فورين بوليسي : هذا هو وجه الشبه بين سوريا حالياً و ” عراق صدام حسين “

في مقارنة لأوضاع سوريا، في عهد بشار الأسد، وأوضاع العراقيين في عهد نظام صدام حسين، رأت مجلة “فورين بوليسي” أن الشعب السوري بات مهددا بالمجاعة كما حدث مع أهالي بلاد الرافدين عندما كانوا تحت حكم النظام البعثي.
وأوضحت الباحثة، انشال فوهرا، في مقالها أن العقوبات التي فرضها المجتمع الدولي على النظام البعثي في سوريا تدفع البلاد إلى حافة المجاعة كما حصل إبان حكم نظام صدام حسين عندما عاني ملايين العراقيين الجوع والفقر الشديدين.
وأشارت الكاتبة في مقالها إلى أن القصف الأعمى لجيش النظام السوري وحلفائه الروس والإيرانين على مدار 9 أعوام من الحرب قد دمر البنية التحتية في البلاد وجعلها خرابا، مما أدى إلى تراجع الإنتاج الغذائي وإهمال الطاقة الكهربائية وتعثر الاقتصاد والصناعات لفترة طويلة من الزمن
ولفتت فوهر في مقالها إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت مليئة بصور طوابير السوريين الطويلة، وهم يصطفون أمام المخابز لشراء الخبز المدعوم، بإلاضافة إلى صفوف طويلة للسيارات وهي تنتظر دورها ساعات طوال للحصول على بضعة ليترات بنزين من محطات الوقود.
وأوضح تقرير “فورين بوليسي” أن 80 في المئة من السوريين باتوا يقبعون تحت خط الفقر، ونجم عن ذلك ارتفاع في الجريمة لاسيما السرقة والنشل من أجل تغطية نفقات المعيشة.
ويتزامن ذلك مع تزايد نفوذ عصابات تهريب البضائع والأسلحة والمخدرات، فضلاً عن تفشي جرائم الخطف بغية الحصول على فدى مادية.
وتحدثت فوهر عن مقارنة مقلقة تجري حول ما إذا كانت العقوبات ستكون قاسية ومدمرة للذات في سوريا كما كانت في العراق قبل نحو عشرين عاما.
فوفقا لإحدى الدراسات، فإن نصف مليون طفل عراقي قضوا نتيجة العقوبات الدولية التي فرضت على نظام صدام حسين دون أن تؤدي إلى الإطاحة به.
وقالت فوهر إن “الهدف من عقوبات قانون قيصر إجبار النظام السوري على تغيير سلوكه تجاه شعبه من قاتل إلى نظام ملائم أكثر”.
وذكر دبلوماسيون غربيون بارزون لـ”فورين بوليسي” في مناسبات كثيرة أن العقوبات هي آخر وسيلة للغرب ضد الأسد للضغط عليه للإفراج عن السجناء السياسيين، وضمان العودة الآمنة للاجئين، والموافقة على المصالحة السياسية والتي إذا حدثت ستعني في النهاية تركه السلطة.
وشددت تلك المصادر على أن دفع تكاليف إعادة الإعمار في سوريا، بما في ذلك البنية التحتية مثل محطات الطاقة وأنظمة الري الضرورية للأمن الغذائي سيؤدي إلى تقوية النظام القمعي للأسد، وبالتالي فإن الغرب لا ينوي تقديم مثل هذه الهدية لبشار الأسد إلّا “إذا قدم تنازلات كبيرة”.
بالمقابل، ثمة من يرى إن العقوبات لا يمكن أن تصلح نظام تجذر في قمعه وحكمه الاستبدادي، وإنها ستؤدي فقط إلى معاقبة الشعب السوري، كما حدث سابقا في العراق، في حين لا يواجه الأسد وأعوانه أي نقص في الغذاء أو الوقود.
وفيه هذا السياق بينت شيلر، رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمؤسسة “هاينريش بول” الألمانية، إن العقوبات الأميركية على قطاعات اقتصادية محددة كان لها أثر سلبي على الناس االعاديين، بينما استهدفت العقوبات، التي فرضها الاتحاد الأوروبي، قطاعات كبيرة شملت حظر السفر على المسؤولين في النظام السوري ووكلائه استناداً إلى الأدوار، التي لعبوها في مجال انتهاكات حقوق الإنسان.
وبحسب مقال “فورين بوليسي”، فإن آرون لوند، المتخصص في الشؤون السورية بوكالة أبحاث الدفاع السويدية، يعتبر العقوبات الأميركية والأوروبية قد جاءت مع استثناءات للأنشطة الإنسانية والتجارة المدنية المشروعة.
ومع ذلك، كانت الشركات تميل إلى الخوف من أن يكون لها أي علاقة بدولة خاضعة للعقوبات، وذلك، وفقا للوند، أن فهم القواعد كان معقداً للغاية ولم ترغب تلك الشركة في تحمل أي مخاطر.
“حتى المعارضة ترفض العقوبات”
وأكدت فولهر، في مقالها أن قطاعات كبيرة من المعارضة السورية بدأت ترى أن العقوبات ضد قطاعات النفط والغاز والبناء تضر السوريين أكثر من نظام بشار الأسد وأن العقوبات جعلت أسعار البضائع الأساسية أكثر تكلفة على المواطنيين العاديين.
وقالت الكاتبه أنه في مواجهة ذلك النظام العنيد والمتصلب، تواجه أميركا معضلة مستحيلة الحل، مذكرة أن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما رفض تجربة تكرار تجربة الحرب على العراق في العام 2003 والتي أدت إلى إطاحة نظام صدام حسين وقتها.
ورغم ذلك، فإن الأزمة لسورية لا تزال دون حل. بعد تسع سنوات من الحرب، وسيواجه الرئيس المنتخب جو بادين، والذي كان نائبا لأوباما تحدياً مختلفا، مفاده: “كيف تستيطع أميركا منع المجاعة في سوريا ومساعدة الناس هناك من دون تقوية نظام الأسد”.
وخلصت الكاتبة إلى أن “زملاء أوباما السابقين” والذين سيعودون إلى الحكم قريبا، بعدما شاهدوا الحرب السورية تتحول إلى حالة من الفوضى،سوف يولون اهتماما أكثر بتلك القضية، وسنرى الأيام القامة إلى أي مدى ستكون سوريا في أولويات الرئيس المنتخب بعد أن يصل إلى البيت الأبيض في العشرين من يناير المقبل. (alhurra)