ألمانيا : مركز مخصص للاجئين الذين يعانون من صدمات نفسية .. و صحيفة تتحدث عن تجربة سيدة سورية مرت بظروف مأساوية

على الرغم من نجاتهم، إلا أن الكثيرين من اللاجئين ما يزالون يعانون من آثار الحرب في وطنهم، الأمر الذي دفع لإنشاء مركز جديد للمساعدة النفسية والاجتماعية، في ساحة دوسيلدورفر في مدينة كيمنتس، التابعة لولاية ساكسونيا، بألمانيا.

السيدة أمينة رشيد (يسار الصورة) تتلقى المساعدة في المركز الجديد للمشورة النفسية والاجتماعية من العاملة الاجتماعية ليديا أويرباش، للتعامل مع البيروقراطية الألمانية، والتخلص من الأوضاع النفسية السيئة.

بالكاد تستطيع أمينة رشيد تحريك ذراعها اليمنى، هذه الإصابة لا تكف عن تذكير المرأة السورية بأسوأ أيام حياتها.

صحيفة ” فرايه بريسه” الألمانية، سردت قصة أمينة، وقالت اليوم السبت، بحسب ما ترجم عكس السير، إن القصة وقعت في مدينة حلب، في الثاني من تشرين الأول عام 2013، حيث كانت تجلس في المقعد الامامي بجانب زوجها الذي كان يتولى القيادة.

وفي المقعد الخلفي، كان يجلس أربعة من أطفالهما الخمسة، عندما تعرضت السيارة لإطلاق النار من قبل قوات الأسد، وعلى الفور، انبطح جميع أفراد العائلة في أرضية السيارة، ومع ذلك، أصيب الأطفال، حيث تعرض أحدهم لجرح عميق في الفخذ، وشجت رصاصة رأس الابن الآخر، وتحطمت أصابع الطفلة.

بعد ذلك اتصل زوجها عبر جواله بأحد أصدقائه الذي يعملون مع جيش النظام، على أمل أن يخرجهم من هذا الوضع، الصديق أراد أن يعرف بالضبط أين هم تماماً، لذلك اعتدل الأب قليلا ونظر من النافذة ليستدل موقعهم بالضبط، ليصاب حينها بعيار ناري.

وتقول أمية التي تبلغ من العمر 41 عاماً: “خوفاً من التعرض لإطلاق النار مرة أخرى، حافظنا على مكاننا داخل السيارة لمدة 19 ساعة”، وكان القناصة منتشرين على أسطح المنازل المحيطة، في هذا الوقت حاولت الأم ربط جرح ابنها النازف بقطعة من ملابسها، وفي النهاية وصلت مجموعة من الثوار لمساعدتهم.

وبعد أن تركت العائلة السيارة، تعرضوا لإطلاق النار مرة أخرى، حينها أصيبت أمينة رشيد بطلقة في ذراعها، وأصيبت واحدة من بناتها في وجنتها وفي ذراعها.

في سوريا يمكن توفير العلاج للجروح الجسدية، لكن يصعب علاج الضرر النفسي، حيث تقول أمينة إنه من ناحية لا يوجد تمويل كاف لهذا النوع من العلاج، ومن ناحية أخرى يوصف الشخص الذي يذهب إلى الطبيب النفسي بالمجنون.

وفي نهاية المطاف، قام أحد الأقارب بمساعدة العائلة مالياً للهرب إلى ألمانيا.

وهناك لفت أحد معارف أمينة من المترجمين نظرها إلى المركز النفسي الاجتماعي الجديد في مدينة كيمنتس، الذي يقدم منذ الأول من حزيران المساعدة النفسية والاجتماعية مجاناً للاجئين والمهاجرين.

أرادت أمينة طلب المساعدة من هذا المركز، لأنها ما تزال ترى أحلاماً مزعجة، وتشعر بالخوف من الناس، وأيضا لأنها لا تستطيع نسيان أحداث ذلك اليوم الذي تعرضوا فيه للهجوم.

ويعمل في هذا المركز اثنان من الأطباء النفسيين، واثنان من الأخصائيين الاجتماعيين، بالإضافة لمساعدين اثنين، ويدير هذا المركز الطبيبة النفسية كريستين ماس، ويوفر المركز، بالإضافة للإرشاد النفسي، المساعدة الاجتماعية في المسائل البيروقراطية التي يواجهها المراجعون مع دوائر الدولة.

وتقول كريستين ماس: “إن تأقلم اللاجئين مع الحياة اليومية يأتي بالنسبة لنا في المقام الأول”، وفي التعليق على الحالات التي تعالجها تقول: “لم نسمع هنا إلا القصص الفظيعة التي عايشها اللاجئون”، مشيرة لإحصائيات علمية بأن ثلث اللاجئين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة.

وتقول أمينة رشيد بأنه من الجيد أن يوفر المركز أخصائيين يستمعون إلى حديثها عما عايشته في الحرب، ويقدمون النصائح لها بعد ذلك.

وعلقت كرستين ماس حول الحادث الذي تعرضت له أمينة، بأنها لن تستطيع نسيانه، لكنهم يساعدونها على تعلم كيفية التعامل مع ذلك.

وكانت أمينة في أول لقاء لها في المركز، تعاني من أعراض قوية من الاكتئاب، حيث كانت المرأة خائفة، مطرقة الرأس ولا تنظر في عيني محدثتها.

وتشعر أمينة اليوم بحال أفضل بكثير، وكانت قد بدأت هذا الأسبوع دورة اللغة الألمانية، حيث لم تكن تجرؤ في السابق على الإقدام على ذلك.

ومع ذلك لا يبدو كل شيء على ما يرام بالنسبة لأمينة، فهي ما تزال تشعر بالخوف من الناس الذين يرتدون زياً موحداً، وعلى حد قولها، فهي تغير طريقها حين تلمح رجال شرطة.

ووفقاً لماس فإن أمينة ليست الوحيدة التي تعاني من مثل هذا الخوف، فهي تسمع ذلك من العديد من مراجعيها، وخاصة القادمين من سوريا، حيث كانت لديهم تجارب سيئة مع نقاط التفتيش، وتضيف: “هناك في سوريا لا يوجد أي اعتبار لحياة الإنسان”.

هذا المركز ليس معداً للتشخيص النفسي، لذا حين يحتاج الأمر، يمكن أن يتم إرسال المراجع إلى إحدى عيادات العلاج النفسي، ولكن يبقى هناك مشاكل تواجه عملية العلاج، والتي تلخصها ماس بنقص الأطباء المختصين، وأيضاً عائق التعبير عن مشاعر اللاجئين والمهاجرين إلا عن طريق لغتهم الأم، مما يستدعي طلب مترجم، والذي لا يغطي التأمين الصحي أجره.

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها