أبعد من الدويلة العلوية

تأجيل انطلاقة المفاوضات بين النظام والمعارضة في جنيف – 3 هو نسخة طبق الأصل عن إفشال جنيف – 1 وجنيف -2. وكما حصل في المحاولتين السابقتين، وافق النظام السوري على التفاوض على أمل نسف أسسه وتأجيل الحل السياسي. أما الهدف البعيد فهو نسف هذا الحل لتكون النتيجة الواقعية بقاء بشار الأسد في السلطة من دون تغيير في تركيبة سلطته. وإذا كان إفشال المحاولتين السابقتين تم لإعطاء المزيد من الوقت لإيران كي تعدّل ميزان القوى على الأرض فإن تأجيل جنيف – 3 هو لإعطاء المزيد من الوقت لموسكو كي تواصل تعديل ميزان القوى الميداني بالتحالف مع إيران والميليشيات المتعددة الجنسية التابعة لها.

فالمعلومات الواردة من دوائر القرار أن القيادة الروسية طلبت، أثناء المناقشات بينها وبين الإدارة الأميركية حول إمكان تنفيذ بعض مطالب المعارضة بفك الحصار عن مدن وقرى وبوقف النار أثناء التفاوض، إعطاءها المزيد من الوقت لترتيب الأمور تمهيداً لولوج هاتين النقطتين. وواشنطن وافقت على الطلب الروسي، تحت غطاء تصريحات وزير خارجيتها جون كيري بأن مطالب المعارضة بفك الحصار وعمليات التجويع ووقف النار وقصف المواقع المدنية، محقة. وسرعان ما بدا أن هذه التصريحات والوعود بالأخذ بمطالب المعارضة، لإقناعها بالمجيء الى جنيف هي رياء جديد من جانب الأميركيين، وعدم ممانعة من قبلهم في أن تواصل موسكو سياسة الأرض المحروقة بقصفها المجنون لمناطق المعارضة المعتدلة بموازاة قصف رمزي للمناطق التي يسيطر عليها «داعش».

كان واضحا قبل موعد جنيف – 3 أن وقف النار متعذر، لأن تفاهمات واشنطن وموسكو لم تشمل أي جهد لتنفيذ الفقرة المتعلقة بوضع آلية لوقف النار في القرار الدولي الرقم 2254. فكيف يمكن وقف النار من دون تحديد وسائل فرضه وسط فوضى القتال الجاري وإذا لم يشمل إنزال مراقبين له أو قوات فصل في بعض الأماكن. وهذا ما يتجنب الدب الروسي مناقشته وتتواطأ معه الإدارة الأميركية في عدم الإقدام عليه.

إلا أن التطورات الميدانية التي تعجل الآلة العسكرية الروسية الوحشية في تحقيقها أخذت تكشف عن أهداف تتعدى ما قاله وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند عن أن روسيا تساعد الأسد على إقامة دولة علوية على الساحل السوري. وإذا كان هذا هو الهدف الأدنى لموسكو لتثبيت نفوذها في سورية، وسبق أن طلبت من إسرائيل عبر علاقتها الخاصة بها عدم التخريب على قيام دويلة كهذه، فإن موسكو باتت تطمح الى أكثر من ضمان الدويلة و «سوريا المفيدة» تحت سيطرتها وإدارة نظام الأسد، فتوسع قوات الأخير مع الميليشيات الإيرانية والعراقية و «حزب الله» تحت الغطاء الجوي الروسي بات يشمل إدلب وحلب وجسر الشغور، ولا يقتصر على ضمان أمن اللاذقية وريفها والساحل والطريق إليها من دمشق. النتائج الميدانية للأيام القليلة الماضية تكشف أن الوقت المستقطع الذي طلبته موسكو هدفه استعادة معظم المناطق السورية التي تسيطر عليها المعارضة وصولاً الى حلب في الشمال، بهدف تقزيم الدور التركي في سورية، وإلغاء المعارضة والفصائل المعتدلة بهدف إعادة النظر بتركيبة الوفد المفاوض مع النظام، وإبقاء المناطق التي تسيطر عليها في مناطق محدودة على الحدود مع العراق، وترك المناطق الشرقية والشمالية الشرقية بعهدة «داعش»، بحجة أن تطهيرها يتم لاحقاً، بحيث تصبح مناطق سيطرة النظام أكبر بكثير من دويلة الساحل. فالمؤشرات الميدانية تدل الى أنه سيترك للنظام والقوات الإيرانية قضم ما تستطيعه من الجنوب ومحافظة درعا، في ظل الإحجام الأردني عن دعم «الجيش الحر» والفصائل المقاتلة، فضلاً عن تطهير ريف دمشق من أجل ضمان الطريق بين الأخيرة ولبنان كممر إيراني الى البحر المتوسط.

خذل «أصدقاء سورية» الشعب السوري للمرة العاشرة، سواء لجهة الدعم العسكري أو لجهة التفاوض على العملية السياسية، بما يمهد لإطالة الحرب السورية سنوات أخرى. وبات على المعارضة أن تبحث عن إستراتيجية جديدة لإدارة موقعها في المحنة السورية الطويلة.

وليد شقير – الحياة

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫3 تعليقات

  1. أقام العلويين دولتهم العلوية في الساحل السوري بعد أنسحاب الفرنسيين في مطلع القرن العشرين ولم تعيش فترة طويلة وقضى الشعب السوري عليها
    وإذا حاول النصيريين الأغبياء إعادة مشروع الدولة العلوية بقيادة زعيمهم الأهبل بشار الأسد وأخيه المخنث باسل الأسد سوف يكون مصير هذه الدولة الفشل كما حصل سابقاً وسيقضي ثوار سوريا الأبطال عليها مهما طال الزمن لأن الساحل السوري جزء لا يتجزأ من سوريا ويستحيل فصلة
    وإذا كان الأهبل بشار الأسد ومجانين الطائفة النصيرية يصرون على أقامة دولة طائفية خاصة بهم لماذا لا يهاجرون إلى أحد أقاليم الهند ويقيمون هناك دولتهم العلوية النصيرية بعيداً عن سوريا

    1. الساحل استقبل مئات الالاف من العائلات السنية من حلب وادلب ولو تم عمل احصاء سنجد ان نسبة السنة هي مساوية للعلوية والمسيحية. بالمقابل قام (الثوار) بقتل و تهجير العلويين و المسيحيين و الدروز في مناطقهم. فمن هو الطائفي ومن برايكم يسعى الى اقامة دولته الطائفية احادية اللون. كان من المنطق الا يستقبل العلويين اي احد من السنة في مناطقهم وليذهبوا الى جهنم ولكن ذلك لم يحدث. وللمعلومية الفرنسيين هم من اقاموا دولة العلويين سنة 1920 و العلويين هم من طالبوا بالاتحاد مع باقي الدويلات سنة 1936 ولم يطالبوا بالانفصال كما فعل اقليم لبنان. رجاء لا تعلق قبل التاكد من معلوماتك لانه مو ناقصنا غبا بالموقع

    2. والدليل الرسالة الي بعث بها جد بشار ,سليمان الوحش إلى فرنسا والتي كشفت عنها الخارجية الفرنسية والتي تطالب الفرنسيين باستمرار احتلال سوريا أو اقامة دويلة للنصيرية في الجبال