سياسات الحكومة اليمينية المتطرفة تؤدي لزيادة العنصرية في النمسا

ازدادت نسب العنصرية بشكل ملموس في النمسا، منذ تولي حكومة اليمين المتطرف مقاليد الحكم قبل أكثر من عام، واتباعها سياسات معادية للمسلمين واللاجئين.

وتتبع الحكومة النمساوية إجراءات من شأنها هز أسس العيش المشترك في البلاد، من خلال اتهامها المسلمين والمهاجرين بالوقوف وراء كافة المشاكل التي تعانيها، وإصدارها قرارات من شأنها إقصائهم وتهميشهم.

ويروج الاتجاه اليميني المتطرف لإدعاءات عدة حول المسلمين واللاجئين، مفادها بأنهم مجموعات تتمتع بـ “الميل لارتكاب الجرائم بشكل كبير”، و”استغلال النظام الاجتماعي للبلاد بشكل سيئ”، حيث يقوم بناء على ذلك بإصدار قرارات من شأنها الحد من الحقوق الاجتماعية للشعب النمساوي، وتقييد إطارات حقوقه، وتتعارض مع حقوق الإنسان وبنود الدستور النمساوي.

وتتيح التصريحات العنصرية والتحريضية لكبار رجال السياسة في النمسا، ضد المسلمين على وجه الخصوص، الإمكانية لتحضير الأرضية المناسبة لزيادة الهجمات العنصرية للمجموعات النازية واليمينية المتطرفة ودعاياتهم الإعلامية.

وحسب دراسة أجرتها منظمة المجتمع المدني المعادية للعنصرية “إس أو إس ميتمينش”، الشهر الماضي، فإن نسب معاداة الإسلام في السياسة النمساوية شهدت زيادة بشكل كبير.

وجاء في الدراسة أن كبار السياسيين النمساويين، ومن بينهم نائب رئيس الوزراء، وعدد من الوزراء، شاركوا في 20 حادثة وحملة سياسية تتضمن محتويات إقصائية ومهينة ضد المسلمين، عام 2018.

وتمتلك هذه الدراسة أهمية كبيرة من حيث إظهارها مدى تأثير انتقال معاداة الإسلام إلى الواجهة السياسية في البلاد بفضل مواقف وتصريحات السياسيين المتطرفين.

ومن جهة أخرى، يتعرض وصف اليمين المتطرف للمسلمين والمهاجرين بالتهديد الكبير، لانتقادات شديدة من أطراف بارزة، يأتي في مقدمتها رئيس البلاد، ألكسندر فان دير بيلين، وممثلو الجماعة المسيحية، وأحزاب المعارضة، والكثير من المنظمات المدنية.

لكن وبالرغم من هذه الانتقادات، يبدو اليمين المتطرف عازما على تمرير قانون من البرلمان، يتيح فرض “الحبس الأمني” على الأفراد الذين لم تكتمل طلبات لجوئهم بعد، دون الحاجة لقرار من المحكمة.

وتتغاضى الحكومة النمساوية عن حقيقة أن الأيديولوجية النازية انطلقت من ألمانيا والنمسا للعالم كافة، وتسببت بمقتل 6 ملايين يهودي خلال الحرب العالمية الثانية، حيث ادعت أن المسلمين اللاجئين إلى أراضيها هم من معارضي السامية، واقترحت أن يُفرض عليهم زيارة معسكرات اعتقال اليهود.

ونشرت وزارة الداخلية النمساوية بيانات مؤخرا، تظهر ازدياد تأييد البروباغندا النازية بشكل ملحوظ.

وحسب معطيات وزارة الداخلية، فقد تم فرض عقوبات جزائية على 138 شخصا، عام 2018، بسبب البروباغندا النازية، في حين كان هذا العدد 16 شخصا فقط، في العام الأسبق.

وفي لقاء مع الأناضول، أكدت المتحدثة باسم منظمة المجتمع المدني “لينكسويندي”، كارين ويلفلينغسيدر، على ضرورة تكاتف جميع مدعي الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، في مواجهة التمييز العنصري.

وقالت بأن الأمثلة التاريخية تظهر أن العنصرية استهدفت الأقليات أولا، ومن ثم جعلت المجتمع بأكمله يدفع الثمن باهظا جراء ذلك.

وأشارت إلى أن الحكومة اليمينية المتطرفة زادت من حدة الإسلاموفوبيا في البلاد، مؤكدة على أن المتطرفين اليمينيين هم من يجعلون العالم مكانا لا يمكن العيش فيه، وليس المحجبات أو اللاجئين من مناطق الحروب بحثا عن حياة أكثر أمانا.

من جانبه، يرى رئيس مؤسسة فولكسهيلف الخيرية “إيريك فينينغر”، في حديثه للأناضول أن العنصرية ومعاداة الأجانب في النمسا، وعموم أوروبا، سجلت زيادة واضحة، لافتا إلى أنه يتم العمل على إظهار الأجانب وكأنهم “فزاعة”.

وأضاف: “إن من يحاول وصف الأجانب بالفزاعة هم الأشخاص الذين يحكموننا، إذ يتواجد هؤلاء في مراكز القرار سواء في النمسا أو في أوروبا، ويقومون بتحميل الأجانب واللاجئين مسؤولية كافة الظواهر السلبية التي تشهدها البلاد”.

وأشار إلى أن مستويات العنصرية التي يتعرض لها الأجانب تزداد يوما عن يوم، داعيا إلى ضرورة تعاون جميع الأطراف للقضاء على التمييز العنصري. (DPA)

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها