محلل روسي يكشف عن الدول العربية الأكثر عرضة للانهيار في ظل الأزمة المالية العالمية

يتعرض اقتصاد الدول الكبرى للتباطؤ، وتظهر في الأفق نذر أزمة مالية طاحنة، في الوقت الذي تعاني فيه دول عربية من هشاشة في وضعها الاقتصادي، ما يؤثر في قدرتها على مواجهة الأزمة.

بسبب ركود الاقتصاد العالمي، الذي يتسع نطاقه كل يوم، تعتزم أكبر البنوك المركزية العالمية الإعلان عن برامج تحفيز مالية. ومن أجل تحفيز الاقتصاد، تعتزم البنوك المركزية خفض أسعار الفائدة، وهو ما سيضر بالبنوك التي سوف تضطر بدورها إلى خفض الفائدة على الودائع، دون أن تتمكن من تقليل التكاليف. وسوف يصبح هذا الوضع تمهيدا لانهيار بنوك كبيرة على غرار ما حدث في انهيار بنك ليمان براذرز عام 2008، الأمر الذي يمكن أن يتسبب في أزمة مالية طاحنة. وقد أعلن “دويتشه بنك” مؤخرا عن خفض واسع النطاق ووقف لتداول الأسهم، وليس ذلك سوى حجر الدومينو، الذي سوف تتساقط وراءه بقية الأحجار، وتسبب مخاطر جمة فيما يخص خدمة الديون، والتجارة الخارجية للدول الصغيرة.

بالتزامن مع ذلك، تواصل الولايات المتحدة الأمريكية تدمير العولمة، وتحطيم آليات التجارة الحرة، بينما يوزّع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عقوباته الاقتصادية على الدول يمينا ويسارا، ويفرض حصارا على تمويل البنوك الأمريكية للدول، وهو ما يزيد من مخاطر خدمة الديون.

كذلك فإن تسوية أزمة الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين تبدو بعيدة المنال، وعلى الرغم من جميع التصريحات المتفائلة، إلا أن الطرفين عاجزان عن التوصل إلى حلول وسط. وبعد مرحلة حرب الجمارك المتبادلة بين الطرفين، ستبدأ مرحلة حروب العملة، حينما سيحاول كل من الطرفين تعويم عملته بغرض جعل بضائعه أرخص، وأكثر تنافسية، وهو ما سيخلق مخاطر في موازين التجارة الخارجية والمدفوعات.

سوف أحاول جمع هذه المخاطر، قدر الإمكان. بحيث تعكس القيمة الإجمالية لمعامل هشاشة الوضع المالي لا الوضع المالي الراهن في الدولة، وإنما هشاشة الوضع بالنسبة للتغيرات المحتملة للظروف، وتحديدا الظروف الخارجية، مثل بداية أزمة المؤسسات المصرفية الدولية و/أو وقف منح الائتمانات، بما في ذلك من المصادر الخارجية.

وللتوضيح، فإن الوضع في السودان أسوأ من الوضع في مصر، أما اليمن فتمر بكارثة حقيقية، ولكن مصر تواجه خطرا أسوأ في تفاقم الوضع، حال اندلاع أزمة مالية عالمية. كذلك، وعلى الرغم من الحرب الدائرة في ليبيا، إلا أن حجم تفاقم الوضع هناك، استنادا لأزمة مالية عالمية، سوف يكون أقل من السعودية على سبيل المثال. بمعنى انه كلما ارتفع مستوى المخاطرة في الخانة الأخيرة من الجدول، كلما كانت مخاطر تفاقم الوضع أعلى.

بالطبع فإن قيمة فائدة البنك المركزي في الدولة لا يمكن أن تعكس بدقة أسعار الفائدة الحقيقية على الدين القومي، لكنها في الأغلب تقترب منها كثيرا، وترتبط معها بعلاقة مباشرة.

لذلك فإن العامود (E) الذي يتضمن نسبة مدفوعات خدمة الدين إلى الناتج المحلي الاجمالى يمثّل قيمة تقريبية. وعلى الرغم من أوجه القصور في هذا المنهج، إلا أنني أظن، أنه يسمح بالربط ما بين كافة أوجه الهشاشة المالية للدول، ويعطي صورة أقرب إلى الموضوعية عن مواجهة المخاطر المالية المحتملة.

(*) الدول التي سجلت سعر فائدة صفر أو بالسالب، ولا تعاني مؤقتا من مشكلات مع خدمة الديون، لكن ذلك لا يعني عدم وجود مخاطر على المدى البعيد (ديون اليابان 253% من الناتج المحلي الإجمالي!! فإذا ما انفجرت هذه القنبلة، ستختفي دولة اليابان. ولكن ذلك يمكن أن يحدث فقط إذا ما أصبح النظام المالي العالمي حطاما).

(**) الدول التي تطبع عملات عالمية، لذلك فإن عامل الديون بالنسبة لها يحمل أيضا خصائص بعيدة المدى، وفي المراحل الأولى للأزمة المالية لن تمثّل ديونها المعضلة الأساسية.

(***) تعاني فنزويلا من وضع سيء. لكن الجدول لا يوضح ما إذا كان الوضع الراهن جيد أو سيء، وإنما الهشاشة أمام التغيرات السيئة للظروف. فالوضع في فنزويلا أو في اليمن لن يتدهور كثيرا إذا ما انهار الاقتصاد العالمي…

(****) تسبب الحصار المفروض على روسيا في تعزيز الجهود الحكومية لمجابهة الهشاشة. فاختفت الديون الغربية، وتمكنت الحكومة من السيطرة على الموازنة، وانخفض بالتالي اعتماد الدولة على التمويل الغربي، وأصبح الميزان التجاري موجبا باستمرار. فقد جعلت العقوبات الغربية على روسيا، على غير المتوقع بالنسبة للغرب، أكثر الدول استعدادا لمواجهة الأزمة المالية.

(?) لا توجد إحصائيات دقيقة عن هذه الدول، أو توجد إحصائيات تثير الشك، لذلك يمكن الحديث فقط عن حدود المخاطر، والذي يمكن أن تكون أكبر بكثير.

المحلل السياسي / ألكسندر نازاروف – روسيا اليوم

*النص كما ورد في النسخة العربية

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها