لقاءات لوكالة رويترز من داخل سجن سعودي يأوي موجة جديدة من الجهاديين العائدين من سوريا

يظهر رجل على شاشات غرفة المراقبة داخل السجن وهو يتحرك في زنزانته الصغيرة مرتديا ملابس السجن الرمادية..

إنه واحد من عدد متزايد من السجناء في قضايا أمنية بالسعودية حيث أدت الحرب في سوريا والعراق إلى تصاعد أنشطة الجهاديين في الداخل.

حتى العام الماضي كان عدد النزلاء في السجون الأمنية مثل سجن الحائر إلى الجنوب من الرياض في تناقص إذ جرى الإفراج تدريجيا عمن اعتقلوا خلال حملة الهجمات العنيفة التي شنها تنظيم القاعدة بالمملكة قبل عشر سنوات.

ولكن مع تصاعد الغضب في السعودية بشأن ما يعتبره كثير من السعوديين قمعا للسنة في العراق وسوريا على أيدي الشيعة تعهد عدد متزايد من الشبان السعوديين بالمساعدة من خلال حمل السلاح بأنفسهم.

تقول وزارة الداخلية السعودية إنه حتى مارس آذار سافر نحو 2300 سعودي إلى سوريا للانضمام إلى الجماعات الجهادية مثل تنظيم “داعش” وجبهة النصرة.

في الأشهر الأخيرة زادت المخاوف من أن يشن متشددون سنة هجمات على الأقلية الشيعية داخل المملكة والتي يوجد معظمها في المنطقة الشرقية حيث القسم الأكبر من الثروة النفطية للبلاد. وأعلن تنظيم “داعش” المسؤولية عن هجومين على مسجدين للشيعة في شرق المملكة في مايو أيار أسفرا عن مقتل 25 شخصا.

انخفضت أعداد السجناء في السجون الأمنية بنحو 60 في المئة إلى 2289 فقط في نوفمبر تشرين الثاني عام 2013 بعد أن كانت 5501 في ديسمبر كانون الأول عام 2010 اما اليوم يقول العقيد محمد “أبو سلمان” الذي اكتفى بذكر كنيته وليس اسم عائلته لأسباب أمنية إن هناك 4209 سجناء في قضايا أمنية.

وتؤيد الحكومة القتال ضد نظام بشار الأسد لكنها تعتبر الجماعات الجهادية المعارضة له مصدر تهديد وفي العام الماضي قررت معاقبة أي مواطنين ينضمون للقتال في سوريا بأحكام قاسية.

يقول الشاب البالغ من العمر 25 عاما ذي الشعر الداكن المنسدل والوجه البشوش وهو يجلس في فراشه بمستشفى السجن “كنت واحدا من الشبان الذين ذهبوا للقتال. والدة ابن عمي سورية فأردت أن أساعد.”

أصابه قناص برصاصة في الظهر في محافظة إدلب في سوريا بعد أن قضى عامين في صفوف جبهة النصرة وقد أصيب بالشلل في النصف السفلي من الجسم. على غرار غيره من السجناء تمنعه سلطات السجن من الكشف عن اسمه للصحفيين الزائرين.

*مقاتلون شبان

كان الكثير من السجناء الذين جلسوا على المقاعد في ساحة للتريض وفي مستشفى السجن وفي المكتبة أو الزنازين المشتركة من الشبان. قالوا إنهم ذهبوا الى سوريا بمبادرة منهم بعد أن شاهدوا التقارير الإخبارية والدعاية على مواقع التواصل الاجتماعي.

ضمت مجموعة من السجناء الذين جلسوا للاستمتاع بنسيم الليل في فناء تحيطه أسوار عالية وأرضيته من النجيل الصناعي فتى في السابعة عشرة من عمره ما زال يضع جهازا لتقويم أسنانه وآخر يكبره بعام شرع في السفر إلى سوريا لكنه عدل عن ذلك وسلم نفسه.

جلس بصحبتهما شاب ملتح ضعيف البنية في السابعة والعشرين من عمره من الخرج التي تقع إلى الجنوب من الرياض قضى ستة أشهر وهو يقاتل في صفوف جماعة المهاجرين وهي جماعة جهادية كانت مرتبطة فيما سبق بتنظيم “داعش”.

قال الشاب إنه قرر العودة لشعوره بالقلق على زوجته وبناته وألقي القبض عليه عند وصوله إلى مطار جدة.

وأضاف “الأخبار ومقاطع الفيديو على الإنترنت هي التي أقنعتني بالذهاب إلى سوريا. ذهبت من مطار الرياض إلى مصر وبعد ثلاثة أيام سافرت منها إلى اسطنبول. ثم سافرت إلى حتا وكان المهربون منتظرين بالمطار وطلبوا أموالا مقابل إدخالنا سوريا.”

وقضى عضو آخر بالمجموعة أكبر سنا وأكثر عبوسا عشر سنوات في أفغانستان. إنه ينتمي لجيل سابق على هذا الجيل من المتشددين السعوديين الذين كان من دوافعهم الرغبة في مساعدة اخوتهم المسلمين لكن أهدافهم كانت مناهضة للغرب وضربت بجذورها في الدين بدرجة أكثر وضوحا.

في عيادة للطب النفسي بالمبنى الطبي كان هناك سجين مكبل اليدين ويضع طاقية بيضاء من نفس هذا الجيل. قضى 11 عاما في السجن بعد إدانته في اتهامات بالإرهاب ويتبقى عامان من مدة عقوبته. حين نهض لمصافحتي كانت يده رطبة وشديدة البرودة.

*أساليب جديدة

يقول مصطفى العاني المحلل الأمني الذي تربطه صلات وثيقة بوزارة الداخلية السعودية إنه على العكس من تنظيم القاعدة قبل عشر سنوات فإن تنظيم “داعش” ليست له شبكة واسعة من الأعضاء داخل السعودية.

وأضاف انه يخطط للهجمات مثل التفجيرين الانتحاريين اللذين استهدفا مسجدين للشيعة في مايو أيار من الخارج ثم يتواصل من خلال الوسائل الإلكترونية مع متعاطفين داخل المملكة يقدمون دعما لوجيستيا لعناصره القليلة المدربة.

وقال العاني إن هذا الأسلوب يعني أن احتمالات نجاح الهجمات ضعيفة لأن التنظيم المتشدد يعتمد على أشخاص لا يتمتعون بالمهارة الكافية لكنه في الوقت نفسه يجعل من الصعب على السلطات استخدام الاعتقالات للقبض على مجموعة كاملة من المتشددين.

وهناك الكثير من الشبان الملتحين في السجن محبوسين ليس لمحاولة السفر إلى سوريا وإنما لتقديمهم هذا النوع من الدعم اللوجيستي للهاربين من العدالة أو غيرهم من المشتبه بأنهم متشددون مثل توفير المأوى أو تقديم المال لهم.

لقد اعتادوا الآن ممرات السجن الطويلة المكسوة بالقرميد الرمادي وحوائطه المطلية باللون الأبيض ورائحة العرق وسوائل التنظيف والطعام الذي يدخل لهم عبر فتحة في باب الزنزانة.

وبعد الخروج من السجن سيلحقون ببرنامج المملكة لإعادة تأهيل المتشددين وينطوي على دورات يقدمها أطباء نفسيون ورجال دين تبدأ من داخل السجن.

وفي ممر خاو آخر وعند إلقاء نظرة على واحدة من زنازين الاستجواب الستة التي يوجد بها محتجزون يظهر رجل مكبل اليدين أزيحت عصابة عينيه فأصبحت حول رقبته في انتظار الاستجواب.

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها