إعلانات
المقاومة عبر التاريخ ليست إرهاباً ... بقلم : باسم الأفندي
الاحد - 2 أيار - 2010 - 21:47 بتوقيت دمشق
التفاصيل

أثناء أحداث عدوان تموز عام 2006 على لبنان وأثناء العدوان على غزة 2008-2009  , سمعنا أصوانا أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها أصوات شاذة من (  البعيد والقريب ) , ليس لأنها لم تعجبنا فحسب , بل لأنها تخالف كل فطرة فطر عليها الإنسان , بل تخالف كل فطرة فطرت عليها كل الكائنات الحية .


فكانت هذه الأصوات تصف المقاومة بصفات سلبية وكأن ما قامت به هذه المقاومة هو عمل للتسلية أو لنيل الشهرة أو لانتزاع حق ليس بحقها وحق الشعوب التي انطلقت منها , فوجهت كماً كبيراً من العبارات والتهم لوصف المقاومة بالأعمال المتهورة . و ( لعب العيال ) , والمقاومة الغير مسئولة والعبثية .


فقد تناسى هؤلاء أن معظم شعوب العالم تعرضت للغزو والاحتلال ولكنها قاومت وقاتلت وضحت بالغالي والنفيس وبالدماء والأرواح وحصلت على نصر لم تأت به أيٌ من مفاوضات السلام بدون الاعتماد على ذراع عسكري ضارب يركّع العدو ويجلسه صاغراً إلى طاولة المفاوضات .


تناسى هؤلاء أن كل شعوب الدنيا تفخر بالمقاومة والبطولات التي سطرتها على أرض أوطانها .


 تناسى هؤلاء أن كل شعوب الدنيا تقدس أرواح الشهداء وتلعن أرواح الخونة والعملاء

و هاهو التاريخ القديم والحديث للشعوب ذاخر بما قدمت الشعوب من أعمال (فدائية) ضد من حاول احتلال أرضها . فماذا فعلت المقاومة وما هو موقف العالم والشعوب منها .




أحد شعارات جيش الوطن البولندي  AK 


في الأول من أيلول عام 1939 قامت القوات النازية بغزو بولندا واحتلالها , ونفي حكومتها إلى لندن . فنشأت المقاومة في بولندا كرد فعل طبيعي لهذا الغزو ولقتال المحتل النازي , وكانت القوة الرئيسية للمقاومة البولندية تدعى ( Armia Krajowa ) أو (AK) بالإنكليزية HOME ARMY أي جيش الوطن والتي ضمت 200.000 إلى 300.000 جندي بالإضافة للمتطوعين . كانت مهمة هذه المقاومة منذ البداية هي تنسيق العمليات مع الحكومة البولندية المنفية إلى لندن , وركزت نشاطاتها في عمليات التخريب وجمع المعلومات الإستخباراتية عن  الجيش النازي المتواجد في بولندا فنفذت آلاف الهجمات ضد النازيين كنسف سكك الحديد التي كانت تستخدم لتمويل الجيش ,  والاشتباك المباشر مع بعض الجماعات الصغيرة للجيش النازي وعمليات اغتيال كانت تستهدف الشرطة الألمانية السرية .


لكن نشاطها القتالي كان منخفضاً حتى عام 1943 , فكانت هذه المقاومة تتصرف كالجيوش في تفادي العمليات الفدائية والاحتفاظ بمصادرها المحدودة لاستخدماها في المعارك الأكثر عنفاً وشراسة . ومن ثم بدات المقاومة البولندية بأجراء مقاومة شاملة كانت كالعاصفة في وجه النازيين .


                                                                                                       

 أوسمة قدمت للمقاومين من قبل الحكومة البولندية                                صور للمقاومين في انتفاضة وارسو


بعد هجوم الجيش النازي على الإتحاد السوفييتي عام 1941 قامت المقاومة البولندية بمساندة جيش الإتحاد السوفيتي في عرقلة وتدمير مقدمة الجيش الألماني وتقديم المعلومات الإستخباراتية للجيش الروسي عن تحركات وتعداد الجيش الألماني المتقدم .


 بعد عام 1943 اشتدت المقاومة البولندية وأنزلت الخسائر بالجيش الألماني وقل تعداد خسائرها مقارنة بخسائر جيش قوي كالجيش الألماني المحتل


                                                                                                

                                               نصب تذكاري لتخليد بطولات جيش الوطن البولندي


ففي عام 1943 أصبح متوسط الخسائر بين الطرفين ( 850 بولنديين - 1700 ألمان ) شهرياً . بالإضافة لحركة جيش الوطن البولندي نشأت حركات مقاومة أخرى تعاونت فيما بينها وكان التعاون في بعض الأحيان عرضي أو فجائي لأن الهدف واحد .


 افتخرت الحكومة البولندية بأبطالها المقاومين ولم تعتبرهم إرهابيين أو متهورين أو غير مسئولين فقدمت لهم أوسمة الفخر وصنعت لهم تذكارا ليتذكر الأبناء ما فعله الآباء والأجداد , كيف يصان شرف الأمة وكيف تكون المقاومة .




اجتماع هتلر والمارشال بيتان


في عام 1940 قام الجيش النازي بهجوم خاطف على فرنسا مكنته من هزيمة الجيش الفرنسي , الذي استسلم مع الحكومة الفرنسية بسرعة أمام الضربات النازية . هذا الاستسلام الذي كان بمثابة الصدمة الكبيرة والصاعقة العنيفة للشعب الفرنسي الذي أصيب بكبريائه واعتقد أن حكومته قد خذلته خصوصا أن هدا الشعب كان يعتقد أن جيش بلاده قويا لا يهزم .


وعمد النازيون إلى خلق حكومة موالية لهم في جنوب فرنسا تزعمها المارشال بيتان Marshall Pétain ( كان قد جلب المجد لبلاده في الحرب العالمية الأولى وجلب الذل والعار في الحرب العالمية الثانية ) وسميت بحكومة فيشي Vichy نسبة لمدينة فيشي التي اعتبرها النازيون عاصمة للدولة الفرنسية العملية لهم .


كما أن النازيين أجبروا حكومة فيشي على تدفع نفقات وجود جيشهم على الأراضي الفرنسية وأعطوا الأوامر لحكومة فيشي لتمنع خروج الفرنسيين خارج البلاد. كما أمروهم بحل المجلس الوطني الفرنسي .


فنشأت المقاومة الفرنسية المناهضة للنازية المحتلة لفرنسا. وكانت هناك حركات المقاومة التي تأخذ أوامرها مباشرة من العمليات الخاصة ،و المقاومة الشيوعية ، والجماعات الموالية لديغول (Charles de Gaulle) في الشمال كان الهدف ببساطة هو مجرد الألمان أما في الجنوب ، فكان الهدف هو الاحتلال النازي والحكومة الفرنسية العميلة فيشي فقد كانت تعمل أفعال النازيين فقوبلت بنفس رد الفعل الذي كان موجهاً ضد الاحتلال .


                                                                                                                            

                      Charles de Gaulle                                                             نصب تخليد لديغول في موسكو


وبحلول نهاية عام 1940 ، كان هناك نحو ستة صحف تطبع بشكل منظم سراً. في أيار 1941 بدأت حركة المقاومة أعمالها بصعوبة ومع ذلك بحلول حزيران 1941 ، أصبحت حركة المقاومة أكثر تنظيما وعملها ضد الألمان ازدادت تبعا لذلك. تعاونت الحكومة البريطانية مع المقاومة الفرنسية نظراً لوجود عدو مشترك ,و تم إرسال عملاء إلى فرنسا للبدء بإعادة تجميع كل حركات المقاومة و إنشاء مجلس وطني و تأسست حركة المقاومة التي كانت تابعة لديغول.


ففي عام 1943 بين كانون الثاني وحزيران ، كان هناك 130 عملاً تخريبياً ضد خطوط السكك الحديدية في كل شهر. وبحلول أيلول 1943 ، ارتفع هذا الرقم إلى 530. و تعطلت قدرة الألمان على نقل المعدات الضخمة.. ووصل عدد المقاومين إلى 100.000 مقاوماً وكان هناك 60 خلية استخباراتية مهمتها جمع المعلومات والقيام بعمليات تخريبية فكان للمقاومة الفرنسية دورا حيويا في مساعدة الحلفاء لتحقيق النجاح في أوروبا الغربية -- وخاصة التي سبقت يوم النصر في حزيران عام 1944.حيث زودت المقاومة الفرنسية الحلفاء بتقارير مخابراتية حيوية ، فضلا عن القيام يقدر هائل من العمل لتعطيل خطوط الإمداد و التواصل الألمانية داخل فرنسا. بعد الحرب والنصر أصبح ديغول رئيساً لفرنسا ويعتبر الآن أكثر الرؤساء الفرنسيين تأثيراً في تاريخ فرنسا .




نصب  لتمجيد ديغول والمقاومة في فرنسا


أعطى لوطنه فقدره شعبه , لم تعتبره فرنسا إرهابياً ولا مارقاً ولا متهوراً بل اعتبرته بطلاً قومياً بنت له تمثال لتمجيد ذكره , وتحتفل فرنسا كل عام في الثامن من آذار بذكرى الانتصار على المحتل النازي ويذكر أن  الرئيس الفرنسي السابق ( فاليري جيسكار ديستان ) بعد المصالحة الألمانية- الفرنسية قرر في عام 1975 إلغاء يوم الثامن من أيار كعيد وطني. إلا أنه أثار غضب المحاربين القدماء ورجال المقاومة في الحرب العالمية الثانية الذين  أرادوا مواصلة الاحتفال بالاستسلام الألماني الثاني في القرن العشرين،  وأجبروه على التراجع عن قراره ذاك.  . وحُكم على الجنرال بيتان العميل الذي أذل نفسه وحاول إذلال شعبه بالإعدام بسبب خيانته لكن ديغول الذي مجده التاريخ العالمي على حسابه استبدل هذه العقوبة  بالسجن المؤبد .




ملصق جداري سوفييتي يحث على المقاومة


في عام 1941 وبعد هزيمة فرنسا , أُخذ الإتحاد السوفيتي على حين غِرة وتلقي الجيش الأحمر السوفييتي صفعة قوية من قبل الجيش النازي الذي كان يتفوق عليه من حيث الأفراد بنسبة 1.8 ضعفا ومن حيث عدد الدبابات المتوسطة والثقيلة – بنسبة 1.5 ضعفا ومن حيث عدد الطائرات الحربية المختلفة الأصناف – بنسبة 3.2 ضعفا ومن حيث المدافع والهاونات – ب 1.25 ضعفا . وفعلا قام الجيش النازي بمباغتة الجيش السوفييتي , ووجه طيرانه ضربات مكثفة وعنيفة إلى أراضي الاتحاد السوفيتي، وبعد القصف المدفعي التمهيدي اقتحمت القوات الرئيسية للجيش النازي الأراضي السوفييتية . وتكبدت قوات الدوائر العسكرية الحدودية خسائر فادحة. وفي اليوم الأول للحرب فقد الطيران السوفيتي حوالي 1200 طائرة تم تدمير القسم الأكبر منها في المطارات قبل آن تقلع حتى لتدخل المعركة.


وبعدها تحرك الجيش النازي لاحتلال أقسام من الإتحاد السوفييتي وكان الجيش الأحمر عاجزا تماما في هذه اللحظة عن توجيه ضربات رادعة لتقدم القوات النازية المتفوقة عليه عدة وعددا , فاحتل الجيش النازي أراضٍ شاسعة وأسر مئات الآلاف من الجنود الروس ... لكن لم يفقد المحاربون السوفيت المتمركزون على الجبهة والمواطنون السوفييت في الداخل و المؤخرة روحهم المعنوية .


وجرت التعبئة في ظروف تصاعد الروح الوطنية . وتشكلت المقاومة الشعبية. وهب الناس للدفاع عن مدنهم من ضربات طيران العدو بمشاركتهم بنشاط في فصائل الدفاع الجوي المحلية.كانت تقاد خلايا المقاومة بشكل مباشر من الجيش الأحمر وبتشجيعه وكانت مهمة هذه الخلايا ضرب الخطوط الخلفية للجيش النازي , وتدمير الإمدادات التموينية الموجهة له , واغتيال وقنص جنود وضباط الجيش النازي ومساعدة جنود الحلفاء التائهين حتى لا يقعوا بالأسر ومن ثم تنامت هذه المقاومة وقويت , حتى صارت تشن حرب العصابات التي كبدت القوات النازية الكثير من جنودها وعتادها وأحبطت مخطط القوات النازية التي كانت تنص على تدمير الجيش السوفييتي بغضون 3 أشهر .


