ظلال قاتمة تحيط بصفقة اللاجئين الأوروبية التركية

تزداد الضغوط، ومن اتجاهات عديدة، على سياسة اللجوء التي يتبعها الإتحاد الأوروبي. وصحيح أن الاتفاق الأوروبي التركي المبرم في شهر آذار/ مارس الماضي أدى إلى انخفاض جوهري في عدد اللاجئين، الذين يعبرون تركيا إلى الجزر اليونانية، إلا أن الفوضى لا تزال تعم هذه الجزر في غياب لمقومات الحياة الكريمة.

تركيا فعلت، وفي المقابل لم تفعل أوروبا. فالدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي لم ترسل فرق عمل كافية إلى اليونان. واليونان ليست قادرة بنفسها على تسريع إجراءات تسجيل اللاجئين على أراضيها.

 الفرضية: تركيا ستحل لنا أزمة اللاجئين

إثر التوقيع على الاتفاق الأوروبي التركي قبل شهرين، أطلق رؤساء الحكومات والدول الأوروبية آنذاك وعودا بأن كل شيء سيسير الآن بسرعة. لكن إلى اليوم لم يتغير على أرض الواقع الشيء الكثير. إذ يعتمد الإتحاد الأوروبي بشكل أساسي على تركيا للتخلص نهائيا من أزمة اللاجئين.

وخلافا للاتفاق المعلن عليه بادئ الأمر، فإن إجراءات إعادة توزيع اللاجئين من تركيا واليونان وإيطاليا على دول أوروبية أخرى لازالت تسير ببطء شديد. ومبدأ التضامن المتبادل هو قيمة تفتقر إليها الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي. وعليه فإن أغلبية الدول الأوروبية تتعامل فيما بينها بحسب منطق واحد هو: المهم أن لا يأتي إلىَّ لاجئون، فأنا ومن بعدي الطوفان.

اليونان تواجه بمفردها أزمة اللاجئين. وهذا قد يحدث أيضا مع إيطاليا؛ إذا ارتفعت من جديد أعداد اللاجئين، القادمين من الضفة الجنوبية للبحر المتوسط. وسياسة اللجوء، التي يقوم بها الإتحاد الأوروبي ستقود إلى العزلة، إذا لم يتم خلق طرق شرعية ثابتة للدخول إلى أراضيه.

وبعبارة معسولة أيضا يمكن تسمية ذلك حماية للحدود الخارجية لأوروبا. ولأن هناك كثيراً من الدول الأوروبية لا تثق في في تأمين الحدود الخارجية لأوروبا، تبادر، بشكل وقائي، إلى إغلاق حدودها الداخلية المشتركة أيضا مع دول أخرى في الإتحاد الأوروبي. والمجر والنمسا والدنمارك وألمانيا لها السبق كمثال سيء في هذه المسألة.

النجاح النسبي للإتحاد الأوروبي في إغلاق طريق البلقان له عيب خطير، ألا وهو، أن أوروبا أصبحت الآن معتمدة كلية على تركيا. والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يقترب الآن من جنون العظمة، هدد في الأيام الماضية مجددا، بإعادة فتح الباب و”إرسال اللاجئين”؛ إذا لم يكن هناك شعور لدى الإتحاد الأوروبي (بمطالب تركيا).

الواقع: تركيا لها مصالحها الخاصة

التطورات الداخلية في تركيا تطغى دون شك على الاتفاق الأوروبي التركي. إضعاف سلطة البرلمان وتركيع الإعلام وقمع حرية الرأي والتعبير وقانون الإرهاب، المثير للجدل، هي تطورات تصعب من مهمة أوروبا في الإبقاء على الاتفاق مع تركيا.

طلب تركيا بإعفاء مواطنيها من تأشيرة الدخول إلى الإتحاد الأوروبي سيكون اختبارا حاسما للإتحاد الأوروبي. فإذا لم تغير تركيا قوانينها؛ لن يستطيع البرلمان الأوروبي الموافقة على المطلب التركي. وفي هذه الحالة، ووفقا لما عليه الأوضاع الآن، سيلغي أردوغان الاتفاق المبرم مع أوروبا.

ويبدو أن صيف أزمات ساخن ينتظر الإتحاد الأوروبي، تماما كالصيف الماضي. علاوة على ذلك فإن الوقت سيصبح ضيقا. والموعد المذكور لبداية إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة الدخول للإتحاد الأوروبي في يوليو/ تموز، من الصعب الالتزام به نظرا إلى المشاكل العالقة بين تركيا وأوروبا.

ولأنهم لم يكونوا قادرين على إيجاد حل لأزمة اللاجئين فيما بينهم، فإن رؤساء دول وحكومات الإتحاد الأوروبي ألقوا بأنفسهم في أيادي (شخص) من تركيا يتمنى أن يصبح سلطانا، ولا يمكن توقع أفعاله، ولا يأبه بانتقادات. بيد أن هذا الأمر يمكن أن تكون له نتائج أليمة. إذ إن “الحل الأوروبي” الذي جاء بتدبير من المستشارة ميركل نفسها، من الممكن أن ينهار قريباً.

بيرند ريغرت – دويتشه فيله

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها