إعلانات
نصائح إعلامية لبشار الأسد عندما يلتقي بصحفيين أجانب
السبت - 14 شباط - 2015 - 12:57 بتوقيت دمشق
التفاصيل


يا بشار الأسد ، أعيش في أمريكا منذ أكثر من 12 سنة وقد درست مادة تتعلق بالإعلام في جامعة أمريكية وكتبت في صحيفة أمريكية لمدة سنتين قبل عام 2005. عندي لك ثلاث نصائح مهمة. سبب إرسالي للنصائح هو شكي أنه لديك من يقدم لك نصائح إعلامية إحترافية. ربما من حولك يعرفون عن الصحافة العربية، وهي صحافة تعاني من مشاكل كبيرة. لكن لا يبدو أنهم يعرفون طبيعة الصحافة العالمية.

سأعطيك مثالاً. لقد أجرت الصحافية الأمريكية الشهيرة باربرا والترز مقابلة معك في ديسمبر 2011 على القناة الإخبارية الأمريكية أي بي سي (ِABC) بعد لجوئها إلى طرق ملتوية مع شهرزاد الجعفري التي وثقت أنت بها لدرجة سخيفة. شهرزاد كانت تريد مصلحتها الشخصية بإتاحة فرصة المقابلة معك لباربرا مقابل الحصول على وظيفة إعلامية في محطة أخبارية. باربرا اعتذرت فيما بعد عن هذه التصرفات والمصالح المتبادلة. لكن المشكلة هي التالي: وصفتك باربرا أنك دكتاتوري بعد ظهور المقابلة وصارت تسخر منك. يحق لك أن تغضب. لكنك بدلاً من ذلك اعترضت أنت وجماعتك الجاهلة في قصرك البائس أن المقابلة مجتزأة! ألا تعرف يا بشار أن هذا هو السائد في امريكا بالنسبة للمقابلات مع محطات اخبارية (وليس مع برنامج خاص للمقابلات مثل تشارلي روز)؟

هم يسجلون لمدة ساعة أو أكثر أو أقل ولكن يعرضون فقط مقتطفات قليلة من المقابلة وقلما يعرضون على المحطات الاخبارية مقابلات كاملة حتى مع رؤساء أمريكا. هل تظن ان وقت امريكا يسمح لضياع ساعتين من البث لعرض مقابلة معك؟ هذا لا يحدث حتى مع اشهر فيلسوف أمريكي على قيد الحياة فضلاً عن دكتاتور مكروه مثلك. عرفت لماذا تحتاج من يرشدك إعلامياً؟ الآن اسمع النصائح:

أولاً: لاتكذب- الكذب السياسي باللغة العربية صار أمراً مألوفاً، لكن إذا كذبت باللغة الإنجليزية فتوقع أن يحتقرك الكثير من الناس بما فيهم الصحفي الأجنبي الذي كذبت أمامه. ربما الصحفي العربي سيبقى “إلى الأبد” يحمل وساماً أنه التقى بك ولن يهمه كذبك من صدقك بل يهمه السبق الإعلامي ووصوله إلى قصر رئاسي وجلوسه أمام “زعيم عربي.” الصحفي الأجنبي قد تغريه هذه الأمور أيضاً ولكنه لن يقدسك وسوف يفضحك بأقرب فرصة. وما أكثر الفرص التي خلقتها بنفسك المجرمة للذي يسوى والذي لا يسوى وعلى مستوى العالم! هل تذكر ماذا فعل بك الكاتب الأمريكي ديفيد ليش؟ لقد كان يتودد إليك قبل الثورة ويتمنى أن يحظى بلقاءات متكررة معك، والهدف هو مصلحتة الشخصية ورغبته أن يكون “خبيراً” في الشأن السوري. لكنه بعد الثورة قام بفضحك وجعلك مسخرة. طبعاً، ربما ليس من الشهامة أن يفعل ذلك بك، ولكنك غبي صغير لا يبدو أنك تعرف كيف يسير هذا العالم، سياسياً أو إعلامياً أو عسكرياً. أنت يا بشار ضحية الكذب الذي أنصحك بالابتعاد عنه. ألم تصدق ما قاله الغرب عنك قبل الثورة إنك نسخة للحاكم الشاب المثقف المصلح؟ ألم يقولوا إن زوجتك “وردة في الصحراء” كما ادعت مجلة فوغ، قبل أن يكتشفوا حماقة هذا الوصف ويحذفوا المقابلة من تاريخ المجلة ويفضحون ما جرى في بيتك من إلحاحك على المشاركة بالمقابلات؟ طبعاً قد تكون مجلة فوغ كاذبة، لكن مشكلة أمثالك أنهم لا يعرفون طبيعة الإعلام الغربي لا قبل الثورة ولا بعد الثورة.

ثانياً: لا تضحك—بشار الأسد، مقابلاتك الإعلامية في ظل حرب طاحنة للأفراد ولمعيشتهم وحتى لحدود وسيادة سورية هو أمر مأساوي وكارثة لم يمر على تاريخ سورية مثلها. هذا ما يعرفه أي عاقل وأي صحفي أجنبي مثقف وله خبرة في الحياة. عندما تستقبله بالابتسامات بينك وبينه، ربما هذا من الاتكيت. لكن أمام الكاميرا أنت أمام العالم والكاميرا شاهدة على ردود أفعالك المحكية وغير المحكية. صدقني، عندما تضحك أمام الكاميرا تبينُ أنك أقرب إلى الأبله من كونك رئيساً محترماً—طبعاً في المعايير الدولية المحترمة وصولك إلى الحكم بعد حكم والدك هو حالة دكتاتورية خالصة خالية من احترام العقلانية. لكن الغرب في عام 2000 أراد أن يضحك على العالم وأن يصورك على أنك رئيس محترم، فصدقوا الكذبة والمشكلة أنك لاتزال تصدقها، وتضحك. الاحترام هذا كما ترى لم يبق طويلاً لأنك عندما كنت تسوّق نفسك للغرب بطريقة شخصية مقبولة جداً، كانت مخابراتك وسجونك لا تزال تتصرف بطريقة بربرية مع الشعب السوري. إنكارك الآن لما يجري حولك ووعودك أنك ستنتصر أو أن هناك حلاً سلمياً يجب–على الأقل ومن باب الإحتراف والدبلوماسية–أن لا يصحبه ابتسامات ساذجة لأنك، بصراحه، تبين للعالم أنه أمام طفل صغير لا يعرف ماذا يجري حوله. كن جديّاً مثل أي رئيس تواجه بلاده مأساة يومية متكررة. لا يهم إن كنت أنت السبب الرئيسي هنا. فقط تعلم بدلاً من الانتقال من مهنة إلى أخرى دون جدوى. تذكر جيداً: لا تضحك. انظر إلى هتلر كيف يتصنع الغضب والجدية في خطاباته. تعلم من أمثالك.

ثالثاً: لا تستقبل مزيداً من الصحفيين الأجانب. هذه النصيحة متعلقة بالنصائح التي قبلها. أنا على يقين، يا بشار، أنك لن تسطيع الامتناع عن الكذب ولا تستطيع أن تضمن عدم خروج حالات التبسم الغبية من وجهك وأنت تنكر البراميل والكيماوي والمجازر. لذلك اغرب عن وجه هذه العالم فهذا أفضل لك ليس الآن فقط بل من أكثر من ثلاث سنين.

أسعد الصالح - وحدة جنيف الإعلامية (الائتلاف السوري)


أضف تعليقك :
الاسم : *
التعليق : *
Keyboard لوحة مفاتيح عربية
ضع الكود الموجود بالصورة : *

أخبار أخرى من " مقالات وآراء "

11-3-2015
الأسد بمساعدة حلفائه .. يبدو أنه باق !
يبدو ان فرص نجاة بشار الاسد من الازمة السياسية سالما باتت أكبر من أي وقت مضى منذ بدئها ...


11-3-2015
سوريا .. لا حل إلا هذا الحل !
  يتحاشى الذين يروِّجون لضرورة الانفتاح على بشار الأسد ونظامه، وعددهم قليل على أيِّ حال، تذكُّر أن قرار دمشق ...


10-3-2015
هل علينا التصالح مع الأسد ؟ !
مع ارتفاع وتيرة قتال الإيرانيين وحلفائهم إلى جانب قوات نظام الأسد، وتولي الإيرانيين أيضا قيادة حروب القوات العراقية ...


8-3-2015
أضعف الإيمان .. إسقاط الدولة السورية !
تصريحات الغربيين في الخلاص من النظام السوري تبدلت. الارهاب في سورية عاود صوغ المشهد. بعض الدول الاقليمية بات ...


7-3-2015
سياسة شرق أوسطية جديدة من دون الإخوان
لم أطلع على محضر اجتماعات العاهل السعودي بالرئيسين التركي والمصري، ولكني مستعدّ لأن أجزم بأن «الإخوان المسلمين» لم ...


7-3-2015
أميركا و الخليج .. من طمأن الآخر ؟
قراءة التصريحات السعودية، على لسان وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، وتصريحات نظيره الأميركي جون كيري، حول إيران، تقول ...


7-3-2015
هل الاحتلال الداعشي حرام و الاحتلال الإيراني حلال ؟
كي لا يحاول أحد أن يصطاد في الماء العكر من مجرد قراءة عنوان المقال، سنقول: تصدوا كما تشاؤون ...


6-3-2015
هل تدعم الإمارات بقاء نظام " الأسد " في حكم سوريا ؟
ربما تكون القضية الأقل خلافا بين دول المنطقة وفي مقدمتها تركيا وقطر من جهة والسعودية والإمارات وبقية دول ...


6-3-2015
من يخشى من تغير السياسة السعودية ؟
أصبحت مسألة تغيّر السياسات السعودية حيال المشاكل التي تعاني منها منطقة الشّرق الأوسط، من أهم المسائل التي تتداولها ...


4-3-2015
مخاوف من صفقة " أميركية - إيرانية " !
أي اتفاق بين الدول الست وإيران حول ملفها النووي إذا تم رغم الصعوبات التي ما زالت موجودة بالنسبة ...


3-3-2015
سورية ولاية إيرانية ؟
بدأ نظام الملالي في إيران مدّ جذوره الطائفية نحو سورية، إذ استطاع أن يتحكّم بمفاصل حياة السوريين اليومية، ...


3-3-2015
الأزمة السورية إلى حل سياسي
رفض الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وصف موقف مصر من الأزمة السورية بالحياد. وهو قال في حواره مع «الشرق ...


3-3-2015
آخر مسيحي في الشرق الأوسط
يبدو السؤال مشروعا ومنطقيا وواقعيا حين يطرح: هل نحن نعيش حقبة تفريغ الشرق الأوسط من سكانه وأهله وشعبه ...


3-3-2015
خياران كلاهما سهل
في الأسابيع الماضية استقبلت الرياض عددا قياسيا من زعماء العرب والعالم. سواء كانت الغاية للتعزية أو للتهنئة، لم ...


1-3-2015
فشل دي ميستورا
المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا نجح في شيء واحد فقط، زيادة غضب أغلبية الشعب السوري. بدأ ...


1-3-2015
الحل في سوريا أكبر من الأسد و خصومه
عندما أعلن المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، أخيراً، أن بشار الأسد «جزء من الحل» في سوريا، ...