مضت القوى الكردية السورية الرئيسية خطوة إضافية في مشروع لدى اتفاقها امس على أن «المناطق الكردية وحدة جغرافية سياسية» والمطالبة بربط الأقاليم الكردية الثلاثة، وسط سعي الى تقديم نموذج الإدارات الذاتية «خياراً ثالثاً» لمستقبل سورية.
وفيما قال رئيس «الحزب الديموقراطي التقدمي الكردي» عبدالحميد درويش لـ «الحياة» إن أي «مطالب انفصالية هي خيانة للشعب الكردي»، قال شيرزاد يزيدي ممثل الإدارة الذاتية في روج آفا (غرب كردستان) لـ «الحياة»، إن الإدارة الذاتية بـ «مثابة خريطة طريق لإنقاذ سورية والوصول الى دولة ديموقراطية اتحادية ولامركزية بدل خياري النظام الشمولي وتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)».
وكان ممثلو «حركة المجتمع الديموقراطي» و «المجلس الوطني الكردي» عقدوا أمس اجتماعاً في القامشلي (قامشلو بالكردية) شرق سورية تنفيذاً لاتفاق وقع بينهما في دهوك في نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، للاتفاق على «مرجعية سياسية» للأطراف الكردية والتنسيق بينها بدلاً من الانقسام الحاصل سابقاً بين «الاتحاد الديموقراطي الكردي» برئاسة مشتركة لصالح مسلم وآسيا عبدالله الذي أطلق مشروع الإدارات الذاتية العامة الماضي ويعتبره البعض قريباً من «حزب العمال الكردستاني» برئاسة عبدالله أوجلان من جهة و «المجلس الوطني» برئاسة عبدالحكيم بشار الممثل في «الائتلاف الوطني السوري» المعارض والقريب (بشار) من رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني من جهة ثانية.
ووفق المعلومات، أسفر اجتماع أمس عن الاتفاق على «مرجعية سياسية في روج أفا (غرب كردستان) السورية» ومقرها قامشلو، وتضمنت تبني «الرؤية السياسية الكردية بين المجلسين الكرديين (مجلس الشعب لغرب كردستان والمجلس الوطني الكردي) من أن سورية دولة اتحادية تعددية ديموقراطية برلمانية متعددة القوميات ما يستوجب إعادة بناء الدولة وفق النظام الاتحادي الفيديرالي بما يضمن حقوق جميع المكونات، واعتبار الكرد قومية ذات وحدة جغرافية سياسية متكاملة في مجال حل قضيتهم القومية والإقرار الدستوري بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي في سوريا وفق العهود والمواثيق الدولية»، إضافة إلى «تعزيز العلاقات الكردستانية (بين أجزاء كردستان في العراق وتركيا وإيران وسورية) وتطوير أشكال العمل المشترك وتدعيم آلياته، وتوفير المناخ لعقد المؤتمر القومي الكردي» بمشاركة ممثلين عن الأقاليم الأربعة.
وكان لافتاً أن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» نشر أمس خريطة لـ «كردستان سورية» قدمها ممثل «الحزب الديموقراطي» نوري بريمو إلى الاجتماع، تضمنت ربطاً بين أقاليم الإدارات الذاتية الكردية الثلاث من الجزيرة في شمال شرقي سورية وقرب كردستان العراق الى عين العرب (كوباني) وعفرين في شمال سورية قرب حدود تركيا، بالتزامن مع مطالبة القيادة في «الاتحاد الكردي» الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لدى استقبالها في باريس الأسبوع الماضي، بتوفير «ممر آمن» بين الجزيرة وعين العرب، إضافة إلى بدء الأكراد أمس بحفر خنادق أشبه بالحدود حول مدينة عين العرب التي استعادتها «وحدات حماية الشعب الكردي» من عناصر «داعش» قبل أسابيع، إضافة الى ظهور مطالب بتأسيس قاعدة عسكرية لـ «البيشمركة» في عين العرب قرب حدود تركيا.
لكن الأمين العام لـ «الحزب الديموقراطي التقدمي الكردي» قلل من أهمية هذه المؤشرات. وقال درويش لـ «الحياة» إن اقتراحه أن تكون سورية «دولة فيديرالية، لكن لن يتم أي شيء من دون قبول الشعب السوري. وإن أي شكل من أشكال الحقوق القومية يجب أن يتم بقبول مكونات الشعب السوري». وزاد: «مستقبل الأكراد ضمن سورية وليس خارجها. وأي طرح انفصالي أمر مرفوض ويضر بالأكراد»، الأمر الذي وافق عليه قيادي كردي آخر. وقال لـ «الحياة»: «طرح خريطة لكردستان الآن مثير للشكوك يرمي الى تأليب الشعب السوري وتركيا ضدنا».
وكان الرئيس التركي رجيب طيب أردوغان أعلن بعد طرد «داعش» من عين العرب رفض أنقرة «كردستان في سورية» أسوة بكردستان العراق، كما حذر مسؤولون سوريون من مطالب انفصالية كردية. لكن درويش قال: «أي طرح انفصالي حالياً هو خيانة للشعب الكردي». وعن الخندق الذي حفر من شرق عفرين شمال حلب الى أعزاز، أوضح أن الأكراد بدأوا «إقامة سواتر ترابية لحماية أنفسهم من داعش. هذا لا يعني رسم حدود كردستان».
في المقابل، يرى يزيدي أن «معركة تحرير كوباني، بداية مرحلة جديدة»، لافتاً الى «المغازي الكبيرة لاستقبال هولاند القادة الأكراد بالزي الكردي والزي العسكري لوحدات حماية المرأة». وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد العمل على إعادة إعمار عين العرب، وأن الجانب الكردي طلب فتح ممر من الجزيرة أو عبر تركيا وتسليح «وحدات حماية الشعب»، وأن المرحلة المقبلة تتضمن التركيز مع «الجيش الحر» للسيطرة على تل أبيض التي تقف عائقاً بين إقليمي الإدارة الذاتية: الجزيرة وعين العرب.
وتابع أن الوفد الكردي قدم لهولاند في الإليزيه شرحاً لتجربة الإدارات الذاتية لتكون «نموذجا لسورية المستقبل»، إذ إنه «لا مجال لإعادة إنتاج النظام الشمولي، ولا مجال لسيطرة فكر داعش الإرهابي. نحن في روج أفا (غرب كردستان) قدمنا نموذجاً آخر، إدارات ذاتية تضمن جميع المكونات، بحيث تكون مثالاً لسورية ديموقراطية تعددية لامركزية».
وبموجب مشروع الإدارات الذاتية الذي أعلن قبل حوالى سنة، يتوقع أن تجري انتخابات بلدية في الأقاليم الثلاثة في 13 الشهر المقبل وانتخابات إدارة محلية في 5 أيار (مايو) المقبل. ويتضمن اتفاق «غرب كردستان» و «المجلس الوطني» بعد المرجعية السياسية، تشكيل لجان لبحث انضمام «المجلس الكردي» إلى الإدارات الذاتية وبحث انضمام المقاتلين الى «وحدات حماية الشعب» التي يرى «الاتحاد الديموقراطي» أنها «فرضت نفسها بعد معركة تحرير كوباني، حيث قدمت ألف شهيد».
عكس السير