بعد أربع سنوات من الاندماج والعمل في ألمانيا : ترحيل عائلة عراقية وترك ابنها وحيداً .. لماذا يُطرد من يعمل و يبقى من يثير المشاكل ؟

في حادثة أثارت تعاطفاً واسعاً في ألمانيا، نُفّذت قبل أيام عملية ترحيل عائلة عراقية كانت تقيم منذ أكثر من أربع سنوات في بلدة “غرويديتس” بولاية ساكسن، تاركةً خلفها ابنها البكر سازفان كاميران حاجي (21 عاماً)، الذي كان على وشك إنهاء دراسته المهنية في مجال تصفيف الشعر.

في الساعة 1:30 من فجر 28 تشرين الأول (أكتوبر)، داهم نحو عشرة عناصر من الشرطة منزل العائلة أثناء نومهم. وأُبلغ أفراد الأسرة أن أمامهم عشر دقائق فقط لحزم أمتعتهم وتوديع بعضهم البعض، قبل نقلهم إلى المطار ضمن رحلة ترحيل جماعية إلى بغداد.

يقول الابن سازفان: “استيقظ أخي الصغير فزِعاً، وقال للشرطة: لماذا أذهب؟ أنا أصلاً في بيتي! وبعدها صمت تماماً، كأنه في صدمة”.

ويضيف أن والدته فقدت الوعي وسقطت على الأرض، لكن لم يُسمح لأحد بالاتصال بالإسعاف، كما صادرت الشرطة هواتف الأسرة.

بقي سازفان في ألمانيا لأنه كان على وشك إنهاء تدريبه المهني في غرفة الحرف بمدينة دريسدن. وكان يحلم بفتح صالون عائلي لتصفيف الشعر يجمعه بوالده (الحلاق المحترف) ووالدته (خبيرة التجميل).

“هنا مستقبلي. في غضون ستة أشهر كنت سأنال شهادة الحرفة، ثم أبدأ دراسة الماستر. حلمنا كان افتتاح محل صغير للعائلة.”

ويقول إن شقيقه الصغير البالغ 13 عاماً لا يتقن سوى اللغة الألمانية، ولا يعرف الكتابة بلغتهم الأم الكردية، مضيفاً: “كيف يمكنه أن يعيش في بلد لا يعرف لغته ولا أصدقاء له فيه؟”

كارين كيتنر (90 عاماً)، وهي سيدة ألمانية كانت تتعامل يومياً مع العائلة، ظهرت في مقطع فيديو مؤثر تطالب فيه بإعادتهم إلى ألمانيا. قالت عن والدة سازفان: “لقد أحببتها كثيراً، كانت طيبة القلب وتساعدني دائماً، ولم تأخذ مني شيئاً أبداً. أفتقدها في كل مكان.”

وانتشر الفيديو على نطاق واسع وحظي بتفاعل كبير من المتابعين، ولم تُبلَّغ العائلة بأسباب الترحيل حتى الآن.

مكتب الأجانب في دائرة “مايسن” رفض التعليق مستنداً إلى قوانين حماية البيانات، واكتفى بالقول إن القضية “من اختصاص الهيئة المركزية للأجانب في ساكسن”.

الابن يؤكد أن والده قدّم طلباً للحصول على تصريح إقامة مؤقت (Beschäftigungsduldung) في أيلول/سبتمبر، بعد أن كان يعمل ويدفع الضرائب. لكن موظف المكتب رفض الطلب بحجة أن الأب لا يجيد الألمانية بما فيه الكفاية، رغم أنه كان يتحدث بها مع الزبائن في عمله.

اللاجئون وممثل مجلس اللاجئين في ساكسن (Sächsischer Flüchtlingsrat) وصفوا ما حدث بأنه “إجراء غير إنساني”، مؤكدين أن الأسرة كانت “نموذجاً ناجحاً للاندماج في المجتمع الألماني”.

مجلس اللاجئين أعلن أنه سيتقدّم بشكوى قانونية، رغم ضعف فرص النجاح، كما دعا إلى تظاهرة أمام المستشارية في برلين يوم الأحد 9 نوفمبر للمطالبة بعودة العائلة.

يقول سازفان بحزن: “أريد فقط أن أرى عائلتي تعود إلى هنا. تعلموا الألمانية، عملوا بجد، وساهموا في المجتمع. لماذا يُرحَّل من يندمج ويعمل، ويبقى من يثير المشاكل؟”.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها