إعلانات
بالصور ..عندما شرب الحلبيون من ماء الفرات للمرة الاولى ..بقلم المحامي علاء السيد
الثلاثاء - 11 كانون الثاني - 2011 - 8:31 بتوقيت دمشق
التفاصيل

كانت حلب عبر التاريخ تستقي من ماء قناة حيلان ونهر قويق و مياه عين التل .

في الثلاثينات من القرن الماضي حولت تركيا مياه نهر قويق  التي تنبع من جوار عينتاب إلى مزارعها، ولم تعد تتركه إلا شتاء حين لا تكون محتاجة إليه و لم يعد مصدرا مائيا لحلب .

المجرى القديم لنهر قويق قبل دخوله حلب ( رمم مؤخرا )

و  نقصت  مياه حيلان في العشرينات من القرن الماضي .

برك تجميع المياه في حيلان ( قرب المسلمية ) بعد جفافها

و صارت حلب تعتمد بشكل رئيسي على شركة فرنسية تدير امور ( االكهرباء و الماء و الترام ) لتجر اليها المياه من نبع  "عين التل  " بكمية تصل الى 12 الف متر مكعب يوميا بينما حاجة المدينة تزيد على 30 الف متر مكعب يوميا .

التجهيزات القديمة لسحب المياه من نبع عين التل

و في عام 1945 بدأت مياه الشرب التي كانت تجلب للمدينة بالانقطاع و اعتقد الناس ان خروج الفرنسيين و جلائهم عن البلاد دفع الشركة الفرنسية للانتقام بقطع مياه الشرب و تشكلت لجنة للبحث في اسباب انقطاع المياه فتبين ان السبب انخفاض المياه الجوفية و تزايد الاستهلاك .

آبار المياه الجافة في عين التل

و اقترحت اللجنة تقنين الاستهلاك و حفر آبار أعمق لاستخراج المياه ، علاوة على ذلك فقد أصبح عدد سكان حلب يتزايد، حتى أربى على ربع مليون نسمة فـي منتصف الأربعينات .

و بلغ عدد المشتركين في الشركة الفرنسية  عام 1946 ثمانية الاف و ستمائة و اربع و عشرين مشترك يتزودون و عائلاتهم بمياه الشرب من الشركة الفرنسية .

اما بقية سكان المدينة فكانوا يتزودوا بالمياه من حنفيات الماء العامة و من الآبار الموجودة في بيوتهم سواء منها التي تتجمع فيها مياه الامطار او التي تنبع من المياه الجوفية السطحية .

و فـي إحصاء جرى عام 1947،أظهرت النتائج أن عدد سكان حلب /265000/  نسمة فـي حين أن عدد سكان مدينة دمشق كان /264000/ نسمة.

وحين اشتدت وطأة الظمأ على المدينة،و تأكد تقصير الشركة الفرنسية ، جرى البحث عن أيسر الطرق لإرواء أهلها، واستقر الرأي على جر ماء نهر الفرات إليها.

و كان العائق الاول هو الامتياز المعطى للشركة الفرنسية الذي يمنع السماح لشركة أخرى بتزويد حلب بالمياه ، و مع جلاء القوات الفرنسية عن سوريا و انحسار النفوذ الفرنسي الذي كان يحمي الشركة طالبت بلدية حلب الشركة بالتخلي عن امتيازها ، فما كان من الشركة الا ان طلبت تعويضا يقدر بخمسة ملايين ليرة سورية كتعويض للتخلي للبلدية عن ابنيتها و منشآتها و تجهيزاتها و عن امتيازها ، و هو مبلغ طائل في ذلك الوقت ،و في النهاية توصل الطرفان لانهاء الامتياز .

قسم من منشآت الشركة الفرنسية في عين التل

و لكن الازمة تفاقمت  فما كان من  أربعة من نواب حلب هم رشدي الكيخيا وناظم القدسي ولطيف غنيمة وعبد الرحمن الكيالي الا ان اقترحوا على الحكومة رصد مبلغ لتنفيذ جر الماء من نهر الفرات لحلب لارواء المدينة و ما حولها من بساتين .ومن حق هؤلاء النواب الذين ساندوا المشروع، أن أستمطر على أرواحهم رحمة الله  لأن الخدمة التي قدموها لهذه المدينة الغالية لا تقدر بمال.

و كان جواب وزير الأشغال العامة الدكتور عدنان الأتاسي فـي المجلس النيابي :

« بالنسبة لموضوع جر ماء الفرات إلى حلب،  هناك مسألتين مستقلة إحداهما عن الأخرى:

الأولى قضية جر الماء اللازم للشرب. والثانية قضية إرواء المنطقة الزراعية حول المدينة.

إن جر ماء الشرب يتكلف 20 مليون ليرة، وأن تكلفة ري الأراضي التي تبلغ مساحتها تسعة آلاف هكتار لإنشاء مزارع مسقية ومشجرة تناهز 30 مليوناً على أساس أن كلفة ري الهكتار الواحد تبلغ 500 ليرة سورية وهي عملية ليست مجزية اقتصادياً ».

وقد وافقت لجنة الموازنة  في عام  1947 على تخصيص 20 مليوناً من الليرات السورية لتأمين كمية من المياه تكفي للشرب فقط و رفض مشروع تأمين مياه لري بساتين المدينة .

في انتظار تنفيذ المشروع تفاقمت الازمة في المدينة و في عام  1948  صدر مرسوم جمهوري يجيز للجنة تابعة لبلدية حلب سميت لجنة مياه الفرات  بجر ثلاثة الاف متر مكعب يوميا من مياه حيلان و صبها في أنابيب الشركة الفرنسية لارواء المدينة ، و كانت مياه حيلان قديما تصل في أقنية محفورة منذ القديم الى بعض الاحياء في حلب .

كان مشروع جر مياه الشرب يقتضي رفع ماء الفرات بالمحركات إلى ارتفاع 95 متراً، ثم دفعه آلياً فـي قناة طولها تسعون كيلو متراً.

 

أنفاق بيتونية لجر المياه

وكان المبلغ المرصود كافياً لحفر قناة تكفي لاستجرار 50 ألف متر مكعب يومياً من ماء الفرات..

مدخل الخزان الرئيسي في منطقة كرم الجبل

وصلت مياه الفرات لأول مرة لحلب في بداية الخمسينات و تم الاستغناء عن آبار عين التل و ينابيع حيلان .

وقد توسعت أحياء المدينة منذ ذلك التاريخ ، وازداد عدد سكانها كثيراً  ، و قد أنشئت بعدها مجموعة من قنوات الجر من نهر الفرات لحلب وبلغ ما يصل إلى حلب عام 1998 ما يزيد على 207 ألف متر مكعب يومياً، و منذ فترة قريبة احتفل بوصول قناة الجر الرابعة، و يجري العمل على شق و تجهيز قناة جر خامسة في السنوات القليلة القادمة .

الصور : من أرشيفي الخاص .

المراجع :

- مخطوط كتاب "رشدي الكيخيا الزعيم الزاهد و حزب الشعب " تأليف الدكتور عبد الوهاب حومد ( قيد الطبع )

- نشرة بعنوان " بيان للرأي العام الكريم عن قضية مياه حلب و تطوراتها "أصدرها مجد الدين الجابري رئيس بلدية حلب

المحامي علاء السيد - عكس السير

 


التعليقات :
hiso
(0)   (0)
thanx
فراس
(0)   (0)
أرجو جر مياه الفرات من بحيرة الأسد إلى مدينة دمشق وذلك لحاجتها الماسة حيث يمكن إرواء المدينة وبادية الشام وتدمر وريف الشام ولكم كل الشكر والاحترام
جفاف
(0)   (0)
ان مدينة دمشق يعصف بها الطلب على الماء نتيجة الضغط السكاني .
نرجو المعنيين تأمين قنات مائية لها من الفرات .
او من ينابيع الساحل .
و الا ستصيبها طامة كبرى .
مغترب مشتاق
(0)   (0)
الحل في اللامركزية
هل سألنا أنفسنا يوماً لماذا هذا الضغط الخارق على دمشق؟؟؟؟
لماذا باقي عواصم العالم تشهد ضغط سياحي و ليس سكاني؟؟؟؟
السبب بسيط
المركزية التي نعاني منها في تسيير امورنا الادارية تخنق بلدنا
نرجو من الحكومة الكريمة تركيز بعض الجهد على مكافحة المركزية
عندما تعم اللامركزية لن يكون الموظف و لا الطالب و لا اي مواطن مضطرا لان يسافر الى دمشق كل يوم يتوقيع مئات الاوراق
كل شيء سينجز بسهولة و يسر
فلماذا التأخير باللامركزية.؟؟
هناك دول عربية طبقت اللامركزية و كانت تجاربها رائعة و لعبت مؤسسات البريد و الاتصالات فيها ادوارا خارقة للعادة كانت محور تنمية و تطوير
دعونا نلتفت الى تجاربهم و نستفيد منها
تحياتي لبلدي الحبيب
حالد
(0)   (0)
مياه نهر الفرات لم تعد تكفي ارفعوا ايديكم عنها
محمد
(0)   (0)
والله الشام بدها النيل ليرويها
موااطن
(0)   (0)
في مدن على الفرات عطشانة واهلها هجروها وهؤلاء أولى من جر الفرات لغيرهم. اما من يطالب بجر الفرات لدمشق فهذا مستحيل لانه سيعني انعدام نهر الفرات فمنسوب النهر انخفض انخفاض كبير جدا عن ماكان عليه سابقا هذا غير انه هناك اتفاقيات دولية لتنظيم المياه لا تسمح بذلك. فالحروب القادمة هي حروب مياه.
هل تعلم
(0)   (0)
نهر قويق هو من انقى واعذب لانهار وكان اهالي حلب يشربون من مياه هذا النهر مباشرة بدون تنقية بس **** قطعو النهر حتى جف وصار مكب للنفيات ؟؟؟؟
عبدالله
(0)   (0)
من أكبر الأخطاء التمركز في مناطق معينه مع إهمال الكثافه السكانيه في المناطق الأخرى , بلغ عدد سكان دمشق و ريفها ال 8 ملايين نسمه , و بلغ عدد سكان مدينة حلب و ريفها اكثر من خمسة ملايين و نصف , أي أن اكثر من نصف الشعب السوري متواجد في هذه المحافظتين , و البقيه موزعين على 11 محافظه , فمحافظة درعا لا يتجاوز تعداد سكانها ال 80 الف نسمه و السويداء لا يتجاوز 90 الف نسمه , رغم الموقع المتميز للمحافظتين ,
إن صح التعبير فسوريا بحاجه إلى بناء تجمعات سكنيه جديده أو مدن جديده , ******************
وهبي من الثورة ( مدينة سد الفرات )
(0)   (0)
السلام عليكم
مع ان مدينة الثورة انشئت بعد سد الفرات على ضفة النهر الا ان اهلها يعانون من قطع المياه احيانا والكهرباء مع ان مياه النهر وكهرباء السد تصلان الى خارج القطر !!! والله يبارك لنا في حلب وفي نهرنا العظيم والسد الخيّر ويحفظنا ويحفظهم ويجعل بلدنا اجمل بلد ودمتم سالمين
راعي الإبل
(0)   (0)
***************
أما استجرار الفرات إلى دمشق فضرب من المحال...فاستجرار دجلة إلى مجرى الفرات يكلفنا 3 مليار دولار، و تستنفر الحكومة و مؤسساتها لأجله و كأنه بناء الأهرامات...
***********************
علي ناصر
(0)   (0)
الله يعطيك العافية يا استاذ علاء على جهودك وصور نادرة جدا يعني جد مازن قلعجي ماالو دور بجر المياه لحلب
محمد عجين
(0)   (0)
فكرة حلوة كتير الله يسلم يداك
hasan al zokhri
(0)   (0)
حلب قصدنا وانت السبيل فيكي الأهل ومنك الحبيب والشوق اليكي شدني من بعد الرحيل ... سأهجر ارضي التي فيها مقامي واليكي اعود ففيكي ولدت وفيكي المبيت . حلب احلا مدينة بالكووووووووون ... اهلاوي أصيل
غزوان حسن
(0)   (0)
هناك قطع طويل للمياه على مدينة دمشق نرجو المعنيين بحلول مائية من الفرات او نبع مزيريب .
مفكر
(0)   (0)
اان استجرار مياه الفرات الى دمشق سوف يؤدي الى اعطاش المطقة الشرقية والتي هي عصب سوريا زراعيا يعني بالعربي تحويل الازمة من عطش الى جوع اقليمي لذا يرجى التفكير
سوري وفتخر
(0)   (0)
انا مستغرب مياه الفرات وصلت الى حلب والمنطقه الشرقيه الذي على ضفاف الفرات عطشه لقله المشاريه والتطور العمراني الذي قضى على الزراعه
أنتبهوا
(0)   (0)
جاء عالم مياه مصري لعند أبن عمي و قال له أنتبهوا مياه الفرات مليئة بالشوارد ( ألمنيوم -ذهب ------الخ)وهي تصيب الانسان بفقدان الذاكرة . لذالك الشعب الان يعاني من كثرة النسيان و لاحظوا ذلك على أنفسكم في الاونة الاخيرة
أضف تعليقك :
الاسم : *
التعليق : *
Keyboard لوحة مفاتيح عربية
ضع الكود الموجود بالصورة : *

مقالات أخرى من " ع البال "

24-1-2015
" برغر كينغ " ترفض تعويض الطفل السوري الذي ضربه أحد مدرائها في اسطنبول .. و الأخير يحاول إسكات والد الضحية بـ 100 ليرة !
رفضت الشركة التي تمتلك ترخيص سلسلة مطاعم "بيرغر كينغ" في تركيا تعويض الطفل السوري الذي تعرض للضرب على ...


15-4-2013
بعد ظهوره في "أراب آيدول".. صفحة إخبارية "مخابراتية" تهدد عائلة الفنان عبد الكريم حمدان
  نشرت صفحة إخبارية مؤيدة للنظام السوري على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" منشوراً هدّدت فيه الفنان عبد الكريم ...


7-6-2012
عرض أول جهاز أنتجته شركة أبل للبيع
أعلنت دار "Sotheby" للمزادات عن نيتها طرح أول جهاز كمبيوتر أنتجته شركة أبل للبيع في مزاد يُقام في ...


3-11-2011
حديقة العزيزية (مرعي باشا الملاّح) والحديقة العامة بحلب
تمهيد: إنّ التقرير الذي قدّمه الى المجلس البلدي بحلب المهندس الاستشاري شارل غودار، عضو المجلس البلدي ومدير سكة حديد ...


28-9-2011
زقاق الأربعين ووثيقة آل دلاّل و الشاعر جبرائيل دلال (1836 – 1892) من أوائل شهداء الحرية
في محاولة لربط الزمان بالمكان وبالحدث الذي يفعّله الإنسان سنحاول ان ننقل خطواتنا في النصف الثاني من القرن ...


18-8-2011
سر البيلون الحلبي
كتب المرحوم الدكتور عبد الرحمن الكيالي مقالة في مجلة الحديث الحلبية تساءل فيها : هل كلمة ( بيلون) ...


13-8-2011
صناعة صابون الغار في حلب تلفظ أنفاسها الأخيرة
في عام 1999 ظهرت المواصفة القياسية السورية لصابون الغار ، التي حددت نسبة زيت المطراف فيه بخمسين بالمئة ...


10-8-2011
عيدو السواس و عيدو التنكجي مؤسسا فرقة نجمة سورية أول فرقة مسرحية بحلب
نشر الاستاذ  أحمد نهاد الفرا مقالة مطولة في مجلة العمران  (التي كانت تصدر عن وزارة البلديات فترة الوحدة ...