لا زالت قضية " تجديد " جوازات سفر السوريين المحرومين من قبل النظام محط جدل كبير، بعد تضارب الأنباء والتصريحات بين مسؤولي الائتلاف والحكومة المؤقتة.
وبعد أن استبشر السوريون خيراً بالتصريحات الأخيرة، تبين أن الائتلاف في كوكب والحكومة المؤقتة في كوكب آخر، وكل يغني على ليلاه.
البداية مع الحكومة المؤقتة، التي لم يكلف "الإعلاميون" أو المكتب الإعلامي التابع لها، والذي يحصل موظفوه على آلاف الدولارات شهرياً، خاطرهم بنشر بيان رسمي باسم الحكومة أو رئيسها، بل نقلوا "رابط" تصريحات له أدلى بها لوسائل الإعلام.
وأكد طمعة في التصريح الذي نقلته صفحة الحكومة على فيسبوك أن " هناك لصاقات نظامية في سفارة الائتلاف بالدوحة من أجل تمديد جوازات السوريين، مبينا أن هذه اللصاقات معتمدة من الائتلاف والحكومة المؤقتة ومن دول العالم ".
وأشار رئيس الحكومة إلى أن سفارة الائتلاف في الدوحة هي المخولة بمنح تجديد جوازات السوريين، وسيبدأ التجديد خلال أسبوعين، والأولوية للسوريين في قطر ودول الخليج، ثم الدول الأخرى.
تصريحات الطعمة تزامت مع تصريحات لنزار الحراكي سفير الائتلاف في قطر، والذي أكد أن السفارة السورية ستبدأ باستقبال طلبات تجديد جوازات سفر السوريين مطلع العام القادم، وسيتم الإعلان ذلك في مؤتمر صحفي رسمي قريب.
واتخذ الائتلاف هذه الخطوة بعد مراسلة 52 دولة وخمسة منظمات عالمية من بينها الأمم المتحدة والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، بحسب ما أكد الحراكي.
وعلى افتراض أن تصريحات الطعمة والحراكي الواردة أعلاه لا تتعارض، فإن عكس السير يؤكد أن عملية تجديد الجوازات ليست إلا عبارة عن سحب البساط من تحت مافيات تجديد الجوازات والتزوير، وتحويل مردودها لحساب الحكومة بشكل "قانوني".
يقوم السوريون الذين لا يستطيعون تمديد جوازات سفرهم حالياً بسبب رفض النظام لذلك كونهم معارضون أو متخلفون عن الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية، في أقذر الحركات التي لم يسبقه لها أي نظام ديكتاتوري في العالم، باستخدام "اللصاقة غير المقيدة"، أي أنها غير مدرجة في قيود النظام.
وتعتبر هذه اللصاقة نسخة طبق الأصل عن لصاقة النظام التي يضعها موظفو الهجرة والجوازات، ولكن الفرق أن اللصاقة النظامية يتم تقييدها في السجلات النظامية، فيما اصطلح على تسمية اللصاقة الأخرى بالمزورة، كونها غير مقيدة في سجلات النظام.
ويستطيع صاحب الجواز الممدد بهذه اللصاقة، استخدامه في كل دول العالم باستثناء الدول الداعمة للنظام ( إيران ولبنان مثالاً )، وذلك لإمكانية كشف عدم وجود قيد للجواز ولتجديده.
وتبلغ تكلفة هذه اللصاقة بين 200 و 300 دولار، وهي التسعيرة المعترف عليها بين المزورين، فيما قيل أن الائتلاف سيطرح إمكانية التجديد (عبر هذه اللصاقة) بـ 75 دولاراً فقط.
إلى هنا، تبدو الأمور منطقية و الفكرة مناسبة جداً في ظل استحالة الحصول على شرعية دولية تخول أي سلطة معارضة منح جوازات، كما أن الكثير من اليائسين الذين يضطرون التجديد بهذه الطريقة سيفضلون بكل تأكيد أن يدفعوا 75 دولاراً بدلاً من 300.
أما ما أثار جدلاً أكبر مما سبق، فهو المعلومات والتصريحات التي تم تداولها اليوم من قبل عدد من الناشطين المعارضين والمسؤولين السابقين والحاليين في الائتلاف السوري، والتي أظهرت أن الحكومة في واد و الائتلاف في واد آخر.
أولى التصريحات جاءت على لسان "عمر إدلبي" الناشط والمدير السابق للقسم القنصلي في سفارة الائتلاف في قطر، والذي حذر من استعمال "لصاقات التمديد التي تنوي سفارة الائتلاف في الدوحة وضعها على جوازات سفر السوريين".
وقال إدلبي في صفحته على فيسبوك : " اللصاقات التي تنوي سفارة الائتلاف التمديد بها مختلفة تماما عن لصاقات النظام ..يعني تزوير على عينك يا تاجر .. شكلها مختلف والختم عليها هو ختم سفارة الائتلاف بالدوحة، أما لصاقات التمديد التي تحدث عنها رئيس الحكومة المؤقتة للائتلاف أحمد طعمة فهي لصاقات طبق الاصل من لصاقات النظام، ولكن السفير نزار الحراكي رفض استعمال هذه اللصاقات التي حصلت عليها الحكومة المؤقتة، وصرح في وسائل الاعلام أنه سيستعمل لصاقات خاصة ومختلفة عن لصاقات النظام وختم مختلف ".
وأما فيما يتعلق بالموافقات من قبل الدول، قال إدلبي : " أتحدى أن يبرز احدهما ( رئيس الحكومة وسفير الائتلاف ) أي موافقة حصل عليها او كتاب يضمن الاعتراف! وبإمكان أي كان أن ينقل للمذكورين هذا التحدي "، محذراً من تورط السوريين بهذا التمديد (أي التمديد الذي يتحدث عنه الحراكي).
إلى جانب ذلك، نشر أحمد رمضان عضو الائتلاف الوطني صوراً قال إنها الوثائق المؤقتة التي تعتزف سفارة الائتلاف في قطر إصدارها.
ويظهر في الصور "وثائق سفر مؤقتة" ولصاقات تجديد، حيث قال رمضان عنها إنها خطوة أولى لإصدار جوازات سفر.
وبدلاً من أن يصدر الائتلاف الذي يفترض أنه "المرجعية الأعلى" لكل أصحاب التصريحات السابقة، بياناً ينهي فيه هذا الجدل ويوضح للسوريين حقيقة ما يحصل، اكتفت نائبة رئيسه "نورا الجيزاوي" بالتعليق على صفحة عمر إدلبي الذي قال في منشوره ما قال !
وقالت جيزاوي تعليقاً على تحذير عمر : " بتنتهي القصة بضربة إعلامية و كم سوري يتوقفوا بالمطارات بتهمة التزوير و ما يقدروا حتى يرفعوا دعوى ع اللي تسبب بهالشي ".
وأضافت : " أصلا ما بحقلو ( الحراكي ) يعمل هالشي هوي اي عمل تنفيذي بحاجة لمرجعية تشريعية و تشريع الحكومة من الائتلاف و الائتلاف لم يتبن هذا الموضوع "، ويمكن للقارئ أن يضع ما شاء من خطوط تحت كلمة " الائتلاف لم يتبن هذا الموضوع ".
وبانتظار أن يتكرم أحد المعنيين في الحكومة المؤقتة أو الائتلاف بإصدار بيان رسمي يوضح فيه للسوريين الذين وصلوا إلى مرحلة أصبح فيها قرفهم ممن يدعي العمل باسمهم ولأجلهم أكثر من قرفهم ممن هجرهم ودمر بيوتهم، تبقى لصاقات الـ 200 دولار الطريقة الوحيدة التي يمكن فيها للسوري مسلوب الحقوق السفر بعيداً عن موافقة النظام أو رفضه.
عماد حلاق - عكس السير
--------------------------------------------------------