ثلاثة أصدقاء باعوا شركتهم الناجحة لـ ” كوكاكولا ” بمبلغ ضخم

كانت بداية نجاح شركة “إينّوسينت” لبيع عصائر الفاكهة، عندما أدرك مؤسّسوها الثلاثة أن عليهم أن يفعلوا كل ما بوسعهم لإنجاحها، حتى وإن تطلب الأمر اتباع حيلة ما.

كان ذلك في عام 2000 عندما اتفقت سلسلة متاجر “ويتروز” في بريطانيا على اختبار عصائر الشركة في عشرة فروع لها مبدئيا.

كان عمر شركة “إينّوسينت” في ذلك الوقت 18 شهراً، وكانت المرة الأولى التي توضع فيها عصائر الشركة على أرفف سلسلة متاجر كبرى لبيع التجزئة في أنحاء متفرقة من بريطانيا.

لعلك تظن أنها كانت لحظة احتفال بالنسبة للشركة الناشئة ومؤسسيها، لكنهم كانوا يشعرون بالقلق، كما يقول المؤسّس المشارك ريتشارد ريد.

ويضيف ريد: “كنا ندرك جيداً أنه لو نجح بيع هذه العصائر فإنهم (في أسواق ويتروز) سيضعون مزيدا منها في شرة متاجر أخرى، وهكذا تباعا. أما إذا لم تنجح المبيعات، فكان ذلك سيعني نهاية الأمر بالنسبة لنا قبل أن نبدأ”.

لذا، وضع ريتشارد ريد وشريكاه، آدم بالون، وجون رايت، خطة عمل خاصة.

يقول ريد: “كان علينا التأكد من أن تباع عصائر الشركة في تلك المتاجر. وكانت الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن نضمن بها ذلك هي الذهاب إلى تلك المتاجر وشراء منتجاتنا بأنفسنا. وكان ذلك هو ما حدث بالفعل”.

ويضيف: “كان الأمر إلى حد كبير هو التظاهر بنجاح منتجنا حتى ينجح حقاً، لكن لحسن الحظ بدأنا نشهد مبيعات كبيرة في المتاجر التي لم نكن نشتري منها منتجاتنا”.

ومع النجاح الباهر في متاجر “ويتروز”، لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أصبحت عصائر “إينّوسينت” على رفوف جميع متاجرها في أنحاء بريطانيا. وخلال سنين قليلة، طلبت كبرى الأسواق المركزية الأخرى في البلد هذه المنتجات لعرضها في متاجرها.

واليوم، تعتبر “إينّوسينت” واحدة من بين أكبر شركات إنتاج عصائر الفاكهة في المملكة المتحدة وأوروبا، بمبيعات سنوية تتجاوز 350 مليون جنيه استرليني.

رغم ذلك، وبينما يظل المؤسِسون الثلاثة من بين أعضاء مجلس الإدارة، فإنهم لم يعودوا يملكون الشركة فعلياً. لقد باعوا شركتهم لشركة كوكاكولا الأمريكية العملاقة للمشروبات الغازية في عام 2013، نتيجة لمرور شركتهم بمصاعب خلال الأزمة المالية العالمية في عام 2008.

ويساعدنا ريد، البالغ 45 عاماً، في إلقاء نظرة على سر الصعود الصاروخي للشركة.

أصبح الشركاء الثلاثة أصدقاء عندما كانوا في جامعة كامبريدج، قبل أن يحصلوا جميعاً على وظائف في عالم الأعمال. وعمل ريد في مجال الإعلانات، وآدم وجون في مجال استشارات الإدارة.

بعد أربع سنوات، وبينما كانوا في إجازة للتزلج على الجليد، قرروا جميعاً الاستقالة من وظائفهم وتدشين علامة تجارية لإنتاج عصائر الفاكهة.

كانت فكرتهم لتأسيس شركة “إينّوسينت” تدور حول إنتاج عصائر طبيعية بالكامل من فواكه طازجة تماما، دون اللجوء إلى استخدام أي مواد حافظة. وكانت الشركة ستتبرع بنسبة 10 في المئة لصالح أعمال أو جمعيات خيرية.

وبالتالي، واعتماداً على مدخراتهم، واستخدام الحد الأقصى لبطاقاتهم الائتمانية، بدأوا أولاً بصناعة العصير في مطبخ صغير لمنزل مشترك لهم غربي لندن، قبل أن يجدوا في نهاية المطاف مُزارعاً في شمال انجلترا ليتولى صنع عصائر الفاكهة في مزرعته.

لكن تأمين دعم مالي كان الأمر الأصعب بكثير. “ذهبنا إلى 20 مصرفاً وكان الرد بـ’لا'”، كما يقول ريد. ويضيف: “ثم اتصلنا بـ 500 شركة من شركات الاستثمار في لندن، ولم يرد أغلبهم، بينما أجاب البقية أيضا بـ’لا'”.

وقال أحدهم لنا إننا حصلنا على صفر من خمسة، حسب دليل المستثمرين في بريطانيا، لأننا شباب وليس لنا قائد – إذ أننا أردنا إدارة الشركة معا – ولم تكن لدينا خبرة في هذا القطاع، ولم تكن لنا سابقة في إدارة شركة من قبل.

وبدافع اليأس، أرسل المؤسِسون الثلاثة رسائل إلكترونية إلى المقربين منهم من الأصدقاء والأقرباء ليسألوهم عما إذا كان أحد منهم يعرف شخصاً ثرياً يرغب في الاستثمار.

واقترح أحد أصدقاء الدراسة القدامى على جون رايت أن يحاولوا الاتصال بمستثمر أمريكي يدعى موريس بينتو.
وقد أعجب بينتو بالفكرة إلى درجة أنه استثمر ربع مليون جنيه استرليني فيها، وهو ما ساعد شركة “إينّوسينت” على الانطلاق. وجاء دعم واسناد آخر من المستثمر مايك لورد، وهو رجل أعمال يدير شركة لإنتاج العصائر في ويلز.

وبعد أن وقعت “إينّوسينت” صفقات مع عدد من سلاسل المتاجر في بريطانيا، ارتفعت مبيعات الشركة بشكل جنوني، وواصلت نموها بقوة، حتى جاءت الأزمة المالية العالمية في عام 2008.

يقول ريد: “شهدنا 10 سنوات من نمو لا يصدق، ولكننا واجهنا مشاكل عندما حصلت الأزمة المالية العالمية. إذ تناقصت مبيعاتنا بشكل مفاجئ، إذ كان الناس يقولون: ‘سنحصل على مالٍ أقل، لذا سنحتاج إلى التقشف'”.
ويضيف ريد: “ثم جاءنا نداء من صاحب المصنع قائلاً ‘أنا آسف حقاً،… ستُدار شؤون الشركة من قبل موظف رسمي من البنك في الساعة الخامسة من مساء هذا اليوم، وبالتالي فهذه آخر عملية إنتاج يمكن أن نقوم بها’. وكانت الطاقة الإنتاجية لنا تصل إلى مئة في المئة”.

“لقد أخبرنا البنك أنه يريد استرجاع أمواله، وأجبنا أننا نأسف لعدم امتلاكنا للمال المطلوب، فكان الرد: “في هذه الحالة، سنتولى إدارة الشركة”.

ولذا، وجد مؤسسو الشركة أنفسهم في وضع يوجب عليهم بيع جزء من الشركة بدلا من فقدها بالكامل. وبعدها قرروا الاتصال بشركة كوكاكولا، ليبيعوا لها جزءاً من الشركة.

وفي عام 2013، وصلت مبيعات “إينّوسينت” السنوية إلى 210 ملايين جنيه استرليني، فتقدمت كوكاكولا لشراء الشركة بالكامل مقابل مبلغ نهائي “تجاوز نصف مليار جنيه استرليني”، كما يقول ريد.

ثم دعتهم شركة كوكاكولا على الفور للبقاء في مجلس الإدارة، كمستشارين، فبقوا فيه حتى هذا اليوم.
يقول ريد: “بالنسبة لي، إنها من قصص الخيال. فقد حققنا جميعاً أكثر من توقعاتنا، ولم يفقد أي شخص عمله، والعلاقة (مع شركة كوكاكولا) ممتازة”.

كما تلتزم شركة كوكاكولا بالمُثل العليا التي سارت عليها شركة “إينّوسينت”، بما فيها مواصلة التبرع بـ10 في المئة من أرباحها للأعمال الخيرية.

وفي حين لا يحضر المؤسِسون الثلاثة اجتماعات مجلس إدارة “إينّوسينت”، فإنهم يديرون حالياً شركتهم الاستثمارية الخاصة التي تحمل اسم “جامجار”.

ومن خلال إظهار مهارات في مجالات معينة، تمكن المؤسسون من الاستثمار في شركات أخرى ناجحة، مثل شركة “ديليفيروو” لتوصيل الأطعمة للمنازل، وشركة “غريز” للوجبات الخفيفة.

يقول أليكس ميتشيل، الذي يدير تجمعا لرواد الأعمال يحمل اسم “آي أو دي 99” إن: “المملكة المتحدة مرّت بثورة في مجال ريادة الأعمال في السنين الأخيرة، وكانت شركة ‘إينّوسينت’ هي إحدى الشركات القائدة لهذه الثورة”.

ويضيف: “وهب ريتشارد ريد وقته لتشجيع الجيل الجديد من مؤسِسي الشركات، ومن المهم حقاً أن يناقش رواد الأعمال الناجحين الدروس والعبر التي تعلموها مع شركاتهم الناشئة، حيث يزيد هذا من فرص بقائها”.

ويقول ريد إن نصيحته الرئيسية لكل من يفكر في إنشاء شركته الخاصة أن لا يحاول عمل ذلك بمفرده.
“عليك أن تتعاون ضمن فريق، إذ ليس بمقدورك أن تنجز كل شيء بمفردك”. (BBC)

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها