باحث في الاقتصاد السياسي يكشف عن حقيقة ” تحسن الليرة ” و سعرها الوهمي مقابل الدولار !

شرح باحث في الاقتصاد السياسي، وضع الليرة السورية وسعرها مقابل الدولار في السوق المحلية، لافتاً إلى أن هذا السعر والتحسن الذي طرأ عليه وهمي.

وقال لباحث محمد صالح الفتيح، عبر حسابه في فيسبوك، إن “سعر الدولار في السوق الموازي عند حوالي ٩٥٠٠ ليرة (تراجع أكثر في وقت لاحق) بينما لا يزال ثابتاً في نشرة المصرف المركزي الصادرة منذ دقائق عند ١٣٠٠٠ للشراء و١٣١٣٠ للبيع وذلك بدون أي تغيير منذ حوالي السبعة أسابيع”.

وأضاف: “السعر الحالي للدولار في الأسواق هو سعر وهمي ناجم عن نقص المعروض من الليرة السورية وهذه مشكلة تحتاج لحل. فالأسعار بالليرة السورية لم تنخفض إطلاقاً خلال هذا الشهر وحتى الكازيات باتت ترفض قبول الدولار وتصر على القبض بالليرة وهذا يعني أن تكلفة الوقود على المشتري ارتفعت ٣٠٪؜ على الأقل. والنتيجة هي استنزاف أرصدة السوريين من الدولار لصالح المضاربين. والأسرة التي كانت تحتاج في ديسمبر/كانون الأول إلى ٣٠٠ دولار شهرياً باتت تحتاج الآن إلى أكثر من ٤٠٠ دولار”.

وتابع: “المصرف المركزي لا يزال يرفض شراء الدولار من المواطنين مما يدفعهم للبيع للصرافين في الشوارع. من واجب المركزي إيجاد حل، وذلك ليس لتخفيف الأعباء على المواطنين فحسب ولكن أيضاً لتعزيز مخزون المركزي من النقد الأجنبي للتعامل مع التزامات الحكومة. شركات النفط الأجنبية كان يمكن أن تتشجع للتقدم لطلبات توريد النفط لسورية لو كانت الحكومة السورية عرضت أن تدفع ربع أو نصف قيمة النفط المورد فور الاستلام ولكنها عرضت دفع ١٠٪؜ فقط وهذا لم يشجع الشركات. فلماذا تهدر هذه الفرص ويستنزف المواطن ولصالح من؟”.

وفي منشور آخر، قال الفتيح إنه “من الصعب زيادة الرواتب بنسبة 400% لأسباب عدة منها عدم توفر ما يكفي من الأوراق النقدية. مشكلة النقد السوري هي مشكلة مزمنة وتفاقمت منذ مطلع 2020 بسبب انهيار قيمة الليرة السورية مقابل الدولار. فباتت القيمة الاسمية للأوراق النقدية السورية منخفضة للغاية مقارنةً بحاجة المتداولين ومقارنةً بقيمة الدولار والأهم أنها باتت منخفضة بالمقارنة مع تكلفة طباعتها. هذا العامل الأخير هو ما تغفل عنه العديد من المؤسسات المالية العربية، بما في ذلك في سورية”.

وفي سياق متصل، قال الفتيح إن “تحسين الأجور (مستوى الدخل) يمر بشكل حتمي بزيادة فرص العمل وربحية قطاعات العمل. كل تحسن بالأجور يتطلب انخفاضاً كبيراً بالبطالة، وزيادة البطالة تخفض من أجور العاملين”.

وأضاف: “عمليات التسريح الواسعة في القطاع العام ستؤدي لزيادة كبيرة في أعداد العاطلين عن العمل. الحكومة الحالية تتحدث عن تخفيض عدد العاملين في القطاع العام بما بين 50 و70% (التصريحات متقلبة)”.

أما “الاستيراد فسيخنق الورشات الصغيرة والمتوسطة ويضعف تنافسيتها ويجبرها على تخفيض تكاليفها بما في ذلك عبر تخفيض كبير في الأجور أو تقليص عدد العاملين أو اتخاذ قرار بالإغلاق بالكامل. النتيجة زيادة عدد العاطلين عن العمل”.

ونوه الفتيح إلى أن “زيادة أعداد العاطلين عن العمل، من القطاعين العام والخاص، ستزيد تنافسهم على الفرص المتاحة ومن استعدادهم للقبول بأجور أقل وساعات عمل أطول وظروف عمل أسوأ وستقوي موقع أرباب العمل. فمن سيطلب 200 دولار كأجر شهري سيرد عليه رب العمل بالقول هناك 100 غيرك مستعدون للعمل بـ100دولار”.

وتابع: “الواقع المؤسف هو أن الغالبية الساحقة من العاملين في القطاع الخاص ليسوا من أصحاب المهارات الخاصة الذين يصعب استبدالهم. الغالبية الساحقة هم عمال بمهارات عادية جداً. المستفيد الأكبر من التسريح سيكون أرباب العمل وكبار رجال الأعمال الذين سيخفضون من أجور عمالهم ولن يخفضوا من أسعار منتجاتهم، وسيزيدون بالتالي من أرباحهم”.

وأشار الفتيح إلى أن “لعبة المضاربة على الليرة والدولار واضحة ومؤسفة، الكازيات رفضت (حتى صدور التعميم الحكومي اليوم) القبض بالدولار وتصر على القبض بالليرة لتستفيد من ارتفاع سعر الليرة وثبات سعر المحروقات الذي يحقق أرباح كبيرة للكازيات”.

وأضاف: “شركات الحوالات ترفض تسليم الحوالات بالدولار بالرغم من الوفرة المفترضة بالدولار في الأسواق، وذلك للاستفادة من انخفاض سعر الدولار ولتحقيق أرباح كبيرة لشركات الحوالات”.

وتابع: “المصرف المركزي يرفض تغيير السعر الرسمي للدولار منذ حوالي سبعة أسابيع. وكان المنطقي أن يبادر لشراء الدولار الفائض من الأسواق لتعزيز الاحتياطي النقدي وتوفير متطلبات شراء النفط بعد أن رفضت الشركات الأجنبية التجاوب مع طلبات وزارة النفط السورية”.

وأكمل: “الرابحون معروفون. والخاسر الوحيد هو السوري من صاحب المدخرات الضئيلة من النقد الأجنبي، أو ممن يتلقى حوالات من الخارج. ولو كان فيما يحصل أي مكسب للحكومة، فليتفضل وزير المالية أو رئيس الوزراء ويعلن أن ما يحصل هو إنجاز له، بدل هذا الصمت المطبق”.

وأوضح الفتيح أن “الوضع الحالي لليرة السورية مؤقت، ويشبه ما حصل في السودان مع هبوط الدولار في السوق السوداء السودانية من حوالي 72 جنيهاً في اليوم السابق لسقوط عمر البشير، في 11 أبريل/نيسان 2019، إلى ما بين 40 و45 جنيهاً في الأيام التالية لسقوطه. ولكن الدولار عاد للارتفاع، مع استئناف الاستيراد، ليصل إلى مستوى 90 جنيهاً سودانياً خلال ستة أشهر (أي أعلى مما كان عليه أصلاً) والآن يبلغ سعره 600 جنيه سوداني”.

وأضاف: “في سورية، هناك تجميد غامض الأسباب لحركة الليرة السورية. المصرف المركزي لا يشتري النقد الأجنبي. ومن يمتلك حسابات مصرفية لا يستطيع السحب منها سوى ضمن سقف يومي يتراوح بين نصف مليون ومليون ليرة سورية. وهذا التقييد يشمل الأرصدة الشخصية وأرصدة الشركات. وهذا التجميد أتاح فرصة كبيرة للتجار للمضاربة على الليرة والدولار”.

وختم: “وضع الاقتصاد السوري لم يتغير. فلم تحصل أي زيادة في الإنتاج. والتوجه الحالي للحكومة هو نحو تحرير الاستيراد وتشجيعه، والبضائع التركية ستستمر بإغراق الأسواق. وزيادة الاستيراد ستعني حتمية انخفاض سعر الليرة السورية”.

 

 

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.