إعلانات
ما وراء الحرب الاهلية : هل سيخرج النظام سالما؟.. بقلم الدكتور سمير أبو حامد
الاربعاء - 19 أيلول - 2012 - 19:34 بتوقيت دمشق
التفاصيل

 


ربما السؤال الذي يطرح نفسه الان هو: هل وصلت الأمور في سوريا الى ما وصلت اليه بطريق الصدفة والعبثية وتعنت النظام اما انا هنالك قوى سعت وتسعى الى الوصول الى هذه النقطة من اندلاع حرب اهلية ومن ثم تقديم حل سياسي يتوافق مع ما حدث ويحدث على الارض كما اوحى به بشار الاسد في لقائه مع الاخضر الابراهيمي مؤخرا؟

لنعود الى الايام الأولى لانطلاق الثورة السورية ولنتذكر سعي النظام منذ اللحظة الاولى الى اجهاضها باستخدام السلاح الحي على الارض واستخدام لغة اعلامية دعائية تخوف من حرب اهلية ومن تسلم الاسلام الاصولي للسلطة وما يعنيه ذلك من وضع الاقليات في حالة من الخطر.

الحقيقة لجا النظام الى القمع الدموي للمظاهرات وهو بذلك كان يسعى الى احتمالين لا ثالث لهما: اما اجهاض الثورة وقتلها في مهدها وبذلك يستريح لعقود طويلة وهو متربع على سلطة مطلقة ، او ان يؤدي هذا القمع الدموي الى تفكك الدولة وانشقاق الجيش وتسلح الثورة والدخول عمليا في اتون الحرب الاهلية وهذا ما حصل بالضبط .

وربما يتبادر الى ذهننا هذا التساؤل: لماذا يريد النظام ادخال البلاد بحرب اهلية؟

يجب اولا ان نؤكد ان اتباع الخط الثاني كان نتيجة فشل المسار على الخط الاول اي قتل الثورة في مهدها وذلك بسبب بسالة وعنفوان الشعب الذي وصل به الحال الى الحد الذي يطلب به المواطن السوري الاستشهاد على الاستمرار في حياة الذل والمهانة . كما ان سهولة ادخال البلد في حرب اهلية يعود لعوامل عديدة تجذرت خلال اربعين سنة من حكم الاسد الاب ومن بعده لاسد الابن وهذه العوامل هي :

• تقديم النظام نفسه كحامي وراعي مصالح الاقليات الدينية ، بل وتخويفها من المستقبل الاسود التي ينتظرها في حال سقط النظام ،وهو بذلك ينفي عنه صفة الطائفية التي يرمي بها الطرف الثاني. كما يقدم نفسه ممثلا للاقليات عند الجلوس على الطاولة

• نجاح النظام الى حد ما في اعطاء الصفة الاصولية على القوى المعارضة المقاتلة على الارض ، والعزف على وتر الاسلام الاصولي، هذه النغمة التي تخيف الغرب والتي نجح عبرها النظام في تدعيم دوره الاقليمي في محاربة الاصولية الاسلامية عبر الخدمات الاستخباراتية التي قدمها للغرب والذي بدوره امتن للنظام لهذه الخدمات وربما موقف الغرب المائع والحذر من الثورة السورية لدليل غير مباشر عن هذا الامتنان

• معرفة بشار الاسد جيدا ان سوريا المستقرة هو مطلب اقليمي ودولي الذي هو بالحقيقة مطلبا اسرائيليا بسبب مجاورة سوريا لها، ومن هنا نفهم هذا التردد الغربي في الاسراع في اسقاط النظام في ظل عدم اقتناع الغرب بالضمانات التي سعت اطراف بالمعارضة السورية تقديمها للدول الغربية كونها لا تملك السيطرة الفعلية على الارض.

• قدرة النظام على تحييد السوريين الاكراد بل والتحالف معهم على الارض عبر تسليمهم المدن والقرى حيث تتواجد اكثرية كردية كما حدث بجبل الزاوية والحسكة والقامشلي.

هذه العوامل الاربعة لا تمنع النظام من الانهيار السريع وحسب بل تساعده على الاستمرار لوقت اطول من المتوقع ، لكن بالمقابل لا تساعده على الرجوع للوراء اي كسب الحرب وبالنتيجة اعادة السيطرة على البلد، وهذا يعود لعامل خامس يقف في وجه هذه العوامل الاربعة وهو الشعب السوري وثورته الابية ، ومن هنا نفهم الدخول في حالة من المراوحة والازمان بين النظام وقوى المعارضة .

لقد ادت هذه السنة والنصف من عمر الثورة الى الظهور العلني لثلاثة اطراف تشكل النسيج العرقي والقومي للشعب السوري ، هذه الاطراف التي كانت قد تشكلت بشكل هلامي وعن قصد خلال اربعة عقود من حكم عائلة الاسد وان كان من الممنوعات التحدث او الافصاح عنها: الاقليات والاكراد والسنة ، وما نشهده حاليا من حرب اهلية ستساهم في بلورة وتعضد هذه الاطراف الثلاثة في انتظار الجلوس على طاولة المفاوضات لاعادة رسم سوريا بثلاثة رؤوس كما هو الحال في العراق مع فارق واحد ان المجتمع الدولي والاقليمي يهمه ان تكون سوريا مستقرة ليس كرمة لعيون السوريين بل كرمة لعيون الاسرائيليين ، بالمقابل ما دامت هذه الحرب الاهلية محلية اي غير عابرة للحدود وليس لها تأثير على دول الجوار ستبقى الدول المعنية تأخذ دور المتفرج وسيتدخل الغرب تحديا عندما تتجاوز هذه الحرب الحدود ان عندما يبدأ النظام بالانهيار السريع وذلك لاعادة التوازن الى هذه الاطراف الثلاثة على ارضية لا غالب ولا مغلوب

