ألمانيا : وزير الداخلية لا يستبعد تفعيل مادة “الظروف الطارئة” لرفض دخول طالبي اللجوء

 

دافع وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبريندت عن عمليات رفض دخول طالبي اللجوء على الحدود التي ما تزال تثير جدلاً واسعاً، معتبراً أنها قانونية وممكنة من الناحية التشريعية.

وقال السياسي المنتمي للحزب الاجتماعي المسيحي البافاري مساء الخميس في مقابلة مع القناة الثانية في التلفزيون الألماني: “قانون اللجوء لدينا يوفر الأساس القانوني لذلك”. وأضاف الوزير الألماني أن الاتفاقيات مع الدول المجاورة تسمح أيضاً بهذا الإجراء، موضحاً بالقول: “هذا، إلى جانب الاستثناءات الأوروبية، يتيح في النهاية إمكانية تنفيذ هذا الأمر”.

وأشار دوبريندت في هذا السياق إلى المادة 72 من قوانين الاتحاد الأوروبي، المعروفة بمادة “الظروف الطارئة” التي تمنح الدول الأعضاء صلاحيات خاصة في حال تهديد الأمن والنظام الداخلي. ومع ذلك، أكد متحدث باسم الحكومة الألمانية الجديدة الخميس أن “المستشار ميرتس لن يعلن حالة طوارئ وطنية”.

وكان دوبريندت قد أعلن بعد يوم واحد فقط من أدائه اليمين الدستورية كوزير جديد للداخلية في ألمانيا أن بلاده ستبدأ في رفض دخول طالبي اللجوء عند حدودها. وأوضح أنه لا يخطط لإغلاق الحدود، لكنه سيُفعّل عمليات تفتيش موسّعة على الحدود وفي محيطها. وقال خلال مؤتمر صحفي عُقد يوم الأربعاء (7 أيار/ مايو 2025) إن إجراءات التفتيش الشرطي ستُكثف “تدريجياً” بهدف رفض دخول عدد أكبر من الأشخاص.

كما أشار وزير الداخلية الألماني أنه سحب تعليمات صدرت عام 2015 كانت تمنع الشرطة الاتحادية من إعادة طالبي اللجوء. وقال دوبريندت: “علينا أن نكون قادرين على فعل ذلك”، مشدداً على أن الشرطة الاتحادية باتت تملك الآن صلاحية القيام بهذه الإجراءات، دون أن تكون ملزمة بها. وأوضح أن بعض الفئات المستضعفة، مثل المرضى والحوامل والأطفال، لن يشملها هذا القرار. واختتم بالقول إن الهدف هو “تقليص الهجرة غير الشرعية خطوة بخطوة”.

وواجه قرار ألكسندر دوبريندت القاضي برفض دخول طالبي اللجوء عند الحدود، انتقادات لاذعة من قبل منظمات حقوقية ونشطاء بارزين معنيين بالدفاع عن حقوق اللاجئين والمهاجرين في ألمانيا. في هذا السياق كتب السياسي الألماني وعضو البرلمان الأوروبي عن حزب الخضر، إريك ماركوارت، على منصتي “بلو سكاي” و”إكس”: “تحالف ميرتس والوزير دوبريندت يخططان الآن بشكل علني لخرق القانون. إنهم لا يكتفون بحرمان الأشخاص من حقوقهم الفردية، بل يطالبون أيضاً ضباط شرطتهم بارتكاب جريمة.”

وأكد ماركوارت، الذي يركّز في عمله البرلماني على قضايا اللجوء، أن “المفوضية الأوروبية أوضحت العام الماضي أن الرفض الجماعي لطالبي اللجوء غير قانوني، وأنه يجب اتباع إجراءات دبلن” الخاصة بتحديد الدولة المسؤولة عن النظر في طلب اللجوء.

بدورها أعلنت منظمة “برو آزول” المعنية بالدفاع عن حقوق اللاجئين في منشور على منصة “إكس” أنها تدرس اتخاذ “إجراءات قانونية” لوقف ما وصفته بـ”عمليات الإعادة القسرية على الحدود الألمانية”.

