إعلانات
الضمير الرمادي في سورية.. بقلم: عهد ابراهيم
الاحد - 16 أيلول - 2012 - 13:36 بتوقيت دمشق
التفاصيل

 


يتعرض الإنسان خلال حياته للكثير من الظروف والمحن والأزمات التي تتطلب منه مواقفاً ثابتة ومبدئية وواضحة من دون التردد في إتخاذها لأنها مرتبطة في بعض الأحيان بوجوده في هذه الدنيا وبعرضه وشرفه وكرامته وبعد مرور سنين من عمره يجد نفسه قد كون خبرات وتجارب تجعل نظرته للحياة تتغير ويبدأ يهتم بأمور ومجالات أخرى لم تخطر على باله من قبل إلا أنه أحس بأهميتها وإنخرط فيها ..

فمثلاً هناك العديد من السوريين الذين لم تكن تعنيهم السياسة ولم يكونوا حتى يتابعون ولو موجزاً للأخبار وفجأة بدأوا يتابعون ويحللون ويكتبون بالسياسة بعد أن بدأت ما تسمى بالثورة السورية على حسب فهم بعض السوريين الذين لديهم مطالب في بعض المجالات من أجل تحسين أوضاعهم المعيشية والخدمية ومحاسبة الفاسدين وغيرها من المطالب التي هي من حق أي شعب في العالم أن يطالب فيها إلا أنها من وجهة نظر البعض الآخر من السوريين تسمى بالفورة السورية أو المؤامرة على سورية وهم أيضاً لهم وجهات نظر وحقائق وأدلة بينت أن ما يحدث هو مختلف تماماً عما هو متعارف عليه من حيث كلمة ثورة وما تحمله هذه الكلمة من أهداف ومطالب وبرامج ثورية وشخصيات قيادية بكل معنى الكلمة حتى إتسعت الدائرة وأصبح معلناً أنها فعلاً مؤامرة وغاية لدى كل الدول الإستعمارية بالقضاء على سورية وحتى شعبها الذي ليس له ذنب إلا أنه شعب سورية الذي لا يرضى أن يكون تحت رحمة دول الشعارات الكاذبة بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان بل يريد أن يبقى كما تعود أن يكون شعب عزيز النفس والكرامة وكله إرادة وحب للحياة ولأخيه الإنسان مهما كان دينه وإنتماؤه لأن الدين معاملة ..

ولكن هناك بعض السوريين الذين وبعد مرور سنة ونصف على الأحداث في سورية ما زلنا لا نعرف لهم موقف ولا إنتماء ولا حتى إن كان ما يحدث في نظرهم هو ثورة أم فورة أو مؤامرة أو مغامرة ولا نعرف إن كانوا مؤيدين أو معارضين وقد أطلق عليهم البعض لقب السوريين الرماديين فهم يسمعون الأخبار ويتابعون ما يجري على الأرض ويدلون بتصريحات على حسب الأحداث التي تنتج عن الطرفين أي المؤيدين والمعارضين وفي حال حالف أحدنا الحظ وإلتقى بأحدهم وسأله مع من أنت أو ما رأيك بما يحدث يقول لك بأنه ليس مؤيداً ولا معارضاً بل هو مع من ينتصر ويفرض وجوده وسيطرته بغض النظر عن دينه أو حزبه وما هو ممكن أن يقدمه له ولغيره من السوريين وإن حاولت أن تحدثه عما يقوم به المعارضين والمؤيدين لكي تقنعه بأنه عليه أن يحدد موقفاً واضحاً أي إما هو ضد أو مع لأن هذا السؤال هو الذي أصبح دارجاً في هذه الأيام وكأننا نحضر مباراةً بكرة القدم ولكن هذا المواطن السوري الرمادي لا يغير ولا يتغير وما زال إلى هذه اللحظة على الهامش ولا يعنيه أن يكون له رأي أو مبدأ ولا حتى موقف يكون معروفاً من خلاله فهل هو أيضاً في حياته الطبيعية من دون موقف ولعله لا يعرف أن يعبر عن رأيه أو أن يدافع عنه فهو ربما كما نقول في العامية مصلحجي ولا مشكلة لديه في أن يمشي وراء مصلحته وبغض النظر إن كان يؤمن بالشخص الذي يمشي خلفه أو أمامه أو لا يؤمن به نهائياً فالمهم أنه يعيش حياته ويأكل ويشرب وينام ولا أعرف إن كان مع الأيام سيفقد صفاته كإنسان وعذراً على هذا التعبير ولكن ما فائدة الإنسان إن كان من دون مبدأ أو موقف ورأي وغير قادر أن يعبر ويتكلم ويناقش فهل سيكون فرحاً بضميره الرمادي وبهذه التسمية التي يطلقها عليه بعض الناس ولكن عليه أن يفكر بأنه بعد إنتهاء الثورة من وجهة نظر بعض السوريين والمؤامرة من وجهة نظر البعض الآخر فهو لن يسلم من أي طرف وخاصة عندما يتذكرون بأنه كان محايداً ويصرح ويتحدث على ضوء ما يجري فلن يبقى له مكاناً عندهم ولا يهمهم موقفه أو رأيه إن كان مؤيداً أو معارضاً فهو على هامش الحياة لأنه هو من إختار أن يكون مهمشاً في حياته وحتى مماته .

 


عهد ابراهيم


[email protected]


اضغط هنا للوصول إلى صفحة عكس السير على "فيس بوك"





أضف تعليقك :
الاسم : *
التعليق : *
Keyboard لوحة مفاتيح عربية
ضع الكود الموجود بالصورة : *

أخبار أخرى من " مساهمات القراء "

5-8-2013
مسرحية خان العسل .. بقلم ريبال الزين
أسدلت الستار مؤخراً عن مسرحية خان العسل ببيان تنديد من الائتلاف الوطني "المعارض" "للمجزرة" التي قام بها مقاتلون ...


6-6-2013
القصير .. معركة الدفاع عن وحدة سوريا
القصير لكل من لايعرف أو يدرك أنها المعركة الحقيقية لإسقاط النظام لابد له من معرفة أن النظام لم ...


2-2-2013
سيدي الخطيب: قل لي إلى أين نحن ذاهبون؟
  لا ينكرٌ أحدٌ التفاف الغالبية الكاسحة من المعارضة والثوار على الأرض حول السيد معاذ الخطيب حين اختيرَ لقيادة ...

31-1-2013
غارة كشف القناع
  لعلّ النظام السوري أخطأ مرةً أخرى فلم يقتنص فرصة اختراق الطيران الإسرائيلي لأجوائه و يرد و لو بطلقة ...

28-1-2013
شاهد على مجزرة....
  السبت 26/1/2013 أصعب يومٍ مر علي في مسيرة حياتي, كنت أصلي الظهر و في الركعة الثانية سمعت صوت ...


19-1-2013
""مجزرة حلب ... آه على شبابنا يا عرب ...
  بعد يوم من مذبحة حلب الشهباء المنكوبة، كنت أقلب بيدٍ مرتعشة ركام الصور الدامية المدمية عبر نقرات المؤشر، ...


19-1-2013
العرب...أقلية في ســــوريا !!
  منذ بداية الثورة السورية، ومع كسر حاجز الخوف لدى السوريين، كل القوميات والديانات في سباق لإثبات وجودهم من ...


7-1-2013
أديش طالب بسيارتك؟.. بقلم آرا سوفاليان
  كانت جدتي ماري تأخذني معها الى الفرن او الى السوق او الى محل ابو ابراهيم اللحام في القصاع ...

30-12-2012
بعد كل مخاض ... ولادة
كتب بواسطة rest [email protected] قبل ولادة كل طفل ... أو مولود جديد على هذه ...

30-12-2012
ياوزير العدل
كتب بواسطة أحمد صوان [email protected] وزير العدل ( كائن منفصل عن الواقع ) في الوقت ...

30-12-2012
التناغم بين الاعلام السوري ورد الفعل الامريكي
كتب بواسطة osama [email protected] كلنا نتابع ما يحدث من تطورات متسارعة في دمشق وريفها ...


20-12-2012
محامو حلب الاحرار جنود الحق و العدالة و حماة للثورة.. بقلم المحامي مثنى ناصر
  ماحدث في درعا هز الوجدان والضمير العالمي واشتعلت الثورة بقدرة قادر وخرج الشعب يطالب بإسقاط النظام بعد أن ...

20-10-2012
قصة جمل الممانعة!.. بقلم: محمد كناص
  رسب خلف الطميشان في مادة التعبير! فضجت العشيرة على هذا النبأ وذهبت برجالها ونسائها تستفسر من المدرس عن ...

20-10-2012
رأي .. بقلم طالب العلم الكسندر
  كنت أشاهد حواراً سياسياً راقياً على محطة الميادين الفضائية بين عدة شخصيات معروفة من المعارضة السورية تمثل تيارات ...

20-10-2012
ديناصورات الألفية الثالثة .. بقلم: ماجد جاغوب
يقال دخل اللص الى المنزل وسرق ما خف حمله وغلا ثمنه في غفلة من اهل البيت وحالة الغفلة ...

20-10-2012
تحليل علاقة المعارضة والدور الخليجي في شؤون الثورة السورية.. بقلم: ملهم الكواكبي
  مقدمة : - القوى الخليجية النافذة, خصوصاً حكومتا قطر والسعودية, تنخرط بكل قوتها لتوجيه الثورة السورية في سياق, نرى ...