” استأجر يهودياً ” .. مبادرة ألمانية مجتمعية لمكافحة معاداة السامية

تتجه كل الأنظار إلى الشابتين، لينا روزينفاسر وجابرييلا شاوسكين، اللتين حضرتا إلى أحد الأحياء في عاصمة المال الألمانية، فرانكفورت ، للإجابة على أسئلة حول ديانتهما وحياتهما اليومية لمجموعة من الطلبة.

والحدث عبارة عن خدمة تقدمها مجموعة “رينت إيه جو” (استأجر يهوديا) غير الربحية، التي تطرح بعض الأسئلة بصورة طبيعية.

وتقول شاوسكين (22 عاماً): “بالطبع لا يمكن أن يتم استئجارنا بالفعل”. ويهدف اسم المبادرة الاستفزازي، إلى تحفيز حالة من الحوار والتنوير.

وفي إطار الحدث، يجلس نحو 20 شاباً حول المتحدثتين، ويتم تشجيعهم على طرح أسئلة بدون تردد.

ثم تأتي الأسئلة سريعاً، وترغب إحدى الفتيات في معرفة ما إذا كان يجب على النساء التعامل مع السباب.

فتقولان إنه يجب أن يتم ذلك ولكن ليس بصورة مباشرة، وإنهما تعرفان الكثيرات اللاتي قمن بذلك، ولا تقومان بإخفاء ديانتهما، وتقول شاوسكين: “أنا فخورة بذلك وأتعامل معه بصراحة، وإلا فسأكون أكثر ضعفاً”.

وتطرح فتاة أخرى سؤالاً، قائلةً: “ما رأيك في حماية الشرطة للمعابد؟”، وتشرح روزنفاسير أن هناك أفراد أمن يتم نشرهم أمام روضة الأطفال التي تعمل بها، لذا فإن الامر طبيعي جداً بالنسبة لها.

وتقول روزنفاسير (29 عاماً) التي نشأت في برلين وتعيش حالياً في ماينز، إنه بعد الهجوم الدموي الذي استهدف المعبد اليهودي في مدينة هاله بشرق ألمانيا، فمن المحتمل أن تتحسن المشاعر تجاه خدمات المراقبة الشرطية.

وكان شخص يميني متطرف مدجج بالاسلحة حاول في التاسع من تشرين الأول الماضي، دخول المعبد اليهودي في هاله، حيث كان هناك نحو 50 من المصلين يحتفلون بأهم عيد يهودي، وهو “يوم كيبور” (عيد الغفران).

وقد فشل الرجل، ولكنه قتل أحد المارة ورجلاً كان متواجداً في مطعم قريب للوجبات الخفيفة.

وتقول شاوسكين، التي تعمل في روضة أطفال يهودية في فرانكفورت، إن مخاوف الكثير من الآباء زادت بعد هجوم هاله، مضيفةً أن الاحتياطات الأمنية في فرانكفورت مرتفعة جداً بالفعل.

وأعربت شاوسكين عن أملها في تحطيم الأفكار المسبقة من خلال عملها التطوعي مع مبادرة “رينت إيه جو”، مشيرةً إلى أن “هناك الكثير جدا من الصور النمطية”.

وتقول: “أرغب في إظهار الامور المشتركة بيننا، بدلاً من مجرد الحديث عن الاختلافات”.

وعادةً ما يصور الإعلام المحلي الشعب اليهودي على أن أفراده جميعاً شديدو التدين، بينما يكونون أشخاصاً عاديين جداً.

وتضيف روزنفاسير أن “الناس يتحدثون كثيراً عن بعضهم البعض، ولكن يتعين عليهم أيضاً أن يتحدثوا مع بعضهم البعض”، وتأمل أن يقوم المستمعون إليها في المرة القادمة التي يسمعون فيها شيئاً سلبياً يقال عن اليهود، بالتحدث عن تجاربهم الخاصة.

وتقول شاوسكين إن الاستفسارات بشأن المبادرة زادت بعد هجوم هاله.

وتستخدم الجمعية روح الفكاهة من أجل إشراك عملاء محتملين في المحادثة. فمثلا تطرح على صفحتها الرئيسية تساؤلاً: “هل تعرف يهودياً؟ لا؟! فلتستأجر واحداً”.

ويعتبر “الإيجار” مجانياً، حيث تطلب المنظمة فقط أن يقوم الأعضاء بدفع مصاريف السفر.

ويأتي المتحدثون من جميع الخلفيات اليهودية، فهناك نساء ورجال من اليهود العلمانيين والليبراليين والأرثوذكس، بدايةً من الطلبة وصولاً إلى المتقاعدين.

إن الامر يتعلق بالأفكار الشخصية في تجاربهم وحياتهم اليومية.

وتلتزم منظمات أخرى في ولاية هيسن بمكافحة معاداة السامية، مثل “مركز آنه فرانك التعليمي” في فرانكفورت.

وتقول زابا نور شيما، مديرة شؤون التعليم، إنها تلقت أيضاً بعد هجوم هاله، عدداً كبيراً من الاستفسارات بشأن تعليم الشباب والكبار، وتقول: “هناك دائماً الكثير من الطلب، ولكن بعد مثل هذه الأحداث نلحظ وجود زيادة مرة أخرى”.

ومن الواضح أنه ما زال هناك عمل يجب القيام به بشأن موضوع اليهود في ألمانيا.

وكان لدى الطلبة في فرانكفورت الكثير من الأسئلة التي تحتاج إلى فترة من الوقت للاجابة عنها أكثر من المتاح، وذلك حول طعام الكوشر (الطعام الحلال وفقا للمبادئ اليهودية)، وحتى حول الحياة العاطفية الخاصة بالمتحدثتين، وهل يمكنهما تخيل الحياة مع شريك غير يهودي؟ وفي ذلك أكدتا: “بالطبع ممكن”.

ومن جانبها، تقول ليا كاتارينا جروند (13 عاماً) عن الحدث: “لقد كان مثيراً للغاية، لأنني لم أكن أعرف كيف يعيش اليهود”. (DPA)

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها