بعد تصاعد الجدل حول الترحيل .. التلفزيون الألماني يكشف بالأرقام حجم الجالية السورية و مساهمتها في الاقتصاد

أثارت تصريحات وزير الخارجية الألماني يوهان فادهفول جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية في برلين، بعد حديثه عن الأوضاع في سوريا خلال زيارته لمدينة حرستا المدمّرة قرب دمشق، حيث قال إن “العيش بكرامة في تلك الظروف يكاد يكون مستحيلاً”.
التصريح فُسّر داخل حزب الاتحاد المسيحي (CDU/CSU) على أنه موقف متساهل من مسألة إعادة السوريين إلى بلادهم، ما دفع المستشار فريدريش ميرتس إلى التدخل مؤكداً أن الحرب في سوريا انتهت، ولا توجد بعد الآن أي مبررات للجوء في ألمانيا، مضيفاً بوضوح: “من يرفض العودة طوعاً، يمكن ترحيله دون تردد.”
لكن تصريحات ميرتس واجهت انتقادات حادة من شركاء الائتلاف، وخاصة من الحزب الاجتماعي الديمقراطي (SPD) والخضر واليسار، الذين حذروا من ترحيل لاجئين إلى بلد ما يزال يعاني من دمار واسع ومخاطر أمنية.
وفق بيانات وزارة الداخلية الألمانية الصادرة في أغسطس 2025، يعيش في ألمانيا 951,406 سوريين، ما يجعلهم ثالث أكبر جالية أجنبية بعد الأتراك (1.54 مليون) والأوكرانيين (1.33 مليون).
وبحسب إحصاء المكتب الفيدرالي، بلغ العدد في نهاية عام 2024 نحو 975,060 شخصاً يحملون الجنسية السورية، من أصل 14.1 مليون أجنبي مقيم في البلاد.
يتزايد عدد السوريين الذين يحصلون على الجنسية الألمانية بشكل ملحوظ.
ففي عام 2024 وحده، تم تجنيس 83,185 سورياً من أصل 292,020 حالة تجنيس في ألمانيا، وهو أعلى رقم بين جميع الجنسيات.
المقارنة بالأعوام السابقة تظهر القفزة الكبيرة:
• عام 2020: 6,700
• عام 2021: 19,100
• عام 2022: 48,300
• عام 2023: 75,500
وبحسب المكتب الفيدرالي للإحصاء، فإن معظم هؤلاء جاؤوا إلى ألمانيا ضمن موجة اللجوء في 2015–2016، وتقدموا بطلبات التجنيس فور استيفائهم الشروط، بعد إقامة متوسطة بلغت 7.4 سنوات.
من بين نحو 950 ألف سوري في ألمانيا، يعمل حالياً 299,730 شخصاً، بينهم 249,000 بوظائف خاضعة للتأمين الاجتماعي.
أما عدد الباحثين عن عمل في أكتوبر 2025 فبلغ 256,100، في حين سُجّل 143,770 عاطلاً عن العمل.
وتُظهر الأرقام أهمية السوريين في قطاعات حيوية، حيث يعمل 7,042 طبيباً سورياً في ألمانيا، ما يجعلهم أكبر مجموعة من الأطباء الأجانب في البلاد.
ووفق تقرير معهد الاقتصاد الألماني (IW)، يشغل 80,000 سوري وظائف تُعرف بـ”الوظائف الحرجة” (Engpassberufe) التي يصعب إيجاد عمالة محلية لها، وهو ما ساهم فعلياً في التخفيف من أزمة نقص الكوادر داخل الاقتصاد الألماني.
تشير بيانات وزارة الداخلية إلى وجود 920 سورياً في ألمانيا ملزمين بالمغادرة دون تصريح إقامة أو تسامح (Duldung)، إضافة إلى 9,780 آخرين يُسمح لهم بالبقاء مؤقتاً رغم إلزامهم بالمغادرة.
وتركّز الحكومة حالياً على الترحيل السريع للمجرمين والمدانين بجرائم خطيرة.
وبحسب رد رسمي على استفسار من حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD)، يوجد حالياً 55 سورياً مصنفين “خطرين” (Gefährder)، غادر تسعة منهم البلاد طوعاً.
من حيث المبدأ، لا يمكن ترحيل أي شخص إلى بلد يُحتمل أن يتعرض فيه للتعذيب أو الإعدام، إلا في حالات تهديد الأمن القومي أو النظام العام، مثل خطر الإرهاب. أما من لا يحمل سبباً قانونياً للبقاء، فيُمنح مهلة للمغادرة الطوعية، وفي حال رفضه، تُنفذ سلطات الولايات الألمانية إجراءات الترحيل القسري.
تشير بيانات الهيئة الاتحادية للهجرة واللاجئين (BAMF) إلى أن 2,869 سورياً عادوا إلى بلادهم طوعاً منذ مطلع عام 2025 ضمن برامج حكومية لدعم العودة وإعادة الاندماج، أُطلقت بالتعاون بين الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات.
ورغم استمرار الدمار في أجزاء واسعة من سوريا، ترى الحكومة الألمانية الجديدة أن المرحلة الراهنة تمثل فرصة لإعادة بناء البلاد عبر تشجيع الكفاءات السورية على العودة، خاصة أولئك الذين لا يعملون في ألمانيا أو يقيمون فيها دون مبرر قانوني.
أما داخل الاتحاد المسيحي، فما زالت الأجواء مشحونة بعد تصريحات فادهفول، مع مطالبات باستقالته بسبب ما اعتُبر تقليلاً من حجم المسؤولية الألمانية تجاه اللاجئين، فيما يواصل المستشار ميرتس التأكيد أن سياسة الحكومة واضحة: “العودة الطوعية هي الخيار الأفضل، ومن يرفضها طوعاً سيُرحَّل دون تردد”.