لم يستقبل النازحون السوريون في لبنان، فوز شاب سوري بلقب "أرتب آيدل" قبل يومين، بفرح وسرور بسبب ما يعانونه من أوضاع معيشية صعبة وما في قلوبهم من حزن على أبنائهم الذين قتلوا خلال الحرب المستعرة في بلادهم منذ العام 2011، معتبرين أنه كان من الأولى صرف ملايين الدولارات على الشعب السوري المشرد وليس على برامج الأغاني.
في مخيم "علي طافش" للنازحين السوريين في بلدة كترمايا في منطقة الإقليم جنوبي العاصمة اللبنانية بيروت، تعيش 53 عائلة سورية بأوضاع معيشية صعبة تفتقد لأدنى مقومات الحياة الكريمة، لم يكن فوز الشاب السوري حازم شريف بهذا القلب له وقع إيجابي عليها بل "سلبي".
هنا في هذا المخيم الذي يصعب الوصول إليه بسبب وعورة الأرض، سأل ساكنوه، بعد أن بارك بعضهم لشريف فوزه باللقب، "نجم العرب من سوريا .. ولكن أين سوريا الآن؟".
أبو محمود الدمشقي، الذي لجأ من ريف دمشق قبل سنتين، اعتبر أن فوز شريف باللقب "أمر سلبي"، متسائلا "هذا الفوز يحتاج لجمهور، والشعب السوري كله مهجر، فكيف نجح ؟".
وقال الدمشقي لـ"الأناضول" إنه إن كان من شيء يقدمه شريف للشعب السوري "فعليه أن يتكلم باسمهم كنجم، لا الغناء وحمل لقب النجومية فقط .. فهذا ليس له لزوم".
واستغرب كيف تقام مثل هذه البرامج الغنائية في العالم العربي "ولا يوجد بيت (في سوريا) إلا وفيه شهيد"، مشيرا الى أن النازحين السوريين في لبنان ودول النزوح يريدون العودة الى بلدهم فقط "ولا نريد مغنين ونجوم".
ورأى الدمشقي أن برنامجا لتخريج المغنين يكلف ملايين الدولارات "كان من الأولى على منظميه دفع هذه الملايين لصالح الشعب السوري، والدعوة لحل أزمته، في ظل البرد والجوع الذي نعاني منه".
أما جاسم العبيد، النازح من مدينة حمص، منذ 3 سنوات، فاستغرب "صرف ملايين الدولارات" على الغناء والبرامج الغنائية، داعيا "الى صرف هذه الملايين لصالح الشعب السوري الذي تهجر وتهدمت بيوته ومدنه، ليس أمامه إلا النوم تحت الأشجار".
واشتكى العبيد من "الأوضاع الصعبة والسيئة التي يعيشها النازحون السوريون في لبنان"، معتبرا أن من يتحمل مسؤولية ما آلت إليه أوضاع الشعب السوري "الدول التي تدعم مثل هذه البرامج".
وأشار الى أن "الأغاني لن تعيدنا الى بلادنا... نحن من يعيدنا هو الله رب العالمين"، لافتا الى أن العرب والمسلمين "لا يستطيعون اليوم أن يعيدونا الى بلادنا وأن يقفوا بوجه طاغية يقتل أطفالنا ونساءنا... وفي المقابل تصرف ملايين الدولارات على الأغاني".
وتساءل العبيد "أين أصبحت النخوة العربية... امرأة صاحت وامعتصماه حركت الجيوش لأجلها، ونحن صحنا مائة وامعتصما، ولا أحد يجيب أحد".
من جانبها، أم يوسف، التي غطت وجهها أمام كاميرا "الأناضول" فهنت شريف بفوزه بلقب "أراب آيدل"، مشيرة الى أنه "إنسان لديه هدف في هذه الحياة يسعى لتحقيقه، وقد وصل إليه... ونحن نقوله له مبروك".
إلا أن أم يوسف، اعتبرت أن "ما يحز بقلبي، ملايين الناس الذين تابعوه وصوتوا له .. نسيت أن السوريين، الذي هو (شريف) منهم، يعانون ما يعانون من واقع مأساوي".
وأضافت "في كل منزل سوري، شهيد أو اثنين أو ثلاثة، وأنا سقط من عائلتي 4 شهداء"، متسائلة "كيف لي أن أتابع وأصوت لإنسان (مغن) وخاصة أنه سوري".
واستغربت أم يوسف "تسليط الأضواء على هذه البرامج، ونسيان الشعب (السوري) المشرد، الذي ترك أملاكه وأرزاقه وبلده".
وتابعت أم يوسف "الآن نجم العرب من سوريا .. ولكن أين سوريا الآن ؟! هل نحن، بعد فوزه (شريف)، نستطيع أن نعود الى بلدنا ؟".
ورأت أنه ليس باستطاعة "نجم العرب" الجديد أن يقدم أي شيء للسوريين فـ"من هم أكبر منه، لم يقدموا لنا شيئا".
من ناحيتها، تساءلت أم محمد، النازحة السورية من منطقة الغوطة الشرقية منذ سنتين، أيضا "لماذا صرف ملايين الدولارات على هذا النجم وهذه البرامج ؟ ولماذا لا تصرف على الشعب السوري المشرد ؟".
وقالت أم محمد "الله يبارك له (لشريف)، ولكن لا حاجة لنا به... لا نريد إلا أن نعود الى بلادنا"، مشيرة الى أن الأنظار "التفتت نحوه ونسيت الشعب السوري".
ودعت الدول العربية الى "حل مشكلتنا وإعادتنا الى ديارنا... فنحن لا نريد لا طرب ولا غناء بل العدوة فقط، بدل هذه العيشة المأساوية"، مضيفة "قلوبنا مكسورة... ولا وقت لهذه الأمور حاليا".
وكان شريف فاز بلقب "أرب آيدل"، يوم السبت الماضي، بعد سباق طويل مع عدد كبير من المشتركين العرب في الموسم الثالث، لبرنامج "أرب آيدل" الذي عرض عبر شاشة "mbc" و"مصرmbc"، وكان قد وصل إلى الحلقة النهائية إضافة لشريف، السعودي ماجد المدني، والفلسطيني هيثم خلايلي.
وبهذا الفوز يكون حازم شريف هو ثالث متسابق يحمل هذا اللقب بعد فوز المصرية كارمن سليمان في الموسم الأول للبرنامج، والفلسطيني محمد عساف في الموسم الثاني.
وحصل شريف بفوزه باللقب على 250 ألف ريال سعودي (67 ألف دولار أمريكي) وعلى عقد فني مع إحدى الشركات إضافة الى هدايا كثيرة أخرى.
عكس السير