إعلانات
حاجة السوريين إلى سلاح نوعي!
الاحد - 6 نيسان - 2014 - 12:52 بتوقيت دمشق
التفاصيل



لا يختلف كثيرون وخاصة في أوساط السوريين على أن ما تحتاجه سوريا، ليس السلاح وإنما السلام. فهذه حقيقة، لا يستطيع أحد تجاوزها في ضوء ما وصلت إليه حال السوريين من كارثة، تتضمن في داخلها كوارث لا عدد لها وفيها من البشاعة ما لا يحتمله عقل ولا قلب.

وليست حاجة السوريين مجرد كلام أو رغبة، بل ثمة تأكيدات عملية وعميقة على حاجة السوريين إلى سلام أكثر بكثير من حاجتهم إلى سلاح، ولعل أبرز تلك التأكيدات، تجسده مشاركة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في مؤتمر «جنيف 2» الذي اتخذ مهمة فتح بوابة لحل سياسي للقضية السورية، وكان يمكن أن يكون لو توفرت إرادة مشتركة لنظام الأسد وداعميه وخاصة روسيا، كما كان من الممكن الحصول على نتائج أفضل لو تعامل الموصوفون بـ«أصدقاء الشعب السوري» بجدية أكبر مع «جنيف 2» في مقدماته وفي نتائج الجولتين الأولى والثانية من أعمال المؤتمر.

ومن دون تكرار وتعداد للأمثلة، التي تعكس رغبة السوريين وسعيهم على المستوى الشعبي كما على مستوى المعارضة السياسية وعلى مستوى التشكيلات العسكرية المحسوبة على الثورة، فإن الروح التي انطلقت منها ثورة السوريين في شعاراتها وطروحاتها كانت روح سلام، لا قتال ولا سلاح، بخلاف ما فعله النظام من زج بالسلاح ضد الثورة والشعب السوري، ثم ذهابه إلى حرب شاملة مغرقا سوريا والسوريين بثلاثية القتل والتهجير والدمار، التي صارت استراتيجية للنظام، ما زال يتابعها مع تحالفه الدولي – الإقليمي بجناحيه الروسي - الإيراني وأدواته الإجرامية التي تضم ميليشيات ومرتزقة بينها حزب الله اللبناني ولواء أبو الفضل العباس العراقي.

وبدا من الطبيعي أن تنشأ مقاومة سورية في مواجهة استراتيجية النظام، فكانت التشكيلات العسكرية للثورة التي شكلها ثوار ومنشقون عن المؤسسة العسكرية – الأمنية للنظام ممن رفضوا توجيه سلاحهم لأهلهم، وكان المبدأ الرئيس في منحى تلك التشكيلات هو حماية المتظاهرين والمدنيين، وقد صار شعارا معلنا للجيش الحر، قبل أن يطور الأخير استراتيجيته في التوجه نحو إسقاط نظام الأسد عبر مواجهة سياساته وممارساته الدموية، وهو هدف لم يتغير رغم تطورات شهدتها ساحة العمل العسكري ومنها بروز وجود وقوة جماعات متطرفة خارج توجهات الثورة بينها «دولة العراق والشام» (داعش)، التي يخوض السوريون ضدها حرب دفاع سياسية وعسكرية، تقارب المعركة التي يخوضونها ضد النظام وأدواته. غير أنه في تلك الحرب المزدوجة، يخسر السوريون الكثير وخاصة في الأرواح، وبين الأسباب الأساسية لخساراتهم نقص سلاح نوعي مضاد للطائرات والدروع، يدافعون به عن أنفسهم وتجمعاتهم السكانية في مواجهة القصف الجوي بالبراميل المتفجرة والقصف المدفعي والصاروخي اللذين يقوم بهما النظام.

والغريب في الأمر، أن «أصدقاء الشعب السوري» يمنعون وصول تلك الأسلحة في وقت تمر فيه تحت أعينهم وسمعهم صفقات سلاح ومساعدات عسكرية وبشرية لا حدود لها لنظام الأسد من روسيا وإيران وكوريا الشمالية وغيرها، والسبب المعلن لمنع الأسلحة النوعية تخوف من وصولها إلى الجماعات المتطرفة وحزب الله اللبناني، رغم أن هؤلاء لا يواجهون ذات التحديات التي يواجهها السوريون في التسليح والذخائر، حيث بوابات تسليحهم مفتوحة على كل ما يحتاجون.

إن حاجة السوريين إلى سلاح نوعي هي حاجتهم إلى وقف مسلسل القتل والتهجير والدمار الذي يتابعه نظام الأسد وأدواته، أو على الأقل الحد مما يصيبهم من خسائر ذلك المسلسل.

وبانتظار أن ينجز المجتمع الدولي ومنه «أصدقاء الشعب السوري» مساعيهم لإنجاز حل سياسي، لا ينبغي أن يدفع السوريون الثمن من أرواح أبنائهم وذل تهجيرهم ودمار قدراتهم وإمكاناتهم.

أما إبقاء السوريين بلا سلام، يفرض على نظام مستمر في إجرامه للعام الرابع على التوالي، وبلا سلاح نوعي يوقف بعضا من عدوانه وعدوان جماعات التطرف على الشعب السوري، فهو أمر غير أخلاقي ولا إنساني، وغير مقبول، ويطرح على المعارضة السورية وعلى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة باعتباره ممثل الشعب السوري البحث عن بدائل فعّالة، لأنه لا يجوز استمرار قتل وتهجير وتدمير السوريين تحت أي ظروف ولأي أسباب كانت.

فايز سارة - الشرق الاوسط


أضف تعليقك :
الاسم : *
التعليق : *
Keyboard لوحة مفاتيح عربية
ضع الكود الموجود بالصورة : *

أخبار أخرى من " مقالات وآراء "

11-3-2015
الأسد بمساعدة حلفائه .. يبدو أنه باق !
يبدو ان فرص نجاة بشار الاسد من الازمة السياسية سالما باتت أكبر من أي وقت مضى منذ بدئها ...


11-3-2015
سوريا .. لا حل إلا هذا الحل !
  يتحاشى الذين يروِّجون لضرورة الانفتاح على بشار الأسد ونظامه، وعددهم قليل على أيِّ حال، تذكُّر أن قرار دمشق ...


10-3-2015
هل علينا التصالح مع الأسد ؟ !
مع ارتفاع وتيرة قتال الإيرانيين وحلفائهم إلى جانب قوات نظام الأسد، وتولي الإيرانيين أيضا قيادة حروب القوات العراقية ...


8-3-2015
أضعف الإيمان .. إسقاط الدولة السورية !
تصريحات الغربيين في الخلاص من النظام السوري تبدلت. الارهاب في سورية عاود صوغ المشهد. بعض الدول الاقليمية بات ...


7-3-2015
سياسة شرق أوسطية جديدة من دون الإخوان
لم أطلع على محضر اجتماعات العاهل السعودي بالرئيسين التركي والمصري، ولكني مستعدّ لأن أجزم بأن «الإخوان المسلمين» لم ...


7-3-2015
أميركا و الخليج .. من طمأن الآخر ؟
قراءة التصريحات السعودية، على لسان وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، وتصريحات نظيره الأميركي جون كيري، حول إيران، تقول ...


7-3-2015
هل الاحتلال الداعشي حرام و الاحتلال الإيراني حلال ؟
كي لا يحاول أحد أن يصطاد في الماء العكر من مجرد قراءة عنوان المقال، سنقول: تصدوا كما تشاؤون ...


6-3-2015
هل تدعم الإمارات بقاء نظام " الأسد " في حكم سوريا ؟
ربما تكون القضية الأقل خلافا بين دول المنطقة وفي مقدمتها تركيا وقطر من جهة والسعودية والإمارات وبقية دول ...


6-3-2015
من يخشى من تغير السياسة السعودية ؟
أصبحت مسألة تغيّر السياسات السعودية حيال المشاكل التي تعاني منها منطقة الشّرق الأوسط، من أهم المسائل التي تتداولها ...


4-3-2015
مخاوف من صفقة " أميركية - إيرانية " !
أي اتفاق بين الدول الست وإيران حول ملفها النووي إذا تم رغم الصعوبات التي ما زالت موجودة بالنسبة ...


3-3-2015
سورية ولاية إيرانية ؟
بدأ نظام الملالي في إيران مدّ جذوره الطائفية نحو سورية، إذ استطاع أن يتحكّم بمفاصل حياة السوريين اليومية، ...


3-3-2015
الأزمة السورية إلى حل سياسي
رفض الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وصف موقف مصر من الأزمة السورية بالحياد. وهو قال في حواره مع «الشرق ...


3-3-2015
آخر مسيحي في الشرق الأوسط
يبدو السؤال مشروعا ومنطقيا وواقعيا حين يطرح: هل نحن نعيش حقبة تفريغ الشرق الأوسط من سكانه وأهله وشعبه ...


3-3-2015
خياران كلاهما سهل
في الأسابيع الماضية استقبلت الرياض عددا قياسيا من زعماء العرب والعالم. سواء كانت الغاية للتعزية أو للتهنئة، لم ...


1-3-2015
فشل دي ميستورا
المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا نجح في شيء واحد فقط، زيادة غضب أغلبية الشعب السوري. بدأ ...


1-3-2015
الحل في سوريا أكبر من الأسد و خصومه
عندما أعلن المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، أخيراً، أن بشار الأسد «جزء من الحل» في سوريا، ...