من باطن الأرض إلى موائد الأثرياء .. كيلو الكمأة الألمانية بألف يورو !

في الوقت الذي تُعد فيه الكمأة من أندر وأغلى أنواع الفطر في العالم، يسعى مزارعون ألمان إلى جعلها منتجًا محليًا منافسًا.
ففي محافظة هيلدسهايم، يتجوّل المزارع تاسيلو بوتر بصحبة كلبيه “سوكا” و”ليا” بين صفوف الأشجار في إحدى المزارع الصغيرة بحثًا عن الكمأة السوداء، التي تنمو على عمق بضعة سنتيمترات تحت الأرض.
وما إن ينجح الكلب في تحديد موقعها حتى يكافَأ بجرعة من معجون كبد الدجاج، مكافأةً على “الاكتشاف الثمين”.
ورغم أن الخنازير كانت تُستخدم تقليديًا للبحث عن الكمأة، فإن المزارعين باتوا يفضلون الكلاب، لأنها أكثر انضباطًا وأقل ضررًا للتربة، ولا تأكل الكمأة المكتشفة كما تفعل الخنازير.
تدريب هذه الكلاب يستغرق سنوات، إذ يتعين على المزارع تعلّم قراءة سلوك الحيوان والتعامل معه بدقة.
بوتر وزوجته ستيفاني فيبر دخلا عالم زراعة الكمأة قبل نحو عشر سنوات، بعدما اكتشفا أن منطقة أوسنابروك تُعد تاريخيًا موطنًا طبيعيًا لهذا الفطر النادر، لكن جمعه من البرية ممنوع حاليًا بسبب الحماية القانونية، لذلك قررا إنشاء مزارع متخصصة.
ورغم أن ألمانيا تستورد بين 40 و60 طنًا من الكمأة سنويًا، فإن إنتاجها المحلي لا يتجاوز الطن الواحد، ما يفتح المجال أمام التوسع في هذا القطاع.
ولهذا السبب، يستعد حوالي 60 مزارعًا ومطعمًا ومربّي كلاب لتأسيس شبكة “الكمأة” في شمال وغرب ألمانيا تحت شعار «ننمو معًا»، لتبادل الخبرات وتغطية الطلب المتزايد.
زراعة الكمأة تتطلب صبرًا طويلًا، إذ تحتاج الأشجار الملقّحة بفطريات الكمأة إلى عشر سنوات تقريبًا قبل أول حصاد.
ورغم ذلك، يؤكد بوتر أن العائد الاقتصادي مجزٍ مقارنة بزراعة المحاصيل التقليدية مثل الذرة، إذ يتراوح سعر غرام الكمأة بين 0.80 و1 يورو، وتُعد المطاعم الفاخرة أبرز المشترين.
وفي الوقت نفسه، يرى المزارع الألماني أن هذا النوع من الزراعة يسهم في تحسين التربة وزيادة المساحات الخضراء، ما يجعله مشروعًا صديقًا للبيئة.
العام الماضي، أنتج الزوجان نحو 150 كيلوغرامًا من الكمأة، لكن هدفهما المستقبلي طموح: الوصول إلى طن كامل من الإنتاج المحلي خلال السنوات القادمة.