ألمانيا : فضيحة طبية في بريمن .. 34 تشخيصاً خاطئاً لسرطان الثدي أدت إلى علاجات كيميائية غير ضرورية

 

كشفت مدينة بريمن الألمانية عن خطأ طبي خطير أدى إلى معاناة 34 امرأة من تشخيصات مضللة لسرطان الثدي، نتج عنها خضوع بعضهن لعلاجات كيميائية قاسية لم تكن ضرورية، وما رافقها من آثار جانبية شديدة. فقد تبيّن أن قسم علم الأمراض في أحد مستشفيات المدينة قيّم الأورام بشكل خاطئ، وصنّف الخلايا السرطانية على أنها أكثر عدوانية مما كانت عليه فعلياً.

توضح الصحيفة أن ما حدث في بريمن يطرح تساؤلات واسعة حول كيفية وقوع مثل هذه الأخطاء، وكيف يعمل خبراء علم الأمراض، ومدى احتمال حدوث تقييمات طبية خاطئة بهذه الخطورة.

ويحصل نحو 500 ألف شخص سنوياً في ألمانيا على تشخيص بالإصابة بالسرطان، وكل حالة تُعد صدمة بحد ذاتها. كثيرون يخضعون لعلاجات كيميائية أو إشعاعية قوية تغيّر حياتهم بشكل جذري، ناهيك عن الأعباء النفسية المصاحبة. وفي بريمن، عانت بعض المريضات من آثار جانبية شديدة لعلاج سرطاني لم يكن مناسباً لهن أساساً.

كيف يعمل علم الأمراض؟

عندما يُشتبه بالإصابة بالسرطان، تؤخذ عيّنة من النسيج عبر خزعة أو أثناء الجراحة، ثم تُفحص تحت المجهر لتحديد ما إذا كانت سرطانية ومدى عدوانيتها. وقد تُستخدم تقنيات إضافية مثل الفحوص المناعية (Immunhistochemie) التي تحدد وجود مؤشرات الورم، إضافة إلى التحليل الجيني للكشف عن خصائص الخلايا ودرجة خطورتها.

وبناء على هذه النتائج، يصدر اختصاصي علم الأمراض التقرير التشريحي الذي تعتمد عليه الخطة العلاجية. إلا أن الأخطاء التي حدثت في بريمن أدت إلى تفسير غير دقيق للتحاليل، ما جعل الأورام تبدو أكثر عدوانية مما هي عليه. وقالت المتحدثة باسم “صحة الشمال” كارين ماتيسزيك: «لقد قَيّمنا الأورام على أنها أخطر مما هي فعلاً، وهذا أدى إلى قرارات علاجية خاطئة – غالباً علاج مفرط. في معظم الحالات كان من الممكن الاكتفاء بالتدخل الجراحي بدلاً من أشهر من العلاج الكيميائي».

وصف خبراء هذا الخطأ بأنه «فادح»، إذ قال البروفسور فولكر راغوش، رئيس قسم أمراض النساء في مستشفى أسكليبيوس في هامبورغ: «إذا أصدر أخصائي علم الأمراض تقريراً خاطئاً، فقد أتلقى علاجاً لا أحتاجه على الإطلاق. قد تكون النتيجة علاجاً مفرطاً أو ناقصاً، وفي الحالتين الأمر خطير».

احتمال خطأ في كل سابع حالة سرطان

ورغم عدم وجود أرقام رسمية، تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى واحد من كل سبعة مرضى سرطان قد يتلقى علاجاً غير مناسب نتيجة تقييمات طبية غير دقيقة. وتقول البروفسور كارولين موغلر من جامعة ميونيخ التقنية: «مثل هذه الحالات يمكن أن تحدث، وغالباً بسبب ضعف جودة الفحوص، أو نقص التدريب، أو الاعتماد على معرفة قديمة، أو ببساطة الإهمال. في مؤسستنا، يجب أن يراجع تشخيص أي ورم خبيث طبيبان مختصان قبل اعتماده».

عواقب العلاج الخاطئ

يمكن أن تسبب التشخيصات الخاطئة عواقب جسيمة، سواء عبر الخضوع لعلاج غير ضروري — مثل العلاج الكيميائي أو الإشعاعي — أو عبر تأخير العلاج الصحيح. وفي حالات السرطان، الوقت عامل حاسم، وكل تأخير قد يقلل من فرص الشفاء. كما أن العلاجات غير الضرورية قد تُلحق أذى بالنسيج السليم وتترك مضاعفات جسدية طويلة الأمد.

كيف يمكن للمرضى حماية أنفسهم؟

التوصية الأهم هي طلب رأي طبي ثانٍ، فهو يساعد على كشف الأخطاء المحتملة، وتفادي العلاجات غير الملائمة، وتحديد الخيار العلاجي الأكثر دقة وأماناً.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها