عن الموت و ممارسة الجنس في زمن الحروب

“عادةً ما تساهم الحروب حول العالم في تراجع عدد المواليد، وهذا أمر طبيعي. فالجنس يصبح ثانويًا أمام صوت المدافع ورائحة الموت. يصبح البقاء على قيد الحياة والصمود حتى اليوم التالي هو الأهمّ، فالرجال يحاربون أو يبحثون عن الأمان لعائلتهم والنساء يصلّين ويسهرن ليلًا ونهارًا، خوفًا من أن يخطف الظلام أحباءهنّ على غفلة. فماذا يُسمّى إذًا، تزايد عدد المواليد في الحرب؟ جهل أو انعدام في المسؤولية؟

ففي بلادنا (تقصد كاتبة هذا الرأي لبنان) التي تستضيف أكثر من مليون لاجئ سوريّ، كثيرًا ما نرى سوريات حوامل، أو نلتقي بأُسر مؤلفة من أطفال لم يتجاوزا السنة أو الأشهر، هذا بخلاف أولئك الذين يشحذون على أطفالهم الرُضع.

مشاهد لا يألفها العقل، فهؤلاء الهاربون من الدمار والقتل، الباحثون عن استقرار في بلد آخر، كيف لهم أن يفكروا بإنجاب أطفال فيما هم، أنفسهم، لم يدركوا بعد ماذا يخبئ لهم المستقبل؟ لقد وجب دقّ ناقوس الخطر، لأن الجهل وقلّة الاكتراث وبالتالي الإنجاب من دون وعي، من شأنه أن يولّد فقرًا ومجتمعُا بائسًا”.

الحمد الله أن أحدًا لم يقرأ هذه السطور من مقالة صحفية مبتدئة على ما يبدو تدعى سينتيا سركيس نشرته على موقع تلفزيون Mtv المملوك لآل المر والمحسوب على حزب القوات اللبنانية وزعيمه سمير جعجع، أحد الشخصيات البارزة في الحرب الأهلية اللبنانية، بعنوان: “يمارسون الجنس. حيث لا يجرؤ الآخرون!”.

وكون هذا المقال يتميز باللاعلمية والكلام السطحي الذي يهدف إلى إظهار حقيقة أن ممارسة الجنس وإنجاب الأطفال في زمن الحروب هو جهل وقلة اكتراث فإنه لا بد من أن نسدي لها النصح والتوجيه في حياتها المهنية كي لا تقع في مطبات نشر الجهل والكلام السطحي وكي تكون أكثر رزانة بدل نشر ترهات بحثًا عن شهرة مؤقتة.

يقول أستاذ علم الوراثة في جامعة أكسفورد، البروفيسور بريان سايكس في كتابه الشهير لعنة آدم ص 246- 247: “الناس يمارسون الجنس أكثر أثناء وبعد الحروب”. ومن المؤكد حقًا أنه تحدث أثناء الحروب زيجات أكثر مما في أي وقت آخر. ومن المعروف على نطاق واسع أن نسبة ولادة الأولاد ترتفع. لأن زيادة ممارسة الجنس ترفع مستوى التيستوستيرون عند الرجال وهذا ما يرفع عدد الأبناء الذكور.

ويبدو أن ارتفاع مستوى التيستوستيرون يأتي مضطردًا مع ازدياد احتماليات الموت وتعدد أشكاله، ومع تهديد الحياة بالفناء يأتي هذا الهرمون كدافع لاستمرارية الحياة.

وكي تستوعب السيدة سينتيا أكثر سأسوق لها مثلًا من الحرب الأهلية في لبنان التي كان سمير جعجع صاحب الموقع الذي نشرت عليه ترهاتها أحد قابضي الأرواح فيها وناشري الموت، فهذه الحرب حسب الإحصاءات أدت إلى مقتل ما يزيد عن 150 ألف شخص وتشريد 40 ألف مهجر و17 ألف مفقود ومخفي قسرًا، أي أن حصيلتها بالنسبة لعدد سكان لبنان كان كارثيًا بكل المقاييس.