ولكن المقاومة التي تنامت وأصبح تعدادها 3500 فصيل مقاوم في المناطق المحتلة , جعلت هذه الحرب تمتد أربع سنوات انتهت باستسلام الجيش النازي لاحقاً . الذي لم يتوقع أن تستمر المقاومة السوفييتة ولم يستعد لها ولم يخبرها. قدر الشعب السوفييتي هذه المقاومة التي مكنته من النصر , وبنى النصب التذكارية تكريما لهذه المقاومة , وحتى هذا اليوم يحتفل الروس بيوم 22 حزيران بيوم الذكرى والنصر على جميع شهداء ( الحرب الوطنية العظيمة ) .


                                                                           

                                                                              نصب تذكارية للمقاومة السوفييتية


من منا لم يسمع بالمقاومة الفيتنامية التي هزمت عدويين من أقوى الأعداء بشكلٍ متتالٍ , وحصلت على استقلالها وطردت كل من حاول أن يستبيح أرضها .ففي نهاية القرن التاسع عشر الميلادي سيطر الفرنسيون على فيتنام.واستمرت السيطرة الفرنسية على فيتنام حتى سنوات الحرب العالمية الثانية، حيث احتلتها اليابان. وبعد هزيمة اليابان عام 1945م، حاولت فرنسا استعادة سيطرتها مرة أخرى .ولكن ( الفِيْتْ منَّه) وهي منظمة كانت بزعامة Ho Chi Minh ( هوشي مِنَّه ) الذي استلم مقاليد السلطة في الجزء الشمالي من فيتنام , اتخذت من هانوي عاصمة لها ونشب قتال عنيف بينه وبين الفرنسيين عام 1946م لإجبارهم على الانسحاب .


 

هوتشي منه


كانت هذه المعارك التى امتازت بحرب العصابات بقيادة القائد العسكري GIAP (جياب) مرهقة و مكلفة للقوات الفرنسية المستعمرة وانتهت المعارك بهزيمة فرنسا عام 1954م في معركة ( ديان بيان فو ) . وأقرت فرنسا هزيمتها في فيتنام وأعلنت استقلال الفيتنام ولكن بعد أن أنشأت حكومة عملية لها في الجنوب بزعامة الإمبراطور ( باودي ) لتصور للعالم أن الحرب في فيتنام هي حرب أهلية ذات طابع دولي لتورط بذلك الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن طلبت منها المساعدة .


عند تورط الولايات المتحدة الأمريكية بالحرب الفيتنامية قامت بتعيين رئيساً لجنوب الفيتنام ( عاصمتها سايجون) وهو (نغودين ديام) والذي كان رئيساً لحكومة الإمبراطور ( باودي ) . فازدادت نقمة الفيتناميين الجنوبيين على الحكومة الفيتنامية العميلة وعلى التواجد الأميركي في فيتنام الجنوبية , وبدأت الأعمال القتالية تمتد إلى جنوب فيتنام بشكل حرب عصابات ضد إتباع الرئيس و ضد الوجود العسكري الامريكى و استطاعت القوى الجنوبية أن تؤسس جبهة التحرير الوطنية لجنوب فيتنام المسماة ( بالفيتكونغ ) .

 كان دور (هو شي منه ) في تلك الحرب رئيسيا إذ امن للثوار كل أنواع الدعم و المساندة و هذا ما جعل الأمريكيين ينقلون المعركة إلى قلب فيتنام الشمالية عبر الغارات الجوية المتكررة و المدمرة دون تمييز على مدينة هانوي.


في عام 1963 حصل انقلاب عسكري في فيتنام الجنوبية أطاح بحكومة ( نغودين ديام ) وتمت تصفيته جسديا بظروف غامضة , ولا تستبعد بعض المصادر أن يكون للأمريكيين يدٌ في ما حصل له ولنظامه . بعد أن انتهى دوره الضعيف الذي لم يرض الأمريكيين .




 الجنرال جياب


ولم تترك أميركا أي وسيلة عسكرية للضغط على هانوي إلا استعملتها بدءا بالتجميع القسري للسكان ومرورا بتصفية الثوار الموجودين في الأرياف الجنوبية,  واستعمال الطائرات لتدمير الغطاء النباتي،وانتهاء بتكثيف القصف للمدن والمواقع في الشمال الفيتنامي . ومع ذلك لم يؤثر الرعب الأميركي والآلة الحربية المتطورة في معنويات الفيتناميين ولا في مقاومتهم بل تفرقوا في الأرياف ومراكز الإنتاج الزراعي وازدادت فيهم روح المقاومة. ولم تستطع أميركا رغم كل محاولاتها أن تقطع طريق (هو شي منه) الذي يمر منه الإمدادات نحو ثوار الجنوب ,  وظل الوجود العسكري الأميركي يزداد في فيتنام ليبلغ في نهاية 1965 ما يناهز 200 ألف جندي، ثم وصل في عام 1968 إلى 550 ألفا. وظلت أميركا تضغط على العاصمة ( هانوي ) من أجل ترك دعم الثوار الجنوبيين، غير أن المقاومة كانت ترفض أي تفاوض مع الولايات المتحدة مادام القصف مستمر .


ولم تنفع سياسة العصا والجزرة مع الفيتناميين، ولم تردعهم هجمات الولايات المتحدة المتكررة وقصفها المتواصل كما لم تغرهم دعوات الرئيس الأمريكي (جونسون ) للتفاوض، فظلت الحرب مشتعلة وعدد الضحايا في ازدياد.




ضريح هو شي منه


في 31 آذار 1968 أعلن الرئيس (جونسون) وقف القصف الأميركي لشمال فيتنام ليستطيع أن يبدأ المفاوضات مع الثوار ، وبدأت المفاوضات بين الأمريكيين والفيتناميين في باريس , أبدى الفيتناميون في هذه المفاوضات تصلب شديد وطالبوا بإلحاح بضرورة انسحاب القوات الأمريكية كشرط أساسي لوقف إطلاق النار .


في 1969 توفي ( هوشي منه ) دون أن يشاهد حلمه التاريخي يتحقق بتحرير الجنوب و إقامة دولة فيتنام الموحدة ولكن المقاومة استمرت وكانت تترجم أعمالها بمد كاسح باتجاه الجنوب .


ففي عام 1972 شن المقاومون الفيتناميون هجوما كاسحاً باتجاه الجنوب وكان رد الفعل الأمريكي مزيد من القصف الجوي على مدينتي ( هانوي ) و ( هايبونغ ) وكان هذا الأخير أشد عنفاً , حيث لم تعرف الحرب الفيتنامية كلها قصفاً أشدُّ عنفاً منه . وفقد الجيش الأمريكي خلال هذا القصف 15 طائرة B52 و93 ضابطاً أمريكياً من سلاح الطيران الأمريكي .


وازداد الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية تحت ضربات المقاومة حتى انسحب آخر جندي أميركي من الفيتنام في آذار عام 1973 تاركة حكومة ( سايجون ) وحيدة دون دعم , مما مكن المقاومين الفيتناميين منها ، فشنوا هجوما كاسحا على الجنوب محتلين مدينة ( فيوك بنه ) في كانون الثاني 1975، وتابعوا هجومهم الكاسح الذي توج بدخول ( سايجون) في 30 نيسان من نفس السنة وحولوا اسمها إلى اسم زعيم الثورة الفيتنامية ( هو شي منه ) تقديرا له .


خسر الفيتناميون في هذه الحرب مليوني قتيل و 3 ملايين جريح وحوالي 12 مليون لاجئ . وكسبوا النصر والرهان ولم يقولوا ( إن المقاومة التي ستفني الشعب الفيتنامي لا نريدها ) . بل قدروا مقاومتهم وبجلوا أبطالهم .


أما مصير العملاء فهو معروف , إما التصفية الجسدية ممن سخرهم وإما السجن على أيدي الشعب المنتصر أو الإعدام .

أخوتي القراء .أدرك أني استفضت بالشرح والتفصيل . لكن هناك أسئلة كثيرة تتبادر لأذهاننا نريد أن نوجهها لمن أطلق هذه العبارات على المقاومة .

هل أفنت المقاومة شعوبها ؟ أم هل كانت تبحث عن حق ليس لها ؟


ألم تكلل كل حركات المقاومة في العالم بالنصر ؟ وهل جلب التفوق العسكري النصر لجيوش الاحتلال ؟

لماذا يريد البعض قمعها وتكبيلها وفرض شروط الأعداء عليها !! ألم يتعلموا من دروس التاريخ ؟ ألم يشاهدوا نهاية كل عميل ؟

أرجو أن يدرك التائهون أن الدول القوية اليوم والتي سخرتهم لتكبيل المقاومة في بلادنا هي نفس الدول التي تفخر بذكرى المقاومة في بلادها . وتعتبر المقاومين في بلادها أبطالاً ( وهم كذلك ) كانوا يدافعون عن حق مشروع باستعادة أرضٍ سليبة .


