يشير ما يقرب من 3 مليون لاجئ إلى بلداتهم بصيغة الزمن الماضي. تقول سفارة, وهي جدة من بلدة تقع جنوب سوريا وتعيش حاليا في مدينة إربد في الأردن :" كان هناك درعا ولكن الآن لم يعد هناك درعا". وربما تصبح جنسيتهم ضائعة كحال بلداتهم.
وتقول مفوضية الأمم المتحدة للاجئين بأن عشرات الآلاف من السوريين ربما يصبحون بدون جنسية نتيجة للحرب المتوحشة المندلعة منذ ثلاث سنوات ونصف. عدد اللاجئين وطول المدة التي من المرجح أن يقضوها خارج سوريا, إضافة إلى قوانين الجنسية الصارمة في البلاد المستضيفة لهم, تطرح خطر أن يزيد عدد الأشخاص عديمي الجنسية في العالم 10 ملايين شخص إضافي.
بالنسبة للكثيرين المشكلة بكل بساطة هو عدم وجود أوراق تثبت أنهم سوريون منذ أكثر من ثلاث سنوات من الحرب، ومع هروب الناس، فقد الكثيرون منهم أوراقهم الثبوتية أو انها تعرضت للتلف.
بالنسبة لأشخاص آخرين، انتهت صلاحية جوازات السفر (صلاحية جوازات السفر تنتهي خلال عامين بالنسبة للرجال الذين لم يتقدموا للخدمة العسكرية الإجبارية). ولا يمكن تجديد الجواز أو إصدار جواز جديد إلا من خلال العودة إلى سوريا أو من خلال التقدم لإحدى السفارات أو القنصليات العاملة في الخارج.
في الدول المجاورة, يتطلب ذلك رحلة طويلة إلى اسطنبول وعمان أو بيروت ورسوم لتقديم الطلبة و فترة تصل إلى ستة أشهر – إضافة إلى نتيجة غير مضمونة. السوريون المطلوبون للنظام لا يجرأون على الاقتراب من أي سلطة سورية. الذين قاموا بذلك عن بعد قالوا بأن طلباتهم التي تقدموا بها للحصول على الأوراق اللازمة رفضت. وأصبحت الأمور أسوء، إذ بدأت المجموعة الجهادية التي تطلق على نفسها اسم الدولة الإسلامية بتدمير الجوازات والسجلات الرسمية في سوريا.
يتأثر الأطفال بصورة مباشرة لأن العديد منهم غادر سوريا حتى قبل الحصول على جواز سفر أو هوية شخصية. حوالي 8000 من القصر عبروا الحدود دون وجود كبار معهم، ناهيك عن عدم وجود أية وثائق معهم. وضع ما يقرب من 51000 مولود جديد ولدوا خارج سوريا أكثر تعقيداً كذلك. الأطفال الذين ولدوا في الخارج يمكن اعتبارهم سوريين إذا تم تسجيل واقعة الولادة في الدول المضيفة، بعدها يمكنهم التقدم للحصول على الجنسية من السلطات السورية. لا تمنح الجنسية السورية إلا إذا كان الأب سورياً، ولهذا فإن كلا من السلطات الأردنية واللبنانية تطلب إثبات زواج ساري المفعول للوالدين قبل أن تسجل الولادة.
ولكن النساء يتولين مسؤولية ربع الأسر اللاجئة، لأن الكثير من الرجال إما قتلوا أو فقدوا أو أنهم بقوا في سوريا. اللاجئون الذين لا يملكون وثائق جنسية أو جوازات سفر منتهية لا يمكن أن يسجلوا زواجهم خارج البلاد. إضافة إلى ذلك، العديد من الأطفال ولدوا من أمهات دون السن القانونية أو من خلال زيجات دينية غير معترف بها قانونياً. المشكلة تزداد سوء مع قيام اللاجئين السوريين بتزويج بناتهم في سن صغيرة على أمل أن يتمكن زوجها الجديد من دعمها.
وتقول جمعية "أنقذوا الأطفال" الخيرية إن ربع حالات الزواج بين السوريين في الأردن غير قانونية لأن العروس دون السن القانونية في حين وجدت دراسة اجرتها مفوضية اللاجئين أن أكثر من 75% من أطفال اللاجئين الذين ولدوا في لبنان ليسوا مسجلين بصورة صحيحة.
و لا تمنح دول الجوار الجنسية للسوريين لأنهم ولدوا على أراضيهم ببساطة ولهذا لا يمكن للاجئين السوريين الحصول على جنسية أخرى بسهولة. و بدون أوراق ثبوتية صالحة فإن السوريين يحرمون من الحصول على الإقامة في لبنان وتركيا. بعض السوريين الذين لا يملكون أية وثائق منعوا من الدخول إلى تركيا.
و في لبنان، يعيش السوريون في ظل حالة خوف من الشرطة في ظل عدم قدرتهم على تخطي حواجز التفتيش أو العمل أو حتى استئجار البيوت. هذا الأمر أجبر بعض الأشخاص على القيام برحلة محفوفة بالمخاطر إلى سوريا للحصول على وثائق رسمية, ولكن السياسات الجديدية في لبنان والأردن تمنع اللاجئين العائدين من سوريا من الدخول مرة أخرى. ولهذا انتشرت تجارة الجوازات المزورة في تركيا. بعض السوريين دفعوا رشوات كبيرة لمسؤولين سوريين لمحاولة الحصول على الوثائق الثبوتية.
وأطلق بعض الناشطين حملة تطالب الائتلاف السوري المعارض الممثل الرئيس للمعارضة بإصدار الجوازات.
قبل الصراع الدائر في البلاد، كانت سوريا موطناً لما يقرب من 300000 من محرومي الجنسية. بعضهم من بين 500000 فلسطيني يعيشون في سوريا. (وهم يكافحون ليجدوا دولاً يمكنهم الهروب إليها. انتقدت منظمات حقوق الأردن مرارا لذلك, بسبب إعادة السوريين من أصل فلسطيني عند حدودها). ولكن أغلبية هؤلاء هم من الأكراد الذين يصل عددهم إلى 2 مليون نسمة في سوريا, حيث أن العديد منهم محرومون من المواطنة، وللمفارقة فإنهم مسجلون كأجانب في سجلات السلطات السورية.
وصدر مرسوم في عام 2011 يمكن بعضهم من تقديم طلبات للحصول على الجنسية، ولكن هناك آخرين لا تنطبق عليهم الشروط أو أنهم هربوا قبل القيام بذلك، ووجدت دراسة أجريت على اللاجئين الأكراد في كردستان العراق العام الماضي إن هناك 10% منهم من محرومي الجنسية.
وتشجع مفوضية اللاجئين الدول المضيفة على تبسيط إجراءات التسجيل للاجئين السوريين. كما إنها تطالب هذه الحكومات بطلب عدد أقل من الوثائق لإثبات الهوية وتسجيل الزواج. وهي تستخدم الرسومات لإخبار 3000 لاجئ بالحفاظ على وثائقهم القانونية وتسجيل الولادات وحالات الوفاة والزواج.
وفي كل أسبوع يقوم ضابط السجل المدني بزيارة مخيم الأزرق، الذي يستقبل الآن حوالي 97% من الواصلين الجدد إلى البلاد من سوريا.
وتقول بيرناديت كاسل هوليكسورث التي تدير مكتب المفوضية في المخيم أن الفضل يعود إلى أن الكثير من هذه الولادات غير المسجلة انتهت تقريباً. ولكن الوصول إلى كل شخص, خصوصا ًمن الذين يعيشون خارج المخيم أمر صعب جداً.
عكس السير