كلمة الرئيس الألماني خلال مأدبة إفطار في أقدم مسجد في ألمانيا

 

كلمة الرئيس الألماني خلال مأدبة إفطار في أقدم مسجد في ألمانيا

نص الكلمة:

أود أن أعرب عن خالص شكري على دعوتكم لي إلى مسجدكم الكريم. يسعدني أن أشارككم اليوم في إفطار هذا اليوم المبارك. كما يسعدني جدًا أن يكون هذا الإفطار بين الأديان، حيث يجتمع اليوم أشخاص من مختلف المعتقدات والتقاليد الدينية للاحتفال معًا.

يبدو أن هذا الحدث يتماشى مع التاريخ الخاص لهذا المسجد، الذي يحتفل هذا العام بمرور 100 عام على تأسيسه، ليكون بذلك أقدم مسجد في ألمانيا. إننا نقف في مكان مميز للغاية، حيث لم يكن هذا المسجد منذ إنشائه مجرد مكان للعبادة، بل كان أيضًا مركزًا لحوار جاد بين المسلمين وغير المسلمين، وهو ما أصبح سمةً مميزة لهذا المكان.

لقد تأثرت هذه الروح الحوارية بالتحولات الفكرية العميقة في العشرينيات، في أعقاب الكارثة التي خلفتها الحرب العالمية الأولى، حيث شهدت تلك الفترة بحثًا مكثفًا عن توجهات جديدة، كما تم طرح أسئلة جوهرية حول جميع المعتقدات، بما في ذلك الإسلام. وكان من مظاهر روح التسامح والانفتاح في هذا المسجد أنه كان ولا يزال يستقبل جميع المذاهب الإسلامية، مما يعكس التزامه بروح الحوار والتعايش.

ومنذ إنشائه في برلين-فيلميرسدورف، كان المسجد يتمتع بتصميم معماري مميز جعله معلمًا بارزًا وسرعان ما أصبح أيضًا وجهة سياحية معروفة. وبهذه المناسبة، أود أن أهنئكم بمرور قرن على تأسيس المسجد، وأتطلع إلى حديث السيدة غيرديين يونكر، التي ستسلط الضوء على تاريخ المسجد ومجتمعه، بكل ما مر به من أوقات مشرقة وسعيدة، وأيضًا تحديات صعبة على مدار المائة عام الماضية.

الدين ليس فقط مجموعة من المعتقدات والتعاليم اللاهوتية، وليس مجرد مبادئ أخلاقية توجه أفعالنا، بل هو أيضًا نظام يهيكل الزمن. فكما هو الحال في المسيحية، يحدد الدين إيقاع حياتنا اليومية والأسبوعية والسنوية، مما يمنح الزمن معنى أعمق يتجاوز مجرد تعاقب الأيام والأسابيع.

ويظهر هذا الأمر بشكل خاص خلال شهر رمضان، حيث تتشكل أيام المسلمين وفقًا لدورة الصيام والإفطار، مما يضفي على كل يوم في رمضان هيكلًا فريدًا ومميزًا خلال العام. كما يتميز رمضان ليس فقط بالصيام، بل أيضًا بالروحانية العميقة، وتقوية الإيمان، ونشر اللطف والتضامن الاجتماعي، لينتهي باحتفال كبير يعكس بهجة الجماعة وعمق الروابط بينهم.

كمسيحي، أعرف تمامًا هذا النوع من الفترات الزمنية التي تتجه نحو ذروة روحية واحتفالية، كما هو الحال في الصوم الكبير الذي يمتد من أربعاء الرماد حتى عيد الفصح، أو زمن المجيء (Advent) الذي يسبق عيد الميلاد، وهو فترة مليئة بالإضاءة، والهدايا، والاجتماعات العائلية.

وبالحديث عن زمن المجيء، أتذكر مقولة أحد أسلافي: “الإسلام جزء من ألمانيا”، وهي حقيقة لا يمكن إنكارها اليوم، حيث يعيش في ألمانيا خمسة ملايين ونصف مليون مسلم. ويمكن ملاحظة مدى اندماج الإسلام في المجتمع الألماني في أشياء صغيرة، مثل تقليد تقويم المجيء (Advent Calendar)، الذي أصبح رمضان-تقويمًا (Ramadan Calendar) للأطفال المسلمين، حيث يتم توزيع الحلوى والمفاجآت يوميًا، لتعليم الأطفال بطريقة ممتعة كيفية حساب الزمن وفهم أهمية الأيام الخاصة.

وفي أماكن عديدة، كما هو الحال هنا في مسجد فيلميرسدورف، يُدعى الأصدقاء والجيران غير المسلمين لمشاركة الإفطار، مما يجعل هذا الحدث أكثر من مجرد لفتة كريمة، بل هو رسالة قوية عن أهمية العيش المشترك. لا أحد يفقد شيئًا من إيمانه عندما يوجه دعوةً للآخرين، ولا أحد يخسر شيئًا عندما يقبل هذه الدعوة.

أدعو الجميع إلى اتباع هذا النهج والانفتاح على الآخرين، فنحن نُظهر احترامنا لعقائد الآخرين عندما نشاركهم لحظاتهم الخاصة. وهذا يقودنا إلى ما يحلم به المؤمنون جميعًا، بغض النظر عن دينهم: السلام.

شكرًا جزيلًا على دعوتكم!

 

 

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.