تغيير جذري .. طالبة سورية في ألمانيا تتحدث عن تجربتها : يعتقد البعض أننا كنا نعيش في الصحراء و ليس في أقدم عواصم العالم

الشوارع فارغة، لم يكن من الممكن رؤية أي شخص، عندما دخلت السورية جودي كركوتلي، مدينة دريدورفر بودين الألمانية، لأول مرة.

إنه يوم الأحد، في منتصف تموز، فكرت الشابة السورية: “ما هذا؟ أين أنا؟”، ما سبب هذا الصمت الواضح؟ الجميع يجلس أمام التلفزيون في المنزل أو مع الأصدقاء، أو في أماكن عامة لمشاهدة كرة القدم، فحينها فاز المنتخب الألماني لكرة القدم على الأرجنتين في نهائي كأس العالم.

وقالت صحيفة “ميتل هيسن” الألمانية، بحسب ما ترجم عكس السير، عندما وضعت الرياضة نصف البلاد في حالة فرحة عارمة، بدأت حياة جديدة ومختلفة بالنسبة للسورية، حيث شعرت بصدمة ثقافية، “تغيير 180 درجة”، كما قالت السورية المسلمة بلغة ألمانية ممتازة.

وفي حديثها، ما تزال الطالبة في الصف الحادي عشر، في مدرسة “يوهانيوم” الثانوية في مدينة هيربورن، تتحول لاستخدام اللغة الإنكليزية، التي تتقنها إلى جانب لغتها الأم العربية، والفرنسية والألمانية، وكذلك كانت خطتها تتضمن تعلم الإسبانية، إلى أن اندلعت الحرب في بلدها.

وعلى الرغم من أن لغتها قريبة إلى الفهم أكثر من بعض الألمان الناطقين بها، تقول الشابة السورية أيضاً: “قواعد اللغة الألمانية ليست سهلة بالنسبة لي وأنا لست جيدة فيها”، فجودي كركوتلي تريد أن تفعل كل شيء بشكل صحيح.

وفي البداية، غادرت العائلة إلى لبنان، وفي ذلك اليوم استغرق طريق هروبهم إلى بيروت 12 ساعة، على الرغم من أن المسافة الفعلية لا تستغرق عادةً الساعة ونصف، فقد فر “عشرات الآلاف حينها، غير حاملين معهم إلا ملابسهم، وبعضهم لا يرتدون سوى بيجامات، ومن ضمنهم المرضى والمتعبين، والأطفال”، بحسب وصف جودي، التي وصلت مع عائلتها بالنهاية إلى مصر، وبقيت هناك لمدة عامين.

وبعد العامين في مصر، حصلت العائلة على تأشيرة من جمهورية ألمانيا الاتحادية، وسافرت جودي مع عائلتها إلى عمها، المتزوج من امرأة ألمانية، والمقيم في بلدة دريدورف.

تؤكد جودي كركوتلي أنها لم تشعر قط بالعداء أو العنصرية بشكل شخصي، ومع ذلك فإن العديد من الملصقات الانتخابية تجعلها ترتجف، وتغضبها، وقالت: “نحن السوريون دائمًا نتأكد من أننا نفعل كل شيء بشكل صحيح، ونتعلم لغة مختلفة وعلينا التعامل مع الماضي والحياة الجديدة لنا هنا في ألمانيا، وبعد ذلك كله علينا أن نقلق بشأن قبول الناس لنا أو لا، هذا كثير”، يمكنها فهم الغضب إذا لم يتبع شخص ما القانون، لكن هذا لا ينطبق على معظم اللاجئين.

وأضافت جودي أن اللاجئين لديهم أسئلة لا حصر لها، والكثير من الضغوط، فعلى سبيل المثال، إذا كان الشخص معتاداً على العمل، وجد نفسه في ألمانيا لاجئاً يجلس في نزل، أو إذا كان الشخص طالباً، وجد نفسه في البداية لا يفهم أية كلمة.

وتابعت الطالبة السورية: “الأمر يتعلق بالإنسانية، الناس الذين أتوا إلى هنا لم يتركوا منازلهم طواعية، حتى العديد من الألمان أنفسهم لديهم تاريخ مع الهجرة، على سبيل المثال خلال الحرب العالمية الثانية”.

ثم هناك صورة خاطئة لدى البعض عن سوريا، وتكمل جودي: “يعتقد البعض أننا عشنا في الصحراء، لكن دمشق واحدة من أقدم العواصم في العالم.”

وختمت الطالبة السورية بالقول إن التفاهم والتسامح مهمين جداً من أجل المجتمع ككل.