دخل نفوذ تنظيم داعش في سوريا، مرحلة الانحسار، بعد تراجعه في كوباني التي خسر فيها المدينة و30 قرية محيطة بها خلال أسبوع، وبدأ بالتراجع في الحسكة ومطار دير الزور العسكري، وسط تحضيرات فصائل في الجيش السوري الحر لإطلاق معارك ضده في ريفي الرقة وحلب حيث يتمتع بنفوذ واسع.
وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن نفوذ تنظيم داعش بدأ بالانحسار منذ خسارته معركة كوباني، مشيرا إلى أن وجوده في ريفها يقتصر على عدد قليل من العناصر في القرى، وهو ما أسهم في انهياره وفقدانه السيطرة على 30 قرية خلال 7 أيام، مشددا على أن «ما بدأ في كوباني، أنهى حالة الإحباط السابقة التي سادت كتائب ثورية»، مما يشير إلى أن إمكانية امتداد المعركة إلى مناطق نفوذ «داعش» في ريف حلب الشرقي، وريف حلب الشرقي الشمالي، وريف الرقة، بات قريبا.
وكان تنظيم داعش يسيطر على 356 قرية في ريف كوباني، إلى جانب قسم كبير من المدينة، قبل أن يبدأ تراجعه الأسبوع الماضي، وفقدانه أمس 30 قرية في ريفها، في معارك تخوضها وحدات حماية الشعب الكردي ووحدات حماية المرأة الكردية، بمشاركة فصائل من الجيش السوري الحر. ويقاتل هؤلاء جنبا إلى جنب في المعارك التي اتسعت إلى ريف كوباني.
وأكد المرصد السوري في بيان أصدره أمس، أن وحدات حماية الشعب الكردي واصلت تقدمها بريف مدينة كوباني، حيث تمكنت إلى جانب لواء ثوار الرقة والكتائب المقاتلة، من التقدم في الأرياف الشرقية والجنوبية والغربية والجنوبية الغربية للمدينة والسيطرة على المزيد من القرى، ليرتفع العدد إلى أكثر من 30 قرية استعادت السيطرة عليها، فضلا عن حزام بعرض 10 كيلومترات عن المدينة، وسط فرار لعناصر تنظيم داعش من مناطق الاشتباك في ريف المدينة.
ويقول ناشطون سوريون إن لواء ثوار الرقة، الذي كان جزءا من جبهة النصرة في السابق، قبل أن ينشق عنها، يعد رأس الحربة في القتال ضد «داعش» إلى جانب القوات الكردية، وسط معلومات عن أن هذا الفصيل سينقل المعركة إلى ريف الرقة قريبا، كما قال مصدر سوري معارض لـ«الشرق الأوسط». وإضافة إلى ذلك، بدأت مؤشرات على نقل المعركة إلى مدينة جرابلس في شمال شرقي حلب، الحدودية مع تركيا من الشمال، ومع كوباني من جهة الشرق، بهدف طرد التنظيم من المنطقة. وتعتبر فصائل الجيش السوري الحر، من أبرز الكتائب المقاتلة التي تسعى لنقل المعركة إلى معقل نفوذ «داعش» في الرقة وشرق حلب.
ويشير مسؤولون أكراد إلى امتعاض النظام السوري من النتائج التي حققتها القوات الكردية ومقاتلي الجيش السوري الحر في كوباني، «كونها أظهرت أننا قادرون على محاربة الإرهاب وتسجيل انتصارات على (داعش) بمعزل عن النظام»، بحسب المتحدث باسم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في أوروبا نواف خليل لـ«الشرق الأوسط»، مستندا إلى تصريح وزير الخارجية السوري وليد المعلم بعد تحرير كوباني، الذي قال فيه إنه «يجب عدم السير خلف الأوهام». وقال خليل: «هذه التصريح كان بمثابة إعلان أن التقدم في كوباني أحرجه، كما أنه امتعض من تعاوننا مع التحالف الدولي وقوات البيشمركة العراقية لمحاربة الإرهاب، فيما رفض التحالف التنسيق معه». واتهم خليل النظام السوري بأنه «لا يرضى بشريك في محاربة الإرهاب، كون طبيعة النظام لا تحتمل شركاء».
وتشير الاشتباكات التي اندلعت بين القوات الكردية والقوات الحكومية في الحسكة، الأسبوع الماضي، إلى التباين بين الطرفين، يضاف إلى تباينات أخرى كانت ظهرت على نطاق واسع في الانتخابات الرئاسية السورية، حيث لم يسمح الأكراد بإجراء عمليات الاقتراع في مناطق نفوذهم في عفرين وكوباني وبعض مناطق الحسكة، في يونيو (حزيران) الفائت، كما يقول مسؤولون أكراد.
وفي الحسكة (شمال شرقي سوريا)، يسجل تراجع نفوذ «داعش» أيضا، إذ أكد ناشطون أن التنظيم تراجع جراء اشتباكات مع قوات النظام في بعض المناطق في الحسكة، كما يخوض اشتباكات مع قوات كردية في المناطق المتاخمة لنفوذها في المنطقة، علما أن الأكراد كانوا طردوا «داعش» من مناطق واسعة في تل حميس في وقت سابق. وتحقق التقدم على «داعش» في عدة قرى تقع في جنوب والجنوب الغربي للمحافظة.
وقال مدير «المرصد السوري» لـ«الشرق الأوسط»، إن «النظام حقق التقدم في مناطق نفوذ (داعش)، بمشاركة مقاتلين من العشائر العربية الذين يقاتلون إلى جانبه، فيما المعارك بين القوات الكردية و(داعش) لا تزال محصورة في المناطق المتاخمة لنقاط وجود وحدات حماية الشعب الكردي في الحسكة». وبقيت مناطق نفوذ «داعش» في مركدة والشدادة بريف الحسكة الجنوبي، خاضعة لنفوذ «داعش»، في حين تتعرض لقصف متقطع بين الحين والآخر.
وانسحب المشهد على مناطق نفوذ «داعش» في دير الزور، إذ أكد رامي عبد الرحمن أن نفوذه بدأ بالتراجع على جبهة المطار العسكري حيث «تجمدت قوته على الهجوم، وتراجع في محيط المطار»، في حين تسود مناطق توتر أمني في مناطق سيطرة التنظيم في مدينتي البوكمال والميادين.
وأفاد المرصد السوري أمس بتواصل الاشتباكات بين قوات النظام المدعومة بقوات الدفاع الوطني الموالية لها من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى، في محيط مطار دير الزور العسكري، ترافق مع تنفيذ الطيران الحربي 4 غارات على مناطق في قرية الجفرة المحاذية للمطار.
وفي ذات السياق، واصلت طائرات التحالف قصفها أمس مواقع نفوذ «داعش» في دير الزور، إذ استهدفت حقل العمر النفطي في ريف دير الزور الشرقي الخاضع لسيطرة التنظيم.
عكس السير