لا يبدو أن رياح الائتلاف السوري المعارض وهيئة التنسيق الوطنية تمضي كما تشتهي سفن الحكومة الروسية، في اللقاء المزمع عقده بين 26 و29 يناير (كانون الثاني) المقبل بموسكو. فقد سلم القنصل العام الروسي في إسطنبول ألكسي أرخوف يوم أمس الأربعاء دعوات لـ5 من أعضاء الائتلاف السوري المعارض وهم رئيسه هادي البحرة، وعبد الأحد أسطيفو، وبدر جاموس، وعبد الباسط سيدا وصلاح درويش. إلا أن نية الائتلاف تتجه على الأكثر إلى رفض الدعوة التي لم تتعامل مع الائتلاف وفضلت التعامل مع أفراد.
وأشار بدر جاموس الذي شارك باللقاء مع القنصل الروسي، إلا أنه تم إبلاغه بأكثر من ملاحظة لدى الائتلاف على المؤتمر وخصوصا لجهة اختيار المعارضين وعدم التحضير الجيد لإتمامه، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نتوقع أن يكون مجرد مؤتمر إعلامي لن ينجح، وقلنا للقنصل إننا نفضل تأجيله، خصوصا وأننا منكبون حاليا على محاولة تقريب وجهات النظر بيننا كقوى معارضة سعيا للخروج بورقة مشتركة تُطرح على طاولة أي مفاوضات مرتقبة مع النظام».
وفيما لمح جاموس إلى توجه لدى أعضاء الائتلاف الـ5 بعدم المشاركة في المؤتمر، «كون الذهاب إليه سيكون غير مجدٍ ولسنا بوارد المشاركة بمزيد من المؤتمرات الفاشلة»، توقع أن تتم مناقشة الموضوع باجتماع الهيئة العامة للائتلاف في الثاني من الشهر المقبل. وأضاف: «نحن نسعى لمؤتمر يدفع العملية السياسية إلى الأمام وإلى خطوات عملية وحقيقية في هذا المجال غير متوافرة بمؤتمر موسكو».
أما عبد الأحد أسطيفو عضو الائتلاف وأحد من تسلموا الدعوة الشخصية عبر البريد الإلكتروني، فقد قال في اتصال لـ«الشرق الأوسط» معه بمقر إقامته ببروكسل، إن هناك تحفظين كانا أثيرا في اللقاء مع نائب وزير الخارجية الروسي قبل فترة قريبة في إسطنبول، إن مجرد الدعوة العامة دون ورقة واضحة، لا يمكن البناء عليها. ويتابع بالقول إنه إذا كان الهدف لقاء سوري - سوري فالمعارضة السورية تلتقي وكان آخر لقاء لها في القاهرة. ويوضح أكثر بالقول إن الائتلاف محرج أمام ناسه وحاضنته الشعبية في الذهاب دون هدف واضح، إذا كان يمكن إثبات نيات حسنة من الحكومة الروسية قبل الاجتماع، كونها دولة كبرى وتساند النظام، لو أنها ضغطت عليه لوقف البراميل مثلا، أو الإفراج عن المعتقلين السياسيين السلميين وبينهم 4 محسوبين على معارضة الداخل، لم يحملوا السلاح ولا نادوا بالعنف، وطالبوا بالتحول الديمقراطي والانتقال التدريجي للسلطة، وهم عبد العزيز الخير، ورجاء الناصر (وكلاهما من هيئة التنسيق)، ولؤي حسن رئيس تيار بناء الدولة، وغابرييل موشي رئيس المكتب السياسي للمنظمة الآثورية الديمقراطية.
وحملت الدعوة الرسمية التي وصلت باسم الخارجية الروسية فقط لا باسم الوزير، وكانت مكتوبة باللغة الإنجليزية، تصورات عامة لا تعد بنودا تصلح لمؤتمر، من مثل إن روسيا مع وحدة الأراضي السورية وتؤكد تضامنها مع آلاف الشهداء والضحايا وضرورة وقف شلال الدم هناك. وإدانة الإرهاب الدولي وكل أنواع التطرف في سوريا والشرق الأوسط، كذلك تأكيد الروس على أن السوريين هم الذين يمكن أن يحلوا مشكلاتهم، وأنه لا حل للأزمة في سوريا إلا بالحل السياسي المبني على بنود «جنيف 1» والمبادرات الدولية، مثل مبادرة دي ميستورا.
أما برنامج الدعوة فتوزع على لقاءات على مدى يومين بين المعارضة (معارضة داخل + معارضة خارج + مجتمع مدني)، ثم يوم استراحة، ويومين آخرين خصصا للحوار بين المعارضة والحكومة السورية.
أما لجهة قرار «هيئة التنسيق» المشاركة بالمؤتمر أو عدمها، فشدد جاموس على أن الأمر يعود إليها حصرا، «لكننا نعتقد أنهم يشاركوننا التوجه عينه»، نافيا أن يكون قد تم تحديد موعد لمؤتمر عام لقوى المعارضة السورية يُعقد في القاهرة، لافتا إلى أن الجهود لا تزال تنصب على إتمام ورقة مشتركة قبل تحديد موعد المؤتمر.
وكانت المتحدثة باسم مبعوث الأمم المتحدة الخاص بسوريا ستيفان دي ميستورا، قد أعلنت في وقت سابق أنه سيكون ممثلا في محادثات بشأن سوريا في موسكو في الفترة بين 26 و29 من يناير.
ويبدو أن القوى الأساسية في المعارضة، أي الائتلاف وهيئة التنسيق يسعيان إلى اتخاذ قرار موحد من المشاركة بمؤتمر موسكو، وهو ما لمح إليه أمين سر هيئة التنسيق ماجد حبو الذي أكد أنه لن يتم الذهاب إلى موسكو بشكل فردي، «فإما تكون مشاركة جماعية من قوى المعارضة أو عدم مشاركة جماعية.. نحن لن نذهب منفردين».
وقد كثف الائتلاف وقوى المعارضة الأخرى وخصوصا هيئة التنسيق اجتماعاتهم أخيرا وبدأ الحديث عن تفاهم بينهم على «رؤية واضحة للحل وخريطة طريق تحت مظلة (جنيف) تتحدث عن هيئة انتقالية، وتوكل إلى المجتمع الدولي مهمة طرد الكتائب المتطرفة من سوريا، التي تقاتل إلى جانب المعارضة والنظام على حد سواء».
ورفض حبو في تصريح لـ«الشرق الأوسط» حسم موقف الهيئة من إمكانية المشاركة في مؤتمر موسكو، مشددا على أن اللقاءات التي تُعقد بين قوى المعارضة في القاهرة هي الأساس. وأضاف: «هناك أكثر من ملاحظة على المؤتمر المرتقب في موسكو وقد أبلغناها للمعنيين، وأبرزها، توجيه الدعوات بشكل شخصي، وعدم إعطاء الضمانات المطلوبة لإنجاح المؤتمر، والسعي قبل الذهاب لبلورة رؤية موحدة للمعارضة لحل سياسي في سوريا».
واعتبر أنه لا يزال هناك وقت قبل حسم قرار المشاركة أو عدمها، مشددا على وجوب الإعداد الجيد، «لأننا بصدد فرصة تاريخية للتقارب بين قوى المعارضة لإعداد حل سياسي يصلح للحياة».
وكانت «الشرق الأوسط» نقلت في وقت سابق عن مصادر فرنسية رسمية قولها أن «المبادرة» الروسية التي تروج لها موسكو والقائمة على جمع ممثلين عن المعارضة والنظام للنظر في إمكانية التفاهم على حل سياسي «يشوبها الغموض وفقدان الرؤية الواضحة» بالنسبة لمسائل أساسية لا يمكن من دونها الحديث عن مبادرة «جدية».
وقالت المصادر ذات العلاقة المباشرة بالملف السوري وبتطوراته إن «الحلقة الناقصة» في الأفكار الروسية المطروحة، هي «فقدان الضمانات الجدية» لجهة التزام موسكو بحمل النظام السوري على تنفيذ ما قد يتفق عليه من جهة، والتصور «العملي» للمرحلة الانتقالية التي «يمكن تصور حل سياسي من دونها». وأعربت المصادر عن تخوفها من مسعى روسي لـ«تهميش الائتلاف وتقوية الجماعات المعارضة المرتبطة بموسكو».
عكس السير