إعلانات
ما هي مواطن القصور في سياسة أوباما الخارجية ؟
السبت - 19 تموز - 2014 - 12:49 بتوقيت دمشق
التفاصيل


عندما قال المحامي العام إريك هولدر إن الدولة الإسلامية التي اتخذت لها موطئا في العراق وسوريا باتت تشكل تهديدا «قاتلا»، وإنه يساوره «قلق بالغ الشدة» حيال صانعي القنابل هناك، فإن الأمر يبدو كأنه حالة طوارئ. ورغم ذلك لم تستقر إدارة الرئيس أوباما على استجابة عدائية منسقة من شأنها أن تحول دون انتشار هذا الجحيم.

ويشكل التأخير في صياغة خطة ذات مصداقية لإيقاف الدولة الإسلامية جزءا من القلق الأكبر حول سياسة الرئيس أوباما الخارجية. حتى مع كون الاستراتيجيات الأساسية للبيت الأبيض جيدة، إلا أنه هناك نقص في المتابعة في الكثير من الأحيان من خلال تنسيق أدوات القوة الوطنية. ليس من جوائز لحسن النوايا هنا. ما يهم هو الأداء. ويعتبر ذلك صحيحا من حيث علاقات أميركا مع الحلفاء التقليديين مثل ألمانيا والمملكة العربية السعودية، كما هو صحيح أيضا من حيث محاربة الخصوم.

كان اقتراح الإدارة الشهر الفائت بمنح المؤسسة العسكرية الأميركية مبلغ 500 مليون دولار لتدريب وتجهيز قوة الاستقرار التي يمكنها ملاحقة المتطرفين في المناطق السورية المحررة، بمثابة دراسة حالة لمشكلة التنفيذ المذكورة. وهي تعتبر فكرة جيدة في حد ذاتها، مع المباركة الشخصية من الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، والذي كان متشككا إزاء بعض المقترحات الأخرى لتدخل الولايات المتحدة في سوريا. وعقب شهور من التردد، دعم البيت الأبيض تلك الفكرة.

ولكن بعد ما وصل البرنامج إلى الكابيتول هيل، توافقت الإدارة مع نقاد الكونغرس إزاء وجود الكثير من الأمور العالقة، وأن البرنامج عاد مرة أخرى إلى طاولة التخطيط لوجود المزيد من العمل حول كيفية تجنيد، وتدريب، وانتشار المتمردين.

يتوقع عودة برنامج سوريا المعاد تجهيزه بحلول شهر سبتمبر (أيلول)، ولكن، عذرا، يا أصدقاء، لقد فات الأوان في لعبة الأخطاء والتأخير. حينما تواجه الدولة ما اتفق عليه المحامي العام بأنه «خطر قائم وواضح»، يجب على الرئيس تعبئة الحكومة الأميركية. ويتعين عليه اتخاذ القرار حول الاستراتيجية والتنفيذ. وينبغي عليه التواصل مع الشعب بوضوح بشأن خططه.

يعتبر بعض القلق حول الرئيس أوباما مبالغا فيه. كما هو الحال مع الطرفة الشهيرة حول الموسيقي ريتشارد فاغنر، فإن سياسة أوباما الخارجية في بعض الأحيان «أفضل مما تبدو». فقد كانت استجابة أوباما على العدوان الروسي في أوكرانيا ثابتة وناجحة بوجه عام. وقراره بالسعي وراء تشكيل حكومة وحدة وطنية في العراق قبل شن الغارات الأميركية كان قرارا صحيحا. وحالف وزير الخارجية جون كيري النجاح في الأسبوع الماضي، في التوسط لدى تشكيل حكومة واحدة في أفغانستان.

أشار زميلي فريد هيات بحق هذا الأسبوع إلى أن أوباما يحتاج إلى فريق قوي من المنافسين يمكنهم تحدي أفكاره فيما يخص السياسة الخارجية. غير أن ما يحتاجه فعلا هو الوضوح والتأثير. مما يعني أوركسترا من الأمن القومي يمكنها متابعة النوتة المكتوبة جيدا، ومايسترو يحافظ على الإيقاع.

في السياسة الخارجية، يعتبر مستشار الأمن القومي هو المايسترو، سوزان رايس. فهي مسؤول التنفيذ الرئيس. وهي في حاجة إلى مساعدة أوباما في تحسين أدائه خلال الفترة المتبقية من ولايته الثانية، مع ذات الفريق أو فريق آخر. لن يكون كافيا لأوباما أن يخرج علينا بخطاب استراتيجي جيد كل بضعة شهور، كما فعل في ويست بوينت في مايو (أيار) الماضي. يحتاج البيت الأبيض إلى التواصل بشأن خططه وتوجهاته اليومية، بمئات من الطرق الذكية. تعرضت رايس للهجوم الشرس في ضجة ما بعد بنغازي حتى أنها أبقت رأسها في الظل، جراء الخطأ. ولكي تنجح، تحتاج إلى مكانة عالية، ويد أكثر ثباتا.

ومن الأمثلة الواضحة هي العلاقة بين الولايات المتحدة وألمانيا، أكثر حلفاء أميركا أهمية في أوروبا. ولقد علمنا لمدة عام عن غضب الألمان حيال حالات إفشاء المعلومات لدى وكالة الأمن القومي الأميركية وتجسس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. وقد تعتقد، كما أعتقد، أن ردود الفعل تلك يشوبها الاضطراب، ولكنه يعتبر سببا أكثر رسوخا لإدارة الأنشطة الاستخبارية الأميركية بفعالية من داخل البيت الأبيض.

اجتمعت رايس مع نظيرها الألماني في محاولة لرأب الصدع. وقد انهارت المحادثات لرفض الولايات المتحدة الموافقة على اتفاقية عدم التجسس التي تريدها ألمانيا، وساور ألمانيا القلق من التعاون الاستخباري المعزز المقترح مع الولايات المتحدة. وكانت النتيجة المؤسفة: قفز الألمان على بعض العمليات الغامضة لوكالة الاستخبارات الأميركية وطردوا مدير المحطة – وهي المرة الأولى التي أذكر حدوثها مع حليف من حلفاء الناتو.

يمكنك التعاطف مع موقف البيت الأبيض في عالم يمتلئ بالفوضى وفي نفس الوقت يصيبك الاشمئزاز وتمقت القيادة الأميركية. لكن عندما يتعلق الأمر بالمصالح الأساسية للأمن القومي الأميركي – كما هو الحال في محاربة الدولة الإسلامية، أو المحافظة على أقوى تحالف ممكن مع ألمانيا – يجب على البيت الأبيض اختراق أي مقاومة أو أي جمود في طريقه. وما سوى ذلك عبارة عن أعذار.

 

ديفيد أغناتيوس - واشنطن بوست


أضف تعليقك :
الاسم : *
التعليق : *
Keyboard لوحة مفاتيح عربية
ضع الكود الموجود بالصورة : *

أخبار أخرى من " مقالات وآراء "

11-3-2015
الأسد بمساعدة حلفائه .. يبدو أنه باق !
يبدو ان فرص نجاة بشار الاسد من الازمة السياسية سالما باتت أكبر من أي وقت مضى منذ بدئها ...


11-3-2015
سوريا .. لا حل إلا هذا الحل !
  يتحاشى الذين يروِّجون لضرورة الانفتاح على بشار الأسد ونظامه، وعددهم قليل على أيِّ حال، تذكُّر أن قرار دمشق ...


10-3-2015
هل علينا التصالح مع الأسد ؟ !
مع ارتفاع وتيرة قتال الإيرانيين وحلفائهم إلى جانب قوات نظام الأسد، وتولي الإيرانيين أيضا قيادة حروب القوات العراقية ...


8-3-2015
أضعف الإيمان .. إسقاط الدولة السورية !
تصريحات الغربيين في الخلاص من النظام السوري تبدلت. الارهاب في سورية عاود صوغ المشهد. بعض الدول الاقليمية بات ...


7-3-2015
سياسة شرق أوسطية جديدة من دون الإخوان
لم أطلع على محضر اجتماعات العاهل السعودي بالرئيسين التركي والمصري، ولكني مستعدّ لأن أجزم بأن «الإخوان المسلمين» لم ...


7-3-2015
أميركا و الخليج .. من طمأن الآخر ؟
قراءة التصريحات السعودية، على لسان وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، وتصريحات نظيره الأميركي جون كيري، حول إيران، تقول ...


7-3-2015
هل الاحتلال الداعشي حرام و الاحتلال الإيراني حلال ؟
كي لا يحاول أحد أن يصطاد في الماء العكر من مجرد قراءة عنوان المقال، سنقول: تصدوا كما تشاؤون ...


6-3-2015
هل تدعم الإمارات بقاء نظام " الأسد " في حكم سوريا ؟
ربما تكون القضية الأقل خلافا بين دول المنطقة وفي مقدمتها تركيا وقطر من جهة والسعودية والإمارات وبقية دول ...


6-3-2015
من يخشى من تغير السياسة السعودية ؟
أصبحت مسألة تغيّر السياسات السعودية حيال المشاكل التي تعاني منها منطقة الشّرق الأوسط، من أهم المسائل التي تتداولها ...


4-3-2015
مخاوف من صفقة " أميركية - إيرانية " !
أي اتفاق بين الدول الست وإيران حول ملفها النووي إذا تم رغم الصعوبات التي ما زالت موجودة بالنسبة ...


3-3-2015
سورية ولاية إيرانية ؟
بدأ نظام الملالي في إيران مدّ جذوره الطائفية نحو سورية، إذ استطاع أن يتحكّم بمفاصل حياة السوريين اليومية، ...


3-3-2015
الأزمة السورية إلى حل سياسي
رفض الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وصف موقف مصر من الأزمة السورية بالحياد. وهو قال في حواره مع «الشرق ...


3-3-2015
آخر مسيحي في الشرق الأوسط
يبدو السؤال مشروعا ومنطقيا وواقعيا حين يطرح: هل نحن نعيش حقبة تفريغ الشرق الأوسط من سكانه وأهله وشعبه ...


3-3-2015
خياران كلاهما سهل
في الأسابيع الماضية استقبلت الرياض عددا قياسيا من زعماء العرب والعالم. سواء كانت الغاية للتعزية أو للتهنئة، لم ...


1-3-2015
فشل دي ميستورا
المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا نجح في شيء واحد فقط، زيادة غضب أغلبية الشعب السوري. بدأ ...


1-3-2015
الحل في سوريا أكبر من الأسد و خصومه
عندما أعلن المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، أخيراً، أن بشار الأسد «جزء من الحل» في سوريا، ...