السلطات توحد و ترفع التعرفة الجمركية .. تجار و صناعيون لعكس السير : قرار كارثي و جريمة كبرى تظهر عدم فهم السلطات للواقع و المستهلك السوري هو من سيدفع الثمن
أصدرت السلطات الاقتصادية الجديدة قراراً بتوحيد ورفع التعرفة الجمركية في سوريا، وصفه تجار بالكارثي الذي سيزيد من معاناة السوريين ويساهم بإبطاء أي تعاف للحركة الصناعية والتجارية في سوريا.
ووصل إلى عكس السير نسخة من التعرفة الجمركية الجديدة، الموحدة عبر جميع المعابر، التي أصدرتها إدارة الجمارك العامة، وتظهر بالاطلاع عليها ارتفاعات بنسب ضخمة على الكثير من البضائع الأساسية المهمة.
فعلى سبيل المثال، ارتفعت التعرفة الجمركية لطن السمك المجمد من 30 إلى 150 دولار، ومشتقات الحليب من 125 إلى 225 دولار، والمعلبات كالمرتديلا والسردين وغيرها من 50 إلى 500 دولار والبن المحمص من 25 إلى 750 دولار، بحسب ما أكد تجار لعكس السير.
واستطلع عكس السير آراء عدد من التجار والصناعيين في الشمال السوري، بعد صدور التعرفة الجديدة، فأكدوا أنها كارثية بكل المقاييس ولا تراعي الوضع الاستثنائي التي تعيشه البلاد حالياً، وأنها ستؤدي بشكل فوري إلى رفع الأسعار وزيادة الضرر على المستهلك السوري الذي يعيش أساساً تحت خط الفقر.
وقال تاجر وصناعي كبير في مدينة إدلب لعكس السير، إن رفع التعرفة الجمركية لتعزيز الصناعة والتجارة ودعم المنتج المحلي أمر مفهوم ومطلوب، ولكن بعد أن تصبح الأوضاع طبيعية في سوريا، لا استثنائية كما هي حالياً، حيث لا توجد كهرباء ولا محروقات ولا معامل محلية قادرة على تغطية الطلب الذي يغطيه الاستيراد حالياً، والأولى بالسلطات كان العمل على توفير ما سبق وتشجيع أصحاب المصانع ورؤوس الأموال على العودة وإعادة تفعيل السوق المحلية ومن ثم رفع التعرفة الجمركية.
وأضاف مصدر عكس السير أن القرار الذي صدر اليوم أدى إلى ارتفاع بفوري بأسعار المواد الغذائية في الداخل السوري بنسبة 20% وهي نسبة مرشحة للارتفاع بشكل أكبر بعد فترة قصيرة، سواء كان ذلك بسبب التعرفة الجديدة أو بسبب جشع تجار سيقومون برفعها في محاولة لتقليل خسائرهم أو تعويض المبلغ الإضافي الذي سيدفعونه الآن لإدخال بضائعهم.
وقال صناعي ثان، اشترط هو الآخر عدم ذكر اسمه، إن السوق المحلي الذي يفترض أن يكون هذا القرار لصالحه ولأجل دعمه، لا يعمل أو يعمل بحد أدنى لا يكفي لتلبية الطلب، حيث أن الكهرباء لا تصل إلى معامل حلب -على سبيل المثال- سوى لـ 5 ساعات في اليوم، وحتى الخط الذهبي الذي كان ينسب لأسماء الأسد، والذي كان يضمن وصول الكهرباء لعدد من المعامل لقاء مبالغ باهظة، ما عاد فعالاً اليوم.
ورجح الصناعي أن يكون “كبار تجار وصناعيي دمشق هم من حرضوا السلطات لاتخاذ هكذا قرار، في محاولة منهم لجعل تجار وصناعيي الشمال يدفعون الأرقام ذاتها التي كانوا يدفعونها هم، والتي فرضها النظام السابق، بدلاً من طرح بضائعم في الأسواق بأسعار أقل ثمناً على اعتبار أنهم كانوا أدخلوها لقاء تعرفة جمركية منخفضة”.
وفي هذا السابق تحدث تاجر ثالث عن “جريمة كبرى تحدث عنها مسؤول الجمارك، حيث قال إن رفع الأسعار جاء بما يتماشى مع الأسعار التي كانت مفروضة عبر معابر النظام سابقاً، ونحن هنا أمام كارثة إن كنا سنقوم في تحويل كل شيء ليتماشى مع ما كان عند النظام، هل علينا أن نطبق ذلك على الأمور الأمنية والعسكرية وعلى القمع والاستبداد والفساد أيضاً؟ (يضيف ساخراً)”.
وفي ما يتعلق الخيوط والألبسة الجاهزة التي طال الرفع تعرفتها أيضاً، فإنها ستتسبب بأزمة كبيرة أيضاً، على اعتبار أن الكثير من معاملها وورشاتها بمدينة حلب موجودة في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، الأمر الذي سيؤدي ربما إلى فرض رسوم داخلية إضافية أو صعوبة في تداول البضائع، في ظل عدم التوصل إلى حل نهائي بعد بين قسد والسلطة الجديدة عموماً.
وإلى جانب ما سبق، تبرز مشكلة أخرى تثقل كاهل التجار والصناعيين السوريين، وهي رسوم “الترانزيت” الكبيرة المفروضة عليهم في تركيا، والتي تختلف عن تلك المفروضة بشكل أقل بكثير على العراق، حيث قال مصدر لعكس السير إن “شاحنة ترانزيت” قادمة من ميناء مرسين إلى سوريا تكلف التاجر السوري 800 دولار في حين يدفع العراقي لإيصالها من مرسين إلى العراق 400 دولار فقط.
وأرجع المصدر السبب للطلب الكبير في سوريا مقارنة بالعراق، ما يدفع الأتراك لاستغلال الأمر ومضاعفة الأسعار على السوريين.
وعلم عكس السير أن عدداً كبيراً من الفعاليات الصناعية والتجارية في الشمال السوري أغلقت أبوابها احتجاجاً على التعرفة الجديدة، ومن المتوقع أن يتحول هذا الاحتجاج غير المتفق عليه إلى إضراب متفق عليه قريباً.
للاطلاع أو التحميل، اضغط هنا: التعرفة الجمركية 2025