع المجتمع والآخر، بشكل يتعايش فيه الجميع ضمن وطن واحد تسود فيه مبادئ الحرية والعدالة والمساواة.
وأشار وليد إلى أنّ إحدى المشاريع المستقبلية للجماعة هو إنشاء الوحدات التخصصية، وفرز الإخوة الذين يهتمون في السياسة إلى العمل السياسي وأن تتفرغ الجماعة للدعوة. ورأى أنّ من كل يعمل في السياسة عليه أن يخوضها ويخوض غمارها، وألا يعتبر نفسه فوق النقد، سواء كان جمعية دعوية أو حزب سياسي.
وردّاً على سؤال عن دور الإخوان في سورية، أجاب وليد أنّ دور الإخوان في المرحلة القادمة هو الالتحام الكامل مع ثورة الشعب السوري بكل ما نملك من طاقات وإمكانات، مضيفاً "ونحن مع شعبنا بكل آلامه وآماله حتى تحقيق النصر بإذن الله تعالى، ونرى أيضاً أنه بإمكاننا أن نلعب دوراً مهماً مستقبلاً في التوفيق بين جهات المعارضة السياسية والفصائل العسكرية لكي تضم جهودها وتتوحد لمقارعة الظلم والبغي الذي يمثله نظام بشار الأسد".
وأشار وليد إلى أنّه من يرصد الساحة السورية بشكل موضوعي، يرى أنّ جماعة الإخوان لم يقتصر دورها على الجانب السياسي والدعوي فقط، وإنما الجهود مبذولة في كل المجالات التي تتطلبها الثورة السورية.
وأكّد وليد أنّ الجماعة تقف على مسافة واحدة من كل الفئات العسكرية التي تقاتل النظام، وتحاول أن تدعم الجميع بكل ما تملك من طاقة وقدر الإمكان. ورأى أنّ الجيش السوري الحر عبارة عن مظلة تضم فصائل مختلفة منها المخلص والصادق في جهاده ضد نظام الأسد -وهم ليسوا قلة-، ومنهم من هم دون ذلك.
وأقر فضيلة المراقب العام أنّ الفكر المعتدل الوسطي في سورية يفتقر إلى المؤسسات الدعوية والمؤسسات التعليمية التي تقوم بنشره في أوساط الشعب السوري، معللاً ذلك بأنّ الجماعة عاشت في المنفى وما زالت تعيش منذ عدة عقود.
وعبّر وليد عن أمله بأن تشهد المرحلة القادمة انفراجاً في سورية، "وأن يفوز الشعب بحريته، بحيث تسود حرية التعبير التي نطمح إليها وتنتشر المعاهد التي تنشر الأفكار بكل مستوياتها" مؤكداً أنّ "الفكر الوسطي هنا هو الذي سوف يحصّل قصب السبق، لأنه الفكر المقبول في أوساط الشعب السوري".
وحول الاتهامات الموجهة للجماعة بالتركيز على الجانب السياسي، أجاب وليد بأنّ الجماعة تعمل لكي تعود الدعوة بأفكارها ورجالها إلى الداخل السوري، والالتحام مع جماهير الشعب السوري السياسيين منهم والمجاهدين، لكنّه أوضح أنّ للسياسة العالمية دهاليزها التي يجب أن يخوضها الإنسان مادامت تخدم مصالح الشعب السوري، والعمل على التخفيف من ضررها قدر الإمكان عندما تكون ضارّة بمصالح الشعب. ورأى أيضاً في هذا السياق أنّ القضية السورية لم تعد قضية سورية محضة، وإنما أصبحت قضية دولية بامتياز.
وفيما يخص موقف الإخوان بالتمسك بالائتلاف الوطني، أوضح وليد أنّ الائتلاف هو الجهة السياسية الوحيدة التي تمتلك الاعتراف الدولي، وهو على ما فيه من تجاذبات سياسية ما زال المحطة الرئيسية التي تجتمع عليها أطراف المعارضة، مبيّناً أنّ جماعة الإخوان تحاول أن تلعب دوراً في ترتيب البيت الداخلي للائتلاف، حتى يكون أكثر فاعلية وأقل تأثراً بالتجاذبات الدولية التي تلعب على الساحة السورية.
وأكّد أنّ المجتمع الدولي لم يقم بواجبه تجاه الشعب السوري وتجاه المآسي الفظيعة التي يعاني منها، مضيفاً "لقد سميت المأساة السورية بحق "مأساة القرن"، وما سوف يفصل في مستقبل سورية إن شاء الله هو ثبات الشعب على المبادئ الأصيلة التي قامت عليها الثورة، وهي طلب الحرية والكرامة لكل أبناءه".
وحول رؤيته للحلول السياسية، قال وليد إنّ جماعة الإخوان تعتقد أنّ ذهاب رأس النظام وبقاء حكومته العميقة المتمثلة في الأجهزة الأمنية والعسكرية الطائفية لا يحل مشكلة الشعب السوري، موضحاً أنّه إذا كان لا بدّ من الحل السياسي فيجب أن يحقق الحد الأدنى من مطالب الشعب السوري، المتمثلة في الخلاص من بشار الأسد ومن نظامه، بكل رموزه ومؤسساته القمعية التي أجرمت في حق الشعب السوري.
ورأى أنّ هناك عدداً من الحلول السياسية المطروحة، ولكن حظّها من النجاح قليل مع الأسف، فمشروع ستيفان دي مستورا، المبعوث الأممي إلى سورية، يقوم على فكرة الهدن المحلية والمفاوضات على مستوى محلي لإدخال المساعدات الإنسانية، ولكنه مشروع شفوي وغير مكتوب، ويدعو للريبة، لأنّه يطلب التهدئة في الأماكن التي تتقدم فيها المعارضة، ويهمل التهدئة في الأماكن التي يتقدم فيها النظام.
وأضاف "أمّا المشروع الآخر للتسوية الذي تدعو إليه روسيا، فهو أيضاً مشروع غامض يدعو إلى إبقاء بشار الأسد وإعادة تأهليه، وتشكيل وزارة من المعارضة القريبة للنظام مع بقية أطراف المعارضة الخارجية وعدم المساس بالمؤسسات الأمنية والعسكرية، وهذه تسوية لا تحقق الحد الأدنى من مطالب الشعب السوري".
وأردف "أمّا المشروع الذي نعتبره مشروعاً في صالح الشعب السوري فهو مشروع المنطقة الآمنة الذي دعت إليه تركيا وأيدتها فرنسا، ومع الأسف عارضها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وهو مشروع يدعو إلى إيجاد منطقة آمنة في الشمال السوري، مع حظر الطيران لحماية اللاجئين الذين يعودون إلى ديارهم"، واعتبر فضيلة المراقب العام أنّ هذا المشروع هو مشروع حقيقي ولو أن تطبيقه على أرض الواقع يصطدم بالمعارضة الأمريكية حتى الآن.
وعبّر وليد عن أمله بتمكّن تركيا من تنفيذ خطة المنطقة الآمنة، لأنها تعطي الفرصة لعودة اللاجئين إلى ديارهم في تلك المناطق وإلى إعادة إعمارها، معلناً دعم الجماعة للتوجّه التركي في ذلك المسعى، رغم ما يعتريه من صعوبات ومعارضة أمريكية.
وخلص وليد في هذا السياق، أنّه بناءً على ما سبق فمن المرجح أن يبقى الوضع الحالي على ما هو عليه، حتى يتم سقوط المزيد من الضحايا والتفتيت لعناصر القوة في سورية وإنهاك الجميع، وعندها يرضون مضطرين للحلول المفروضة من الخارج. لكنّه عبّر عن اعتقاده بأنّ هذا السيناريو "ليس قدراً محتوماً، وكلما ثبت شعبنا على مبادئه وبذل تضحياته سوف يفشل تلك المخططات وينال بإذن الله تعالى حريته وكرامته".
وحول رأيه بالطرح المتداول من قبل الرئيس الأسبق للائتلاف الوطني السوري معاذ الخطيب، قال وليد إنّه من خلال معرفته بالخطيب، تولّدت لديه القناعة بصدق توجّهه وحرارة أحاسيسه ومشاعره، ولكن حتى تكون المبادرات فاعلة يجب أن تكون واضحة المعالم، ومحددة الخطوات، وهذا ما لم نره حتى الآن في ما طُرح، معبّراً عن أمله أن يكون الطرح المعالج للأزمة السورية طرحاً واقعياً لتحقيق أهداف الثورة.
وفيما يخص موقف جماعة الإخوان من تنظيم الدولة، أكّد وليد أنّ جماعة الإخوان ضد الغلو في الفكر وفي الدين، وضد أي جماعة تستهين بسفك الدماء، وتقف مع كل جماعة توجّه سلاحها لقتال بشار الأسد. (الموقع الرسمي للأخوان)
عكس السير