إعلانات
داعش .. الحاجة إلى تحالف دولي !
الاحد - 24 آب - 2014 - 11:00 بتوقيت دمشق
التفاصيل



تمكنت الجماعة الإرهابية – المعروفة داخل الحكومة الأميركية باسم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) - على مدى الأشهر الأخيرة، من السيطرة على مناطق شاسعة في العراق، مستغلة الانقسامات الطائفية وأزمة عدم الثقة السياسية التي استنزفت قوات الأمن العراقية. تسعى «داعش» إلى تمزيق العراق إربا في سبيل سعيها لإنشاء دولة الخلافة، بيد أن الطوائف العراقية بدأت تتوحد من أجل التصدي لهذا التنظيم.

ونظرا لقيام أكثر من 13 مليون عراقي بالإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية التي انعقدت في أبريل (نيسان) رغم تهديدات تنظيم الدولة الإسلامية بقتل أي شخص يُدلي بصوته، تمكن العراق من تشكيل برلمان جديد، واختيار رئيس له، جنبا إلى جنب تعيين رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي وتكليفه بتشكيل حكومة جديدة.

هناك مغزى وراء هذه الخطوات المتخذة لأنها توضح أن العراقيين بدأوا يدركون أنه يتعين عليهم تنحية خلافاتهم جانبا، وبالتالي يتمكنون من توحيد بلادهم، وإلحاق الهزيمة بـ«داعش».

لا تفاوض مع هذا التنظيم. لقد رأينا جرائم القتل المروعة التي ارتكبوها بحق الصحافي الأميركي جيمس فولي، وغيره عدد لا يحصى من الأبرياء، ورأينا مدى وحشيتهم وتعصبهم.

ولكن حتى في حال عدم وجود «داعش»، لا يزال بقاء العراق يعتمد على قدرة العراقيين على تنحية خلافاتهم جانبا. لا يزال يعتمد أمن العراق على معالجة الشعور بالغربة الذي يؤجج الحركات المتطرفة، وإقناع العراقيين أنه يمكن تلبية مطالبهم من خلال العملية السياسية وليس من خلال اللجوء لأعمال العنف.

وقد تحدث الرئيس أوباما، على مدى الأسابيع القليلة الماضية، مع العبادي، كما قمتُ بالتحدث مع كل من القادة العراقيين القادمين والمغادرين. وأدركنا أنهم يسلمون بضرورة إنهاء سنوات الجمود السياسي والخلافات؛ حيث كتب العبادي منذ بضعة أيام الآتي: «نحن نواجه تحديات هائلة، ولكننا سنتغلب عليها بتوحدنا. قد تواجهنا في الطليعة عواصف شديدة، ولكننا سنواجهها معا كأمة واحدة».

نجاح العراق سيتطلب تسوية حقيقية من جانب كافة الأطراف، وتشكيل حكومة جديدة في بغداد تكون قادرة على تلبية مطالب كافة الطوائف العراقية. وبالطبع يتوق العراقيون إلى تحقيق ذلك. وإذا لم يستطع العراق القيام بذلك، فلن تكون أي تدخلات خارجية مجدية، ولن تستمر هذه التدخلات إلى ما لا نهاية.

ولهذا السبب يعد تشكيل الحكومة أمرا حاسما للغاية؛ حيث يعمل العبادي، على المضي في تشكيل الحكومة ووضع خارطة طريق تحدد أجندة الحكومة العراقية الجديدة. نحن نشجع القادة العراقيين على استكمال هذه المسيرة بأسرع وقت ممكن، ونأمل أن تؤدي خارطة الطريق، التي يقرها البرلمان العراقي، إلى رسم رؤية من أجل تسخير موارد الدولة بما يعود بالنفع على كافة الطوائف، والعمل على مواجهة تنظيم «داعش».

كما أننا نحث جيران العراق على الامتناع عن تأجيج الانقسامات الطائفية، التي من شأنها فقط أن تصب في صالح «داعش»، وأن يقوموا بدلا من ذلك بالتعامل مع هذا التحدي المشترك باعتباره فرصة لبدء صفحة جديدة في علاقاتهم مع العراق، ومع بعضهم البعض.

ويتعين أن تعمل الجهود الأمنية في العراق – شأنها في ذلك شأن سياساتها - على الاستفادة من روح التعاون السائدة لدى كافة الطوائف. وتجلت هذه الروح التعاونية الجديدة هذا الأسبوع في شمال العراق؛ حيث تعاونت القوات العراقية والكردية لاستعادة سد الموصل الذي استولت عليه «داعش». ورغم دعم الولايات المتحدة لهذه الخطوة، فإن هذا الإجراء ما كان ليكتب له النجاح دون تعاون قوات البيشمركة الكردية مع قوات الأمن العراقية. وتعد هذه بمثابة أول عملية مشتركة من نوعها، ونعتقد أنها تعد بمثابة نموذج يمكن البناء عليه.

وثمة نهج آخر يكمن في إقامة «نظام فيدرالي فعال»، بموجب الدستور العراقي، من شأنه أن يسمح بتقاسم عادل للعائدات بين كل الأقاليم بالدولة، وإقامة هياكل أمنية متمركزة محليا، وذلك من أجل حماية السكان في المدن والأحياء وعدم ترك الساحة خالية أمام «داعش»، بالإضافة إلى حماية ووحدة الأراضي العراقية. وستكون الولايات المتحدة مستعدة لتقديم التدريب وغيره من أشكال المساعدة بموجب الاتفاق الاستراتيجي الأمني المبرم مع العراق للمساعدة على إنجاح مثل هذا النموذج. في نهاية المطاف، يرجع الأمر للعراقيين في تحديد مصيرهم في ظل دستور خاص بهم، ولكننا نؤيد هذا النقاش الجاد الذي بدأ في العراق بشأن المستقبل. وبينما يواصل العراقيون إحراز تقدم، فإننا على استعداد لتعزيز دعمنا لمساعدة العراق في حربه ضد «داعش»، وسندعو المجتمع الدولي لأن يحذو حذو كندا وأستراليا وحلفائنا الأوروبيين للقيام بالشيء ذاته.

من الممكن قهر «داعش»؛ حيث إن معظم العراقيين يرفضون آيديولوجيته. إنه يفرض أوامره على أساس الخوف وليس القبول؛ حيث دمر الأماكن الدينية القديمة، واستعبد النساء، وأعدم العديد من السُنة الذين يزعم أنه يدافع عنهم. وكما رأينا في سد الموصل، عندما تآكلت قوته القتالية، تمكنت القوات المحلية من التغلب عليه دون مساعدة القوات البرية الأميركية.

هذه هي المعركة التي يمكن ويجب على العراق - بمساعدة الولايات المتحدة والعالم أجمع - تحقيق النصر فيها. من مصلحتنا جميعا تمكين المعتدلين في العراق لمنع إقامة دولة إرهابية تترسخ جذورها في قلب الشرق الأوسط. وبالتأكيد لا يقتصر التهديد الذي يشكله هذا التنظيم على العراق فحسب، وبالتالي يتطلب التصدي له أيضا تقديم الدعم المتواصل لشركائنا في الأردن ولبنان والمعارضة السورية وغيرها، من أجل مواجهة «داعش»، والتصدي لتدفق المقاتلين الأجانب من وإلى ساحة المعركة.

وبينما يبدأ العراق التوحد من أجل مواجهة «داعش»، يتعين علينا أن نكون على استعداد لفعل الشيء ذاته. سنواصل التشاور من كثب مع الكونغرس بشأن استراتيجيتنا حيال العراق والمنطقة فيما يخص «داعش» وسلامة شعبنا. سيشكل هذا الأمر تحديا طويل المدى. ولا يوجد خيار أمام شركائنا حول العالم سوى مواجهة هذا التحدي، بمساندتنا، وتحقيق النصر - بدءا من العراق.

جو بايدن - واشنطن بوست


أضف تعليقك :
الاسم : *
التعليق : *
Keyboard لوحة مفاتيح عربية
ضع الكود الموجود بالصورة : *

أخبار أخرى من " مقالات وآراء "

11-3-2015
الأسد بمساعدة حلفائه .. يبدو أنه باق !
يبدو ان فرص نجاة بشار الاسد من الازمة السياسية سالما باتت أكبر من أي وقت مضى منذ بدئها ...


11-3-2015
سوريا .. لا حل إلا هذا الحل !
  يتحاشى الذين يروِّجون لضرورة الانفتاح على بشار الأسد ونظامه، وعددهم قليل على أيِّ حال، تذكُّر أن قرار دمشق ...


10-3-2015
هل علينا التصالح مع الأسد ؟ !
مع ارتفاع وتيرة قتال الإيرانيين وحلفائهم إلى جانب قوات نظام الأسد، وتولي الإيرانيين أيضا قيادة حروب القوات العراقية ...


8-3-2015
أضعف الإيمان .. إسقاط الدولة السورية !
تصريحات الغربيين في الخلاص من النظام السوري تبدلت. الارهاب في سورية عاود صوغ المشهد. بعض الدول الاقليمية بات ...


7-3-2015
سياسة شرق أوسطية جديدة من دون الإخوان
لم أطلع على محضر اجتماعات العاهل السعودي بالرئيسين التركي والمصري، ولكني مستعدّ لأن أجزم بأن «الإخوان المسلمين» لم ...


7-3-2015
أميركا و الخليج .. من طمأن الآخر ؟
قراءة التصريحات السعودية، على لسان وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، وتصريحات نظيره الأميركي جون كيري، حول إيران، تقول ...


7-3-2015
هل الاحتلال الداعشي حرام و الاحتلال الإيراني حلال ؟
كي لا يحاول أحد أن يصطاد في الماء العكر من مجرد قراءة عنوان المقال، سنقول: تصدوا كما تشاؤون ...


6-3-2015
هل تدعم الإمارات بقاء نظام " الأسد " في حكم سوريا ؟
ربما تكون القضية الأقل خلافا بين دول المنطقة وفي مقدمتها تركيا وقطر من جهة والسعودية والإمارات وبقية دول ...


6-3-2015
من يخشى من تغير السياسة السعودية ؟
أصبحت مسألة تغيّر السياسات السعودية حيال المشاكل التي تعاني منها منطقة الشّرق الأوسط، من أهم المسائل التي تتداولها ...


4-3-2015
مخاوف من صفقة " أميركية - إيرانية " !
أي اتفاق بين الدول الست وإيران حول ملفها النووي إذا تم رغم الصعوبات التي ما زالت موجودة بالنسبة ...


3-3-2015
سورية ولاية إيرانية ؟
بدأ نظام الملالي في إيران مدّ جذوره الطائفية نحو سورية، إذ استطاع أن يتحكّم بمفاصل حياة السوريين اليومية، ...


3-3-2015
الأزمة السورية إلى حل سياسي
رفض الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وصف موقف مصر من الأزمة السورية بالحياد. وهو قال في حواره مع «الشرق ...


3-3-2015
آخر مسيحي في الشرق الأوسط
يبدو السؤال مشروعا ومنطقيا وواقعيا حين يطرح: هل نحن نعيش حقبة تفريغ الشرق الأوسط من سكانه وأهله وشعبه ...


3-3-2015
خياران كلاهما سهل
في الأسابيع الماضية استقبلت الرياض عددا قياسيا من زعماء العرب والعالم. سواء كانت الغاية للتعزية أو للتهنئة، لم ...


1-3-2015
فشل دي ميستورا
المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا نجح في شيء واحد فقط، زيادة غضب أغلبية الشعب السوري. بدأ ...


1-3-2015
الحل في سوريا أكبر من الأسد و خصومه
عندما أعلن المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، أخيراً، أن بشار الأسد «جزء من الحل» في سوريا، ...