تفجير متحف يهز هولندا.. و سرقة كنوز أثرية عمرها 2500 عام

انفجارٌ مدوٍّ يُزلزل صمت متحف “درينتس” بمدينة أسن الهولندية. شرارات تتطاير، أبواب تُحطَّم، ولصوصٌ يختفون كالأشباح حاملين معهم قطعاً أثريةً لا تُقدَّر بثمن. خوذة ذهبية عمرها 2500 عام، وأساور تعود إلى زمن الإمبراطوريات المنسية. عملية سطو مُحكمة تُعيد إلى الأذهان أفلام “أوشنز 11″، لكنها واقعٌ مُرٌّ يطرح أسئلةً محرجة: كيف تُسرق كنوزٌ تاريخية من قلب أوروبا؟ ومن يقف خلف هذه الشبكة الإجرامية المتطورة؟
في الساعة 3:45 فجر السبت، حوَّل انفجارٌ مدروسٌ باب المتحف إلى فتات. لصوصٌ محترفون، استخدموا المتفجرات ببرودة أعصاب، تاركين وراءهم دماراً مادياً يُقابله صمتٌ ثقيل. لم تُصب أي إصابات بشرية، لكن الجرح الأعمق كان في تاريخ الإنسانية، اختفاء قطعٍ أثريةٍ نادرة، كانت بمثابة جسرٍ بين الحاضر والماضي، وفقاً لشبكة “سي إن إن” الأمريكية.
الغنيمة الأثمن، “خوذة كوتوفينستي” الذهبية. تحفةٌ فنية من القرن الخامس قبل الميلاد، مُزينة بمشاهد أسطورية وعيونٍ سحريةٍ يُعتقد أنها تبعد الأعداء و”العين الشريرة” إلى جانبها، سُرقت ثلاث أساور ذهبية تعود إلى 50 قبل الميلاد. كلها قُدمت كجزءٍ من معرض “داكيا: إمبراطورية الذهب والفضة”، الذي سلط الضوء على حضارةٍ طمستها جحافل روما القديمة.
الشرطة الهولندية، بدعمٍ من الإنتربول، تتعقب خيوطاً مُتشابكة. سيارةٌ رمادية مسروقةٌ من “أليكمار”، عُثر عليها محترقةً على بعد 6 كم من المتحف. لوحات أرقام مُزيفة، وخط هروبٍ محكمٌ بسيارةٍ ثانية.. لكن السؤال الأكبر: كيف ستبيع هذه الشبكة كنوزاً مُعرَّفة دولياً؟ هل ستظهر في السوق السوداء؟ أم ستُخبَّأ لعقودٍ كرهائن ثقافية؟
هاري توبان، مدير المتحف، وصف الحادث بأنه “يومٌ مظلمٌ للتاريخ”. الخسارة ليست ماديةً فحسب، بل هي ضربةٌ لذاكرة شعبٍ بأكمله.. رومانيا، التي أرسلت كنوزها كسفيرةٍ ثقافية، تعيش صدمةً مزدوجة: سرقة إرثها، وتعطيل معرضٍ كان مُخططاً لإغلاقه الأحد. بينما يبقى المتحف مغلقاً، تُعيد المؤسسات العالمية النظر في إجراءات تأمين القطع المُستعارة.
والسطو الجريء كشف هشاشةً في حماية التراث العالمي. فهل تُعيد هولندا وروما كتابة اتفاقيات الإعارة الثقافية؟ أم أن عصر المتفجرات والقراصنة الحديثين سيُجبر المتاحف على التحول إلى قِلاعٍ منيعة؟ السيناريو الأسوأ: أن تختفي هذه القطع إلى الأبد في متاحف سرية، أو تُذاب لتصبح مجرد سبائك ذهب. لكن الأمل الوحيد الآن هو أن تُحبط الشرطة الصفقة قبل فوات الأوان. (sabq)