إعلانات
عبدالباري عطوان في كتابه الجديد عن " داعش " : صدام حسين زرع بذور التنظيم .. و هل يوافق الظواهري على تجرع سم أداء البيعة للبغدادي ؟!
الجمعة - 12 كانون الاول - 2014 - 20:03 بتوقيت دمشق
التفاصيل


يكتب عبد الباري عطوان بكثير من الموضوعية والحيوية وبطريقة تجذب القارىء حتى وإن اختلف معه في الرأي أحيانا.. فذلك المزيج من الصدق والعمق والجرأة يتكفل باستمرار انجذاب القارىء إلى نصه.

ويرى عطوان في كتابه الأخير "الدولة الإسلامية: الجذور. التوحش. المستقبل" أن تنظيم الدولة الإسلامية أقرب إلى الدولة فعلا منه إلى تنظيم إرهابي فحسب.

ورأى أن التنظيم تبنى أسلوب العنف الزائد أو "التوحش" عمدا من أجل إرهاب أعدائه وسحقهم نفسيا. وقال إن الولايات المتحدة لم تؤسس الدولة الإسلامية وإن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين هو الذي بذر البذور الأولى لقيام تنظيم من هذا النوع يعتمد العنف المفرط في الوحشية.

وأضاف أن ارتكاب المجازر والوحشية ليس حكرا على الإسلاميين بل هو سمة رهيبة عرفها التاريخ عند المسيحيين والمسلمين وغيرهم. وأبدي خوفه من أن تمتلك الدولة الإسلامية أسلحة كيماوية لأنها من ضمن مفهومها بتبني "الوحشية" ستكون مسرورة باستعمال مثل هذه الأسلحة. ورأى أن الدولة الإسلامية لن تختفي قريبا وأنها ستعمل على التوسع وستخلف على الأرجح تنظيم القاعدة في العالم بعد أن تفرعت عنه هي وتنظيم النصرة الإسلامي قبل أن يدب الخلاف بينهما. وتحدث عن الشخصية المميزة التي يتمتع بها قائد الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي الذي أعلن نفسه خليفة للمسلمين.

وعبد الباري عطوان كاتب وصحفي عربي فلسطيني الأصل ومحلل سياسي معروف عربيا وعالميا. أسس صحيفة "القدس العربي" في لندن وترأس تحريرها حتى فترة قريبة وهو الآن رئيس تحرير جريدة "رأي اليوم" العربية. جاء كتابه في 239 صفحة كبيرة القطع وصدر عن دار الساقي في بيروت. تألف الكتاب من مقدمة وأحد عشر فصلا وفهرس للأعلام وآخر للأماكن.

عناوين فصول الكتاب تلقي نظرة عامة على محتوياته والعناوين هي (هيكلية الدولة ورجالها) و(أبو بكر البغدادي) و(الجذور العراقية) و(الدولة الإسلامية في سوريا: الخلفية) و(جوهر القوة: الوهابية.. السعودية.. أمريكا والدولة الإسلامية) و(استراتيجية التوحش) و(المقاتلون الأجانب في الدولة الإسلامية) و(الدولة الإسلامية ضد القاعدة .. الأخوة الأعداء) و(إعلام التوحش وأهدافه) و(الغرب والإسلام) و(مستقبل الدولة الإسلامية).

كتب عطوان خلاصة وافية لآرائه التي وردت في الكتاب وذلك تحت عنوان (مقدمة لا بد منها).

أورد الكاتب قول هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة "الدولة الإسلامية ليست دولة وليست إسلامية" وقال إننا إذا "تأملنا جذور هذه الظاهرة وتطورها السريع نكتشف أنها أقرب إلى "الدولة" من كونها تنظيما عابرا للحدود.

"فهذه المرة الأولى ومنذ مئات السنين تقريبا يستطيع تنظيم السيطرة بالكامل على مساحة جغرافية في حجم دولة بريطانيا... وتحت حدود جديدة منذ معاهدة سايكس بيكو... وهي حدود قابلة للتمدد مثلما فعلت كل الدول التي توسعت."

أضاف أن تنظيم الدولة الإسلامية لم يكن "نسخة جديدة من تنظيم القاعدة وإنما يشكل نموذجا مختلفا من حيث الأيديولوجية والنشأة والأولويات. فتنظيم القاعدة حصر أولوياته في محاربة الغرب والولايات المتحدة بالذات وإخراج قواتها من الجزيرة العربية... بينما أراد تنظيم الدولة (الإسلامية) استغلال حالة الانهيار الذي تعيشه المنطقة وضعف الحكومات المركزية وتعاظم التدخلات العسكرية الغربية... وتعاظم الاستقطاب الطائفي... لإقامة دولة وفق مقاساته الأيديولوجية."

وقال إن الولايات المتحدة "لم تؤسس تنظيم الدولة الإسلامية في اعتقادنا... ولكنها خلقت الحاضنة لقيام التنظيم بسبب سياساتها التدميرية والعدائية للعرب والمسلمين من خلال اجتياحها العراق أولا ومن خلال حلفائها في بغداد ودول خليجية وعربية عديدة."

ومضى يقول "ربما لا نبالغ إذا قلنا إن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين هو الذي بدأ في التمهيد العملي والعقائدي واللوجستي للدولة الإسلامية سواء جاء ذلك بمحض الصدفة أو نتيجة خطة محكمة. فعندما أدرك الرئيس صدام أن أمريكا تريد الإطاحة به ونظامه... قرر التحول إلى الله وتبني الهوية الإسلامية والجهاد الإسلامي خصوصا كعقيدة لمواجهة الاحتلال المتوقع.

"الرئيس صدام حسين عبر عن هذا التوجه الجديد من خلال إغلاق الخمارات والبارات وإلغاء المظاهر العلمانية للدولة وإطلاق ما سمي في حينه "الحملة الإيمانية" وكتب كلمة "لا إله إلا الله" على العلم العراقي بدمه وأسس ميليشيا فدائيي صدام من المتطوعين الشباب."

وتحت عنوان (جيل مختلف) تحدث عن مقاتلي الدولة الإسلامية فقال إنه صحيح أن نسبة كبيرة من مقاتلي هذه الدولة هم "من الشباب الإسلامي المتحمس المتطلع للشهادة وإقامة الدولة الإسلامية النموذج في تطبيق الشريعة ولكن الصحيح أيضا أن عقولا إسلامية جبارة انضمت إلى صفوفها أيضا تعلمت في جامعات غربية في مختلف المجالات العلمية والشرعية والاقتصادية والإعلامية والأدبية."

وتحت عنوان (شخصية غريبة) تحدث عن البغدادي "وكيفية صعود نجم هذا الرجل الغامض الهاديء المبتعد عن الأضواء وقليل الكلام."

وفي الفصل الثالث تحدث عن (انشقاق النصرة عن الدولة) فقال إنه في عام 2011 أرسل البغدادي أمير الدولة الإسلامية في العراق آنذاك وبالتشاور مع أيمن الظواهري زعيم القاعدة الشيخ أبو محمد الجولاني إلى سوريا لتأسيس جماعة جهادية هناك للقتال من أجل إسقاط النظام. وتعززت مكانة جبهة النصرة وأعلن البغدادي سنة 2012 ومن جانب واحد أن الدولة الإسلامية في العراق وجبهة النصرة قررتا الاندماج في تنظيم واحد تحت اسم الدولة الإسلامية في العراق والشام. وما لبث الانقسام الأيديولوجي بين الجبهتين وبين البغدادي والظواهري أن بدأ يطفو على السطح.

وقال "استراتيجية جبهة النصرة كانت أقل تشددا من نظيرتها في الدولة الإسلامية وتقوم وفق نظرية تقول إن الشريعة الإسلامية يمكن تطبيقها بشكل تدريجي... الدولة الإسلامية في العراق والشام أصبحت أكثر تشددا من أبو مصعب الزرقاوي (زعيم القاعدة في بلاد الرافدين) نفسه في طائفيتها غير المتسامحة مطلقا مع المذاهب الأخرى وتطبيقها المتشدد جدا للشريعة الإسلامية وأحكامها."

في الفصل السادس تحدث عن (استراتيجية التوحش) فقال إن هذا "التوحش ليس بالأمر الجديد. فعلى مر العصور قامت جماعات من الرجال خلال أزمنة الحروب بممارسات تعتبر... ليس فقط عملا إجراميا بل أيضا على أنها مؤشر إلى جنون القائمين بها. والواقع أن معظم الأمم والإمبراطوريات قامت على بحور من الدماء وبنتيجة أعمال عنف رهيبة وأفعال شنيعة.

"العنف البالغ القسوة الذي تقوم به الدولة الإسلامية متعمد مقصود.. بل هو معرّف عنه.. بحسب ما جاء في دراسة "إدارة التوحش" عام 2004. كاتب الدراسة أبو بكر ناجي أحد منظري تنظيم القاعدة. وهو يقول "إن إدارة التوحش هي مرحلة تطورية في بناء الدولة والأمة كما أنها طبيعة إنسانية... زياة توحش المجاهدين ستؤدي إلى ارتفاع سمعة المجاهد ومنزلته عبر موجات من العمليات التي ستملأ قلوبهم (الأعداء) بالخوف وهذا الخوف سيكون بلا نهاية."

ويرى أن للقاعدة والدولة الإسلامية أهدافا تبدو متطابقة ويمكن توقع وحدة استرتيجية بينهما في المستقبل "إذا ما وافق أيمن الظواهري (زعيم تنظيم القاعدة الحالي) على تجرع سم أداء البيعة لأبو بكر البغدادي."

كتاب عطوان هو بالفعل مرجع مهم لمعرفة الحركات الإسلامية الجهادية عامة.

رويترز


أضف تعليقك :
الاسم : *
التعليق : *
Keyboard لوحة مفاتيح عربية
ضع الكود الموجود بالصورة : *

أخبار أخرى من " مقالات وآراء "

11-3-2015
الأسد بمساعدة حلفائه .. يبدو أنه باق !
يبدو ان فرص نجاة بشار الاسد من الازمة السياسية سالما باتت أكبر من أي وقت مضى منذ بدئها ...


11-3-2015
سوريا .. لا حل إلا هذا الحل !
  يتحاشى الذين يروِّجون لضرورة الانفتاح على بشار الأسد ونظامه، وعددهم قليل على أيِّ حال، تذكُّر أن قرار دمشق ...


10-3-2015
هل علينا التصالح مع الأسد ؟ !
مع ارتفاع وتيرة قتال الإيرانيين وحلفائهم إلى جانب قوات نظام الأسد، وتولي الإيرانيين أيضا قيادة حروب القوات العراقية ...


8-3-2015
أضعف الإيمان .. إسقاط الدولة السورية !
تصريحات الغربيين في الخلاص من النظام السوري تبدلت. الارهاب في سورية عاود صوغ المشهد. بعض الدول الاقليمية بات ...


7-3-2015
سياسة شرق أوسطية جديدة من دون الإخوان
لم أطلع على محضر اجتماعات العاهل السعودي بالرئيسين التركي والمصري، ولكني مستعدّ لأن أجزم بأن «الإخوان المسلمين» لم ...


7-3-2015
أميركا و الخليج .. من طمأن الآخر ؟
قراءة التصريحات السعودية، على لسان وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، وتصريحات نظيره الأميركي جون كيري، حول إيران، تقول ...


7-3-2015
هل الاحتلال الداعشي حرام و الاحتلال الإيراني حلال ؟
كي لا يحاول أحد أن يصطاد في الماء العكر من مجرد قراءة عنوان المقال، سنقول: تصدوا كما تشاؤون ...


6-3-2015
هل تدعم الإمارات بقاء نظام " الأسد " في حكم سوريا ؟
ربما تكون القضية الأقل خلافا بين دول المنطقة وفي مقدمتها تركيا وقطر من جهة والسعودية والإمارات وبقية دول ...


6-3-2015
من يخشى من تغير السياسة السعودية ؟
أصبحت مسألة تغيّر السياسات السعودية حيال المشاكل التي تعاني منها منطقة الشّرق الأوسط، من أهم المسائل التي تتداولها ...


4-3-2015
مخاوف من صفقة " أميركية - إيرانية " !
أي اتفاق بين الدول الست وإيران حول ملفها النووي إذا تم رغم الصعوبات التي ما زالت موجودة بالنسبة ...


3-3-2015
سورية ولاية إيرانية ؟
بدأ نظام الملالي في إيران مدّ جذوره الطائفية نحو سورية، إذ استطاع أن يتحكّم بمفاصل حياة السوريين اليومية، ...


3-3-2015
الأزمة السورية إلى حل سياسي
رفض الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وصف موقف مصر من الأزمة السورية بالحياد. وهو قال في حواره مع «الشرق ...


3-3-2015
آخر مسيحي في الشرق الأوسط
يبدو السؤال مشروعا ومنطقيا وواقعيا حين يطرح: هل نحن نعيش حقبة تفريغ الشرق الأوسط من سكانه وأهله وشعبه ...


3-3-2015
خياران كلاهما سهل
في الأسابيع الماضية استقبلت الرياض عددا قياسيا من زعماء العرب والعالم. سواء كانت الغاية للتعزية أو للتهنئة، لم ...


1-3-2015
فشل دي ميستورا
المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا نجح في شيء واحد فقط، زيادة غضب أغلبية الشعب السوري. بدأ ...


1-3-2015
الحل في سوريا أكبر من الأسد و خصومه
عندما أعلن المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، أخيراً، أن بشار الأسد «جزء من الحل» في سوريا، ...