وفي رسالة مصوّرة نُشرت على حساب المنظمة عبر “إنستغرام”، قال المتحدث باسم سياسات اللجوء في المنظمة، طارق علاوَس، إنه موجود في مركز الشرطة الاتحادية في مدينة فرانكفورت على نهر الأودر، الواقعة على الحدود مع بولندا، تعليقاً على إعلان وزير الداخلية ألكسندر دوبريندت.

وأضاف علاوَس أنه يتوقع ترحيل شخص من هناك قريباً، مشيراً إلى أنه سيعرض عليه الدعم القانوني من قبل المنظمة، على أمل أن يؤدي عرض القضية أمام المحكمة إلى إسقاط السياسة الجديدة.

وتُعد إمكانية رفض دخول طالبي اللجوء وفقاً لقانون الاتحاد الأوروبي مسألة مثيرة للجدل وتشوبها شكوك قانونية. وقد استند ألكسندر دوبريندت في دفاعه إلى المادة 18 من قانون اللجوء الألماني التي تنص على إمكانية رفض دخول أشخاص قادمين من “دولة ثالثة آمنة”، وهو ما ينطبق فعلياً على كل دول الجوار الألمانية المصنفة كآمنة.

إلا أن القواعد الأوروبية تشترط أولاً تحديد الدولة المسؤولة عن النظر في طلب اللجوء، قبل اتخاذ أي إجراء بالرفض أو الترحيل. وبهذا، ينتهي الأمر فعلياً بقدوم معظم طالبي اللجوء إلى ألمانيا وبقائهم فيها، نظراً لتعقيد الإجراءات القانونية ذات الصلة.

ويرى دوبريندت أن التغيير في هذا الوضع يتطلب إبرام اتفاقات واضحة مع دول الجوار، وهو ما أشار إليه بالفعل كشرط أساسي للمضي في هذه السياسة.

إضافة إلى ذلك، فقد يشكل ما يُعرف بمادة “الظروف الطارئة” المذكورة سابقاً حلاً محتملاً، إلا أن تفعيلها يرتبط أيضاً بعوائق قانونية وإجرائية كبيرة. ومع ذلك، أشار دوبريندت إلى أن النمسا سبق لها أن استندت إلى هذه المادة في سياق تقييد لمّ شمل عائلات اللاجئين.

وفيما عبّرت عدة دول مجاورة لألمانيا، مثل بولندا، عن قلقها إزاء النهج الذي تتبعه ألمانيا، أكد دوبريندت أنه لن تكون هناك خطوات أحادية الجانب، ولن يتم تحميل الدول المجاورة أعباء إضافية. وأضاف وزير الداخلية الألماني أنه أجرى محادثات مع المفوضية الأوروبية، وأوضح أن الحكومة الألمانية أبلغت دول الجوار مسبقاً بالإجراءات المزمع تنفيذها على الحدود الألمانية. وأكد أن هناك مصلحة مشتركة في منع زعزعة استقرار الدول الأوروبية جراء الهجرة غير النظامية.

وفي الوقت نفسه، خفف دوبريندت من التوقعات بشأن أن تكون هذه الإجراءات حلاً نهائياً لمشكلة الهجرة في ألمانيا. وقال في هذا السياق: “لم أقل إن هذا الإجراء سيغيّر كل شيء بين عشية وضحاها”، مضيفاً: “لا، هذا لن يحدث. ما نقوم به هو خطوة ضمن إطار أشمل يهدف إلى الحد من الهجرة غير الشرعية”.

وكانت العديد من مجالس اللاجئين في الولايات الألمانية قد انتقدت سياسة وزير الداخلية ألكسندر دوبريندت المتعلقة برفض طالبي اللجوء عند الحدود. وقد وصفت مجلس اللاجئين في ولاية بافاريا هذه الخطط بأنها “اعتداء خطير على المبادئ الدستورية”، مشددة على أنه لا ينبغي رفض أي شخص يسعى للجوء عند الحدود. (infomigrants)

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها