المدعي العام بمحاكمات نورمبيرغ في كتاب جديد : لا تيأسوا أبداً !

يقدم بنيامين ب فيرينكز، المدعي العام في محاكمات نورمبيرغ، لمجرمي الحرب النازيين، 3 نصائح للشباب الذين يصادفهم: “الأولى: لا تستسلموا أبداً!، والثانية: لا تستسلموا أبداً!، والثالثة: لا تستسلموا أبدا!”.

والآن يكرر فيرينكز نصيحته، في مقابلة عبر الفيديو مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، وهو يبتسم للكاميرا من مكتبه في ولاية فلوريدا الأمريكية، بينما تطل الشمس من النافذة.

وقال: “أولئك الذين يعتصرون ألما من الداخل لديهم ابتسامة أفضل من الخارج”.

ورداً على سؤال عن سبب كونه بشوشاً ومرحاً للغاية على الرغم من كل ما رآه ومر به، قدم فيرينكز البالغ من العمر 100 عاماً، حكمةً أخرى، وهي أن “الغرق في بحر من الدموع لن يوصلك إلى أي مكان”.

وقد قام بتضمين هذا الاقتباس في مقدمة سيرته الذاتية، التي نشرت في ألمانيا هذا الأسبوع، يوم 9 تشرين الثاني، في ذكرى مذبحة تشرين الثاني عام 1938 الوحشية ضد اليهود الألمان.

وكانت ترجمة عنوان السيرة الذاتية باللغة الألمانية لفيرينكز، هي “قل حقيقتك دائماً: ماذا تعلمت من 100 عام من الحياة”.

وقد شهد فيرينكز شخصيًا أكثر فصول التاريخ الألماني والأوروبي ظلاماً واستمر في لعب دور رئيسي في رسم مستقبل أكثر إشراقاً بعد فظائع الحرب العالمية الثانية.

ومن خلال القيام بذلك، كتب التاريخ بنفسه، فقد كان ما يزال في العشرينيات من عمره عندما حمّل مجرمي الحرب النازيين المسوؤلية عن جرائمهم في محاكمات نورمبيرغ، وكان هو المدعي العام في واحدة من 12 محكمة عسكرية في المدينة الواقعة في جنوب ألمانيا بين عامي 1946 و1949.

ولاحق فيرينكز 24 من كبار مسؤولي قوات الأمن الخاصة النازية قضائياً، بتهم مثل مثل ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وكان من بينهم القادة الأربعة لقوات المهام الخاصة التابعة لتلك القوات التي قتلت نساء ورجالاً وأطفالاً عزلاً بشكل يومي في المناطق الشرقية المحتلة.

وتحدث مراقبو المحاكمة في ذلك الوقت عن أكبر محاكمة جرائم قتل في التاريخ.

وقالت صوفيا بروستين-كايزر، أستاذة العلوم السياسية في حفل أقيم في آذار، للاحتفال بالذكرى المئوية لميلاد فيرينكز: “بدونه، لم تكن هذه المحاكمة لتتم”.

ويعتبر فيرينكز هو آخر شاهد حي على المحاكمات.

وينظر المحامي فيرينكز إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، التي وصفها بأنها “طفله الرضيع” بعد الكفاح من أجل إنشائها، على أنها سليل مباشر لما حدث في نورمبيرغ.

وقد شعر فيرينكز بالغضب إزاء إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا العام عقوبات تستهدف المحكمة، حيث قال: “سنقوم بتدمير المحكمة، لم يستخدم ترامب هذه اللغة، لكنه قال إننا سنفرض عقوبات ضد المحكمة وضد أعضائها وضد رئيس المحكمة والمدعي العام وضد الموظفين”.

وقال فيرينكز إن المحاكم هي الطريقة الوحيدة لمنع الحرب على المدى الطويل، وقال لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): “إذا كان لديك نزاع بين دولتين أو جماعتين، ولم تكن هناك محكمة لتسوية النزاع، فلن يتبقى أمامك شيء سوى استخدام القوة”.

وقبل أن يكتب فيرينكز التاريخ كمدع عام، كان حاضراً لتحرير العديد من معسكرات الاعتقال كجندي أمريكي، وكشف النقاب عن جرائم نازية مروعة، وما يزال يروي الفظائع حتى اليوم.

ووصف الأوامر النازية بقتل الأطفال بين أحضان أمهاتهم، وتذكر ما كان يحدث، قائلاً: “إنك تطلق النار على الطفل، تقتل الأم في نفس الوقت، ويسقطا جثتين هامدتين”.

وقال فيرينكز إنه من المهم سرد هذه القصص، مهما كانت مروعة، موضحاً: “أنها قصص حقيقية وعلينا مواجهتها حتى نمنع حدوثها مجددا”.

وتابع: “أشعر أنني أتحدث بالنيابة عن الضحايا وأعيدهم للحياة مجدداً، الرجال الذين قتلوا والنساء والأطفال والرضع الذين هشمت رؤوسهم بضربها في الشجرة”.

وهو ابن مهاجرين، تمكن من الدراسة في جامعة هارفارد بفضل منحة دراسية، واصبح جزء من وحدة في الجيش الأمريكي حاكمت جرائم الحرب الألمانية، وقد اكتشف اكتشافاً مثيراً في برلين التي تعرضت للقصف، حيث عثر هو وفريقه من المحققين على عدة مجلدات بها تقارير سرية مفصلة لقوات الأمن النازية الخاصة عن جميع اليهود والغجر والشيوعيين وأسرى الحرب الذين قتلوا في الاتحاد السوفيتي.

وكتب فيرينكز، في كتابه: “ذكرت التقارير عدد المدنيين الذين قتلوا على أيدي هذه الوحدات الفرعية في (حرب هتلر الشاملة) تبعاً للتسلسل الزمني.. عندما وصلت إلى المليون توقفت عن جمع الأرقام”.

وأشار فيرينكز إلى أن ما يقوله مهم بشكل خاص للجمهور الألماني: “تعلمت أن الحرب يمكن أن تحول أناساً محترمين إلى قتلة جماعيين.. الحرب نفسها تدمر المبادئ الأخلاقية، وقد تم تمجيدها لقرون”.

وأوضح أن هدفه كان “تغيير ذلك، والقول إن ما تم تمجيده دائمًا هو في الحقيقة جريمة مروعة”.

ولقد ناضل من أجل هذا الهدف طيلة حياته، مع زوجته غيرترود، التي توفيت في أيلول من العام الماضي، وقد أهدى سيرته الذاتية إليها، قائلاً: “بعد 74 عاماً من الزواج السعيد والشراكة المفعمة بالحب والخالية من أي مشادة”، كما يقول الكتاب.

وناشد فيرينكز جيل الشباب أن يحذو حذوه.

وأضاف: “يجب أن نحمي الحقوق والحد الأدنى من حقوق جميع البشر للعيش بسلام وكرامة في كل بلد.. هذا هدفي، إذا كنت تشاركني في هذا الهدف، فعليك أن تفعل كل ما بوسعك لتحقيقه”. (DPA)

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها