صحيفة ألمانية : هكذا اختطف نظام الأسد أطفال سوريا .. و ما زال مصير كثيرين منهم مجهولاً

صرخات.. بكاء.. أمهات يتشبثن بأطفالهن، ثم تنتزعهم أجهزة نظام الأسد من بين أذرعهن، آلاف الأطفال جرى خطفهم في سوريا، وما يزال مصير كثير منهم مجهولاً حتى اليوم.
وفق تقرير لصحيفة Die Zeit، وبالاستناد إلى تقديرات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، هناك ما لا يقل عن 3,700 طفل مفقود في سوريا.
كثيرون انتُزعوا من ذويهم على أيدي أجهزة المخابرات، وبعض الوثائق التي اطلعت عليها الصحيفة تكشف أنّ عدداً منهم أُودع في دور أيتام سورية ودولية، بينها قرى أطفال SOS، قبل أن تتلاشى آثار كثيرين منهم.
الصحيفة أجرت مقابلات مع آباء وأمهات وأقارب لأطفال مخطوفين، كما راجعت عشرات الوثائق الرسمية التي توثق عمليات الخطف.
ويُظهر التقرير أنّ مصير هؤلاء الأطفال يمثل أحد أبشع جرائم نظام الأسد، والتي لم يُكشف عن حقيقتها الكاملة حتى بعد سقوطه.
إحدى الشهادات المؤثرة هي قصة سكينة جبّاوي من درعا، التي اعتُقلت عام 2018 مع ابنتها هبة ذات العشرين شهراً. نُقلت الأم والطفلة إلى زنزانة مكتظة في معتقل المخابرات الجوية بدمشق، حيث كان الأطفال يعانون من انعدام الهواء والضوء والطعام.
بعد عشرين يوماً من اعتقالها، جاء عناصر الأمن وأجبروا الأمهات على تسليم أطفالهن.
تقول سكينة: “اعتقدنا أنهم سيخرجونهم إلى الشمس، لكن إحدى المعتقلات أخبرتني: إنهم يأخذون الأطفال بعيداً.”
بعد خمسة أشهر أُفرج عن جبّاوي، لتبدأ رحلة بحث طويلة عن طفلتها. زارت عائلتها جميع دور الأيتام في دمشق دون جدوى، قبل أن تكتشف لاحقاً أنّ هبة كانت محتجزة فعلاً في أحدها. وبعد عام كامل، نجحت بمساعدة محامٍ في استعادتها. اليوم تبلغ هبة تسع سنوات، ولا تتذكر شيئاً من تلك الفترة.
وثائق مسرّبة من أجهزة النظام، اطلعت عليها الصحيفة، تثبت أنّ أطفالاً مثل هبة كانوا يُسجّلون رسمياً لدى السلطات. أحد هذه المستندات، موجه من المخابرات الجوية إلى محافظ ريف دمشق، يتضمن قائمة بأطفال تتراوح أعمارهم بين عام و11 عاماً، مع تعليمات: “يرجى وضعهم في الحجز المناسب، والحفاظ على سرية أسمائهم، وعدم اتخاذ أي إجراء دون موافقتنا.”
مثل أنظمة استبدادية أخرى، حرص نظام الأسد على توثيق جرائمه: من القتلى في أقبية المخابرات، إلى أعداد المدفونين في المقابر الجماعية، وصولاً إلى الأطفال المسروقين من أهاليهم. وبعد سقوط النظام، جرى جمع هذه الملفات من قبل سلطات جديدة، ومنظمات غير حكومية، وصحفيين، وأهالي الضحايا. بعض هذه الوثائق وصل إلى رابطة عائلات قيصر، التي أتاحت لـ Die Zeit الاطلاع عليها.
هذه الوثائق تكشف أنّ بعض الأطفال وُضعوا في دور أيتام سورية، بينما سُلّم آخرون إلى رعاية منظمات دولية مثل SOS-Kinderdörfer في دمشق، في واحدة من أبشع الجرائم التي تفضح وحشية نظام الأسد تجاه المدنيين والأبرياء.