إعلانات
بين الهواية والاحتراف.. الصيد البحري مهنة متوارثة تحدد مردودها الخبرة والصبر
الجمعة - 19 تموز - 2013 - 23:10 بتوقيت دمشق
التفاصيل

اعتاد كثير من المواطنين في مدينتي طرطوس وبانياس على ممارسة حرفة أو هواية الصيد البحري حيث يقومون بنصب شباكهم أو رمي صناراتهم في مياه البحرعلى طول الشاطئ المقابل للمدينتين.

بعض الأهالي ينظرون إلى الصيد على أنه "كار" يتوارثه الأبناء عن الآباء وآخرون يرون فيه رياضة روحية كما أنه مصدر رزق للبعض الآخر وهواية اعتاد عليها المسنون.

وعلى متن قاربه الخاص يخوض الصياد صالح نوح عرض البحر في كل يوم مع بزوغ فجر جديد لتامين قوت يومه فالصيد بالنسبة له حرفة تعلمها من والده الذي قضى حياته يمارسها ليؤمن له ولأخوته لقمة العيش حتى تحولت إلى مصدر دخل مستمر يعتمد عليه لافتا إلى أن قرب منزله من الشاطئ كان سببا رئيسيا لتعلقه بهذه الحرفة التي تحولت إلى مهنة يتقنها على الرغم من المخاطر والصعوبات التي يتعرض لها أثناء عملية الصيد.

ويشير إلى أن عائلته بأكملها تعمل في مجال الصيد البحري وبمختلف اشكاله وخاصة الصنارة والأقفاص حيث مكنتهم خبرتهم في مجال الصيد البحري من معرفة خفايا وأسرار هذه المهنة وهم يدركون الأوقات التي تكون فيها الرحلة البحرية مثمرة.

ويضيف "الصياد الذي يعتمد في لقمة عيشه على البحر لا يمكنه أن يعمل في أي مهنة أخرى وليس بالإمكان الاستمرار في عملية صيد الأسماك في مختلف فصول السنة حيث من الواجب أن يتوقف الصيد في مرحلة التكاثر و يتحول للبحث عن أنواع أخرى منها الأخطبوط الذي يكثر تواجده في المياه في شهري حزيران وتموز.

ويؤكد أن المرعى الصخري النظيف في منطقة الخراب بمدينة بانياس هو بيئة مناسبة لتكاثر الأخطبوط الذي يتواجد بشكل وفير مع العلم بأن مردوده الاقتصادي جيد لكن سوقه الأساسي هي "اليونان" وهذا ما يجعل من صيده ذا جدوى اقتصادية متناسبة طردا مع تعب وعناء الحصول عليه من البحر موضحا أنهم يقومون بشحنه إلى قرية المنطار جنوب مدينة طرطوس ومنها إلى اليونان.

وعلى الشاطىء الصخري لساحل مدينة بانياس يرى الكثير من الصيادين الذين لا يملكون قوارب صيد يحملون صناراتهم لصيد ما تيسر لهم من ثمار البحر ومنهم الصياد يوسف بدور الذي دأب في وقت متأخر من عمره على صيد الأسماك إذ يرى في هذا العمل فرصة لقضاء وقت ممتع بجانب البحر والاستمتاع بمنظره إضافة إلى تأمين وجبة طازجة من السمك للعائلة لافتا إلى أن غلاء أسعار الأسماك في السوق هو من الأسباب التي دفعته لتأمينها لأفراد أسرته بشكل شخصي.

 وإلى جانب كون مهنة الصيد البحري فرصة عمل لأبناء الساحل السوري بشكل عام فانه يرافقها أيضا عمل آخر وهو مهنة رتي الشباك البحرية التي تستخدم في صيد الأسماك وهذا حال الصياد علي ملحم الذي أمضى سنوات في متابعة مهنة الصيد وما يتعلق بها.

وبرأيه على كل صياد أن يقوم بمعاينة شباكه قبل وبعد كل رحلة صيد حيث من المحتمل أن تتعرض للتخريب بفعل بعض الأسماك الكبيرة أو الصخور العالقة في المياه وهنا يجب مراقبة الشباك والبحث الدائم بين خيوطها وفتحاتها لاكتشاف المناطق المهترئة وإصلاحها لتحافظ على جودتها وقدرتها على اصطياد الأسماك بأنواعها وأشكالها المختلفة موضحا أن عملية إصلاح الشباك مهمة صعبة وتحتاج إلى عينين ثاقبتين وخبرة وصبر لذلك يسمونها مهنة العجائز وأدواتها بسيطة أبرة معدنية كبيرة تسمى "نساجة" وخيوط خاصة.

وفي جزيرة أرواد حكايات أخرى للصيد أكثر تشويقا ومتعة فسكان الجزيرة يعيشون في قلب البحر الذي يمثل كل حياتهم حيث يتابع محمد بهلوان الرجل السبعيني عمله في صيد الأسماك بواسطة الخيط وهو ما يسمى بلغة سكان الجزيرة المحليين "الشحطاطة".


ويوضح أنه ينزل إلى البحر مستخدما قاربه أو ما يعرف بـ "اللنش" حيث يمارس الصيد كهواية بعد أن تجاوز الخامسة والسبعين عاما قضاها في عرض البحر باحثا عن رزقه بكل متعة مشيرا إلى أهمية أن يحب الإنسان عمله ويتقنه مهما كان نوعه ليضمن من خلاله استمرار حياته واستقرار معيشته.

ويضيف إن سكان الجزيرة كانوا يصطادون منذ ما يقارب 25 عاما الإسفنج إلى جانب أنواع مختلفة وكثيرة من الأسماك لكن الإسفنج انقرض بسبب استخدام بعض الصيادين للديناميت في عملية الصيد الأمر الذي حرمهم من مردوده الاقتصادي العالي موضحا أن أغلب الصيادين اليوم يتابعون هذه المهنة رغما عنهم فخيرات البحر تراجعت ومصروف رحلة الصيد ازداد.

ويقول فاروق بهلوان من سكان الجزيرة صياد وصانع قوارب "إن الصيد من أهم أوجه النشاط البشري في الجزيرة حيث تمارس أغلبية السكان هذه المهنة" مشيرا إلى ارتباطها بصناعة تقليدية متميزة هي صناعة القوارب الخشبية التي تتميز بجودتها العالية ومهارة صناعها ومتانتها وجمالها حتى أنها جذبت التجار من أنحاء العالم وبشكل خاص فرنسا وقبرص ولبنان.

ويتابع "أحببت هذه المهنة كما أحب أبنائي رغم التعب والخطورة لكنني لم أجرؤ أن أعلمها لأحد من أولادي لأنني أتوقع لها الانقراض في وقت قريب بسبب القرارات التي تعرقل عملنا مثل قرار منع تراخيص بناء القوارب الجديدة الذي جعلنا نضطر لشراء قوارب تالفة للحصول على الترخيص وإعادة إصلاحها الأمر الذي رفع تكاليف إنشاء القارب من خمسة آلاف ليرة سورية إلى مايقارب المئة ألف ليرة.

وختم بدعوة الجهات المعنية لمساعدة سكان الجزيرة وإعادة النظر بهذا القرار من خلال دراسة جديدة على أرض الواقع لمعاناتهم وتقديم الدعم لهم الذي يسهم في استمرار أعمالهم والحفاظ على حرفة تعد من أهم وأعرق وأقدم المهن في المحافظة وأفضلها على مستوى العالم.

عكس السير

اضغط هنا للوصول إلى صفحة عكس السير على "فيس بوك"



أضف تعليقك :
الاسم : *
التعليق : *
Keyboard لوحة مفاتيح عربية
ضع الكود الموجود بالصورة : *

مقالات أخرى من " حلوة يا بلدي "

6-3-2014
ستون عاماً من العطاء : عصائر " أبو شاكر " الأشهر في سوريا .. قصة تعبق برائحة الشام ( فيديو )
  عكس السير ...


10-8-2013
مرافق ومراسي جبلة القديمة.. شواهد على حواضن تاريخية لحماية السفن والبحارة من العواصف
جبلة تلك المدينة الوادعة النابضة بالحياة والتي احتفظت من ماضيها القديم بأوابد تاريخية ومعالم أثرية يدل عليها العديد ...


19-7-2013
الأطباق القشية.. منتجات تراثية عريقة تزين جدران المنازل التقليدية في الساحل السوري
رغم إنكفاء الأشغال التراثية والصناعات التقليدية الفلكلورية بفعل انتشار الصناعات الحديثة وتنوع منتجاتها إلا أن بعض المشتغلين في ...


9-7-2013
معلولا.. عبق التاريخ ونفحات من القداسة تفوح من حضارة عمرها آلاف السنين
في قلب صخور القلمون تصطف بيوتها القديمة الاثرية كالعقاب في وكره لتحكي قصصا لا تنتهي عن تاريخ عمره ...


14-3-2013
مدينة إنخل .. رصيد تاريخي تروي تاريخ المنطقة والحضارات المتعاقبة عليها
على بعد 55 كم من مدينة درعا و45 كم جنوب مدينة دمشق تقع مدينة إنخل التي يضعها الباحثون ...


13-3-2013
فن الخزف.. أتقنه السوريون فأضحى موهبة وهواية " تقرير مصور "
لأن الخزف فن خالد .. تكاد لا تخلو أي حضارة من الحضارات الإنسانية من ممارسته حاولوا تعلمه والغوص ...


31-1-2013
" نهر الشهداء " قويق بين الماضي والحاضر (تقرير مصور)
لنهر قويق" حكاية طويلة مع مدينته المحبوبة "حلب" فهو شاهد على كل الأحداث التي مرت على المدينة بل ...


26-3-2012
العثور على مغارة في تل عرى بالسويداء تحتوي مقبرة تعود للفترتين البيزنطية والأيوبية
اكتشفت البعثة الوطنية للتنقيب في تل عرى بمحافظة السويداء على مغارة تضم مقبرة أثرية تعود للفترتين البيزنطية والأيوبية. ونقلت ...