إعلانات
عدالة السماء.. بقلم الشيخ عبد القادر الخضر
الاربعاء - 20 حزيران - 2012 - 7:24 بتوقيت دمشق
التفاصيل

سرير نهر الفرات تزدحم فيه التجمعات السكانية والشبر من الأرض فيه مزروع أو مستثمر ويمتاز أهل ريف مدينة الرقة برقة قلوبهم وصدق عواطفهم فمشهد مؤلم يكفي لأن يجعل من مشاهده حزين ودموعه تسيل على صفحتي خده , ويتوارث الناس أعراف وقيم إجتماعية أكثر من تفقهم بالدين والشريعة الغرًاء.

وأكثر ما تميزوا به هو الرفق بالحيوان وأكثر الحيوانات الأليفة السائبة عندهم هي الحمير والكلاب والقطط , والحمير تساهم في نقل الرعاة لرعي أغنامهم ونقل بقايا المحاصيل أو الأعشاب من الحقول المزروعة بالمحاصيل المختلفة. وتلد الحمير صغارها بالبرية أو في مرابطها دون مساعدة ويولد صغير الحمير , ويغطيه الشعر الكثيف منذ ولادته لمدة سنة ليحميه من تبدلات الأحوال الجوية والظروف المناخية حتى يعتاد جلده على البيئة.

وكلن للفلاح مرعيد الخلف حقل من القمح مساحته تزيد عن خمسون دونم من الأرض ونما زرعه بسرعة يلفت نظر المار بقربه عن بقية الزروع المماثلة والمجاورة لحقله.

لم يكن مرعيد على شاكلة أقرانه من الفلاحين البسطاء السليمي الطوية , فقد ترعرع منذ نعومة أظفاره كفلاًحْ مشاكس لايوقر كبير , ولا يرحم صغير ؟ حتى أتى ذاك اليوم من شهر أيًار فقد إنفلت حمار صغير من رباطه واتى إلى حقل القمح الأخضر المملوك لمرعيد وكان الحمار الصغير يغطي جلده صوف طويل ناعم غزير وطويل الشعر.

مرً بالصدفة مرعيد بالقرب من حقله ورأى الحمار الصغير فنزل من شاحنته الصغيرة وأخرج علبة بلاستيكية ملأها من خزان شاحنته بالمازوت وجاء مسرعا" إلى الحمار وسكب عليه الديزل بحيث غطى جميع صوف جلده الغزير وابتل بالكامل وأخرجه من الحقل وأشعل شعره بالنًارْ أحسً الحيوان بحرارة النار وركض في كل الإتجاهات وهو يصارع اللهيب المشتعل بجسمه بسقوطه على الأرض لكن صوفه الغزير المشبع بالديزل إشتعل بسرعة كبيرة وخاصة أن الجو من النهار مشمس والرياحْ ساكنة , شاهد مأساة الحمار الصغير بعض الفلاحين لكنً بعد المسافة وقوة اللهب جعلت من الحمار الصغير كتلة من اللحم المشوي وانتشرت قتار رائحته في المنطقة لاكنً الملفت للنظر من هيئة الحمار في محنته كان يرفع رأسه إلى السماء ويصدر اصواتا" تعبر عن ألم فظيع واستغاثته لمن يخلصه من محنته ! سقط الحمار على الأرض بقرب مقبرة القرية صريعا" بعد أنْ شوته النيران وتفحًم عظمه !

وهناك على مقربة منه مرعيد يقف على جانب زرعه وهو يقهقه بفجاجة ويضرب جنبه بيده تعبيرا" عن هذا المنظر الذي إشتعل فيه الحمار وأحدث بنفسه شعور بالبهجة والسرور !

تلبدت السماء بغيمة أتت من جنوب القرية غيمة سوداء على الرغم من أنً اليوم كان مشمس وحار والهواء ساكن في المنطقة وأرعدت الغيمة وهطلت بمطر ممزوج ببرد ثلجي كبير وهطل المطر على حقل مرعيد ولم يتجاوز غيره وممًا زاد في تدمير حقل القمح كون الحقل يقع بمنخفض من الأرض وفيها وادي خفيف الميل جرف المطر سنابل القمح وجعلته خلال دقائق أثرا" بعد عين وجرفت السيول التي تشكلت سنابل القمح المقطوعة من حبات البرد الغزير كان الرد من السماء لذاك الحيوان الصغير فوري ! عقدت المفاجأة لسان مرعيد وهو يرى بأم عينه حقله وهو يجرف بالسيل بعد أن حصدته حبًاتْ البرد المسومة من عند رب السماء , لم يحتمل هذا المنظر مرعيد وتحامل على نفسه وقاد شاحنته بإتجاه بيته القريب وحانت منه إلتفاتة على ما تبقى من الحمار الصغير ال1ذي إلتهمته النًارْ التي اوقدها فيه

أحس بضعفه وعجزه أمام هذا الحيوان الصغير وعلم أن إثمه كبير والعقاب كان فوري من السماء , أحسً بضيق في صدره نزل من شاحنته وهمس بكلمات لأهله وارتمى بقربهم مغميا" عليه من شدة هول الكارثة التي حلت بمحصوله ركضت زوجته لتسعفه لكنًه لفظ أنفاسه بين يديها صرخت زوجته على أولادها والجوار لطلب المساعدة وأتصل الجوار بطبيب يقطن في القرية أتى الطبيب مسرعا" وفحصه وجسً نبضه وتنفسه فلم يجد أي علامة من علامات الحياة فغطى وجهه وكتب تقريره بموت مرعيد بالسكتة القلبية , حاول بعض الجوار نقله للمشفى الوطني بالرقة لاكنً ذويه إقتنعوا بتشخيص الطبيب وقاموا بغسله ومواراته التراب بمقبرة القرية القريبة من مصرع الحمار الصغير ! وكان الجزاء من جنس العمل ؟

تناقلت عيون الفلاحين ممن شهدوا مصرع الحمار وموت مرعيد بين المقبرة وبقايا الجمار الصغير واستغفروا الله وهزوا رؤوسهم باستنكار مما حدث اليوم ورددوا مالك أبْ إلك ربْ

أي معتبرين ما حدث ثأر السماء لهذا الحيوان البهيم !

أحس بعض الصبية وهم يلعبون بقرب القبر بدق خفيف وصوت صادر منه وركضوا على أهل مرعيد وأبلغوهم بخبر الصوت الصادر من قبره هرع الناس وذويه إلى القبر وفتحوه فوجدوا مرعيد جالس بقبره وقد مات مختنقا" لنقص الأكسجين بهواء القبر ! مات مرعيد مرتين ورأى بأم عينه إنتقام السماء بتدمير محصوله وأصبح في خبر كان ؟

لقد كان أجدادنا حينما ينثرون البذار في الأرض يقولون بسم الله للطير وما قسم الله ؟! فكانت البركة حاصلة ولا يزال أهل الجزيرة بعد حصاد المحصول لايلمون القش وبقايا الحصيد ويتركونها للحيوانات ولا يردعون عنها مخلوق ولها ثمن جيد لايستهان به فنسألهم لم لاتبيعون البقايا فيقولون حصتنا أخذناها والباقي حصة البهائم.

أستغرب تصرف بعض الناس في البؤر الساخنة حينما يوجه بندقيته ويرمي على أخيه الإنسان الأعزل المسالم ؟ فيقتله أو يجرحه ؟ أنسي عدالة السماء ؟ ألا يعلم أنً الله معنا , وأنً الله يرى , وانَ الله لاتغيب عنه غائبة في هذا الكون.

يجب علينا تنمية الشرطي الداخلي والرقيب السماوي في صدورنا وصدور وجوانح أبنائنا وننشئهم على إحترام حق الحياة لكل مخلوق !؟

إنً حق الحيوان بالحياة يحفظه القانون والأعراف ؟ فكيف بحقوق الإنسان ومنها عدم التعرض لحياته وتعريضها للخطر مهما كانت الأسباب إلاً من خلال القانون والأعراف المتفق عليها.



قلت ما تقدم والله من وراء القصد !!!

 


الشيخ عبد القادر الخضر

[email protected]

أضف تعليقك :
الاسم : *
التعليق : *
Keyboard لوحة مفاتيح عربية
ضع الكود الموجود بالصورة : *

أخبار أخرى من " مساهمات القراء "

5-8-2013
مسرحية خان العسل .. بقلم ريبال الزين
أسدلت الستار مؤخراً عن مسرحية خان العسل ببيان تنديد من الائتلاف الوطني "المعارض" "للمجزرة" التي قام بها مقاتلون ...


6-6-2013
القصير .. معركة الدفاع عن وحدة سوريا
القصير لكل من لايعرف أو يدرك أنها المعركة الحقيقية لإسقاط النظام لابد له من معرفة أن النظام لم ...


2-2-2013
سيدي الخطيب: قل لي إلى أين نحن ذاهبون؟
  لا ينكرٌ أحدٌ التفاف الغالبية الكاسحة من المعارضة والثوار على الأرض حول السيد معاذ الخطيب حين اختيرَ لقيادة ...

31-1-2013
غارة كشف القناع
  لعلّ النظام السوري أخطأ مرةً أخرى فلم يقتنص فرصة اختراق الطيران الإسرائيلي لأجوائه و يرد و لو بطلقة ...

28-1-2013
شاهد على مجزرة....
  السبت 26/1/2013 أصعب يومٍ مر علي في مسيرة حياتي, كنت أصلي الظهر و في الركعة الثانية سمعت صوت ...


19-1-2013
""مجزرة حلب ... آه على شبابنا يا عرب ...
  بعد يوم من مذبحة حلب الشهباء المنكوبة، كنت أقلب بيدٍ مرتعشة ركام الصور الدامية المدمية عبر نقرات المؤشر، ...


19-1-2013
العرب...أقلية في ســــوريا !!
  منذ بداية الثورة السورية، ومع كسر حاجز الخوف لدى السوريين، كل القوميات والديانات في سباق لإثبات وجودهم من ...


7-1-2013
أديش طالب بسيارتك؟.. بقلم آرا سوفاليان
  كانت جدتي ماري تأخذني معها الى الفرن او الى السوق او الى محل ابو ابراهيم اللحام في القصاع ...

30-12-2012
بعد كل مخاض ... ولادة
كتب بواسطة rest [email protected] قبل ولادة كل طفل ... أو مولود جديد على هذه ...

30-12-2012
ياوزير العدل
كتب بواسطة أحمد صوان [email protected] وزير العدل ( كائن منفصل عن الواقع ) في الوقت ...

30-12-2012
التناغم بين الاعلام السوري ورد الفعل الامريكي
كتب بواسطة osama [email protected] كلنا نتابع ما يحدث من تطورات متسارعة في دمشق وريفها ...


20-12-2012
محامو حلب الاحرار جنود الحق و العدالة و حماة للثورة.. بقلم المحامي مثنى ناصر
  ماحدث في درعا هز الوجدان والضمير العالمي واشتعلت الثورة بقدرة قادر وخرج الشعب يطالب بإسقاط النظام بعد أن ...

20-10-2012
قصة جمل الممانعة!.. بقلم: محمد كناص
  رسب خلف الطميشان في مادة التعبير! فضجت العشيرة على هذا النبأ وذهبت برجالها ونسائها تستفسر من المدرس عن ...

20-10-2012
رأي .. بقلم طالب العلم الكسندر
  كنت أشاهد حواراً سياسياً راقياً على محطة الميادين الفضائية بين عدة شخصيات معروفة من المعارضة السورية تمثل تيارات ...

20-10-2012
ديناصورات الألفية الثالثة .. بقلم: ماجد جاغوب
يقال دخل اللص الى المنزل وسرق ما خف حمله وغلا ثمنه في غفلة من اهل البيت وحالة الغفلة ...

20-10-2012
تحليل علاقة المعارضة والدور الخليجي في شؤون الثورة السورية.. بقلم: ملهم الكواكبي
  مقدمة : - القوى الخليجية النافذة, خصوصاً حكومتا قطر والسعودية, تنخرط بكل قوتها لتوجيه الثورة السورية في سياق, نرى ...