من الواضح ان النظام قد انهك وانه بدا يناشد العالم على التدخل لحل الازمة على اساس المحاصصة ومن هنا نفهم قول الاسد للابراهيمي بانه يوجد محورين محور على الارض ( وهذا المحور يعني الاطراف المتحاربة وحدها ) ومحور سياسي يجب الاهتمام به ( طاولة المفاوضات برعاية دولية واقليمية)، وهذا هو منطق الحرب الاهلية ، ومن هنا نفهم ايضا محاولة زعزعة دور الجوار عبر الخروقات العسكرية المستمرة على الحدود الاردنية واللبنانية و شكوى تركيا الى محلس الامن بدعمها لجماعات ارهابية

لقد فشل النظام في اجهاض الثورة فهل سينجح في الخروج من هذه الحرب الاهلية التي فرضها على الشعب ممثلا لطرف من الاطراف الثلاثة التي عمد الى تكريسها عبر اربعة عقود من حكم الاسرة الواحدة؟ يعود ذلك الى ما يسمى بالاقليات التي اعتقد انها اكبر من ان تفوض مجرما كممثل لها وراعيا لمصالحها.

سمير ابوحامد



 



اضغط هنا للوصول إلى صفحة عكس السير على "فيس بوك"





أضف تعليقك :
الاسم : *
التعليق : *
Keyboard لوحة مفاتيح عربية
ضع الكود الموجود بالصورة : *

أخبار أخرى من " مساهمات القراء "

5-8-2013
مسرحية خان العسل .. بقلم ريبال الزين
أسدلت الستار مؤخراً عن مسرحية خان العسل ببيان تنديد من الائتلاف الوطني "المعارض" "للمجزرة" التي قام بها مقاتلون ...


6-6-2013
القصير .. معركة الدفاع عن وحدة سوريا
القصير لكل من لايعرف أو يدرك أنها المعركة الحقيقية لإسقاط النظام لابد له من معرفة أن النظام لم ...


2-2-2013
سيدي الخطيب: قل لي إلى أين نحن ذاهبون؟
  لا ينكرٌ أحدٌ التفاف الغالبية الكاسحة من المعارضة والثوار على الأرض حول السيد معاذ الخطيب حين اختيرَ لقيادة ...

31-1-2013
غارة كشف القناع
  لعلّ النظام السوري أخطأ مرةً أخرى فلم يقتنص فرصة اختراق الطيران الإسرائيلي لأجوائه و يرد و لو بطلقة ...

28-1-2013
شاهد على مجزرة....
  السبت 26/1/2013 أصعب يومٍ مر علي في مسيرة حياتي, كنت أصلي الظهر و في الركعة الثانية سمعت صوت ...


19-1-2013
""مجزرة حلب ... آه على شبابنا يا عرب ...
  بعد يوم من مذبحة حلب الشهباء المنكوبة، كنت أقلب بيدٍ مرتعشة ركام الصور الدامية المدمية عبر نقرات المؤشر، ...


19-1-2013
العرب...أقلية في ســــوريا !!
  منذ بداية الثورة السورية، ومع كسر حاجز الخوف لدى السوريين، كل القوميات والديانات في سباق لإثبات وجودهم من ...


7-1-2013
أديش طالب بسيارتك؟.. بقلم آرا سوفاليان
  كانت جدتي ماري تأخذني معها الى الفرن او الى السوق او الى محل ابو ابراهيم اللحام في القصاع ...

30-12-2012
بعد كل مخاض ... ولادة
كتب بواسطة rest [email protected] قبل ولادة كل طفل ... أو مولود جديد على هذه ...

30-12-2012
ياوزير العدل
كتب بواسطة أحمد صوان [email protected] وزير العدل ( كائن منفصل عن الواقع ) في الوقت ...

30-12-2012
التناغم بين الاعلام السوري ورد الفعل الامريكي
كتب بواسطة osama [email protected] كلنا نتابع ما يحدث من تطورات متسارعة في دمشق وريفها ...


20-12-2012
محامو حلب الاحرار جنود الحق و العدالة و حماة للثورة.. بقلم المحامي مثنى ناصر
  ماحدث في درعا هز الوجدان والضمير العالمي واشتعلت الثورة بقدرة قادر وخرج الشعب يطالب بإسقاط النظام بعد أن ...

20-10-2012
قصة جمل الممانعة!.. بقلم: محمد كناص
  رسب خلف الطميشان في مادة التعبير! فضجت العشيرة على هذا النبأ وذهبت برجالها ونسائها تستفسر من المدرس عن ...

20-10-2012
رأي .. بقلم طالب العلم الكسندر
  كنت أشاهد حواراً سياسياً راقياً على محطة الميادين الفضائية بين عدة شخصيات معروفة من المعارضة السورية تمثل تيارات ...

20-10-2012
ديناصورات الألفية الثالثة .. بقلم: ماجد جاغوب
يقال دخل اللص الى المنزل وسرق ما خف حمله وغلا ثمنه في غفلة من اهل البيت وحالة الغفلة ...

20-10-2012
تحليل علاقة المعارضة والدور الخليجي في شؤون الثورة السورية.. بقلم: ملهم الكواكبي
  مقدمة : - القوى الخليجية النافذة, خصوصاً حكومتا قطر والسعودية, تنخرط بكل قوتها لتوجيه الثورة السورية في سياق, نرى ...