دويتشه فيله : منظمة لمساعدة اللاجئين تنتقد تشويه صورتهم في ألمانيا

 

الأخصائيون النفسيون عددهم الإجمالي أربعة. ومرشد اجتماعي واحد فقط. أما الطبيب النفسي فقد تم للتو التخلي عن خدماته، كما تقول غابرييلا البرغوثي، التي تعرف جيدًا ماذا تعني إدارة النقص. فهي مديرة المركز النفسي الاجتماعي مونديال بون، وهو مركز إرشاد وملتقى للاجئين، الذين يعانون من مشكلات نفسية واجتماعية. ولذلك غالبًا ما ترد عندما تُسأل عن مهمة فريقها الصغير الأساسية بهذه العبارة: أولاً تحقيق الاستقرار للاجئين بعد هروبهم وتجاربهم المتكررة مع العنف.

ولكن هذا ليس أمرًا سهلًا على الإطلاق. وذلك لأنَّ الكثيرين يعانون بشكل خاص من الأوضاع في ألمانيا، كما قالت غابرييلا البرغوثي لـDW: من “انتظارهم الأبدي حتى إنجاز إجراءات اللجوء، وقلقهم، وإقامتهم في ملاجئ كبيرة من دون أية خصوصية. والكثيرون منهم أيضًا يطَّلعون على الأوضاع السياسية الراهنة في ألمانيا، ويعانون من العنصرية والإقصاء في الحياة اليومية. وكل هذه الأمور يمكن أن تؤثر أيضًا على الأشخاص الأصحاء”.

الأخصائية النفسية ميلينا بايتسمان تشاهد كل يوم وعن كثب ما يحدث للاجئين. وحول ذلك تقول: “ألاحظ أنَّ المراجعين لدي أصبحوا بعد أشافنبورغ يخافون للغاية، سواء من تشديد القوانين وقرارات الترحيل الصارمة أو من الحكومة الجديدة. وجميعهم يطَّلعون بطبيعة الحال على النقاشات في ألمانيا، وهذا يرهقهم ويضغط عليهم أكثر. حيث يوجد من ناحية هذا الغموض ثم الشعور بعقاب جماعي على شيء فعله شخص واحد”.

وتذكر ميلينا بايتسمان وغابرييلا البرغوثي ما هو المطلوب في الواقع بدلًا من التشدد في سياسة الهجرة: إجراء فحص منهجي للكشف عن وجود حاجة إلى الدعم في مراكز استقبال اللاجئين الأولية ومراكز الإقامة الجماعية. والاستمارة التي يتم فيها هناك سؤال اللاجئين عن الإصابة بأمراض، لا يوجد فيها مثلًا سؤال مهم للغاية: أي السؤال عن الأمراض النفيسة. والمطلوب بعد ذلك سياسة غير مهدد دائمًا بالتخفيضات. وأخيرًا مواصلة الرعاية بشكل أفضل من خلال المعالجين المختصين.

“لقد كتبنا قبل عامين إلى جميع المعالجين النفسيين الـ300 في مدينة بون والمناطق المحيطة بها من أجل مشروع وكذلك من أجل الترويج قليلًا لمراجعينا. ولم يجبنا سوى ثلاثة فقط. وعلى الأرجح أنَّهم المثاليون”، كما تقول غابرييلا البرغوثي بابتسامة مريرة. وتضيف أنَّ علاج اللاجئين يعتبر أمرًا متعبًا جدًا بالنسبة للكثيرين: “يجب أولًا العثور على مترجم، ثم إعداد عقد للعلاج، وفي نهاية المطاف كثيرًا ما لا يوافق التأمين على تغطية التكاليف أيضًا”.

وكذلك تمثل الرعاية في الحالات الطارئة مسألة أخرى توجد فيها حاجة ملحة لاتخاذ إجراءات. وفي العادة يصل المرضى إلى المستشفى، ولكن يتم إخراجهم بعد ليلة واحدة فقط وإعطاؤهم علبة أقراص من دون شرح مفيد. وبعد ذلك يبتلعون الكثير من هذه الأقراص.

وعلى العموم الانتحار هو الموضوع السائد في العلاج، لأنَّ أكثر من نصف المرضى تراودهم أفكار الانتحار، كما تقول المختصتين بعلم النفس المقيمتين في مدينة بون. وليس مثلًا كما يمكن أن يعتقد البعض في ضوء الجدل الساخن في ألمانيا بأنَّ اللاجئين يشكلون خطرًا على المجتمع. وحول ذلك قال المرشد الاجتماعي ماجد إبراهيم لـDW:

“أنا أعمل في المركز النفسي الاجتماعي منذ عام 2020، وفي كل هذه السنين كانت لدينا بالضبط حالة واحدة فقط لشخص هدَّد تهديدًا كبيرًا باستخدام العنف. حالة واحدة فقط، وقد استدعينا الشرطة مباشرة. وفي العادة يتعلق الأمر بكون الأشخاص يريدون استخدام العنف ضد أنفسهم”.

تعمل جيني بارون أخصائية نفسية في الجمعية الوطنية العامة للمراكز النفسية الاجتماعية من أجل اللاجئين وضحايا التعذيب (BAfF). لقد تلقت هذه الجمعية بعد وقت قصير من هجوم أشافنبورغ الكثير من الاستفسارات عن كيفية وقوع هذه الجريمة وإن كان الأشخاص المصابون بأمراض نفسية يشكلون خطرًا خاصًا.

وفي هذا الصدد ذكرت جيني بارون لـDW أنَّ هذا النقاش أرعبها وأنَّه يثير المخاوف ويؤدي إلى مزيد من الانقسام في المجتمع: “نحن كمنظمة عامة نلاحظ أنَّ الرياح أصبحت قاسية أكثر بكثير. وأنَّ هناك تقديرًا أقل للأشخاص الملتزمين جدًا بمساعدة اللاجئين في ظروف سيئة والذين يضمنون تقديم الرعاية الجيدة للاجئين. ونلاحظ ذلك من خلال حقيقة أنَّ الموارد المالية أصبحت أقل بكثير لأنَّ السياسيين لم يعودوا يعتبرون هذا العمل ضروريًا”.

وكذلك تنتقد جيني بارون الفجوة الكبيرة في الرعاية، وتقول إنَّ المراكز النفسية الاجتماعية تضطر حاليًا إلى رفض الكثير من الأشخاص بسبب قدراتها المحدودة. وعند العثور على مكان للعلاج النفسي، يتعيّن على المرضى الانتظار أكثر من عام. ومع ذلك غالبًا ما تبقى العديد من الأمراض الفسية غير معروفة لدى اللاجئين، ولذلك ينعزلون وأحيانًا يبقون طيلة أيام أو أسابيع في غرفهم.

كما تدعو الإخصائية النفسية جيني بارون إلى عدم وضع المرضى النفسيين موضع اشتباه عام. وتقول إنَّهم “يشكلون نسبة كبيرة جدًا من السكان في ألمانيا. ونحن نعلم أنَّ ثلث السكان يصابون بمرض ما خلال حياتهم. ولكن القسم الأكبر من هؤلاء الناس – بصرف النظر عن أصلهم – لا يصبحوا أشخاصًا عنيفين. (DW)

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.