” شيعة السفارة ” وحماية لبنان

في 2005، يوم 14 آذار، نزل إلى الشارع لبنانيون بمئات الآلاف رداً على جريمة اغتيال رفيق الحريري. هؤلاء تظاهروا ضد الأمر الواقع، وطالبوا بانسحاب الجيش السوري من لبنان، وبسقوط «النظام الأمني اللبناني السوري المشترك». كان بينهم سنة ومسيحيون ودروز تنسجم مواقفهم مع مواقف طوائفهم وزعمائها، ذاك أن أمين الجميل وميشال عون وسمير جعجع ووليد جنبلاط كانوا، مباشرةً أو عبر ممثليهم، يقفون في هذا الموقع المحدد. وبالطبع كانت القيادات السنية، التي اغتيل رمزها الأول، تقف على الأرض ذاتها. لكن قطاعاً آخر من المتظاهرين كان هناك، ضداً من موقف طائفته الممثل بـ «حزب الله» وحركة «أمل». إنهم الأفراد الشيعة الذين أرادوا ما أراده الآخرون، لا بوصفهم شيعة، بل بوصفهم مواطنين لبنانيين.

هؤلاء، للسبب هذا، كانوا أكثر اللبنانيين لبنانية، وسلوكهم كان له ما قبل تاريخه إن صح القول، فعلى مدى عقود وُجد أفراد كثيرون من الشيعة اللبنانيين يبحثون عن ضائع، مرةً ظنوا الأحزاب العلمانية بدلاً منه، ومرةً رأوه في النقابات، وثالثةً في المقاومات، إلا أن الضائع المبحوث عنه كان لبنان الأكثر حداثة وعصرية والأقل طائفيةً وتخلفاً.

ولئن كان حظ هؤلاء سيئاً للأسباب اللبنانية المعروفة، فإن سوءه بلغ الحد الأقصى في العقد المنصرم: ذاك أن الطائفة التي صدروا عنها أكملت عسكرتها قبل أن توسع بيكار تورطها في حروب الداخل والخارج سواء بسواء. أما الطوائف الأخرى فاستكملت تشكلها الطائفي الصافي، وبالتالي انعدمت حاجتها إلى حلفاء مواطنين بلا طائفة.

وحين يسمي الأمين العام لـ «حزب الله» هؤلاء «شيعة السفارة»، فإنه لا يفعل غير إعلان البرم بمن لا ينضبطون بالطائفة فيما تُقرع طبول الحرب الطائفية في المنطقة، وبمن لا يرون أنفسهم مهزومين بهزيمة النظام السوري التي تُصور كارثةً على الشيعة. ولا يأتي الأمين العام بغير ما جاء به أمناء عامون كثيرون، في مشارق الأرض ومغاربها، ساووا بين الاختلاف عنهم والخيانة، فهؤلاء ما دام يصعب نعتهم بطائفتهم في عالم الطوائف، وما داموا لا ينضبطون بالموقف الطائفي كما يحدده الأمين العام، فإنهم لا يعودون أكثر من «شيعة سفارة». ذاك أن من ينفر من قبيلته صعلوك وطريد يلجأ إلى سفارة. وطالما أن السفارة المقصودة أميركية، بات الوصف قتلاً معنوياً يصعب استبعاد القتل المادي من بعده.

والأحكام التي تُصدرها محاكم الثورة قاطعة حاسمة لا تقبل الاستئناف أو التمييز، فـ «كل من يثبط أو يتكلم غير هذا الكلام هو غبي وأعمى وخائن. شيعة السفارة الأميركية خونة وعملاء وأغبياء، ولن يستطيع أحد أن يغير قناعاتنا…».

لقد تصرف «شيعة السفارة»، أقله منذ 2005، بالنيابة عن لبنان اللبناني. ولهذا فإن لبنان اللبناني يبدو اليوم مستهدَفاً من خلالهم، يستهدفه الفصيل الطائفي الأكثر طائفية والأكثر تسليحاً والأكثر احتقاراً للبنان، أكان في تعاقداته الداخلية أو في حدوده أو في لغته السياسية التخوينية التي يجعلها تأزمها وانتكاسات أصحابها في سورية تضيق بأدنى اختلاف. وفي المعنى هذا، فإن لبنان اللبناني كله هو «لبنان السفارة»، وهو سوف يستمر في قول كلام «غير هذا الكلام»، وانتهاج سلوك «غير هذا السلوك»، لأن الحرية هي معنى لبنان.

يبقى أن الخيانة، فضلاً عن العمى والغباء، تهمة سقيمة وقديمة جداً، إلا أن الجديد في هذا القديم، هو ما بلوره الخطاب الثاني مساء الأحد، فإن «حزب الله» يفتتح مرحلة جديدة أقسى وأصعب، مرحلةً يراد فيها لصوت المعركة في الخارج أن يعلو على كل صوت في الداخل، وقد تسقط فيها رؤوس وقد تُقتلع بلدات وقرى باسم السيطرة على الجرود. وبدلاً من إجماع لبناني ضد التكفيريين يُصاغ بالتسليم للدولة ولقيادتها، يتم توسل التكفير هناك ذريعةً للتخوين والتجريف والتقتيل هنا، بل لـ «الإبادة»، وفق ما توعد أحدهم. وهذه الأفعال الخيرة كلها هي، بالطبع، مما تستدعيه حماية لبنان!

 

حازم صاغية – الحياة

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫2 تعليقات

  1. في شيعة بلبنان صرمايتهم بتسوى راسك ، لا تتكلم بأسم كل الشيعة فهم بالغنى عن ان يكونو شيعة على درب الفرس، ويودون ان يعيشوا مع باقي الطوائف بكل احترام كما الآخرين يحترموهم ايضا ، روح العب غيرها يا تقبر امك،

  2. هذ القذر نصر اللات يمثل الخونة عملاء المجوس ..
    أنا رغم أنني شديد الكره لأمثال نصر اللات القذر ..
    ولكن أعرف أن كثير من الشيعة لا يشبهون هذا المأفون بأي شكل من الأشكال ..
    نحن لدينا أصدقاء من الشيعة .. وأصدقاء مقربون .. ولم يكن يخطر في بالنا التعامل بمنطق سني وشيعي قبل أن تبدأ إيران بألاعيبها الشيطانية وبضخ المال لأصحاب النفوس الرخيصة أمثال نصر اللات لكي يوقعوا بين أبناء الطوائف المتعايشين أو بالأحرى الذي يعيشون مثل شعب اي بلد آخر يكون من طائفة واحدة ..
    حتى كلمة يتعايشون أنا أرفضها .. فهي تعني إدارة الأمور بحيث لا يحدث اصطدام بين الطوائف ..
    لأن الحقيقة أن الناس في سوريا ولبنان كانوا يعيشون بشكل تلقائي ولا أحد يصنف الآخر نسبة لملته أو طائفته أو عرقه ..
    ولكن ألاعيب شياطين الفرس صنعت ما صنعت …