ألمانيا : اليمين المتطرف يواجه انتقادات لمحاولاته كشف أسرار تتعلق بالأمن القومي

 

يواجه حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف، انتقادات حادة بعد أن استخدم نوابه صلاحياتهم البرلمانية للمطالبة بالكشف عن معلومات حساسة تتعلق بالأمن القومي، بما في ذلك مسارات نقل الإمدادات العسكرية إلى أوكرانيا وقدرات تسليحها.

وطالب نائب من اليمين المتطرف السلطات الألمانية بالكشف عن المسارات الدقيقة التي يستخدمها الجيش الألماني لنقل الإمدادات إلى أوكرانيا، فيما يضغط نائب ثانٍ على الحكومة للإفصاح عما إذا كانت قد زودت أوكرانيا بنظام صاروخي بعيد المدى قادر على ضرب أهداف عميقة داخل روسيا.

وسعى نائب ثالث إلى معرفة ما إذا كان الجيش الألماني يستخدم طائرات مُسيرة لمراقبة حدوده الشرقية، وفق صحيفة “نيويورك تايمز”.

وأثار نواب حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD) “عاصفة سياسية” في البلاد، بعدما استخدموا مراراً صلاحياتهم الدستورية للضغط على الجهات الحكومية من أجل نشر تفاصيل حساسة تتعلق بالأمن القومي.

وأظهر تحليل أن أعضاء الحزب قاموا بأكثر من 7 آلاف محاولة خلال السنوات الخمس الماضية لرفع السرية عن هذا النوع من المعلومات.

وقال خصوم الحزب إن نشر مثل هذه المعلومات السرية، التي يرتبط جزء منها بدعم ألمانيا لأوكرانيا، قد يفيد التخطيط العسكري الروسي، وأسهمت هذه الاتهامات، التي ينفيها الحزب بشدة، في تصاعد المخاوف بشأن علاقة “البديل من أجل ألمانيا” بروسيا.

وأشاد نواب الحزب مراراً بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وزاروا نظراء لهم في روسيا أو السفارة الروسية في برلين، كما شككوا في دعم ألمانيا لأوكرانيا.

وأثار الجدل حول مطالب الحزب بالحصول على معلومات حساسة استياءً في ألمانيا، في وقت يناقش فيه الألمان كيفية مواجهة التهديد الذي تشكله موسكو على الأمن الأوروبي والألماني.

ويأتي ذلك أيضاً، بينما يتقارب الحزب في استطلاعات الرأي مع الحزب الديمقراطي المسيحي الحاكم، ما يقربه أكثر من الوصول إلى السلطة.

وترفض الأحزاب التقليدية منذ زمن طويل التعاون مع “البديل من أجل ألمانيا”، ما أبقاه في “عزلة سياسية”، بحسب “نيويورك تايمز”، وكلما حقق الحزب نتائج أقوى، زادت احتمالات السماح له أخيراً بالانضمام إلى ائتلاف حكومي على المستوى الاتحادي، أو في الولايات.

وقال قادة “البديل من أجل ألمانيا” إن الغضب المثار “مفتعل” من قبل خصوم سياسيين يخشون فقدان السلطة والشعبية لصالح اليمين المتطرف، وسبق لقادته أن وصفوا هذه الطلبات بأنها “نشاط روتيني” لحزب معارض يسعى إلى الاستعداد للحكم والتعرف إلى تعقيدات عمل الحكومة.

وقالت بياتريكس فون شتورش، نائبة زعيم الحزب في البرلمان، في بيان، إن اهتمام الحزب بالبنية التحتية العسكرية “ينبع من برنامجه كحزب ملتزم بالأمن الداخلي والخارجي”، وأضافت: “أسئلتنا تهدف إلى كشف المشكلات، وانتقاد الحكومة، وتطوير مقترحاتنا الخاصة للحلول”.

وكشف جيورج ماير، وزير الداخلية في ولاية تورينجن بشرق ألمانيا، حجم استفسارات الحزب للمرة الأولى في أكتوبر الماضي.

وكان ماير قد حافظ على حضور متواضع في السياسة الإقليمية، إذ قاد وزارة الداخلية في الولاية والفرع المحلي للحزب الديمقراطي الاجتماعي اليساري الوسطي، وبصفته وزيراً للداخلية، يتعين عليه المصادقة على طلبات النواب للحصول على معلومات تمس مجالات اختصاصه، مثل تلك المتعلقة بالشرطة أو أمن الوطن.

وقال ماير لوسائل إعلام وطنية الشهر الماضي إن أعضاء “البديل من أجل ألمانيا” قدموا عشرات الاستفسارات المتعلقة بالأمن في تورينجن وحدها، احتوى بعضها على عشرات الأسئلة التفصيلية، مضيفاً أن هذه الأسئلة بدت وكأنها قُدمت من الكرملين.

وأعاد ماير هذا التأكيد في مقابلة مع “نيويورك تايمز” في مقر حكومة الولاية بمدينة إرفورت، لكنه لم يقدم أي دليل على وجود تأثير روسي على هذه الاستفسارات، ولم يوجه اتهاماً بالتجسس.

وقال ماير: “أنا مسؤول عن ضمان سلامة الناس هنا”، مشيراً إلى أنه إذا لاحظ “أي شيء غير معتاد يؤثر في البنية التحتية الحيوية للولاية”، فعليه معالجة الأمر.

وأشعلت تصريحات ماير موجة من الجدل، ودفعته إلى واجهة المشهد الوطني، كما قادت سياسيين تقليديين آخرين ووسائل إعلام وطنية إلى التدقيق في عشرات الآلاف من الأسئلة التي قدمها الحزب على مدى العقد الماضي إلى هيئات وسلطات في أنحاء ألمانيا، بما في ذلك البرلمان الاتحادي في برلين.

وسارع حزب الخضر، وهو حزب آخر من يسار الوسط، إلى إعداد قائمة بأسئلة “البديل من أجل ألمانيا” في ولاية براندنبورج المحيطة ببرلين والمتاخمة للحدود الألمانية البولندية، وشملت هذه الأسئلة قضايا تتعلق بالدفاع المدني والطائرات المُسيرة، وهي ردود قال خصوم الحزب إنها قد تفيد روسيا.

ثم سُربت إلى الصحافيين قائمة ثالثة من الأسئلة ذات الصلة بالأمن، كان الحزب قد طرحها هذه المرة في البرلمان الاتحادي، ما زاد من حدة الغضب. وإلى جانب الاستفسار عن صواريخ ألمانيا بعيدة المدى، سعى نواب الحزب الاتحاديون إلى كشف معلومات عن برنامج الطائرات المُسيرة للجيش وخططه الدفاعية.

وقدمت مجلة “دير شبيجل” لاحقاً التحليل “الأكثر منهجية” لهذه الاستفسارات، إذ أمضى صحافيوها ثلاثة أسابيع في مراجعة الأرشيفات الحكومية للعثور على 7 آلاف سؤال قدمها الحزب، واعتبرها الصحافيون “مثيرة للريبة”، وفق “نيويورك تايمز”.

ونفى “البديل من أجل ألمانيا” أنه يعمل لصالح الكرملين، ورفع دعاوى تشهير ضد ماير، الذي ينفي بدوره تشهيره بالحزب، وضد صحيفة “هاندلسبلات” الاقتصادية، التي نشرت أول مقابلة معه حول القضية، وأسقط قاضٍ الدعوى ضد “هاندلسبلات”، فيما لا تزال القضية ضد ماير مستمرة.

وقال تينو كروبالا، أحد رئيسي حزب “البديل من أجل ألمانيا”، على التلفزيون العام في أكتوبر الماضي بعد انكشاف الأسئلة البرلمانية للمرة الأولى: “لم يعد تشويهنا بوصفنا نازيين يجدي نفعاً، والآن يحاولون تصويرنا كعملاء لروسيا”.

وقال الحزب إن منتقديه “أساءوا تفسير” أسئلته، التي لا علاقة لبعضها بروسيا، أو “بالغوا” في مضمونها لأسباب سياسية. (NYT – asharq)

 

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.