منصف المرزوقي : الشعوب العربية مع تركيا قلباً و قالباً

اعتبر الرئيس التونسي السابق، المنصف المرزوقي (2011- 2014) أن الشعوب العربية بأسرها تساند تركيا “ٌقلباً وقالباً” في معركتها الحالية، مشددا “أن الإدارة الأمريكية لا تريد حلفاء أو أصدقاء، وإنما توابع وملحقات”.

وفي مقابلة مع الأناضول، قال المرزوقي إن “الشعوب العربية كلها قلبا وقالبا مع تركيا في معركة يعلمون جميعا أنها معركتهم.”

ورأى الرئيس التونسي السابق أن الشعوب العربية “منهمكة” الآن في صراعها من أجل ما أسمّاه “الاستقلال الثاني” الذي قال إن تركيا حققته بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان.

وأوضح المرزوقي أن الشعوب العربية خاضت معركة تحرر وطني من الاستعمار في منتصف القرن الماضي وهي تخوض الآن معركة استقلال ثان أو تحرر وطني ثان ضد الاستبداد والتخلف”.

وخلص المرزوقي إلى أن محاولة الانقلاب الفاشلة التي استهدفت تركيا صيف 2016، وبقية المناورات الاقتصادية لإخضاع هذا البلد، مرتبطة بمخططات حلف دولي تقوده واشنطن وإسرائيل بمعاونة بعض الأطراف الإقليمية.

وشدّد على أنّ قصّة القسّ الأمريكي أندرو برونسون مجرد ذريعة، وأن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كانت ستجد عذرا آخر للهجوم على تركيا.

وتطالب واشنطن أنقرة بإخلاء سبيل برونسون، الذي تم إيقافه بتركيا في 9 ديسمبر/ كانون الأول 2016، ويحاكم بتهم التجسس والإرهاب.

وتشهد تركيا في الآونة الأخيرة حربا اقتصادية من جانب قوى دولية، في مقدمتها الولايات المتحدة، ما سبب تقلبات في سعر صرف الليرة، سرعان ما انحسرت.

واعتبر المرزوقي أن “العالم العربي والإسلامي طيف بالغ التعقيد من المواقف والتصرفات” بالنظر إلى الأزمات والحروب الأهلية التي يعيشها وغياب الديمقراطية.

إلا أنه بدا واثقا من أن الشعوب العربية “تنظر بكثير من الإعجاب للتجربة التركية، وستستلهم منها عاجلا أو آجلا”، وهذا ما يجعل بعض الأنظمة “تكره تركيا ورئيسها”.

**دولة ذات أنفة”

وبخصوص ردود فعل أنقرة حيال الأزمة مع واشنطن، قال المرزوقي إن الموقف التركي يمثّل “موقف دولة مستقلّة ذات أنفة، وأعتقد أن هذا سيزيد من الأزمة، فالإدارة الأمريكية لا تريد حلفاء أو أصدقاء، وإنما توابع وملحقات وهذا لن تجده في تركيا.”

و في قراءة للأبعاد العميقة للأزمة، رأى أن “الرهان يكمن في تحديد مصير المنطقة، والأخير تتنازعه رغبة الشعوب في الحرية والتنمية العادلة، ورغبة الدول الكبرى في إخضاعها لمصالحها”.

وتابع رئيس تونس السابق: “ما أظهرته القوى المعادية لتحرّر الشعوب من وحشية في سوريا واليمن وليبيا ومصر، يظهر أنها لن تتراجع أمام أي عمل، لكن أسنانها ستتكسّر على إرادة شعوبنا”.

وفي ذات الصدد، أعلن أنه يتفق مع التحليلات القائلة بأن الصراع القائم بين واشنطن وأنقرة هو صراع اقتصادي يتعلق برغبة الغرب في السيطرة، ومنع العالم العربي والإسلامي من اكتساب التقنيات وناصية العلم والتقدم.

وشدد على أن هذه المعطيات تشكل ملامح “السياسة الاستعمارية القديمة التي اكتسبت أشكالا خفية عقب نهاية الاستعمار المباشر.”

**البعد الدولي للأزمة

وفي قراءة للبعد الدولي للأزمة التركية الأمريكية، رجّح المرزوقي أن عالما آخر “قد يكون بصدد التشكّل تحت أعيننا، لكنّ الفاعل الرئيسي في هذا التغيير ليس العالم العربي ولا الإسلامي وإنما الصين وغدا الهند”.

هذا التوجه اعتبره الرئيس التونسي السابق، “أعمق من أن توقفه مناورات ترامب ولا عقوباته الاقتصادية التي تعود على بلاده بالضرر أكثر مما تعود بها على الصين.”

ودخلت رسوم أمريكية بنسبة 25 بالمائة على 34 مليار دولار من الواردات الصينية حيز التنفيذ في 6 يوليو/ تموز الماضي، مستهدفة 818 سلعة، وردت الصين بفرض رسوم مماثلة على سلع أمريكية، وسط تحذيرات خبراء من اندلاع حرب اقتصاية بين واشنطن وبكين، لاسميا مع استمرار الطرفين في فرض مزيد من الرسوم على بعضهما البعض.

**رأس الحربة

وعن فرصة دول العالم الإسلامي وسط هذه التقلبات والتغيرات الدولية، قال المرزوقي “في هذا العالم الجديد، ستجد دول العالم الإسلامي والعربي فجوة للتحرك تتوسّع شيئا فشيئا، وتركيا هي رأس الحربة في العملية، ولذلك يراد كسر هذه الحربة قبل أن تفاقم أزمةُ هيمنةٍ محكوم عليها بالتغيير الجذري طال الزمان أو قصر. ”

وحول الدور الصيني والروسي في بروز قطب آخر يحقق التوازن أمام الهيمنة الأمريكية، قال المرزوقي: “إذا نظرت للتاريخ الإنساني، سترى أن أمما وحضارات هيمنت على العالم أحيانا لقرون طويلة: الإمبراطورية الرومانية، الفارسية، العربية، العثمانية، البريطانية”.

ولفت إلى أن “كل هذه الحقب انتهت يوما، فنحن نعايش انتهاء فترة الهيمنة الغربية لصالح عالم متعدد الهيمنة.”

وشدّد المرزوقي على أن العالم العربي والإسلامي يجب أن يأخذ حظه في الفترة الحالية من أجل أن يسيطر على مقدّراته. (ANADOLU)

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها