إعلانات
إرادة الحياة والحب دفعهما إلى بناء أسرة .. طه و إيمان كفيفان جمعتهما أول نغمة وتر
الاربعاء - 20 تشرين الاول - 2010 - 17:51 بتوقيت دمشق
التفاصيل

لا تعرف الحياة حدودا في عطائها لمن يمتلكون إرادة الحياة والحب ومواصلة مشوار العمر بعزيمة واقتدار على المحن والصعوبات هي حال الكفيف طه رابعة الذي قهر الظلام بالأنغام وتحدى العمى فانتصر عليه بالبصيرة وتحدى الفقر فاصبح غنيا بثروة المعرفة .

وبرغم أنه ضرير لا يبصر النور إلا أن قلبه رأى النور من خلال قصة حب جمعته مع زوجته الكفيفة إيمان تعود إلى أيام معهد المكفوفين بدمشق عندما ذهبت إيمان للدراسة فيه للحصول على الشهادة الابتدائية لتجمعهما الموسيقا وحبهما للفن حيث كان طه يدرس طلبة المعهد مادة الموسيقا .

واستطاع طه بعزفه البارع على العود ايصال مشاعره النبيلة إلى القلب الذي خفق له حبا واحتراما من أول نغمة وتر هذه المرة و ليس من اول نظرة على خلاف كل قصص العشق والغرام فأنجبا ثلاثة أطفال أصحاء وهم متفوقون دراسيا يشكلون مستقبل هذه الأسرة ونورها بعد أن انطفأ نور العيون ليشع نور العقل والقلب حبا وحنانا من الوالدين الكفيفين لأطفالهم في أسرة تتسم بالبساطة في العيش والقناعة والرضى .

وعاش الزوجان الكفيفان طه رابعة 43 عاما وزوجته إيمان 40 عاما في غرفة صغيرة تتسع لهما ولأطفالهما الثلاثة تتبع لها غرفة أصغر منها استخدمتها العائلة كمطبخ قبل ان يقدم لهما أحد المحسنين من محافظة حمص بيتهم الجديد الذي يعيشون بحب وتفاهم واحترام .

ويعرف أهالي قرية الغنطو10 كم شمالي حمص قصة طه الكفيف وزوجته الكفيفة حيث تجمعهما وحدة الحال فلا يتأخر أحد عن مساعدته والإحسان إليه وإلى أطفاله الثلاثة عمار 9 سنوات وعبير 7 سنوات وريم 5 سنوات .

وعن قصة فقدانه البصر يقول رابعة إنه عندما كان في الصف التاسع وجد أخاه سلكا في نهايته كبسولة لم يدرك أن العبث بها سيفقده البصر مدى الحياة فعند محاولته وصل السلك بالميكرفون الخاص بالمسجلة فانفجرت الكبسولة التي كانت تحوي مادة الديناميت المتفجرة ليلتحق بعدها بمعهد المكفوفين في دمشق و يتابع تحصيله العلمي إلى أن وصل إلى السنة الثالثة في كلية الآداب قسم اللغة العربية لكنه لم يتابع دراسته الجامعية لاسباب عدة منها وضعه المادي وعدم حصوله على عمل يؤمن له مصروف الدراسة الجامعية.

ويضيف رابعة أنه لم يفقد الأمل خلال رحلة بحثه عن عمل لمدة عشرين عاما حيث انه قادر على العطاء وأن اعاقته لم تمنعه يوما من العمل وما زال لديه الامل بإيجاد فرصة عمل بعد أن قابل الجهات المعنية بالمحافظة حيث لم تفلح الجهود سوى بتأمين عقد عمل في المركز الثقافي بقريته الغنطو لمدة ثلاثة أشهر غير قابلة للتجديد الأمر الذي انعكس سلبا على حالته النفسية.

ويشير رابعة إلى عشقه للموسيقا واتقانه العزف على آلة العود حيث يعزف بالسهرات وخلال قضاء وقت الراحة مع أسرته لخلق جو حميمي دافئ ألحانا وأغاني جميلة تملأ البيت سعادة وبهجة وربما بعض الأسى والحزن على مبدأ الشاعر الألماني شيلر ان أجمل أغنياتنا هي تلك التي تحكي أكثر الافكار حزنا .

بدورها تقول الزوجة إيمان إنها فقدت البصر تماما في سن صغيرة بالرغم من أنه لا يوجد في العائلة أي حالة سابقة مضيفة أنها تتصرف في كثير من الأحيان كالمبصرين وتنسى أنها كفيفة حيث تقوم بواجباتها المنزلية بشكل كامل ومثالي .

وتشير إيمان إلى أن وقوف أمها إلى جانبها في بداية حياتها الزوجية ساعدها كثيرا حيث وجدت صعوبة خلال الاسبوع الأول من انجابها ما لبثت أن تعودت على الاهتمام بأطفالها دون مصاعب اوعوائق تذكر لافتة إلى دور أهل زوجها في شراء الحاجيات البيتية .

وتضيف إيمان أنها اليوم بفضل أطفالها الذين كبروا تستطيع الخروج والتنزه برفقتهم بعد أن كان من الصعوبة بمكان التنقل بهم وهم صغار دون سن الخامسة حيث أصبح عمار 9 سنوات رفيقا حقيقيا لي ولوالده ونعتمد عليه ونسأله في الكثير من الأمور موضحة أنها تشعر بالسعادة الغامرة ضمن عائلتها الصغيرة التي يحدوها الأمل في إيجاد فرصة عمل للزوج تشعرها وأطفالها أنها كباقي الأسر لديها مرتب شهري .

من جهته قال عبد المنعم الكنج مدير مكتب الخدمات الاجتماعية في محافظة حمص إن للمحافظة دورها الانساني الكبير من خلال تقديم الخدمات الانسانية والدعم المادي اللازم ضمن الامكانيات المتاحة من خلال متابعة هذه الأسرة باهتمام حيث خصصت بمرتب شهري قدره 5 آلاف ليرة سورية كما تقدم جمعية البر والخدمات الاجتماعية في قرية الغنطو مبلغا أقصاه ألفا ليرة شهريا اضافة إلى تبرعات بعض المحسنين بالمحافظة .
 

عكس السير - سانا


التعليقات :
نووورررر
(0)   (0)
قصة مؤثرة فعلا.
تفضلوا اقرو يا اولاد الاكابر...اللي عندكون كل شي...مؤمن حياتكن على اخر طراز..و مع ذلك منكن رضيانين لانو الرفاهية و الترف بالحياة معمي قلبكن و لو حتى كنتوا مفتحين العيون..
خلي هالقصة تكون عبرة لكل واحد عندو كل شي و ما بيعرف قيمتو..
الله يتلطف على هلعيلة الكريمة و المستورة و يوفق كل من بيمد ايدو لمساعدتن.
ZEZO
(0)   (0)
أحلا ناس يا ريت كلنا مكفوفين بس نعامل بعض هيك
علاء
(0)   (0)
ممياز الله يديمن لبعض
عبدالله
(0)   (0)
فقدوا البصر و لكنهم لم يفقدوا البصيره
أتمنى التوفيق لهم
أضف تعليقك :
الاسم : *
التعليق : *
Keyboard لوحة مفاتيح عربية
ضع الكود الموجود بالصورة : *

مقالات أخرى من " حلوة يا بلدي "

6-3-2014
ستون عاماً من العطاء : عصائر " أبو شاكر " الأشهر في سوريا .. قصة تعبق برائحة الشام ( فيديو )
  عكس السير ...


10-8-2013
مرافق ومراسي جبلة القديمة.. شواهد على حواضن تاريخية لحماية السفن والبحارة من العواصف
جبلة تلك المدينة الوادعة النابضة بالحياة والتي احتفظت من ماضيها القديم بأوابد تاريخية ومعالم أثرية يدل عليها العديد ...


19-7-2013
بين الهواية والاحتراف.. الصيد البحري مهنة متوارثة تحدد مردودها الخبرة والصبر
اعتاد كثير من المواطنين في مدينتي طرطوس وبانياس على ممارسة حرفة أو هواية الصيد البحري حيث يقومون بنصب ...


19-7-2013
الأطباق القشية.. منتجات تراثية عريقة تزين جدران المنازل التقليدية في الساحل السوري
رغم إنكفاء الأشغال التراثية والصناعات التقليدية الفلكلورية بفعل انتشار الصناعات الحديثة وتنوع منتجاتها إلا أن بعض المشتغلين في ...


9-7-2013
معلولا.. عبق التاريخ ونفحات من القداسة تفوح من حضارة عمرها آلاف السنين
في قلب صخور القلمون تصطف بيوتها القديمة الاثرية كالعقاب في وكره لتحكي قصصا لا تنتهي عن تاريخ عمره ...


14-3-2013
مدينة إنخل .. رصيد تاريخي تروي تاريخ المنطقة والحضارات المتعاقبة عليها
على بعد 55 كم من مدينة درعا و45 كم جنوب مدينة دمشق تقع مدينة إنخل التي يضعها الباحثون ...


13-3-2013
فن الخزف.. أتقنه السوريون فأضحى موهبة وهواية " تقرير مصور "
لأن الخزف فن خالد .. تكاد لا تخلو أي حضارة من الحضارات الإنسانية من ممارسته حاولوا تعلمه والغوص ...


31-1-2013
" نهر الشهداء " قويق بين الماضي والحاضر (تقرير مصور)
لنهر قويق" حكاية طويلة مع مدينته المحبوبة "حلب" فهو شاهد على كل الأحداث التي مرت على المدينة بل ...