مع ملاحظة أنني قد استثنيت من أنماط المقاومين عرباً هم أحق بالكلام عن تجاربهم خشية أن يذهب المشككون المعتادون لقلب الموضوع خلافاً دينياً عقائدياً ..............


أضف تعليقك :
الاسم : *
التعليق : *
Keyboard لوحة مفاتيح عربية
ضع الكود الموجود بالصورة : *

أخبار أخرى من " مساهمات القراء "

5-8-2013
مسرحية خان العسل .. بقلم ريبال الزين
أسدلت الستار مؤخراً عن مسرحية خان العسل ببيان تنديد من الائتلاف الوطني "المعارض" "للمجزرة" التي قام بها مقاتلون ...


6-6-2013
القصير .. معركة الدفاع عن وحدة سوريا
القصير لكل من لايعرف أو يدرك أنها المعركة الحقيقية لإسقاط النظام لابد له من معرفة أن النظام لم ...


2-2-2013
سيدي الخطيب: قل لي إلى أين نحن ذاهبون؟
  لا ينكرٌ أحدٌ التفاف الغالبية الكاسحة من المعارضة والثوار على الأرض حول السيد معاذ الخطيب حين اختيرَ لقيادة ...

31-1-2013
غارة كشف القناع
  لعلّ النظام السوري أخطأ مرةً أخرى فلم يقتنص فرصة اختراق الطيران الإسرائيلي لأجوائه و يرد و لو بطلقة ...

28-1-2013
شاهد على مجزرة....
  السبت 26/1/2013 أصعب يومٍ مر علي في مسيرة حياتي, كنت أصلي الظهر و في الركعة الثانية سمعت صوت ...


19-1-2013
""مجزرة حلب ... آه على شبابنا يا عرب ...
  بعد يوم من مذبحة حلب الشهباء المنكوبة، كنت أقلب بيدٍ مرتعشة ركام الصور الدامية المدمية عبر نقرات المؤشر، ...


19-1-2013
العرب...أقلية في ســــوريا !!
  منذ بداية الثورة السورية، ومع كسر حاجز الخوف لدى السوريين، كل القوميات والديانات في سباق لإثبات وجودهم من ...


7-1-2013
أديش طالب بسيارتك؟.. بقلم آرا سوفاليان
  كانت جدتي ماري تأخذني معها الى الفرن او الى السوق او الى محل ابو ابراهيم اللحام في القصاع ...

30-12-2012
بعد كل مخاض ... ولادة
كتب بواسطة rest [email protected] قبل ولادة كل طفل ... أو مولود جديد على هذه ...

30-12-2012
ياوزير العدل
كتب بواسطة أحمد صوان [email protected] وزير العدل ( كائن منفصل عن الواقع ) في الوقت ...

30-12-2012
التناغم بين الاعلام السوري ورد الفعل الامريكي
كتب بواسطة osama [email protected] كلنا نتابع ما يحدث من تطورات متسارعة في دمشق وريفها ...


20-12-2012
محامو حلب الاحرار جنود الحق و العدالة و حماة للثورة.. بقلم المحامي مثنى ناصر
  ماحدث في درعا هز الوجدان والضمير العالمي واشتعلت الثورة بقدرة قادر وخرج الشعب يطالب بإسقاط النظام بعد أن ...

20-10-2012
قصة جمل الممانعة!.. بقلم: محمد كناص
  رسب خلف الطميشان في مادة التعبير! فضجت العشيرة على هذا النبأ وذهبت برجالها ونسائها تستفسر من المدرس عن ...

20-10-2012
رأي .. بقلم طالب العلم الكسندر
  كنت أشاهد حواراً سياسياً راقياً على محطة الميادين الفضائية بين عدة شخصيات معروفة من المعارضة السورية تمثل تيارات ...

20-10-2012
ديناصورات الألفية الثالثة .. بقلم: ماجد جاغوب
يقال دخل اللص الى المنزل وسرق ما خف حمله وغلا ثمنه في غفلة من اهل البيت وحالة الغفلة ...

20-10-2012
تحليل علاقة المعارضة والدور الخليجي في شؤون الثورة السورية.. بقلم: ملهم الكواكبي
  مقدمة : - القوى الخليجية النافذة, خصوصاً حكومتا قطر والسعودية, تنخرط بكل قوتها لتوجيه الثورة السورية في سياق, نرى ...