إعلانات
المضحك المبكي ..و حديث سياسي حشاش ..المجلة التي كان السوريون ينتظرونها صباح كل سبت .. بقلم شمس الدين العجلاني
الثلاثاء - 24 آب - 2010 - 19:45 بتوقيت دمشق
التفاصيل

كانت تجربة  مجلة "المضحك المبكي " لصاحبها " حبيب كحالة " تجربة سورية نادرة افتقدتها الساحة العربية .

فقد شهدت بدايات  القرن الماضي قفزة نوعية في الصحافة السورية ، و صدرت المئات من الجرائد والمجلات في كافة أنحاء سورية وانتشر معها فن الكاريكاتير.

برز على صفحات " المضحك المبكي " الفنان " سمير كحالة" برسومه الكاريكاتيرية الجريئة التي تناولت كل جوانب الحياة السورية، إضافة  إلى والده المبدع صاحب المجلة  "حبيب كحالة" .

ابتدعت المضحك المبكي العديد من الشخصيات الطريفة المحببة التي اخترعها صاحب الجريدة ومديرها المسؤول، مثل شخصية :

"أبو درويش "، والسياسي "الحشاش "، و "أبو الشمقمق "، والأستاذ " المقص "  وشخصية " الحمار ".

كان يعالج من خلالها قضايا المجتمع المختلفة، وانتقاد سلطات الانتداب الفرنسي بطريقة طريفة لاذعة.

 كان كحالة شخصية متميزة بقدرته على إثارة الضحك لدى قراء المجلة . 

حبيب كحالة

صحافي وأديب سوري ساخر، ولد في دمشق عام 1898م، وتوفي فيها عام 1965م، تلقى علومه في دمشق وبيروت وتخرج من الجامعة الأميركية في نهاية الحرب العالمية الأولى، وعاد  إلى دمشق ليمارس العمل الصحفي، ‏وأسس جريدة (سورية الجديدة) مع توفيق اليازجي، وصدر العدد الأول منها في دمشق 27/12/1918.

شهرته جاءت بعد أن أصدر مجلة المضحك المبكي عام 1929م وهي مجلة هزلية انتقادية ذائعة الصيت، أصدر إلى جانبها مجلة "المصور " والتي احتجبت بعد عدة أشهر من إصدارها، وأصدر أيضاً لمدة قصيرة جريدة " دمشق " في 13/4/1947، وإلى جانب عمله الصحفي مارس السياسة وفاز كنائب عن دمشق عام 1947م.

استمرت المضحك المبكي في الصدور نحو 37 عاماً.
 
كان كحالة على علاقة طيبة مع الزعيم السوري " فارس الخوري" ، وشاءت الظروف أن يتزوج ابنه السياسي " سهيل الخوري"  أخت حبيب كحالة.


وعبر هذه الصلات، ازدادت علاقاته مع أغلبية السياسيين.

فكان حبيب كحالة يؤنبهم وينتقدهم ويرسم صورهم كاريكاتيرياً على صفحات (المضحك المبكي)، وفي المساء يلتقي معهم في السهرة في "نادي الشرق".
 
حبيب كحالة الاسم العلم في عالم الصحافة، الذي استطاع إصدار صحيفة أسبوعية سورية ناقدة بشدة لدولة الانتداب  اتخذت من الكوميديا السياسية أسلوباً لتوضيح وتصحيح  تجاوزات الحكومات الموالية للانتداب في عهد الاستعمار الفرنسي.

 

المقالات الافتتاحية التي كانت المضحك المبكي تنتقد فيها دولة الانتداب الفرنسي

اعتقل كحالة عدة مرات في عهد الاستعمار، وكان لا يبيت إلا ليلة أو ليلتين ثم يأمر القاضي بإطلاق سراحه.

 كان " كحالة " ظاهرة صحفية، سياسية، ساخرة، لم يشهد لها مثيل على الساحة العربية، وكم افتقدناها في زماننا هذا.
 
ترك لنا كحالة عدداً من المؤلفات وهي: ذكريات نائب، ، وقصة خاطئة، والناس، وكشكول المضحك المبكي وهو كتاب من جزأين- جمع به عدداً من النوادر التي نشرت في المضحك المبكي.

المضحك المبكي
 
لن نبالغ بالقول إن مجلة " المضحك المبكي" الأسبوعية، هي أهم المجلات العربية على الإطلاق، فهي مجلة رائدة وتجربة لم تتكرر حتى الآن على صعيد الصحافة العربية.

صدر العدد الأول منها عام 1929م ويحمل غلافها رسماً كاريكاتورياً لرئيس الجمهورية آنذاك الشيخ تاج الدين الحسني، وحدد كحالة سياسة المجلة بأنها "سياسية، فكاهية، كاريكاتيرية".

تميزت المجلة بلهجتها العامية وتعليقاتها السياسية الحادة التي طالت كل من يراه الشارع السوري أنه أساء للوطن، واستعملت الكاريكاتير وسيلة للتعبير الهزلي لما يحدث في سلطات الانتداب والمتعاونين معه من أخطاء وانحرافات..

 

 


 
لذا تعرضت للإغلاق أكثر من مرة من قبل السلطات الفرنسية، أو الوطنية كما تعرض صاحبها للملاحقات القضائية والاعتقال أكثر من مرة أيضاً، وحين كانت السلطات الفرنسية تغلق " المضحك المبكي" كان " كحالة " يصدرها تحت اسم" ماشي الحال"، وصدرت بهذا الاسم لأعداد كثيرة.

 
كانت "المضحك المبكي" تتناول بالسخرية الشخصيات السياسية السورية والفرنسية، والأحداث التي تمر بها البلاد، فقد كانت الرسوم الكاريكاتيرية التي يرسمها حبيب كحالة وابنه سمير، محط أنظار القارئ السوري، ومقص الرقيب في آن واحد، فكان المفوض السامي إذ ذاك يعتبر رسوم الكاريكاتير من شأنها أن تؤدي  إلى اضطراب الأمن وتهييج الشعب.

رسم كاريكاتوري فيه هاشم الاتاسي و ابراهيم هنانو يلعبون الورق مع الفرنسيين ( في إشارة الى اللعبة السياسية )

و يقولون لهم : باينتو اللعبة كلها بلف

في إشارة الى الوعود الفرنسية المتكررة بمنح الاستقلال للبلاد  


و لن يكون أيضاً من المبالغة القول إن " المضحك المبكي " كان قوت الشعب الذي ينتظره صباح كل يوم سبت موعد صدور المجلة، برغم كونها لم تتحلّ بإخراج فني جيد، لكنها كانت تمسُّ قضايا الشعب بأسلوب ساخر يحبّه السوريون، ويتداولون قصصها ورسومها من حي  إلى حي ومن قارئ  إلى آخر.

أعدادها كانت تنفذ من الأسواق " أسرع من الريح ".

كان سعر العدد منها غرشين سوريين، أما الاشتراك السنوي في المجلة عام 1933م، فكان في سورية ولبنان 300 قرش سوري، وفي فلسطين وشرقي الأردن جنيه فلسطيني، وفي العراق 15 روبيه، أما موزع المجلة فكان اسمه عباس الروماني.

طبع من العدد الأول فقط 550 نسخة.
 
صدرت " المضحك المبكي " في "24" صفحة مزودة برسوم كاريكاتيرية ساخرة، فكان غلافها الأول والأخير دائماً رسوم " كاريكاتيرية " هزلية ملونة بأشكال ومواقف شتى وتحتها التعليقات الساخرة على السياسات المحلية والعربية والدولية... هذا عدا الرسومات الداخلية.
 
وفي بداية الثلاثينات من القرن الماضي، انشأ كحالة مطبعة حديثة بدمشق لطباعة المجلة، وكانت تقع في شارع الملك فؤاد الأول.

استمرت هذه المجلة في الصدور منذ عام 1929م  إلى عام 1965 يرأس تحريرها حبيب كحالة، الذي وافاه الأجل عام 1965م، فتولى ابنه سمير إصدار المجلة من بعده.

إلى أن قامت الجهات المعنية بإغلاق المجلة وإلغاء ترخيصها وذلك عام 1966م، ولم يستطع سمير كحالة  خلال هذا العام تطوير أيّ شيء في المجلة لا من حيث الإخراج أو التحرير، وترك العمل الصحفي وفن رسم الكاريكاتير، وغادر إلى باريس ليقيم فيها.

قيل عنه: " لو استمر في حرفته لكان اليوم قمة من قمم الكاريكاتير العربي والعالمي".

أُسدلت الستارة عام 1966م على أهم تجربة إعلامية عاشت 37 عاماً، أغنت الصحافة العربية بمطبوعة مميزة، لم نشهد لها مثيلاً حتى الآن.

- الصور و أعداد المجلة : من مجموعة المحامي علاء السيد .

شمس الدين العجلاني – أثينا

alajlani. shams@hotmail. com  


التعليقات :
متابع
(0)   (0)

سمعت مرة في احدى البرامج التلفيزيونية أنه في فترة الاربعينات أوالخمسينات من القرن الماضي أن الصحف والمجلات التي كانت تصدر بدمشق أكثر من الصحف والمجلات التي كانت تصدر بباريس بنفس الفترة لا ادري مصداقية المعلومة ولكن يتين كم كان هناك حرية للصحافة بتلك الفترة عندنا

موااطن
(0)   (0)
سوريا كانت تمشي في وتيرة تطور عالية وكانت رائدة في كافة المجالات من علم وثقافة وعلوم وادب ...
حتى في مجال العمران.
لم يكن هناك فساد ورشاوي وامراض اجتماعية كالتي نراها الان.
سوريا في ذاك الوقت كانت مرشحة بقوة لان تكون في مصافي الدول المتقدمة واصبح الحال يحتاج لحلول جذرية.
ابن الشام
(0)   (0)
لدينا في سورية طاقات بشرية تفوق آبار النفظ الخلجية فائدة عامة على البلاد . . .
حرية الحركة الموضوعية تجعلها تأخذ مداها في الأخذ والعطاء والاستفادة .
في الوطن خامات وفي المغترب طاقات لو اجتمعت في مصلحة البلد لاضحت سورية اغنى دولة عربية بنواحي الحياة كافة
فهمان
(0)   (0)
طبعا طبعا اخي المواطن جذرية طبعا
ابن دمشق
(0)   (0)
طلب لعكس السير .

الرجاء وضع مقالة للكاتب ابن دمشق في جريدة المضحك والمبكي .

عنوان المقالة(انا حقي اللحم فقال الكلب وانا حقي العظم)
وهناك مجلة كانت تسمى العصا لمن عصا . جريدة فريدة

مع شكري
آزاد عزيز عثمان
(0)   (0)
المقالة صورة غير مباشرة للعبة السياسة شكرا لكم
مراقب حزين
(0)   (0)
نعم هذه التجربة حاول ان يكررها الرسام المبدع علي فرزات في وقتنا الحالي الا ان مقص الرقيب لم تعجبه الدومري فاصبح يقص منها قطعة قطعة حتى استطاع ان يلغيها من الساحة0
رحم الله ايام المضحك المبكي فمتى نعود لتلك الايام سؤال اتوجه به لكل من يسمي نفسه مسئول0
ما بسترجي حط اسمي
(0)   (0)
حتى على زمن الاحتلال الفرنسي اللعين كان هناك حرية صحافة، وكانت كلمة الحق سلطان، رحمك الله يا جدي
أضف تعليقك :
الاسم : *
التعليق : *
Keyboard لوحة مفاتيح عربية
ضع الكود الموجود بالصورة : *

مقالات أخرى من " ع البال "

24-1-2015
" برغر كينغ " ترفض تعويض الطفل السوري الذي ضربه أحد مدرائها في اسطنبول .. و الأخير يحاول إسكات والد الضحية بـ 100 ليرة !
رفضت الشركة التي تمتلك ترخيص سلسلة مطاعم "بيرغر كينغ" في تركيا تعويض الطفل السوري الذي تعرض للضرب على ...


15-4-2013
بعد ظهوره في "أراب آيدول".. صفحة إخبارية "مخابراتية" تهدد عائلة الفنان عبد الكريم حمدان
  نشرت صفحة إخبارية مؤيدة للنظام السوري على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" منشوراً هدّدت فيه الفنان عبد الكريم ...


7-6-2012
عرض أول جهاز أنتجته شركة أبل للبيع
أعلنت دار "Sotheby" للمزادات عن نيتها طرح أول جهاز كمبيوتر أنتجته شركة أبل للبيع في مزاد يُقام في ...


3-11-2011
حديقة العزيزية (مرعي باشا الملاّح) والحديقة العامة بحلب
تمهيد: إنّ التقرير الذي قدّمه الى المجلس البلدي بحلب المهندس الاستشاري شارل غودار، عضو المجلس البلدي ومدير سكة حديد ...


28-9-2011
زقاق الأربعين ووثيقة آل دلاّل و الشاعر جبرائيل دلال (1836 – 1892) من أوائل شهداء الحرية
في محاولة لربط الزمان بالمكان وبالحدث الذي يفعّله الإنسان سنحاول ان ننقل خطواتنا في النصف الثاني من القرن ...


18-8-2011
سر البيلون الحلبي
كتب المرحوم الدكتور عبد الرحمن الكيالي مقالة في مجلة الحديث الحلبية تساءل فيها : هل كلمة ( بيلون) ...


13-8-2011
صناعة صابون الغار في حلب تلفظ أنفاسها الأخيرة
في عام 1999 ظهرت المواصفة القياسية السورية لصابون الغار ، التي حددت نسبة زيت المطراف فيه بخمسين بالمئة ...


10-8-2011
عيدو السواس و عيدو التنكجي مؤسسا فرقة نجمة سورية أول فرقة مسرحية بحلب
نشر الاستاذ  أحمد نهاد الفرا مقالة مطولة في مجلة العمران  (التي كانت تصدر عن وزارة البلديات فترة الوحدة ...