مصر : معاناة أسرة وفيقة و طه .. من الحرب في سوريا إلى العبور

غرفة صغيرة لا تتجاوز 4 أمتار، بها وسائد على الأرض، وأريكة، وكرسيان متحركان، هذه هى مكونات العالم الصغير لوفيقة ابنة الـ35 عاما، وطه ابن الـ25 عاما، داخل شقة لا تتجاوز ٦٠ مترًا بمدينة العبور التابعة لمحافظة القليوبية، لا يخرجان منها منذ وصولهما إلى مصر فرارا من الحرب بسوريا عام ٢٠١٣.

فى تمام العاشرة صباحا تستيقظ وفيقة ويتبعها طه ويجلسان سويا طوال اليوم حتى تنتهى والدتهما من تنظيفهما وإطعامهما، وفى انتظار إخوانهما عمار ٢٧ عاما وعبد الله ١٥ عاما ليحملوهما على الكرسى المتحرك للجلوس مع والدهما فى الحديقة المجاورة للمنزل دون أن يتفوهوا بكلمة، وذلك بسبب إصابتهما بشلل دماغى أثر على حواسهما وقدرتهما على التواصل.

هذا هو الروتين اليومى لأسرة سمير نزير السيد، أحد طالبى اللجوء السوريين، تلك الأسرة المكونة من أب وأم وأربعة من الأبناء أكبرهم وفيقة وأوسطهم طه وهم من أصحاب الإعاقات المركبة.

انتقلت أسرة «سمير» من مخيم اليرموك بدمشق إلى القاهرة، على أمل تقديم أوراقهم لإعادة التوطين لإحدى الدول الأجنبية على أمل توافر العناية بحالتى «وفيقة وطه»، إلا أن إجراءات إعادة التوطين تعثرت مما اضطر أفراد الأسرة إلى العمل لتلبية حاجتهما.

سمير نزير رب الأسرة رجل ستينى، عمل فى سوريا سائقا على سيارة نقل، اضطر إلى ترك بلده بسبب الحرب والقصف المتكرر بجانب التأثيرات الصحية للحرب على ولديه، فباع سيارته واشترى تذاكر طيران وجاء لمصر.

وفق وثيقة الإعاقة الصادرة من مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل بدمشق فإن حالة وفيقة وطه هى شلل دماغى، أثر على الحركة والسمع والبصر، والتشخيص الطبى فى سوريا ومصر للإعاقة أنها بسبب وراثى ولازمتهما من الصغر، حاول الوالد البحث عن مراكز تأهيل لحالتهما فى المنطقة التى يسكن بها وحولها، إلا أنه لم يجد مكانا مخصصا للإعاقات المركبة.

التشنجات والصراخ والانعزال ورفض الأكل والشرب هذه هى الأعراض التى رافقت الأخوين من سوريا بسبب الحرب إلى مصر، قال عن ذلك سمير: «حالتهما ساءت بسبب الحرب والحرمان من الخروج بسبب صعوبة التنقل من مكان لآخر وعدم توافر وسيلة انتقالات، وأصبح الجلوس فى الحديقة المجاورة للمنزل المتنفس الوحيد لهما، فهما لا يستطيعان التعبير عن أوجاعهما بسبب تراجع فى قدراتهما الذهنية».

عائلة سمير مسجلة لدى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، وتحصل على راتب شهرى قدره 1400 جنيه، ولكن لم تحصل على أى مساعدات لحالة وفيقة وطه حتى اضطر والدهما للعمل سائق توك توك لتلبية احتياجات أبنائ،ه ولكنه توقف عن العمل بسبب قرار منع سير التوك توك بالعبور.

لم ينل أبناء عائلة سمير الأصحاء حظهم من التعليم، فعمار أنهى المرحلة الابتدائية، وعبد الله كان فى المرحلة الإعدادية وفور وصوله مصر خرج من المدرسة لمساعدة عائلته، والتحق بسوق العمل هو وأخاه، ولكن الرواتب لا تكفى لاحتياجات وفيقة وطه الطبية واليومية.

توفير مكان لإعادة التوطين فى إحدى الدول التى تتوافر فيها الإمكانات لرعاية أبنائه، أو فرص عمل مناسبة للعائلة، هذا كل ما تطلبه عائلة سمير فقدمت الأسرة طلبات لإعادة توطين أكثر من مرة، كانت المرة الأولى فى عام 2015 وبعد شهر وصلهم رفض، وبعد عامين توافرت فرصة لطلب آخر ومازالت العائلة فى انتظار الرد.

من جانبها قالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فى رد لها لـ«المصرى اليوم» إن أكثر من 5 آلاف لاجئ من ذوى الإعاقة مسجلون لدى المفوضية بالقاهرة، يمثل السوريين منهم نحو 59%، وتقدم لهم الخدمات من خلال شركاء المفوضية مثل هيئة إنقاذ الطفولة وكاريتاس، وبالنسبة لمسألة إعادة توطين الاجئين فترجع للدول المستقبلة لمن يتم إعادة توطينهم، وتختلف الإجراءات على حسب الشروط والمعايير الخاصة بكل دولة.

صحيفة المصري اليوم

*النص والعنوان كما وردا في الصحيفة

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

تعليق واحد