شلل تام و تعقيد غير مسبوق .. محامي سوري يتحدث عن الوضع القضائي الكارثي في سوريا حالياً

كشف محام سوري عن الوضع القضائي الكارثي في حلب، والذي تسبب في شلل شبه تام في أداء السلطة القضائية.
وقال المحامي باسل قره يوسف أوغلي، عبر حسابه في فيسبوك إن “المنظومة القضائية في الجمهورية العربية السورية – ولا سيما في محافظة حلب – تشهد حالة من التعقيد غير المسبوق، تَظهَر ملامحها من خلال تراكم التحديات التي أفضت إلى شلل شبه تام في أداء السلطة القضائية، وهو ما ينعكس سلباً على الحقوق الأساسية للمواطنين واستقرار المجتمع وحال معظم فئات العاملين والمحامين على الخصوص”.
وقال أوغلي الذي يحمل ماجستير في القانون الدولي الإنساني، إنه “في الجانب المدني تعاني المحاكم من التحفظ في تسجيل الدعاوى المتعلقة بالمعاملات القانونية الأساسية كالبيع والشراء والهبات، مما يُعطّل حركة الحقوق المالية والعقارية ويُهدد المعاملات التعاقدية بين المواطنين، وبالنسبة للدعاوى القائمة فيتم النظر فيها بالحدود الدنيا مع معذرة لأطراف النزاع في حال الغياب، اضافة لضياع الملفات القضائية التي كانت بيد الخبراء والتي كانت بحاجة إلى خبرات خاصة للبصمات والتواقيع، فهذه الأضابير تعطى عادة إلى خبراء في الأمن الجنائي والذين فقدوا عملهم وفقدوا قدرتهم في الدخول إلى مكاتبهم السابقة، وهو ما جعل اعادتها إلى مرجعها القضائي المختص عقبة اخرى لا نعرف حل قريب لها!”.
وتابع: ” أما في الجانب الجزائي فإن الدعاوى المتعلقة بالجرائم الجسيمة (كالقتل والاغتصاب والسرقة) هي التي ينظر فيها حالياً أمام قضاة النيابة العامة في ظل عوائق إجرائية كبيرة، لاسيما مع شبه توقف في احالة الدعاوي لقضاة التحقيق وقضاة الحكم من صلح وبداية وجنايات، ما يُفاقم حالة الضياع القضائي ويُضعف آليات المحاسبة”.
وأكمل: “وفي إطار دوائر السجل العقاري والمؤقت: تُلاحظ حالة جمود في تسجيل المعاملات أو إتمام الإجراءات القانونية اللازمة، سواء من تسجيل الاشارات أو من تسجيل الفراغات، مما يُعمّق الأزمات الاقتصادية ويُهدد حقوق الملكية.. أما مديرية المالية، فهي تعاني بدورها من تعثّر في نظر التسجيلات”.
وبالنسبة لدائرة المواصلات وتسجيل السيارات، قال أوغلي إنها “هي الأخرى متوقفة عن العمل وما يتم من بيوع يسجل بعقود أو تتم الفراغة في مواصلات ادلب للسيارات الحديثة أو التي لها ارقام مسجلة في ادارة المناطق المحررة سابقاً، أما دوائر الأحوال المدنية (النفوس) فهي متوقفة عن العمل منذ ٢٨-١١-٢٠٢٥ في حلب فلا تسجيل للوقوعات ولا حتى اي بيان فردي أو عائلي مما يشكل توقفاً شبه تام في القضايا الشرعية التي تتطلب عادة سرعة البت، لضمان الحقوق الأسرية والاجتماعية، وتتفاقم الأزمة مع غياب الكوادر القضائية المساعدة، كالمحضرين القضائيين، مما يُعطّل إجراءات التبليغ ويُعمّق حالة الجمود.”.
وختم: “هذا الواقع يُنذر بانهيار تدريجي للمنظومة إن لم يتم اعادة فتح العمل القضائي، وهو ما يُعتبر انتهاكاً صارخاً لمبادئ سيادة القانون وحقوق الإنسان، ويفتح الباب أمام تفشي الفوضى وانعدام الآليات الحامية للحقوق والواجبات. إن هذا الوضع – الذي يُصنَّف كارثياً بكل المقاييس القانونية والإنسانية – يتطلب تدخلاً عاجلاً من السلطات الحالية لإعادة تفعيل مؤسسات القضاء، وتأمين المتطلبات الأساسية لعمله، بما يحفظ الحد الأدنى من العدالة ويُعيد الثقة في مؤسسات الدولة”.