إعلانات
عكس السير يجري تحقيقاً موسّعاً عن ظاهرة "الدروس الخصوصية" ...ضرورة تعليمية أم تجارة حقيقية يمليها الواقع المعيشي المتردي؟!
السبت - 23 شباط - 2008 - 19:11 بتوقيت دمشق
التفاصيل

لا يخفى أن القطاع التعليمي بمختلف مراحله قد شهد نموّاً مضطرداً خلال السنوات الأخيرة ودخل سوق العمل الاستهلاكي على مختلف الصعد، وتكاثرت المدارس والمعاهد والجامعات والمؤسسات الأكاديمية الخاصة بشكل لم يسبق له مثيل، ونسمع مع بداية كل عام دراسي عن افتتاح المزيد من المنشآت والجامعات والتخصصات الجديدة سواء في القطاعين العام والخاص. 

وربما ليس من قبيل الصدفة أن يتزامن هذا التطور التعليميّ اللافت والإيجابيّ بوجهٍ عام مع تفشي ظاهرة "الدروس الخصوصية" التي كانت لعقودٍ مضت حكراً على ميسوري الحال وترفاً يشار إليه في الغالب بالسلب والنقد، وانتشرت اليوم بلا ضوابط أو رقابة لتجتاح سائر الشرائح الاجتماعية، واندغمت في العملية التعليمية بقطبيها: المعلِّمين والمتعلّمين؛ فقليلون هم الآن الذين لا يتعاطون هذه الدروس، والذين ينظر إليهم على أنهم الأقلّ حظاً في المكانة أو النجاح سواء بين المدرسين أو الطلاب.

تكتم رسمي وشعبي!
في "عكس السير" وأثناء محاولتنا استقصاء أسباب وآثار هذه الظاهرة اصطدمنا برفض العديد من المسؤولين والأساتذة والطلاب الإدلاء بآرائهم رغم حماسهم للحديث في شؤون أخرى، وأغلب من قبل منهم التعاون معنا طلب عدم الكشف عن اسمه الصريح وكأن المسألة مخجلة أو تمس شيئاً من المحظورات! وقد وجدنا لذلك ما يبرره في كثير من الأحيان خاصة أن وزارة التربية قد حظرت الدروس الخصوصية بشكل صارم، لكن الأمر برمته مؤشر على وجود خطأ مستفحل. 

وسرية التعامل مع هذه الظاهرة يرجع لعدة عوامل إضافية تؤكد أنها تحولت إلى مشكلة متفاقمة بل معضلة حقيقية لا تجد الوزارة ولا مربو الأجيال وأولياء الأمور حلاًّ جذريا لها في الأمد المنظور. ويمثل البعد الاقتصادي أهم هذه العوامل، فعائلات عديدة أخذت تعتمد على التدريس الخصوصي كباب رزق إضافي أو رئيسي في الوقت الذي أُلزِمت فيه عائلات الطلاب وهم غالبية الشعب لتتحول إلى معيل لها. وثمة تنافس شرس بين المعلمين أنفسهم على نيل الحصة الأكبر من هذه الكعكة الدسمة والتي صار يطمع فيها كل من يتصور نفسه معلّماً من غير الاختصاصيين، هذا عدا عن تنافس الطلاب الطامحين بدخول الكليات ذات المجاميع الأعلى. 

إحصاءات: تكلفة الدروس تصل إلى 150 ألف ليرة للطالب الواحد!

في غياب أي إحصاءات رسميّة قدّر الذين استبينا آراءهم من أساتذة وطلاب أن نسبة الطلاب الذين يتلقون الدروس الخصوصية لمعظم المواد في صفوف الشهادتين الثانوية والأساسية تقارب الـ 80 بالمئة، وبعضهم يؤكّد أن النسبة تكاد تبلغ 100 بالمئة إذا قصرنا الإحصاء على من يتلقون دروس "مادة واحدة على الأقل"! وتقل هذه النسبة لدى طلاب الصفوف الانتقالية لتصل إلى نحو 60% في الصفوف العليا وأقل من 30% في التعليم الأساسي. 

أما نسبة مدرّسي مادتي الرياضيات والفيزياء فقط والذين يعتمدون الدروس الخصوصية فقدّرت بـ 90 %.

يلاحظ أيضاً أن المدرسين باتوا يواظبون على إعطاء الدروس حتى ساعات متأخرة من الليل، وبعضهم يستغل أوقات العطل بالكامل، من السابعة صباحاً وحتى الثانية عشرة ليلاً! وحتى في العطل الانتصافية والصيفية يدرّسون في البيوت إضافة لعملهم في دورات المراكز الرسمية والخاصة، وبهذا ترتفع مداخيلهم إلى أرقام قد تبدو فلكية بالنسبة لذوي الدخل المحدود!

واليوم لم تعد المواد الأساسية في الفرع العلمي: كالرياضيات والفيزياء، وفي الأدبي: كاللغة الأجنبية والفلسفة هي التي تستأثر بالدروس الخصوصية والتي كانت تمثل "عقدة" لدى الكثيرين، فالطلاب يتلقون الدروس عن جميع المواد بما فيها مادتي التربية القومية والدينية! وليس بالقليل عدد الطلاب الذين يتلقنون في واقع الأمر المنهاج كله مرّة في المدرسة صباحاً، وأخرى في بيوتهم مساءً خاصة لدى طلاب الشهادة الثانوية (البكالوريا)!

في محافظة السويداء تبلغ تكلفة الساعة الدرسية في البيت 350 ل.س، وفي المراكز الخاصة 1500 ل.س، أما في دمشق فتبلغ الساعة الدرسية في البيت من 500 إلى 1000 ليرة سورية، وبعضها قد تزيد عن 1500 ل.س(لدى الأساتذة الكبار)، وتصل في الأيام التي تسبق الامتحان مباشرة إلى 2500 ليرة!! هذا رغم أن "التسعيرة" الرائجة محددة بـ: 800 فقط! وبذلك تقدر تكلفة الدروس الخصوصية للطالب الواحد خلال العام الدراسي بين 100 ألف إلى 150 ألف ل.س على أقل تقدير!! 

إجمالي التكلفة العامة تبلغ عشرات المليارات!

في سوريا، وبحسبة بسيطة يمكن تقدير تكلفة الدروس الخصوصية في العام الماضي بالنسبة لطلاب الشهادتين الثانوية بفرعيها العلمي والأدبي والتعليم الأساسي فقط والذين بلغ عددهم 578700 طالباً وطالبة لنجد أنها تتراوح بين 25 إلى 50 مليار ليرة سورية!! وبالمقارنة مع مصر مثلاً التي تبلغ تكلفتها بالنسبة لجميع مراحل التعليم 15 مليار جنيه مصري ومع مراعاة اختلاف الكثافة السكانية نجد أن النسبة في سوريا أعلى بكثير! هذا ما يعزز الاعتقاد بأن الدروس الخصوصية باتت تستنزف جزءاً هاما من ميزانية الأسر السورية، وعاملاً اقتصادياً قد لا يفطن لدوره في تردي الأحوال المعيشية للمواطنين، إذ يندر اليوم أن نجد أسرة لا يوجد فيها طالب يتلقى بعض الدروس! 

"المعاهد الخاصة" ترخّص لنفسها العمل في غير اختصاصها ولا رقيب!
يحصل أصحاب المعاهد الخاصة على ترخيص لتعليم اللغات وتدريس موادها فقط، لكن في واقع الحال لا يقتصر التدريس على اللغات الأجنبية بل تجاوز ذلك ليشمل كامل المنهاج الدراسي ولمعظم المراحل التعليمية. وهناك معاهد خاصة تجبر الطالب على التسجيل في مادتي الرياضيات والفيزياء.

ذكر لنا أحد الطلاب (ع.ن): سجلنا في معهد الـ"م" لندرس مادة الرياضيات، ومع أننا سددنا تكلفة المادة كاملةً إلا أنهم لم يدرسونا كتاب الجبر، والغالبية من الطلاب لم يعرفوا ذلك إلا بعد أن بدأوا بالدراسة، وأخبرونا أنه في حال تدريس كتاب الجبر في نهاية العام سيدفعون التكلفة مرة أخرى.

تعديل المناهج الدراسية وسلالم التصحيح لتدعم الحاجة للدّروس الخصوصية!!
أحد الأساتذة طلب عدم ذكر اسمه كشف لعكس السير بأنه كان هناك اتفاق ضمني في الوزارة بين واضعي المناهج الدراسية في السنوات الماضية على تكثيفها وتعقيدها حتى يجبروا الطلاب على التعامل مع الدروس الخصوصية مهما تفانى المعلمون في المدرسة في بسطها وشرحها! وضرب مثالاً على ذلك في مادة العلوم الثالث الثانوي العلمي التي كانت بسيطةً قلما تدرس بشكل خصوصي، فعدل منهاجها خصيصاً لتلائم هذا الغرض فقط، وليس لأي غايات أخرى معلنة، وأثناء وضع سلالم التصحيح بالغوا في التدقيق لأن نسبة النجاح كانت فيها عالية! ورغم الحاجة الدائمة فعلاً إلى تطوير المناهج إلاّ أن القائمين على ذلك يراعون أولاً وقبل كل شيء أن تكون بما يكفي من التكثيف والحشو والغموض لتخدم ذلك الغرض.

ويضيف: إذا قارنتم مناهجنا الدراسية مع مثيلاتها في مصر أو الأردن مثلاً ستكتشفون أنها شاذة على نحو غير مبرر، وربما لهذا يكثرون من تعديل المناهج وتنقيحها بشكل غير طبيعي أرهق المدرسين أنفسهم تغطية لهذا الشذوذ! وزملاؤنا في البلدان العربية المجاورة الذين اطلعوا على مناهجنا تملكهم العجب من شدة كثافتها، ورأوا فيها حملاً ثقيلاً على المدرسين والطلاب سواء بسواء! مثال على ذلك، إحدى طالباتنا في الثانوية كانت بمستوى أقل من عادي غادرتنا إلى الأردن قبل الامتحان بنحو شهرين فقط، فتفوقت هناك ودخلت كلية الطب! 

التجار الأكبر هم أصحاب الأجر الأكبر!

ويتابع: الأساتذة الذين يتقاضون الأجور الأعلى عن الدروس الخصوصية هم الذين يشاع أنهم يساهمون في وضع أسئلة الامتحان النهائي للشهادتين، ويتهافت الطلاب عليهم أملاً في تسريب بعض هذه الأسئلة من خلال الدروس، وأعتقد أنهم يفعلون ذلك بشكل غير مباشر تناسباً مع أجرهم المرتفع وتحقيقاً للصيت الذي يضمن لهم باستمرار "زبائن" جدداً، فلا بد أن يكون تلامذتهم من المتفوقين دوماً!!

بعض المدرسين: السبب الأساسي يكمن في الوضع المعيشي الصعب

بعض الأساتذة صارحونا بأن المعلم في مجتمعنا لا يقدَّم له ما يكفيه من الدخل ليستغني عن البحث في مصادر بديلة، وهو لهذا لا يتمكن من بذل كل طاقته في وظيفته لاضطراره لحمل أعباء العمل الإضافي بعد الدوام، ويجد من الأشرف له أن يكون عمله في مجال اختصاصه الوظيفي، أي في الدروس الخصوصية. يقول أ.(جمال، ز) مدرس متقاعد:

يحرص المدرس نتيجة سوء الظروف المعيشية على إكمال دخله من خلال الدروس الخصوصية، وهذا يؤدي إلى انخفاض في عطائه نتيجة إرهاقه وتشتته بين المدرسة والمراكز والدروس الخصوصية. كما يأتي الطالب إلى المدرسة وقد امتصت قدراته نتيجة السهر الطويل على وسائل الإعلام من تلفاز وإنترنت وموبايل، فضلاً عن التأثير السلبي لبعض البرامج مثل مسرحية مدرسة المشاغبين وغيرها، كل ذلك يضعف تركيز الطالب وفي النهاية تكون الدروس الخصوصية هي المنقذ الوحيد.

أ."غسان عامر" مدير ثانوية شكيب أرسلان يقول: بشكل تربوي أنا شخصياً ضد الساعات الخاصة والتي ليس لها أسباب موجبة إطلاقاً. السبب الرئيسي لانتشارها هو سوء الوضع الماديّ للمدرس، والثراء الفاحش لبعض الأهالي، ولذا فالصراع الطبقي بين الموظفين (أصحاب الدخل المحدود) ورجال الأعمال هو السبب الأساسي لتفاقم الظاهرة! والدروس الخصوصية تنعكس بشكل سيء على المدرسة والطالب، فالطالب الذي يذهب المدرِّس إلى بيته يقل احترامه للمدرسة والمدرّس، وسيخالف سواء في أوقات الدوام أو اللباس أو النظام وغير ذلك.

معظم المدرسين: الأسباب تكمن في كثافة المناهج ورفع معدلات القبول الجامعي
تعددت آراء المدرسين في تحليل ظاهرة الدروس الخصوصية، وإن تلاقت في عدة محاور.
أ.(أ، ي) أحد الموجهين الاختصاصيين، يقول: إن اختلاف سويات الطلاب من حيث الاستيعاب وكثافة المنهاج أديا لوجود ما يدعى بالدرس الخصوصي، لكن المدرس الناجح والذي يقوم بإدارة صفيّة ناجحة من حيث المعلومات والوقت فإن 90 % من طلابه لا يحتاجون إلى دروس خصوصية. كما أن رفع معدلات القبول الجامعي من أهم أسبابها، لذا أحبذ أن يكون القبول الجامعي عن طريق مسابقة قبول؛ فالعالم الانكليزي "نيوتن" في القرن الثامن عشر خضع لامتحان قبول عندما تقدم للجامعة.

ويصف مشروع الحل المأمول بقوله: تقوم وزارة التربية حالياً بتطوير التعليم وذلك بوضع مناهج جديدة أقل كثافة وذات عمق، وتعتمد على الأنشطة ومصادر المعلومات (معايير وطنية جديدة)، وستساهم بالتأكيد في القضاء على الدروس الخصوصية لأنها ستعتمد على التفكير والتحليل، و"التعلم" أكثر من "التعليم"، وستطبق هذه المناهج خلال السنوات الأربع القادمة.

أ."ثامر كرباج" موجه اختصاصي لمادة الرياضيات يقول: أعلنت وزارة التربية عن مناقصة لتأليف كتب وفق المعايير الوطنية الجديدة، وسيصدر في العام القادم مناهج للصف الأول والرابع والسابع من التعليم الأساسي والأول الثانوي، وستراعي تطوير المادة العلمية وتحقيقها من قبل المعلم والمتعلم وتوفير متطلبات المنهاج وبالتالي يمكن الاستغناء عن الدروس الخصوصية نتيجة توفر الكادر التدريسي المؤهل (معلم صف) للتدريس في المرحلة الأساسية. ويكون علاج هذه الظاهرة بإعادة النظر في نظام الامتحانات والقبول الجامعي، وتعزيز دور المنظمات الشعبية في إقامة دورات تعليمية وبأجور زهيدة، علماً أن وزارة التربية أصدرت تعليمات صارمة تمنع الدروس الخصوصية.

ويضيف: تعتبر مادة الرياضيات مادة تراكمية فأي ثغرة في مراحل التعليم تؤثر على التحصيل العلمي، لذا يلجأ الأهل إلى الاستعانة بالدروس الخصوصية. ويمكن تعزيز دور المدرس بتحسين مستواه المعيشي ليتمكن من تطوير ذاته باقتناء الكتب والمراجع والاستفادة من المراكز التعليمية. وتقتضي العملية التربوية من القائمين عليها العمل بمنتهى الصدق والإخلاص بغض النظر عن العوامل الأخرى.

إن الهدف الرئيسي للمعاهد الخاصة هو الربح المادي، وإن وُجدت بعض المدارس الخاصة والتي تهتم بتدريس مناهج إثرائية تردف المنهاج المقرر من وزارة التربية. والدروس الخصوصية في الريف نادرة لكن في المدن يلجأ معظم المدرسين للتدريس من خلال المعاهد والدروس الخصوصية.

أ."مفيد بلان" موجه اختصاصي لمادة اللغة الفرنسية يقول: يسعى الطالب للحصول على أعلى الدرجات للاستمرار بدراسته سواء في المرحلة الثانوية أو الجامعية خاصة، والقبول في الجامعات يعتمد على مجموع الدرجات وليس على الميول، لذا يضطر الطالب للجوء إلى الدروس الخصوصية. بعض المدرسن لا يقدمون ما لديهم من إمكانات كي يجبروا الطالب على أخذ هذه الدروس لكنها حالات نادرة. أخشى أن يتجه التعليم كما هو الاتجاه في الاقتصاد نحو القطاع الخاص، وهذا ليس لمصلحة الأسر ذات الدخل المتوسط والضعيف.

وردّاً على سؤالنا حول اعتماد مادة اللغة الفرنسية كمادة أساسية: الهدف من اعتمادها كمادة أساسية هو السعي لإتقان الطالب للغة الفرنسية والإنكليزية أسوة بدول العالم، ومن ناحية تربوية يستطيع الطفل أن يتعلم ثلاث لغات، فلا مبرر للخوف منها، الخوف يكون دائماً من الجديد وغير المألوف، لذا يلجأ العديد من الطلاب إلى الدروس الخصوصية، وأعتقد أن مادة اللغة الفرنسية ستكون أكبر مساعد للطلاب للحصول على مجموع أعلى من الدرجات. ومع أنها تجربة جديدة إلا أن مديرية التربية بدأت بتأهيل الكادر التعليمي في المحافظة لتعليم هذه المادة وغيرها بالطريقة الجديدة (الطريقة التواصلية) وذلك منذ صدور قرار تعليم اللغتين في عام 2001.

أ."مروان كرباج" موجه اختصاصي لمادة الفلسفة يقول: إن عدم توفر المدرس الكفء دوماً في المدارس الثانوية وانخفاض نسبة القبول في الجامعة لصالح التعليم الموازي والخاص والمفتوح من أهم أسباب انتشار الدروس الخصوصية. وهي تؤدي إلى انخفاض في مستوى أداء المدرس في المدرسة نتيجة ضغط العمل، كما أنها تضعف العلاقة بين المدرس والطالب في المدرسة لصالح العلاقة الخاصة في البيت.

أ."معن عرنوس" مراقب داخلي في مديرية التربية يقول: لا يوجد مبرر للطالب لأخذ الدروس الخصوصية، فهناك متابعة للعمل في المدارس وتوفير الكوادر التدريسية المناسبة، حيث يتم اختيار المدرس الكفء بعد أن يخضع لمسابقة وامتحان خطي. والمدرس لا يفرض الدروس الخصوصية على الطالب، كما أنه متابع ومكلف من قبل مديرية التربية بإكمال المنهاج التعليمي، ويستمر المدرس في الدوام لآخر يوم في المدرسة وهو على استعداد للإجابة على أي تساؤل من قبل الطلاب، ففي القانون لا يوجد انقطاع إنما الطالب ينقطع من ذات نفسه عن الدوام في المدرسة.

أ.(ج، ع) مدير ثانوية يقول: هذه الظاهرة غير طبيعية، والطبيعي أن يحصل الطالب على المعلومات كاملة من المدرسة ابتداء من التعليم الأساسي حتى التعليم الجامعي، والسبب الأساسي لانتشارها هو رفع معدلات القبول في الجامعات والمعاهد والذي ولد عدم ثقة عند الطالب من نيل تلك المعدلات.

أ.(س، ف) مدرس رياضيات يقول: إن سبب انتشار الدروس الخصوصية هو النقص في عدد مدرسي المواد العلمية مما يؤدي إلى عدم تأسيس علمي صحيح في الصفوف الأدنى للشهادة فيشعر الطالب أنه بحاجة لدروس خصوصية لترميم المعلومات المفقودة لديه. وهناك عدم استقرار في العملية التعليمية بشكل عام سواء بالنسبة لإقرار المناهج أو البيئة الدراسية، ومن أهم تلك العوامل ارتفاع عدد الطلاب في الصفوف، وتقلب عدد من الأساتذة للمادة الواحدة. كما أن الانقطاع المبكر للطلاب عن المدرسة هو أحد أسباب الدروس الخصوصية، ولا يوجد في الأساس شيء اسمه انقطاع، لكن كثافة المناهج تجبر الطالب على الانقطاع للدراسة. ويلاحظ أن الطلاب متفوقين وغير متفوقين يقبلون على تلك الدروس على حد سواء وهذه سمة جديدة لم نرها من قبل!
أ.(جدعان، م) مدرس لغة عربية يقول: إن عدم انتقاء المعلمين والمدرسين الأكفاء أدى إلى تدني مستوى التعليم في سورية وبالتالي يحتاج الطالب للدروس الخصوصية، كما أن إهمال الأهل لأبنائهم وعدم متابعتهم اليومية جعلهم يعتقدون أن هذه الدروس تعفيهم من واجبهم تجاههم.

أ.(رافع، أ) مدرس فيزياء يقول: نسبة استيعاب الطالب قلت عما كانت سابقاً نتيجة وسائل الترفيه المتزايدة، لذلك يحاول التعويض من خلال الدروس الخصوصية.

أ.(غ، ش) مدرس علوم يقول: الهدف من الدروس الخصوصية هو إثبات شخصية المدرس والتباهي بقدراته أكثر مما هي حاجة مادية!
أ.(مروان، ف) مدرس فلسفة يقول: إن العامل الشخصي والانفعالات والعواطف تلعب دوراً أساسياً في الدروس الخصوصية، فيفضل الطالب بعض المدرسين على غيرهم ممن ينسجم مع أسلوبهم، كما أن التوجه لها ينسجم مع دعم الوزارة للتعليم الخاص. ويحتاج الطالب لتوجيه نفسي وتربوي، وتنظيم جهده، وإعطائه الثقة بالنفس.

أ.(ر، ف) مدرس تربية قومية يقول: يجد الطالب صعوبة في حفظ المواد الأدبية، فالدرس الخصوصي يقرب الفكرة من ذهنه ويساعد على حفظها، كما يشعره أن الدرس ملك له فقط فيتفاعل معه أما الدرس المدرسي فقد لا يتيح له المشاركة الفعالة نتيجة التضخم العددي للطلاب في الصف الواحد.

أولياء الأمور: الدروس الخصوصية عبء مادي كبير وواقع مفروض

ريمة فليحان (أم لطفلين)...تقول: أدى تطوير المناهج في السنوات الأخيرة إلى مشكلة حقيقية خاصة في مرحلة التعليم الأساسي وذلك لعدم وجود الكادر التدريسي القادر على إيصال المعلومة للطفل وعدم استخدام الوسائل الإيضاحية التي تقرب الفكرة له، فيضطر أولياء الأمور للجوء إلى المعلم الخاص، فأنا لدي طفل في الصف الخامس وطفلة في الرابع ولتقويتهم بمادة اللغة الإنكليزية أقتطع 2500 ل.س من مرتبي الشهري للإنفاق على دروسهم الخصوصية.

م.غصوب أبو شديد (أب لطالبين: بكالوريا وتاسع) يقول: ترتبط الدروس الخصوصية بمدى استيعاب الطالب وفهمه للمنهاج وما لديه من معلومات تراكمية من الصفوف الانتقالية خاصة في مادة الرياضيات، لذا تساعد الطلاب الذين يعرفون مكان الخلل لديهم ويسعون لعلاجه. كان هدف المدرس قديماً تقديم المعلومة للطالب دون مقابل وبما يحقق الفائدة القصوى له. أما الآن فعلى العكس تماماً حيث تحول العلم إلى تجارة تحقق أرباحاً طائلة دون الاكتراث للطلاب سواء فهموا أم لم يفهموا، لذا يضطر الطالب إلى أخذ الدروس الخصوصية. وتلعب المادة دوراً أساسياً في الدروس الخصوصية فمن جهة تشكل عبئاً مادياً كبيراً على الأهل ومن جهة أخرى تحقق أرباحاً كبيرة للمدرس.

(ش، ص) موظف... يقول: أصبحت الدروس الخصوصية واقعاً مفروضاً شئنا أم أبينا، لكن أتمنى أن تأخذ المدارس والمعاهد الخصوصية دورها بدلاً من الدروس الخصوصية في البيوت، وقد يخفف تحسين المستوى المعيشي للمدرسين من التوجه نحو تلك الدروس.

(م، ش) أم لطالب في البكالوريا: زوجي مغترب في الخليج، وصدقاً أقول أن أكثر من نصف دخله الشهري يذهب للدروس الخصوصية التي لا يمكننا الاستغناء عنها! لكن للأسف لا أرى أن تحسّن مستوى الطلاب من خلالها يتناسب مع هذه الأسعار المرتفعة. أقترح أن تنظم وزارة التربية الدروس الخصوصية بأسعار مخفضة تناسب غلاء المعيشة!

(مروان، ن) يقول: السبب الرئيسي للدروس الخصوصية هو انعدام المسؤولية لدى المدرس وسعيه لتحقيق الأرباح دون الاكتراث بالوضع المادي للطلاب. مثلاً إحدى المعلمات قالت لطلابها: أنا مستعدة لإعطاء الدروس الخصوصية في البيت لمن يرغب بها! وأنا لدي ابن وحيد في الصف الثامن لذا أستطيع أن أهيئ له مدرسين خصوصيين أما بعض الأسر فلا تقدر على ذلك. 

م.(ك، ج) والد طالب بكالوريا من سكان مدينة إدلب يقول: الدروس الخصوصية مؤامرة متفق عليها ضمناً بين المدرسين! فهم لا يعطون ما لديهم في المدرسة فيجبرون الأهل على إعطاء أبنائهم الدروس الخصوصية والتي تؤثر سلباً على الطالب وأسرته فهي تحملها عبئاً مادياً ليس بالقليل، كما تحرم الطالب من المعلومات والمفاهيم التي تتأتى إليه عبر المدرسة والمدرجة في خطة الوزارة. فابني على سبيل المثال غادر مدرسة المتفوقين في مدينة إدلب ليلتحق بمركز خاص، وقد كلّفني 50 ألف ل.س حتى الآن، هذا في إدلب، ولو كنا في حلب فقد يكلفني 100 ألف ل.س وقد تزيد عن 100 ألف في دمشق! هذه الظاهرة لم تكن منتشرة سابقاً بسبب إخلاص المدرسين أما الآن فقد نام الضمير! أما العلاج فلا يكون بمنع الدروس الخصوصية قسراً لما له من تأثير سلبي على المدرس والطالب في نفس الوقت لذا نرجو من الجهات المختصة إيجاد الحل المناسب.

الطلاب: المدرسة لا تكفي والدروس الخصوصية ملاذنا الوحيد

(علاء، ح) ثالث ثانوي... يقول: أفضّل الدروس الخصوصية لأنني لا أثق بالمدرسين! فأخشى أن تنتهي المدرسة قبل أن ينتهوا من إعطاء المنهاج وهذا ما حصل عندما كنت في الصف التاسع. 

(م، ج) طالب بكالوريا من إدلب: أفضل المراكز الخصوصية على المدرسة لأنني أتحكّم بالمدرس! فأياً كان الاستفسار أو السؤال لا ينزعج ولا يتذمر لأن مرتبه الشهري في المدرسة 10 آلاف ل.س بينما في المركز الخاص يصل إلى 100 ألف ل.س، كما أن أحد المدرسين في مدينة إدلب يتقاضى سنوياً ما يعادل ثلاث ملايين ونصف المليون في مكتبه الخاص لقاء تدريس حوالي 300 طالب!! بالنتيجة أصبحت المدرسة شكلية يذهب إليها الطلاب للتسلية والترفيه فقط.

(هلال، ش) ثالث ثانوي يقول: يتيح الدرس الخصوصي للطالب الاستفسار عن المعلومات الغامضة والتي لا يسمح الوقت في المدرسة للاستفسار عنها.

(رامي، ش) ثالث ثانوي يقول: أصبحت الدروس الخصوصية واقعاً لا مفر منه لأن الأستاذ لا يهتم بالشرح في المدرسة ويوفر جهده للدروس الخصوصية!

(هيثم، ش) ثالث ثانوي يقول: إن الإهمال والمشاغبة من قبل الطلاب أثناء الحصة الدرسية، وأعدادنا الكبيرة في الشعبة الواحدة يقلل من عملية التركيز، كما أن الطلاب لا يعطون فرصة للمدرس الجديد لإثبات جدارته، فلديهم تصور مسبق أن الأستاذ القديم المشهور أفضل بكثير. كذلك بعض الأساتذة يكون عطاؤهم في المدرسة ضعيفاً لأنهم يأتون إليها مرهقين، فغالباً ما ينتهون من دروسهم الخاصة في ساعات متأخرة ليلاً. لهذا نضطر للجوء إلى الدروس الخصوصية، كما أن الأجواء في البيت أكثر راحة، والمدرس تحت رقابة الأهل، ونجاح الطالب نجاح للأستاذ، فهو يقدم أفضل ما لديه من إمكانات في البيت وبنشاط أكبر!
(م، ب) ثاني ثانوي تقول: لا نستطيع الاستغناء عن الدرس الخصوصي لأنه وسيلتنا للنجاح بمجموع كبير يمكننا من الالتحاق بالكليات التي نرغبها، ويختلف أحياناً أداء المدرس نفسه بين المدرسة والبيت. 

(ع، ح) ثاني ثانوي تقول: أصبحت الدروس الخصوصية ملاذنا الوحيد لأن الأستاذ همه أن ينهي المنهاج سواء فهمنا أم لا، وعندما نشكوه للإدارة يكون جوابها: "ليس مهماً أن تفهموا، فالدروس الخصوصية تكمل لكم ما لا تفهمونه"، فهم من يشجّعوننا عليها!
(هاني، ش) في الصف التاسع يقول: يعاني المدرسون من انخفاض مستوى طلاب دفعتي، والتقصير ليس من الطلاب فقط ولكن من المدرس الذي درسنا في الصف الأول الابتدائي وما زال تأثيره علينا حتى الآن، فمن وجهة نظري إننا جميعاً بحاجة إلى دروس خصوصية!

خبراء علم النفس والاجتماع: الدروس الخصوصية تضعف الثقة بالنفس والنشاط العقلي 

"د. أديب عقيل" دكتوراه في علم الاجتماع، يقول: أصبحت الدروس الخصوصية موضة يتأثر بها المجتمع حتى في جلسات النسوة اللواتي يتحدثن ويتباهين بالمبالغ التي دفعت لأبنائهن لأجلها بغض النظر عن القيمة العلمية! وأصبح بعض الطلاب في الآونة الأخيرة سلبيين يريدون المعلومة جاهزة وبأقل مجهود. كما ظهرت بعض الظواهر السلبية في الدروس الخصوصية، فبعض الطلاب يتم "تعهّدهم" بمواد معيّنة من قبل مجموعة مدرسين، ويصل مبلغ التعهد إلى 100 ألف ل.س أو أكثر! وهذا يشكل قلقاً للأسر ذوي الدخل المحدود.

ومن الظواهر السلبية أيضاً استقطاب المعاهد الخاصة للمدرّسين الذين يعملون في الثانويات العامة، واستدراج الطلاب وتوجيههم إلى المعاهد أو الدروس الخصوصية، كأن يقوم بعض المدرسين بحجب المعلومات عن الطالب في المدارس الحكومية دفعاً لهم إليها. ولذا أجزم أن الآثار السلبية للدروس الخصوصية أكثر من الإيجابيّة، إذ عودت بعض الطلاب على الكسل والخمول وعدم احترام قوانين وأنظمة المدارس الحكومية والتي لها الدور الكبير في تأهيل وتدريب وتخريج الطلاب. 

والحل يكون بالعودة إلى تفعيل وتعزيز دور المدرسة وإغلاق المعاهد، لا بل منع المدرسين العاملين في الثانويات الحكومية من التدريس في المعاهد الخاصة، ومراقبة المعاهد التي سبق فتحها وبدأت تحلّ محلّ المدرسة، فلا خيار في مجتمعنا إلا بالتأكيد على أهميّة التعليم الحكومي. ومدارسنا غنية بكوادرها ومخابرها وأبنيتها، وهي قادرة على تخريج أجيال كفوءة، لذلك يجب القضاء على هذه الظاهرة السلبية. وبالنسبة لراتب المدرس الحكومي أصبح مقبولاً إلى حد ما، لكن من تعوّد على المبالغ الكبيرة لا يرضى بأقل من 100 أو 150 ألف ل.س شهرياً!

د.(ل، ن) دكتوراه في التربية وعلم النفس يقول: تؤدي الدروس الخصوصية بالطالب إلى عدم الاعتماد على النفس والاتكالية وتزعزع ثقته بنفسه، ويهمل في مدرسته لأنه ينتظر الدرس الخصوصي، كما تجعله غير مبالٍ فيشاغب ويؤثر على رفاقه لا يكترث سواء فهموا أم لم يفهموا لأنه ينتظر أستاذه في المساء. ولا تستطيع الدروس الخصوصية أن تجعل الطالب متفوقاً، وأكثر الطلاب تفوقاً هم ممن اعتمدوا على أنفسهم ولم يأخذوا دروساً خصوصية.

وهي تؤدي إلى خلل في المجتمع نتيجة التفاوت بين الأسر التي تعطي أبناءها دروساً خصوصية والأسر غير القادرة على ذلك، كذلك تسبب خللاً بعطاء المدرس لأنه يلقي اهتماماً للدروس الخصوصية أكثر من اهتمامه بعمله الأساسي وهذا يؤثر على الأداء والمردود التربوي للمدرس والطالب داخل المدرسة.

ويمكن تشبيه الدروس الخصوصية بالحقنات المساعدة (المنشطات) التي تعطى للشخص لتأدية مباراة رياضية، فيكون أداؤه نتيجة هذه الحقنات وليس نتيجة الجهد والتصميم والإرادة النابعة من داخله. ويجب أن يكون لدى الطالب هدف، فإذا لم يستند على الإرادة القوية والاعتماد على النفس لن يحققه بالشكل المطلوب.

ومن العوامل التي ساعدت على تزايد الدروس الخصوصية: كثرة الطلاب في المدرسة، ورغبة الطالب في النجاح والحصول على أعلى الدرجات للدخول إلى الجامعة، وقلق الأهل على الطالب لينال فرصة جامعية أو فرصة تفوق، والوضع المادي للمعلم جعله يسعى وراء الدروس الخصوصية، وتقدم المجتمع وانتشار ظواهر الربح والكسب والتجارة.

تعد الدروس الخصوصية ظاهرة غير طبيعية، فعندما يتوفر الطالب المجتهد والمدرس المخلص في عمله والمدرسة الجيدة والأهل المتابعون لأبنائهم عندها يمكن الاستغناء عنها. 

أما المرشدة النفسية (نجاح، ح) فتقول: إن الدروس الخصوصية موضة اجتماعية وهجومنا عليها مثل هجومنا على الموبايل والانترنت وغيره من وسائل الترفيه، لذا: "الغيرة" هي السبب الرئيسي لها! ويشعر الأهل أن من واجبهم تأمين المدرسين الخصوصيين لأبنائهم، وللأسف يجهلون أن الدروس الخصوصية تؤدي إلى الركود العقلي، والكسل الإدراكي، والوهن المعرفي، والاعتمادية وعدم الثقة بالنفس لدى الطالب.

مدير التربية: الظاهرة ليست بذلك الانتشار و"القناة الفضائية" علاج
والتقى "عكس السير" مع مدير تربية السويداء أ."أكرم الصغير" لمعرفة رأي الوزارة الرسمي، فقال في بيان السبب: ليس هناك سبب واضح لظاهرة الدروس الخصوصية، قد يكون هناك دوافع شخصية أو اقتصادية أو اجتماعية (موضة). كمثال: أحد أولياء الأمور قال لي أنه وضع مدرس لابنه (صف أوّل ابتدائي)، ومهمته أن "يسمِّع" الدّرس لابنه، فحتى الوالد لا يريد أن يتعب نفسه بذلك!
وأضاف مناقضاً ما أفاد به الآخرون: الدروس الخصوصية في السويداء ليست منتشرة بشكل كبير، إنما بنسب قليلة جداً خاصة في الريف. لا أنفي انتشارها في المدينة لكنها نسبة ضئيلة جداً ومحدودة مقارنة بباقي المحافظات. وما يأخذه الطالب في مدارسنا كفيل بأن يحصل على كافة المعلومات التربوية والعلمية والنفسية والأخلاقية والاجتماعية. واهتمام الطالب ودافعيته للتعلم والإدارة المدرسية والمناهج كلها تعمل على إعطاء مخرجات تعليمية جيدة بالنسبة للطلاب وتحدّ من هذه الظاهرة.

وأنوّه إلى أن كافة المتفوقين الذين حصلوا على درجات عالية في الشهادتين الثانوية والتعليم الأساسي هم ممن لم يتلقوا دروساً خصوصية على الإطلاق، وكانوا من مدارس ريفية حكومية أبدع فيها المدرسون والطلاب.

وأشاد الأستاذ "الصغير" بالمدرسين الذين يتطوّعون لدروس إضافية مجانية: هناك مدرسون عديدون في المحافظة يعطون دروساً في يومي السبت والجمعة لإثراء معلومات طلاب الشهادات في الرياضيات والفيزياء واللغة العربية دون أي مقابل مادي، وذلك بعد أن يقدموا طلباً لإدارة المدرسة لفتح المدارس الحكومية وإعطاء الدروس فيها. ونحن نعزز ونؤكد على هذا الدافع الوطني والقومي والأخلاقي.

وعمّا تفعله الوزارة بحق المدرسين الذين يعطون الدروس قال: توجيهات السيد الوزير والوزارة تؤكّد دائماً على محاربة الدروس الخصوصية، وأي مخالفة لها يتعرض صاحبها للعقوبة، فهناك قرارات صريحة وواضحة من الوزارة بمنعها. وهي تترك أثراً على أداء المدرس في المدرسة، فأي شكوى تردنا بهذا الخصوص نحقق فيها، ويحال المدرس إلى دائرة الرقابة الداخلية في حال ثبت ذلك. نحن ضد الدروس الخصوصية. 

وأضاف: لم أتلق أي شكوى حتى هذه اللحظة بأن هناك أساتذة لا يقدّمون ما لديهم من إمكانات أثناء الحصة الدرسية، وفي حال وصول أي شكوى بهذا الخصوص نحقق فيها، وهناك موجهون اختصاصيون لمتابعة هذه الأمور. وقد قمنا في هذا العام بزيارات ميدانية حسب توجيهات السيد الوزير إلى المدارس بشكلٍ يومي من أقصى قرى الريف حتى تجمعات البدو. ومن خلال اجتماعاتنا مع المدرسين ومديري المدارس نتلو عليهم تعليمات الوزارة ونسعى دائماً لإعطائهم المثل والتعليمات حول هذا الموضوع.

وعن استقبال المعاهد الخاصة لكافة الدروس قال: هي مرخّصة للغات فقط، وهناك مراقبة من "دائرة التعليم الخاص" على المعاهد الخاصة، وهي تعمل ضمن المعقول.

وقال ردّاً على الادعاء الذي ذكره بعض المدرسين: لا توجد أي خطة مدبرة من الوزارة أو غيرها لتكثيف المناهج حتى يجبر الطلاب على أخذ الدروس الخصوصية. فالمنهاج موزع بخطة درسية على مدار السنة والشهر والأسبوع وذلك من قبل المناهج في الوزارة، فهذا الادّعاء لا أساس له من الصحة.

وعن تصور الوزارة لحل جذري لظاهرة انتشار الدروس الخصوصية قال: تسعى الوزارة الآن من خلال مشاريعها المختلفة والمتعددة لتطوير التعليم. وأهمها: مشروع تطوير مناهج التعليم، وقد حددت لجان التأليف، ومن خلال المعايير الوطنية تسعى الوزارة حالياً إلى تبسيط المناهج، والانتقال من "التعليم" إلى "التعلم" بوسائل متقدمة ومتطورة، وتسعى الآن إلى تأهيل المدرس من خلال التعليم المفتوح والدورات المتلاحقة والمستمرة. 

وأضاف: من يزور وزارة التربية ويطلع على مشاريعها يجد بأنها ورشة عمل متكاملة في كافة المجالات من رياض الأطفال وتطوير المناهج والتعليم المفتوح والقناة الفضائية. وأجد أن "القناة الفضائية" علاج لهذه الظاهرة. 

كلمة أخيرة..

هناك احتمالان: إمّا أن الوزارة ليست في صورة الوضع الحقيقي للمدرسين والطلاب ومستوى انتشار الدروس الخصوصية وخطورة آثارها الاقتصادية والتربوية والاجتماعية أو أنها ببساطة تتغاضى عن هذا الواقع الذي يصعب تغييره رأفةً بأحوال المدرسين والطلاب على حد سواء، وهو الاحتمال الأقرب. وبانتظار الحل المنشود الذي يعكف المختصون على إخراجه إلى حيز الوجود كما ذكر لنا أكثر من مسؤول وتربوي فستبقى الأسر السورية بين مطرقة أسعار الدروس الملتهبة وسندان الوجاهة الاجتماعية. وانطباعنا أن المشكلة لا يتوقف حلها على وزارة التربية وحدها، فإذا لم يتحسن الوضع المعيشي للمعلم بما يتناسب مع رسالته التربوية السامية التي من المفروض أن ينذر نفسه لها سيظل قطاع التعليم بأسره مفتوحاً على أرياح الكسب والتجارة التي باتت تهبّ في كل اتجاه، وسيسقط في النهاية رهينة بيد سوق العولمة التي لا ترحم.

عكس السير - هند النداف


التعليقات :
خليها على الله
(0)   (0)
لماذا نفعل مثل النعامةنخفي رأسنا بالرمل ونظن بأن لاأحد يرانا .ياأخوان التعليم في المدارس والجامعات الحكوميةبدأ ينحدر بسرعة بعد وجود ماسمي بالمدارس والجامعات الخاصة وراتب المعلم الضئيل .وللعلم وهذه حقيقة يعرفها الجميع عدا السيد وزير التربية؟؟؟ أن 90% من تلاميذ المدارس العامة يدرسون اما عند استاذ خاص أو في معهد وذلك تبعا للقدرة المادية وذلك بهدف الحصول ولو على علامة واحدة زيادة تساعده على دخول الجامعة الحلم ؟؟؟
مخبري
(0)   (0)
اذا كان البديل حسب رأي وزير التربية اقامة دورات تدريبية لجميع الطلبة بمن فيهم الاحرار في مدارسه مقابل مبلغ بسيط .فقد كانت هناك تجارب سابقه وفاشلة بالدورات التعليمية التي أقامتها وزارة التربية بالتعاون مع اتحاد شبيبة الثورة والاتحاد الوطني للطلبة فهل سنعيد هذه التجربة والحبل عالجرار .لأن الطلاب حقل تجارب ؟؟
حلبية حرة
(0)   (0)
لازم نتقبل الواقع و نفهم انو هالمشكلة سببها الفسااد بمديريات التربية و خصوصا المدراء يلي مفكرين انو شغلتهم سلطة و تسلط على العباد و ما عم يتحملو مسؤلياتهم أو يعزبو حالهم بالتفكير ليش هيك عم يصير كرمال الله يعني لازم تخرب البلد و نعمل مظاهرات و نتعرض للسجن و الاعتقال حتى تحسو بعزاب العالم و مشاكلها
أضف تعليقك :
الاسم : *
التعليق : *
Keyboard لوحة مفاتيح عربية
ضع الكود الموجود بالصورة : *

مقالات أخرى من " ماشيين غلط "

11-3-2015
مستشار القائد العام للحرس الثوري : قادتنا العسكريون حرروا 85 % من الأراضي السورية
قال مستشار القائد العام للحرس الثوري الإيراني، اللواء حسين همداني، إن "القادة العسكريين الإيرانيين قد حرروا 85% من ...


11-3-2015
السلطات قامت بتصفية مجموعات عائدة إلى البلاد .. الحزب الشيوعي يكشف عن صينيين يقاتلون في صفوف " داعش "
أفاد أمين عام "الحزب الشيوعي الصيني" في منطقة شينغيانغ غرب الصين بأن متطرفين صينيين انضموا إلى تنظيم "داعش"، ...


11-3-2015
تهريب أسلحة و كوكايين .. السجن 16 عاماً في نيويورك لنجل رئيس " سورينام " بتهمة مساعدة حزب الله
حكمت محكمة في نيويورك الثلاثاء على نجل رئيس سورينام بالسجن لأكثر من 16 عاما بتهمة محاولة تقديم الدعم ...


10-3-2015
محكمة فرنسية تحكم بالسجن 3 سنوات على رجل ساعد فتاة أرادت الذهاب إلى سوريا للانضمام إلى " داعش "
 اصدرت محكمة باريسية الثلاثاء حكما على رجل بالسجن ثلاث سنوات لانه ساعد فتاة في الرابعة عشرة من عمرها ...


10-3-2015
مع تدهور الأوضاع الأمنية في الداخل اللبناني .. الشرق الأوسط : " حزب الله " بين المعركة و الحل السياسي في سوريا
لا يبدو «حزب الله» المنهمك حاليا بمعارك سوريا وخصوصا تلك المحتدمة على الجبهة الجنوبية وبالتحديد في مثلث القنيطرة ...


10-3-2015
الشبكة السورية لحقوق الإنسان : طائرات التحالف تسببت بمقتل أكثر من 100 مدني في سوريا
  أفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أن قصف قوات التحالف الدولي على تنظيم داعش، ضد مواقع التنظيم ومواقع أخرى ...


9-3-2015
مستشار الرئيس الإيراني : عدنا " إمبراطورية " كما كنا .. و عاصمتنا الآن هي بغداد
قال علي يونسي، مستشار الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إن "إيران اليوم أصبحت امبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها ...


9-3-2015
صحيفة : دمشق القديمة تتحول لـ " مربع أمني " لحزب الله
  بعد تفجير حافلة تقل شيعة لبنانيين بالكلاسة بالقرب من سوق الحميدية وسط دمشق مطلع شهر شباط الماضي، بات ...