صحيفة ألمانية : الأموال وحدها لا تعيد بناء الأوطان.. من سيعيد بناء سوريا إن لم يفعل السوريون أنفسهم؟

بعد زيارته إلى دمشق ووقوفه أمام أنقاض الحرب، قال وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول (62 عامًا، من الحزب المسيحي الديمقراطي) متأثرًا: “من الصعب أن يعيش الناس هنا بكرامة.”
كلمات تعبّر عن إنسانية الموقف، لكنها برأي الكاتب ردة فعل عاطفية أكثر منها رؤية سياسية ناضجة. فبينما عبّر الوزير عن صدمته من مشهد الدمار، تجاهل السؤال الأهم: من إن لم يكن السوريون أنفسهم سيعيدون بناء وطنهم؟
منذ عام 2011، غادر أكثر من أربعة ملايين سوري بلادهم هربًا من القصف والتعذيب والأسلحة الكيميائية، ولجأ نحو 900 ألف منهم إلى ألمانيا.
لقد أظهرت ألمانيا في تلك الفترة وجهها الإنساني الحقيقي، وفتحت أبوابها للاجئين في موقف إنساني تفخر به حتى اليوم.
لكن الكاتب يذكّر بأن حق اللجوء لا يدوم إلى الأبد، وأن المستشارة السابقة أنغيلا ميركل كانت قد قالت عام 2016: “عندما تنتهي الحرب، يعود الناس إلى وطنهم.”
وأشار إلى أن المحكمة الإدارية العليا في ولاية شمال الراين – فيستفالن خلصت عام 2024 إلى أن الخطر العام على الحياة في سوريا بسبب الحرب الأهلية لم يعد قائمًا.
ورغم ذلك، لم يغادر ألمانيا في النصف الأول من عام 2025 سوى 4 آلاف سوري فقط بشكل طوعي، بينما يعيش مئات الآلاف في ظروف مستقرة مع السكن والمساعدات الاجتماعية، في حين ينتظرهم في بلدهم الفقر والدمار.
ويرى الكاتب أن من دون حوافز حقيقية أو برامج عودة فعّالة، لن يتغير هذا الواقع، مشيرًا إلى أن منحة الألف يورو للراغبين في العودة لا تكفي للبدء من جديد في بلد يحتاج إلى إعادة إعمار شاملة.
ويضيف موريتس مولر: “سوريا اليوم بحاجة إلى نسختها الخاصة من نساء ورجال إزالة الأنقاض الذين أعادوا بناء ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية.”
ويعتبر أن تشبيه فادفول للوضع في سوريا بأنه “أسوأ مما كانت عليه ألمانيا عام 1945” غير دقيق، لأن السؤال ليس أين الوضع أسوأ؟ بل كيف يمكن لسوريا أن تنهض كما نهضت ألمانيا بعد 1945؟
ويؤكد الكاتب أن ألمانيا، مثلما تلقت بعد الحرب مساعدات لإعادة الإعمار، يجب أن تكون الآن من الدول التي تدعم إعادة إعمار سوريا، ليس بدافع الشفقة، بل لمنع أزمات لجوء جديدة.
ويختم مقاله بالقول: “الأموال وحدها لا تعيد بناء الأوطان، بل البشر. من دون عمّال ومهندسين ونساء ورجال شجعان يعيدون بناء ما تهدّم، ستبقى سوريا أطلالًا. الأوطان لا تُبنى بالرحمة فقط، بل بالشجاعة على العودة إليها.”
* صحيفة بيلد الألمانية