في العام 1974 أي قبيل اندلاع الحرب الأهلية كان عدد سكان لبنان يصل إلى 2126000 نسمة، وفي العام 1997 صدر عن إدارة المكتب المركزي للإحصاء في لبنان دراسة أظهرت أن عدد سكان لبنان يقترب من 4 ملايين نسمة في عام 1997، ثم وفي العام 2001 دعم تحقيق قامت به جامعة القديس يوسف نتائج إدارة الإحصاء المركزي، ثم قدمت الإدارة في عام 2004 إحصاءات أظهرت أن عدد السكان هبط إلى 7.3 مليون مقيم.

وإذا أخذنا بالحسبان أرقام الهجرة المرتفعة بشكل كبير لاسيما بعد اندلاع الحرب الأهلية في لبنان -يقدر عدد اللبنانين في الخارج بـ 9 ملايين نسمة أي 3 أضعاف من يعيشون في داخل لبنان- ستكون النتائج صادمة، وهي أن عدد سكان لبنان تضاعف بعد الحرب الأهلية اللبنانية عما كان عليه قبلها.

لا بل أكثر من ذلك فقد وصل معدل الخصوبة في جنوب لبنان عام 1993 إلى حوالي 7.1 طفل لكل امرأة، وفي الشمال حيث كانت مسرحًا رئيسيًا للحرب الأهلية بلغ معدل الخصوبة 4.3 في الفترة نفسها وزيادة على ذلك لوحظ في إحصاء العام 2001 أن الهيكل العمري للسكان في الشمال يحمل خصائص تركيبة فتية للسكان.

فنسبة الذين تقل أعمارهم عن عشرين سنة تمثل حوالي 50% في عدة أقضية في الشمال، وهؤلاء ولدوا في ثمانينيات القرن الماضي، أى حوالي 5 سنوات من اشتعال الحرب الأهلية، وهذا وإن دل على شيء فإنما يدل على ممارسة الجنس في أوقات الحروب.

وإذا ما صحت الأرقام التي تتحدث عن الهجرة، والتي تصل في بعضها إلى 600 ألف مهاجر منذ 1975 والإحصاء الذي يقول بأن عدد السكان بعد الحرب كان 4 مليون، نكون أمام حالة تثبت بأن التكاثر الجنسي يزداد طردًا مع مستوى القتل، وهي حالة غريزية يلجأ إليها الإنسان ليحمي جنسه من الفناء ولا علاقة لها بالجهل.

أتذكر عندما كان كبار السن يستذكرون الحرب الأهلية كانوا يتحدثون عن أن اللبنانيين شعب حي لا يخشى الموت، فرغم حالة الحرب والقتل على الهوية بين الإخوة الأعداء كانوا يحرصون على السهر و”البسط” على حد تعبيرهم، هم لم يصفوهم بالجهل وعدم الاكتراث كما فعلت هذه الصحفية المسكينة.

المفارقة أن سركيس كانت قد كتبت مقالًا قبل ذم ممارسة الجنس أيام الحروب، بعنوان “شاطئ للعراة في لبنان” وفيه تدعو سينتيا سركيس هذه، إلى تخصيص شاطئ للعراة في لبنان لتكريس موقعه كأحد أهم البلدان التاريخية التي يتوجب على السياح زيارته، هي تدعو لتغيير صورة الواقع الأمني الضبابي لتعزيز السياحة عبر أساليب جذب جديدة لجعل لبنان ذائع الصيت.

فتقول: “ليس تحقيق ذلك كله بالمستحيل، ولسنا بحاجة إلى أكثر من تخصيص شاطئ للعراة في لبنان. لنحلم بلبنان كخلية نحل لا تكل ولا تمل، لجعل أيقونة المتوسط تضج بالحياة والازدهار”. أنا واثق أن صحفية بهذه السطحية كانت تشعر بذات شعور أرخميدس عندما اكتشف نظريته الشهيرة فخرج من الحمام عاريًا يقول وجدتها. وجدتها. ولكن شتان بين عري الجسد وعري الأخلاق.

جورج كدر – ألترا صوت

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫8 تعليقات

  1. دراسة على الاطفال السوريين انهم يتعرضون لمشاهدات جنسية صريحة في الخيم الضيقة من الاهل

  2. الحل توزيع حبب منع الحمل و تريب اللولب للنساء

    1. وين الغلط في الموضوع ؟؟؟

      أنا مع هاد الراي تبع تنظيم النسل خاصة في اوقات الازمات … اش ذنب هالاطفال يجو على دنيا كلها قتل ودمار وهلاك …اش ذنب هالبشر يتعذبو بصور اشلاء الاطفال ومصير اسود ….

      أنت يا كاتب المقال عبتتهجم على مقال آخر أنا بأيد كل شي فيه … وأقول لك بصراحة حتى لو ماكان لا في حرب ولا بطيخ ..البني آدم بتعلم من حواليه ومن حاله … ولدنا بعيلة كبيرة ..لقمة الخبز الماكن مانا شبعانينها … واب ينتمي لأسوأ جيل مر على تاريخ سوريا …الجيل اللي اسس لحكم الاسد وما ثار عليه …جيل آثر قرط المكسرات لزيادة الخصوبة على أن يفكر ولو للحظة هالولد اللي بدي أخلفو …رح اعرف اربيه …رح اعرف اعلمو …رح اعرف اجيب لو دوا … إلا كل شي رح يرميه على المرا … الأم متل كل نساء سوريا عندهم جهل وترباية قديمة تبع طاعة الزوج وتبع أنو المرأة للحمل والولادة ..فمافي لوم كبير عليها … لكن الجيل الحالي من النساء هن تربيتهم …أما الجيل الحالي من الرجال والحمد لله متوفر فيه الحد الادنى من الوعي لمعرفة أنو الولد مسؤولية …ولا أقول خوف من رزق الولد ..معاذ الله …لكن حتى الصحابة كان يحددو النسل

      ابو بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان وعلي وكل الصحابة ….كان لديهم اربع نساء ..لكن من كل امرأة لا يوجد لديهم إلا ولد أو ولدين وليس اكثر …ولنا فيهم الاسوة الحسنة

      إن جينا نمنع واغلب التمنيع عند النساء … فالحبوب بتسوي لهم سمنة وخلل هرمونات وحالات عصبية … واللولب ما بيركب … والحسابات أغلبهم بيغشو فيها كرمال يجيبو مزيدا من الاولاد … وبيزتو هالولاد على الرجل … الرجل بيحمل اكتر من المرأة في وقتنا الحالي … المرأة بتضع ثقلها وثقل ما تخلفه على الزوج وبدون أدنى مسؤولية وكلو كرمال أنها لازم تعمي قلبو بالولاد بشان ما يتجوز عليها !!؟؟؟ وبشان يلعب بديلو !!!! ومن هالافكار المتخلفة

      الولد ماهو جماع وانتهى …كل حمار بيعرف يجامع … وجيل آبائنا عرفو يخلفو … وبالدزينات ماشاء الله …لكن شوف لي من كل عيلة كم ولد ناجح وكم ولد ماشي حالو وعرفان كيف يفتح بيت …وهاد وقت السلم …فمابالك بوقت الحرب

      خلف وربي في المخيمات …,والله والنعم من هيك اب وهيك ام … خلف واطلاع لاجئ عتركيا أو المانيا …احسنين …خلف واستنى البرميل ينزل على راسك أنت وعيلتك …الله اكبر

      الرزق من عند الله وما حكينا شي …لكن تربية الولد والاهتمام فيه من عند مين ؟؟!! مو الاب هو المسؤول … بزمان أبائنا المتخلفين ما بعرف ولا شفت أب شايل ابنو أو عبلعبو أو عبعلمو …حد التعليم عندو أنو يقول لو : عندك شي مافهمتو بالمدرسة تعال اسألني …. ههه : أنت متأكد يابا ؟؟!! أنت متأكد أنك عاطي ابنك الحرية المطلقة بسؤالو الك ؟؟ بتجاوب عن اول سؤال والتاني …بس التالت مارح تعصب أو تتأفف ….؟؟!! بدك تتسمع لو القصيدة ..متأكد أنو إذا مو حافظها ما ترمي الكتاب بوجه ابنك … وبعد ما ترمي كتاب العربي بوجه ابنك بتتوقع يجي يسالك في الرياضيات ؟؟؟
      هالاشياء هي كانت سهلة على جيل آبائنا لأنو باعتقادهم إننا بلا إحساس وهديك الايام كنا نعتبر أنو كل الاخطاء هي اخطائنا ونحن أطفال … بس هلق كبرنا وصرنا نتذكر وبنعرف أنو نحن كنا اطفال في الحد الادنى من الطفولة وماكنا غلطانين … هن اللي غلطو ..جيل التخلف ..جيل البعاثة … ونحن اللي اكلنا ****
      هلق عقدنا النفسية ومهما كنا على وعي إلا أنو ما بنحسن نضبطها وقت بنشوف اولادنا قدمنا وكيف بنقدم لهم أكثر مما نستطيع بينما آبائنا ما كلفو خاطرهم معنا باقل من هيك بكتير … الاقل من اقل الحقوق: ليش خلفتونا إذا ما بتعرفو وما بتقدرو أنو تلبو احتياجات اولادكم المنطقية …اللي بنشوفها عند كل اولاد الناس حوالينا ..ليش خلفتمونا إذا كنا رح نقضي الطفولة ونحن عنسرح بالدواب في الارض وبعد العصر رح نطلع على لم الحطب من كرم بيت فلان كرمال 3 ليرات عالشجرة …نساعد بها مصروف العيلة الكبيرة …ليش خلفتمونا إذا بيمر العيد الصغير وما بنشتري تياب جديدة وبعدها بتطالبونا أنو نطلع نعيد مع الاولاد اللي لابسين تياب العيد …انا ما عبحكي عالعيد الكبير ..بنعرف مافيه تياب …بس عيد رمضان ما بتحسنو تشترو تياب لاولادكم التسعة فليش هن تسعة ؟؟!! الرزق على الله والخلفة عليكم مو هيك ؟؟!

      نريد أن نتعلم من اخطاء اهالينا وما نظلم اولادنا … واللي متأكد أنو قادرة على تربية أبنو يروح يخلف …واللي مالو خلق وبعصب من صوت الولد الصغير فلا يخلف …واللي بتعرف انو جوزها ما بيتحمل صراخ الولد وبضوج إن مرض الولد فلا تدور على خلفة بالدزينات …

      حسبي الله احسن شي

    2. من احلى التعليقات!! جبرتني اقرا للنهاية!! المشكلة انو نحنا فهمانين الدين خطا وحتى انت ذكرت العبارة بشكل خاطئ تبع الرزق على الله!! الله قال ولا تقتلوا اولادكم خشية املاق نحن نرزقكم واياكم!! بس ما قال جيبوا ولاد وانتوا فقرءا واناارزقكم!! يعني بحال صار حمل غص من عنك لا تقتل الولد خوفا من الفقر!! وهلا بها الزمن الحمل صار عليه تحكم كامل!! الواقيات الذكرية ارخص منها مافي يعني الجحش يلي عم يحب مرتو فهو قاصد ومعتمد على المبدا الغبي تبع جدودنا الولد بيجي وبتجي رزقتو معو!!! باعرف واحد بسوريا رح بيتو بالقصف ومقيم مع عيلتو مرة و3 اولاد بالهونداية تبعو وحاليا مرتو حامل!! بالخونداية عايشين الجماعة بناموا فيها كلهن!!! ومرتو حامل!!! هادا مو حلال تقوصو؟! هادا اعدام عالخازوق قليل عليه لانو مجرم جاب ولد عالدنيي حتى بيت ماعندو!!

  3. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ قال بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن فقال قائل يا رسول الله وما الوهن قال حب الدنيا وكراهية الموت،هدا الحديث بينطبق هلأ يعني مو المهم العدد ، المهم النوعية متل ما قال المعلقين اللي قبلي.